Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/03/2007 G Issue 12577
الرأي
الثلاثاء 16 صفر 1428   العدد  12577
التخطيط التربوي.. مدارس الرياض للبنين والبنات نموذجا
د. أحمد صابر

تعوّل المؤسسات التعليمية والتربوية بشكل رئيس على التخطيط السليم في تحقيق أهدافها التي ترتكز على نحو كبير في زيادة فعاليات التربية والتعليم، وتحقيق الجودة الشاملة، وتحسين الأداء، وتقديم تعليم متطور وهادف.

ويضع التخطيط، بصورة عامة، في الاعتبار المستقبل واحتمالاته والإمكانات اللازمة لمواجهة هذه الاحتمالات، فضلا عن تحسين الأنظمة التعليمية وتفعيلها.

ويعتقد عدد غير قليل من الباحثين أن التخطيط - المدرسي على سبيل المثال الذي يعني الإعداد للمستقبل- بات الأسلوب الأمثل لتطوير الإدارة المدرسية وتسيير أمورها، وعلاج مشكلاتها، الأمر الذي ينعكس إيجابا وبصورة كبيرة على المنظومة التعليمية، مما يحقق الأهداف المبتغاة المتمثلة في تعليم يسهم بفعالية في إنجاح الخطط والبرامج العليا للدولة.

وتشير أدبيات التخطيط إلى أنه يعد من المفاهيم الحديثة نسبيا، حيث لم يستخدم على نحو مألوف في كتابات المتخصصين في العلوم الإنسانية إلا منذ النصف الثاني من القرن الماضي، ويرى بعض العلماء والباحثين أن مسمى التخطيط يعني عملية إعداد وتصور مسبق للمسؤوليات والمواقف والبرامج التعليمية التي تعدها إدارة المدارس لتحقيق أهداف معينة في زمن محدد تنجز خلال العام الدراسي أو أعوام دراسية محددة.

ويتبين لنا من هذا الطرح أن التخطيط في المقام الأول عمل ذهني مقصود ومحاولة علمية مرشدة من الفرد أو المجتمع لاستثمار ما يتوافر لهما من موارد وطاقات لتحقيق أهداف معينة في فترة زمنية محددة وفي ظل مقومات وأفكار اجتماعية وبأقل التكاليف الممكنة.

ويقودنا هذا الطرح إلى القول: إن التخطيط يعد الوظيفة الأولى من بين الوظائف الإدارية والمدخل الرئيس لتنفيذ أعمال الإدارة المدرسية وفق خطط وبرامج معدة إعدادا دقيقا تتم ترجمتها إلى واقع ملموس للوصول إلى الأهداف التي رسمت خلال العام الدراسي.

وتعتمد عملية التخطيط على عدة عناصر منها وجود رؤية مستقبلية يتم الإعداد لها وأهداف ترغب المؤسسة التربوية في الوصول إليها، علاوة على وجود مجموعة من القرارات والسياسات تسير بها لتحديد الأهداف العامة والتفصيلية، ويدخل في ذلك تحديد الإمكانات والاحتياجات المتاحة المادية والبشرية، وكذلك تحديد الفترة الزمنية لتحقيق الأهداف، ووجود عدة بدائل من الأساليب، والإجراءات، والوسائل لتحقيق الأهداف.

ونظراً إلى أهمية التخطيط ودوره الفاعل في المؤسسات التربوية على وجه الخصوص كونها ركنا قويا في عملية التنمية البشرية، طرح رأي مفاده أن غياب التخطيط المدرسي يعني أن الأعمال تتم بصورة ارتجالية وبطريقة تلقائية، مما يسفر عن ضياع الجهود، وعدم استثمار الوقت، وانعدام الضوابط.

معوقات التخطيط المدرسي

غير أن هناك عددا من معوقات التخطيط المدرسي يأتي في القلب منها: عدم دقة البيانات والمعلومات التي بنيت عليها الخطة، وعدم صحة التنبؤات والافتراضات، وقلة خبرة بعض مديري المدارس في إعداد الخطة، فضلا عن عدم إشراك المعلمين في إعدادها، وعدم تحديد المسؤولية للمعلمين والإداريين، وأخيرا ضعف التوجيه والمتابعة من مدير المدرسة.

وإدراكاً من أهمية التخطيط ودوره في إيجاد بيئة تعليمية مثمرة ومواتية، عمدت مدارس الرياض للبنين والبنات، التي تحتل مكانة متميزة داخل النظام التعليمي في المملكة منذ إنشائها عام 1390هـ - 1970م، إلى تبني خطة استراتيجية تتضمن رؤية المدارس ومفهومها للتخطيط المستقبلي، ومردوده الإيجابي في تنمية الشخصية الإنسانية والنهوض بالأمم ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً.

وتعكس خطة المدارس بصفة رئيسة رؤيتها كمؤسسة تربوية تعليمية غير ربحية تهدف إلى بناء الشخصية المتكاملة للطالب وإعداده للمساهمة الإيجابية الفاعلة في خدمة أمته ووطنه، ومواكبة التطورات والتغيرات السريعة المحلية والعالمية في شتى مجالات الحياة.

وتجسد الخطة الاستراتيجية للمدارس (1427 - 1431هـ) إيمانها بدور التخطيط الفعَّال في الاستجابة للتغيرات المتلاحقة وتحقيق الارتقاء بمستوى أداء المدارس وصولاً إلى تحقيق أهدافها المنشودة.

وتتضمن هذه الخطة رؤية المدارس، ورسالتها، وأهدافها الاستراتيجية والتفصيلية التي تسعى إلى تحقيقها من خلال مجموعة من الاستراتيجيات والبرامج في الخطط التشغيلية السنوية.

وتعتمد هذه الخطة على محورين أساسيين هما: معالجة القصور الحالي في جميع جوانب العملية التعليمية في المدارس وتطويره، وإدخال برامج إضافية جديدة لتحقيق رؤية الخطة وأهدافها.

ويستند إعداد الخطة على ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: وتتضمن وصف الواقع وتحديد الرؤية الاستراتيجية والتفصيلية والاستراتيجيات التي تحققها (أين نحن؟ وماذا نريد؟)، فيما تتطرق المرحلة الثانية إلى تحليل الواقع بدقة وتحديد الفجوة والأولويات (بين ماذا نريد والواقع)، أما المرحلة الثالثة فدورها يتلخص في وضع البرامج المناسبة للمتابعة والتقويم (كيف نعرف أننا نسير بالشكل الصحيح وسنصل إلى ما نريد؟).

أهداف الخطة

بالنظر إلى الخطة الاستراتيجية لمدارس الرياض للبنين والبنات نجد أنها تقوم على عدة عناصر أبرزها:

- رفع مستوى المكانة العلمية والاجتماعية المتميزة للمدارس.

- مواكبة التطورات والتغيرات السريعة المحلية والعالمية في شتى مجالات الحياة.

- زيادة المشاركات المتميزة للمدارس في الفعاليات التربوية والاجتماعية والوطنية المختلفة.

- تبوؤ الريادة في تخريج قيادات المستقبل من الطلاب والطالبات.

- تقديم الرعاية المتميزة للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة.

- توسيع مجال الخدمات التربوية للمدارس رأسياً بإنشاء أكاديمية تعليمية عليا، وأفقياً بإنشاء فروع عديدة للمدارس في مدن المملكة ودول الخليج.

- تحسين وتطوير مستويات الأداء التربوي لجميع عناصر العملية التربوية بما يواكب المستويات العالمية ويحقق النمو في إعداد الطلبة الملتحقين بالمدارس.

مرتكزات الخطة:

هناك عدد من مرتكزات خطة المدارس لعل أهمها:

- سياسة التعليم في المملكة.

-أهداف التعليم في المملكة بمراحله المختلفة.

- الاتجاهات العالمية الحديثة التي تتفق مع قيم، وثقافة، وعادات، وتقاليد المجتمع السعودي.

- حاجات ومتطلبات مجتمع وتلاميذ المدارس بمراحلها المختلفة.

- الحاجة إلى التطوير الشامل والمتكامل والمستمر لجميع عناصر العملية التعليمية في المدارس.

- توجهات وزارة التربية والتعليم نحو توفير المرونة للمدارس الأهلية في إعداد أو إضافة مناهج دراسية منسجمة مع السياسة التعليمية في المملكة والتطورات التعليمية والتقنية المتسارعة.

عناصر استراتيجية:

- الحاجة إلى زيادة المشاركة المجتمعية في عملية التطوير في مرحلة مبكرة.

وإذا ما نظرنا إلى الأهداف الاستراتيجية لخطة المدارس نجد أنها تتمثل في أربعة عناصر:

- تهيئة المناخ التربوي المناسب لعملية التعليم والتعلم.

- تعزيز مشاركة المدارس في البيئة الخارجية.

- تهيئة بيئة عمل إيجابية محفزة على التميز في الأداء.

- التطوير المهني المستمر للعاملين والعاملات.

ومما سبق يتضح لنا أن مدارس الرياض للبنين والبنات ترى أن التخطيط هو بمثابة العملية المستمرة والمرشدة التي تستهدف علاج المشكلات التربوية بحلول واقعية ملائمة للإمكانات ومسايرة لمقومات المجتمع وأهدافه وتوفير تعليم مناسب لقدرات الطلاب واحتياجات مجتمعهم، بحيث يسهمون مساهمة مؤثرة في عملية التنمية الشاملة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد