Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/03/2007 G Issue 12579
مقـالات
الخميس 18 صفر 1428   العدد  12579
حماية البيئة والسباحة ضد التيار
د. سهام العيسى

يتصاعد هذه الأيام الجدل حول التغيرات المناخية وتعلو أصوات الكثير من العلماء بالتحذير مما يحدث من تغيرات ولعل كارثة تسونامي إحداها ولا ندري ما يخبئ لنا القدر.

الكثير من التقارير صدرت تتناول هذه المشكلة ولعل أهمها التقرير أصدرته هيئة مستشاري تغيرات المناخ IPCC التابعة للأمم المتحدة - في الاجتماع المنعقد في 22 من يناير عام 2001 بشنغهاي في الصين والذي حضره أكثر من 150 عالماً والعديد من أعضاء المنظمات البيئية من 99 بلداً حول احتمالات زيادة التغيرات المناخية الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري بصورة أسرع بكثير من المتوقع جدلا واسعًا، ليس فقط في الأوساط العلمية، والأوساط السياسية وفي هذا التقرير حدد أن المتسبب الرئيسي في زيادة درجة الحرارة على سطح الكوكب هو زيادة النشاط البشري فالمناخ تغير لأن النشاط البشري يؤثر في تركيب مكونات الغلاف الجوي للأرض وذلك عن طريق تراكم الغازات وخاصة ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز وهي غازات معروفة بغازات البيوت الزجاجية Greenhouse gases ولها خاصية جذب الحرارة وبالتالي فان تراكمها يتسبب في الاحتباس الحراري وبالرغم من أن تفاعل الأرض مع تغيرات الغلاف الجوي ومحاولة هذا الكوكب لتعديل مناخه إلا أن ارتفاع حرارة الأرض واضح وأن استمرار معدلات انبعاث غازات الصوبة الخضراء وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون في مستواها الحالي يعني كارثة محققة؛ حيث يحتمل زيادة درجة الحرارة 10.5 درجات عن معدلها الحالي مع نهاية هذا القرن، مما يعني النقص الشديد في موارد المياه العذبة نتيجة لتبخرها وارتفاع مستوى المياه في البحار والمحيطات نتيجة لذوبان الثلج في الأقطاب المتجمدة بمعدل قد يصل إلى عشرة أقدام؛ مما سيؤدي إلى غرق معظم الدول الساحلية. وفي تقرير آخر بين البروفيسور ديفيد كينج وهو من اكبر علماء المناخ البريطانيين إن ارتفاع درجة حرارة الأرض سيسبب الجفاف والمجاعة ويهدد ملايين الأرواح, وجاء في تقرير كينج أن ارتفاع درجة الحرارة بثلاث درجات سيتسبب في انخفاض عالمي قدره ما بين 20 و400 طن في محاصيل الحبوب كما من شأنه تعريض حوالي 400 مليون شخص آخر إلى المجاعة وما بين 1.2 مليار و3 مليارات من الأشخاص إلى نقص في المياه الصالحة للشرب.

وحسب التقرير، القليل من الأنظمة البيئية الحالية يمكنها التكيف مع مثل هذا الارتفاع في الحرارة، كما يقول التقرير إن خمس المستنقعات الساحلية سيختفي من جرائه ويتوقع علماء المناخ تشرد نحو 150 مليون شخص فى عام 2050 بسبب هذه الظاهرة التي بدأت تسيطر على كوكبنا، وأطلق العلماء مؤخراً مصطلح جديد يدعى (لاجئي المناخ) على هؤلاء المشردين بسبب ارتفاع مستوى البحار أو بسبب زحف الجفاف إلى حقولهم.

أما تقرير راجندرا باشورى رئيس المجموعة الحكومية لخبراء التطور المناخي التي تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة دراسة متخصصة في ارتفاع حرارة الأرض فتناول الأخطار الناتجة عن التغير المناخي الناجم عن الأثر البشري في رفع حرارة الأرض، وأشارت الدراسة إلى أن الهند يمكن أن تشهد نزوح 30 مليون شخص بسبب استمرار الفيضانات في حين أن سدس الأراضي في بنغلادش ستغطيها المياه أو تصبح غير صالحة للزراعة بسبب انزلاقات التربة.

ويخشى أن يؤدى ارتفاع حرارة الأرض إلى تفاقم المشكلات الناجمة عن التصحر أو نقص مياه الشرب التي تعانى منها مناطق كثيرة في العالم ويتوقع أن يتضرر ما بين 700 مليون و2.8 مليار إنسان من هذه الظاهرة المناخية التي تحدث على سطح هذا الأرض.

وحسب نظرية الرأي والرأي الآخر فهناك كثير من المعارضين لهذه النظرية ولذا نجد أن العلماء ينقسمون إلى فئتين الفئة الأولى تؤمن بنظرية أن للإنسان دورا كبيرا في هذه الظاهرة ويرى هؤلاء أن زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري هي المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض وقاموا بدراسة هذه الظاهرة ومتابعتها من خلال تصميم برامج كمبيوتر تقوم بمضاهاة نظام المناخ على سطح الأرض، وأهم المؤثرات التي تؤثر فيه، وتقوم تلك البرامج بحساب احتمالات الزيادة المتوقعة في درجة حرارة سطح الأرض نتيجة لزيادة نسب الانبعاثات في المستقبل، ويطالب مؤيدو هذه الفكرة بالخفض السريع والفعال لنسب انبعاث غازات الصوبة الخضراء وأهمها ثاني أكسيد الكربون واستخدام الطاقة النظيفة بدلاً عنه مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وهذا يستدعي تغييرًا جذريًّا في نمط الحياة التي تعودها الإنسان الحديث.

أما المعارضون لهذه الظاهرة فيرون أن هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى عدم التأكد من تسبب زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري في ارتفاع درجة الحرارة على سطح الأرض، بل إن منهم من ينفي وجود ارتفاع يدعو إلى البحث؛ حيث يرون أن هناك دورات لارتفاع وانخفاض درجة حرارة سطح الأرض، ويعضدون هذا الرأي ببداية الترويج لفكرة وجود ارتفاع في درجة حرارة الأرض، والتي بدأت من عام 1900 واستمرت حتى منتصف الأربعينيات، ثم بدأت درجة حرارة سطح الأرض في الانخفاض في الفترة بين منتصف الأربعينيات ومنتصف السبعينيات، حتى إن البعض بدأ في ترويج فكرة قرب حدوث عصر جليدي آخر، ثم بدأت درجة حرارة الأرض في الارتفاع مرة أخرى، وبدأ مع الثمانينيات فكرة تسبب زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري في ارتفاع درجة حرارة الأرض. وظهر تفسير جديد ويرى البعض أنه أكثر منطقية في تفسير هذه الظاهرة هو أن المسبب لهذا الارتفاع هو الرياح الشمسية؛ حيث تؤدي تلك الرياح بمساعدة المجال المغناطيسي للشمس إلى الحد من كمية الأشعة الكونية التي تخترق الغلاف الجوي للأرض، والتي تحتوي على جزيئات عالية الطاقة تقوم بالاصطدام بجزيئات الهواء؛ لتنتج جزيئات جديدة تعد النواة لأنواع معينة من السحب التي تساعد على تبريد سطح الأرض، وبالتالي فإن وجود هذا النشاط الشمسي يعني نقص كمية الأشعة الكونية، أي نقص السحب التي تساعد على تبريد سطح الأرض وبالتالي ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض. ويرى أصحاب هذا الفكر أنه أكثر منطقية وأبسط تبريرًا لارتفاع درجة حرارة الأرض، وأنه عند انخفاض هذا النشاط الشمسي المؤقت ستعود درجة حرارة الأرض إلى طبيعتها، بالتالي يرون ضرورة توفير المبالغ الطائلة التي تُنفق على البحث عن وسائل لتخفيض نسب انبعاث ثاني أكسيد الكربون؛ حيث إنهم مهما قاموا بتخفيض نسبه فلن يغير هذا من الأمر شيئا طالما استمر النشاط الشمسي؛ حيث إن الإنسان مهما زاد نشاطه على سطح هذا الكوكب فلن يكون ذا تأثير على النظام الكوني الضخم الذي يتضمن النظام المناخي للأرض؛ لذلك من الأفضل استخدام تلك الأموال في تنقية هواء المدن المزدحمة من الغازات السامة، أو تنقية مياه الشرب لشعوب العالم الثالث.

ولكن هذا يجعلنا نتساءل هل الأنشطة الإنسانية بريئة من تأثيرها على ارتفاع درجة حرارة الأرض؟ ومن يقود حملة صناعة الإنكار كما يسميها الصحفي جورج مونبييوت في مقال نشرته مجلة الجيل بعددها الثاني في شهر فبراير 2007 واتهم صناعة النفط والشركات التي تقود العالم بنثر الأموال على منظمات تدعي بأن النتائج العلمية حول زيادة الأرض ليست حاسمة. وتمثل شركة ايكسون موبيل أحد هذه الشركات وهي من أكثر الشركات النفطية ربحاً في العالم فهي تبيع يومياً أكثر من بليون دولار وستتعرض هذه الشركة إلى خسائر فادحة إذا تعاملت مع النتائج التي تم توصلها لذا تلجأ الشركة إلى زرع الشكوك وموقع الشركة ووثائقها تبين ان هناك 124 منظمة أو هيئة أكاديمية تلقت أموالا من شركة ايكسون وهذه المنظمات لها مواقفها المحددة من تغيرات المناخ ومعظم هذه الشركات قواعدها في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن مطبوعاتها تقرأ في كل أنحاء العالم والكثير من العلماء التابعين لهذه المؤسسات يستشهد بآرائهم مثل عالم الفيزياء الشهير فرديرك سيتز الذي كتب 1998 وثيقة اريغون ويدعو فيها حكومة الولايات المتحدة إلى رفض اتفاقية كيوتو التي كتبت في اليابان لأنها خرافة. وهذا لا يعني بأن كل النتائج العلمية غير صحيحة لكنهم ينتقون ما يقدمون ويودون وهذا يعني أن هناك من يمارس لعبة التزوير والإنكار ليستمر العالم في دوامة الانحدار إلى هاوية لا يعرف نتائجها سوى الله سبحانه وتعالى.

وفي النهاية ما زال العلماء بين مؤيد ومعارض، ولم يجد السؤال عن سبب ارتفاع درجة حرارة الأرض في العقد الأخير إجابة حاسمة، فهل هو الاحتباس الحراري؟ أم هي الرياح الشمسية؟ أم لا يوجد ارتفاع غير طبيعي في درجة حرارة الأرض؟ لم يعرف أحد بشكل قاطع بعد، إلا أن الواضح أن العالم في حاجة ماسة إلى تخفيض ملوثاته بجميع أشكالها، سواء في الماء أو الهواء أو التربة؛ للحفاظ على صحة وقدرة ساكني هذا الكوكب فكارثة تسونامي وذوبان الجليد في القطبين وموت الكثير من الدبب القطبية وأنا التي كنت أحسدها على سباتها الشتوي كل عام (لأن فصل الشتاء ليس بيني وبينه أي ود) يجعلنا نفكر كيف نحدد طريقنا للحافظ على هذا الكوكب أم الخيال العلمي سيدفع بالعلماء للتفكير مثل عدنان ولينا أو ستارترك ويبحثون عن سبل لهروب والبحث عن كوكب أخر؟

Seham1426@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد