Al Jazirah NewsPaper Friday  16/03/2007 G Issue 12587
كتب
الجمعة 26 صفر 1428   العدد  12587
قراءة في كتاب مسيرتي في الحياة - تأليف محمد بن أحمد الرشيد

رجل مواكب حياته منذ الخطوة الأولى عملٌ متواصل عبر مراحل موصولة من الأنفاس اللاهثة، الأقدام اللاغبة، يجتاز مرحلة ليستأنف أخرى من السعي الكريم. وكان الإيمان بالله وبالحوار والعدل والإنسان سلاحه في معركة الحياة.

تحمل المسؤولية المبكرة في سن لا تتجاوز السبع سنوات، كان فيها رفيقاً لوالده في متجره، والتجارة تفرز من يكيل بالحق، ومن يكيل بأكثر من ميزان، وكان للتجارة أيضاً تقاليدها ومنها: وجوب استضافة الزبون القادم للمتجر من بعيد، وهنا يشخص الكرم، وكانت (الديوانية) وفي رحابها تكون (الدلّة)

و(الفناجين) و(أقداح القهوة) و(حبات التمر) وكلها عناوين للعطاء والخير.

وكان النظام هو الذي يحكم الفتى، فللمسجد والصلاة فيه مع الجماعة، وتفقد المصلين من الجيران، والقيام بالشعائر الدينية من إخراج الزكاة، والبر بالوالدين، والأمانة في العمل، والصلة مع الأرحام، والتعاون والتآزر وروح الجماعة، ومساعدة المحتاج... كلها أنظمة عادلة شريفة تعلو بالإنسان وتسمو بالنفوس، وتؤكد لنا أن الفضائل جميعها متساوية في الاتباع لا تغني واحدة عن الأخرى، فصلة الإيمان بالعمل كصلة الخلق بالسلوك. وسعة العلم تلد رحابة الأفق، ولا سيما إذا كان العلم نوراً يكشف وليس قوة ترغم، إذ إن صاحبنا، وقد تعلق بالعلم منذ طفولته كان يجد أبداً أن كل موضوع أو فكرة أو مفهوم يدرسه أو يتعلمه الطالب ولا يكون له أثر في حياته لا قيمة له، ولذا كان ضد التقليد، والتلقين، والممارسات الخاطئة في التربية، والغلو وإكراه الآخرين على قبول مفاهيمه وأفكاره، فمهمة الدليل تتحدد في إرشاد الآخرين على الطريق المؤدي إلى الهدف المنشود، والحقيقة المطلوبة، وليس من مهمته إلزام الآخرين عنوة على أن يسلكوا هذا الطريق، فمن العلماء من أُوتي امتداد في شخصيته، وبسطة في علمه، وسمو في مشاعره، وإيمان بالكون وخالق الكون، وحب للأوطان وللإنسان، كل هذه تدفع بالآخرين إليه وتعلق قلوبهم به، دون أن يفرض عليهم هذا الحب وهذا التعلق.

إن معالي الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد قد استطاع من خلال سيرته الحياتية والعلمية والتربوية أن يحتل موقعه وأن يفرض وجوده رائداً من رواد التربية في العصر الحديث، وجاءت إسهاماته ومبادراته وإنجازاته التربوية لتضع اسمه بكفاية واقتدار في قائمة فلاسفة التربية المجددين، من أمثال: جان جاك روسو وماريا منتسوري ودكرولي وفروبل وديوي. كما أن أفكاره التربوية الإبداعية تذكرنا بالعديد من المربين العرب المسلمين المبدعين، من أمثال: الغزالي وابن سينا والفارابي وابن رشد وابن مسكويه وابن خلدون.

وإذا كان (النص الموازي) على حد اصطلاح النقاد واللغويين المحدثين نصاً مستقلاً بذاته له بنيته ودلالته وإيحاءاته، ومن بين مكونات هذا النص (الإهداء) الذي يحمل فضاءات من دواخل الإنسان المبدع، ويوحي بأشياء كثيرة عن مشاعره الإنسانية، ورؤاه الفكرية، نجد الدكتور الرشيد حتى في إهدائه إنساناً كريماً متوجهاً إلى النخبة الصافية ممن آمن بسمو رسالة التربية والتعليم وحمل همها، وممن ارتضاهم أهلاً وأبناءً وأحفاداً وأصدقاءً وطلبةً.

ويبقى الدكتور الرشيد هو حيث يجب أن يكون، رجل يحيا فوق الحياة، وأروع ما في الكريم أن يعطي ويعطي ثم يشيح بوجهه كي لا يرى حياء الذين أعطاهم جهده، وفكره، وروحه، وقيمه.

تقديم د. أحمد الخطيب - أستاذ الإدارة التربوية - جامعة جدارا للدراسات العليا - اربد - الأردن

مسيرة حياة: أربعة عقود من الإنجاز والتميز:

تلقيت ببالغ الامتنان والتقدير والاعتزاز الكتاب الموسوم: (مسيرتي في الحياة) لمؤلفه معالي الأخ الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، واعتقدت للوهلة الأولى أن هذا الكتاب مجرد سيرة ذاتية أو مذكرات شخصية للمؤلف.

ولكن بعد قراءتي المتعمقة لهذا الكتاب والاطلاع على الموضوعات والقضايا المتضمنة فيه، تكشف لي بأن هذا الكتاب يشكل موسوعة تربوية متكاملة، ويعالج قضايا تربوية وإدارية على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية، فضلاً عن أنه يستعرض عدداً من تجارب التطوير التربوية المتقدمة بوزارة التربية والتعليم وبعض المؤسسات التربوية الأخرى في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي.

ونظراً لأهمية هذا الكتاب، فإن تقديمه للقراء العرب يعتبر مسؤولية أكاديمية، نظراً لما اشتمل عليه من دروس وعبر وبرامج ومشروعات تربوية متقدمة. والأهم من ذلك كله أن المؤلف قد سكب في هذه المسيرة من ذوب نفسه وعصارة فكره وعمق حكمته وغنى تجربته، الأمر الذي يمكّن لوزارات التربية والتعليم في الوطن العربي التعلم والاستفادة منها والسير على هديها.

ولسوف أقوم بتقديم هذا الكتاب وفقاً للمحاور التالية:

1 - المسلمات والملاحظات.

2 - المبادئ والمرتكزات.

* القيادة.

* التخطيط الإستراتيجي.

* الإدارة بواسطة فريق.

* قواعد السلطة والقرار الإداري.

* تفويض الصلاحيات.

* التوازن بين احتياجات التنظيم وحاجات الأفراد.

* قواعد السلطة والقرار الإداري.

* البحث التربوي.

* التعليم أمانة ورسالة.

أولاً: المسلمات والملاحظات:

المسلمات

1 - المسلمة الأولى: ان عالمنا المعاصر يتجه إلى مزيدٍ من الترابط والتداخل والتشابك والاعتماد المتبادل، وبخاصة أن هذا العالم قد تحول إلى قرية صغيرة، بفعل الثورة العلمية والتكنولوجية، الأمر الذي يترتب عليه وجود بعد عالمي للمشكلات والتحديات التي تواجه النظام التربوي في المملكة العربية السعودية بشكلٍ خاص والنظم التربوية في الوطن العربي بشكلٍ عام، لابد أن تأخذ بعين الاعتبار التجارب التربوية العالمية في هذا المجال، وأن يتم الانتفاع من السياسات والاستراتيجيات التي تم اعتمادها في الدول التي حققت إنجازات تربوية متقدمة، وتمكنت من مواجهة المشكلات والتحديات التربوية بأساليب وطرق وتقنيات إبداعية متطورة.

2 - المسلمة الثانية: ان الثروة الحقيقية لأي أمة أو مجتمع تكمن في قدرات مواطنيها وفي مستوى إدراكهم العلمي وقدراتهم التكنولوجية ومعارفهم ومهاراتهم وكفاياتهم التي تؤهلهم للاضطلاع بأدوارهم المهنية والوظيفية بفعالية وكفاءة، وتمكنهم من خدمة المجتمعات التي يعيشون فيها بمسؤولية واقتدار، من منظور أن رأس المال البشري يفوق في مردوده رأس المال المادي بعشرات المرات.

3 - المسلمة الثالثة: أن أي حديثٍ عن المستقبل لابد أن يحتل التعليم فيه جزءاً أساسياً ومحورياً، فالتعليم هو وسيلة إعداد البشر وتزويدهم بالقدرات والمهارات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل، وتشغيل عجلة المجتمع والمشاركة في الثورة العلمية والتكنولوجية التي تجتاح العالم، واستثمار منتجاتها وإنجازاتها لتحقيق الأهداف التي تتطلع لتحقيقها المجتمعات المعاصرة.

4 - المسلمة الرابعة: ان أي محاولة لتطوير النظام التربوي في أي مجتمع من المجتمعات لابد أن تتوجه إلى تحسين وتحديث وتطوير النظام التربوي ككل. والنظام هو كل مكون من مجموعة من الأجزاء التي ترتبط ببعضها البعض بطريقة ديناميكية. وان أي محاولة للتأثير في أحد الأنظمة الفرعية للنظام التربوي الكلي لابد أن تأخذ في اعتبارها العلاقات المتبادلة بين هذه الأنظمة الفرعية وتأثيرها في بعضها البعض التي بدورها تؤثر في أداء النظام التربوي ككل. هذا وقد أيدت نتائج الدراسات والتجارب التربوية الحديثة تفوق منهج أو منحى النظم وفعالياته في التصدي للمشكلات التربوية ومواقع الاختناق في النظم التربوية بالمقارنة مع الإصلاحات الجزئية أو الفرعية لجوانب النظام التربوي.

5 - المسلمة الخامسة: انطلاقاً من وحدة اللغة والثقافة والمشاعر والمصالح والآمال والطموحات والمستقبل بين أبناء الأمة العربية الواحدة، فإن أي محاولة من أي دولة عربية لمواجهة التحديات المفروضة على النظام التربوي لديها لن يكتب لها النجاح، إذا ما تمت هذه المحاولة على أساس قطري. ولذلك فإن التصدي لهذه التحديات يجب أن يتم على أساس عربي من منظور أن عالم اليوم لا مكان فيه للدول الصغيرة أو الدول القطرية، وان هذا العالم هو عالم التكتلات الإقليمية الكبيرة. ومن هذا المنظور. فإن العمل التربوي العربي المشترك هو المدخل الوحيد لمواجهة التحديات والمعضلات التي تهدد التربية في الوطن العربي في القرن الحادي والعشرين.

الملاحظات:

1 - ان الثورة التكنولوجية، التي تعتبر أهم خاصية للقرن 21 هي الثورة التكنولوجية الثالثة والتي تختلف عن الثورة الصناعية الأولى والثانية. حيث كانت الثورة الصناعية الأولى تعتمد على البخار والميكانيكا والفحم والحديد، وكانت الثورة الصناعية الثانية تعتمد على طاقة الكهرباء والنفط والطاقة النووية، وعلم الإدارة الحديثة والشركات المساهمة، وان الثورة التكنولوجية الثالثة تعتمد أساساً على العقل البشري والإلكترونيات الدقيقة والكمبيوتر وتوليد المعلومات وتنظيمها واختزانها واستردادها ونقلها بسرعة متناهية. ولأن العقل البشري هو العماد الأول في هذه الثروة، فإن التنافس بين دول العالم لن يكون في مجال ما تملكه من ثروات مادية وطبيعية أو في مجال القوة العسكرية والنووية، وإنما في مجال ثروة العقول البشرية، وقدرة هذه العقول على الابتكار والإبداع والتميز. إن هذه الثروة يمكن لجميع الشعوب أن تخوض غمارها سواء كانت كبيرة أو صغيرة إذا ما أحسنت إعداد أبنائها تربوياً لذلك.

2 - إن التغير الاجتماعي المتسارع، الذي هو إحدى خصائص القرن 21، يعني أن القيم والمؤسسات والعلاقات الاجتماعية ستكون عرضة للتغير والتبدل والتحول. وإن هذا التغير الذي هو بفعل الثورة التكنولوجية الثالثة، يتطلب من الأفراد والمجتمعات أن تواكب هذا التغير وتتكيف وتتأقلم معه بدلاً من معارضته أو الاصطدم معه. وأن الأفراد والمجمعات لا يمكنها أن تتكيف مع هذا التغير الاجتماعي السريع، إلا إذا كانوا مسلحين بنوعٍ من التفكير والمعرفة يساعدها على ذلك، ويقع عبء ذلك أساساً على النظام التربوي.

3 - الانفتاح الإعلامي الثقافي الحضاري العالمي، وهو خاصية ثالثة من خصائص القرن 21 فوسائل الاتصال الحديثة والسريعة ستعبر الحدود بلا قيود من أي مجتمع لأي مجتمع آخر، والإرسال والاستقبال عبر الأقمار الصناعية يجعل من الحدود السياسية للدول ومن وسائل الرقابة التقليدية على الأخبار والمعلومات أدوات بدائية عديمة الكفاءة وقليلة الفاعلية في تحصين الفرد ضد استقبال محتويات الرسائل الإعلامية والثقافية الوافدة من مجتمعات أخرى. وان التحصين الحقيقي لمواجهة هذا التدفق الإعلامي والثقافي لمجتمعات وثقافات أخرى هو وعي الفرد والمجتمع، وقدرتها على الفرز والاختيار من بين ما يتساقط عليها من رسائل إعلامية وثقافية. وهذه المهمة تتجاوز قدرة النظام التربوي التقليدي، كما نعرفه اليوم، ان هذه المهمة تتطلب نظاماً تربوياً من نوع جديد، قادر على إكساب الافراد المتعلمين الكفايات والقيم والاتجاهات التي تؤهلهم للتكيف مع ثورة المعلومات والتفاعل من هذا المناخ الإعلامي الثقافي المفتوح وبالتالي تؤهلهم للاستجابة بمرونة للتنوع الثقافي للمجتمعات وللاختلاف في الرأي بين الأفراد.

4 - ان تغير الأهمية النسبية لقوى وعلاقات الإنتاج كإحدى خصائص القرن 21 ستعني نهاية التمييز التقليدي بين العمل اليدوي والعمل العقلي، أو بين الإدارة والعمل، أو بين الإنتاج والتجارة والخدمات أو بين المرأة والرجل. فالإنسان الفاعل في القرن 21 سيكون الإنسان المتعدد المهارات، والإنسان القادر على التعلم الدائم مدى الحياة والمجتمع الفاعل في القرن 21 سيكون المجتمع الذي تستأثر فيه خدمة المعلومات بأكبر نصيب من القوة البشرية. وهنا أيضاً تقع المسؤولية على النظام التربوي لإعداد أفراد ومجتمعات بهذه المواصفات.

5- إن الفجوة الأساسية بين الدول المتقدمة والصناعية من جهة والدول النامية من جهة أخرى هي فجوة إدارية في المقام الأول Management Gap والمقصود بهذه الفجوة ندرة الكوادر والكفاءات الإدارية القادرة على ممارسة مهنة الإدارة بكفاءة وفعالية وإنتاجية وجودة. ولعل الاعتراف بوجود مثل هذه الفجوة هو الذي حمل العديد من المختصين في علم الإدارة للدعوة إلى إحداث ثورة إدارية لمواكبة ما حدث من ثورات علمية وصناعية وتكنولوجية ومعلوماتية. وقد تبلورت هذه الثورة الإدارية في العديد من الدول المتقدمة والصناعية من خلال ابتداع استراتيجيات ونماذج إدارية حديثة لاعتمادها في الإصلاح والتطوير الإداري. هذه الاستراتيجيات والنماذج الإدارية القادرة على الانتقال بالإدارة من إدارة الأزمات والطوارئ إلى الإدارة الاستراتيجية، ومن إدارة التقليد والاتباع إلى إدارة التجديد والإبداع، ومن الإدارة التي تعتمد على البداهة والحدس إلى الإدارة التي تعتمد على المنهجية العلمية في صناعة القرارات وحل المشكلات الإدارية، ومن إدارة الخبرة إلى الإدارة كعلم متخصص ومن الإدارة التي تركز على اللجان والاجتماعات إلى الإدارة التي تركز على الإنجاز والأداء، ومن الإدارة المركزية إلى إدارة التسيير الذاتي ومن الإدارة القائمة على الرقابة إلى الإدارة القائمة على المساءلة الاجتماعية والشفافية، ومن الإدارة التي تركز على الجوانب الكمية إلى الإدارة التي تركز على الجوانب النوعية أو الجودة.

ثانياً: المبادئ والمرتكزات:

1 - القيادة:

تعتبر القيادة في أي مؤسسة من المؤسسات العمود الفقري لتلك المؤسسة وان غياب القيادة في بعض المؤسسات هو المسؤول عن تعثر جهود الإصلاح والتطوير وقصورها وان كفاءة وفاعلية أي مؤسسة إنما يقرره مدى امتلاك القيادات الإدارية في تلك المؤسسة للكفايات والمهارات التي يتوجب امتلاكها من قِبل تلك القيادات. وتشير الدراسات المتعلقة بالقيادة إلى وجود عددٍ من الكفايات التي يتوجب امتلاكها من قِبل القائد الإداري، ومن أهمها:

1 - التخطيط وتحديد الأولويات: فالقدرة على التخطيط وصنع السياسات وتحديد الأولويات واختيار الوسائل والأدوات لبلوغ الأهداف، إنما تعتبر من أبرز المهارات التي يجدر بالقائد الإداري امتلاكها.

2 - التنظيم والبناء المؤسسي: وتعتبر القدرة على التنظيم وإقامة البناء المؤسسي بدلاً من البناء الفردي من أهم المهارات التي يجدر بالقائد الإداري امتلاكها.

3 - المحافظة على أداء النظام لوظيفته:

وتتبدى هذه الوظيفة من خلال امتلاك القائد الإداري القدرة على تجميع وتخصيص الموارد والتوظيف وبناء روح الفريق واختيار الطرق والإجراءات المناسبة والتوجيه والتفويض والتنسيق وتوفير الحوافز والتقارير والرقابة والتقويم واعتماد المساءلة والشفافية والنزاهة.

4 - وضع جدول الأعمال وصناعة القرار:

إن وضع جدول الأعمال للاجتماعات الرسمية وتحديد آلية لصناعة القرار تعتبر من المهارات الأساسية للقائد الإداري، وذلك بهدف توفير الكفاءة والفاعلية لإدارة الوقت وصناعة القرار.

5 - إظهار الحكمة السياسية:

وتبرز الحاجة إلى امتلاك القائد الإداري لهذه المهارة، من منظور أن القائد الإداري لابد أن يمتلك الحكمة السياسية التي تؤهله لحل أي تناقضات أو صراعات قد تبرز بسبب الاختلافات في المواقف السياسية، فضلاً عن الحرص على توفير الدعم السياسي للجهود والبرامج التطويرية التي يسعى لتحقيقها. حيث تشير تجارب العديد من الدول إلى أن فشل العديد من برامج التطوير التربوي إنما مرده غياب الإرادة السياسية لدعم هذه البرامج.

يضاف إلى ذلك فإن الدراسات التي أجريت حول خصائص القائد الإداري قد كشفت عن العديد من الخصائص التي يتصف بها القادة الإداريون، ومن أبرزها:

* الذكاء والحكمة العملية.

* الاستعداد (الحماس) لتحمل المسؤولية.

* الكفاية المهنية.

* فهم المرؤوسين الذين يقودهم ومعرفة احتياجاتهم.

* مهارة التعامل مع المرؤوسين وتحفيزهم.

* الطموح والموهبة والحاجة للإنجاز والقيام بأعمال عظيمة.

* القدرة على إثارة الدافعية للمرؤوسين.

* الشجاعة والثبات على الموقف.

* القدرة على الفوز مع المحافظة على الثقة.

* القدرة على صناعة القرار وتحديد الأولويات.

* القدرة على التأثير في الآخرين.

* المرونة والتكيف مع الظروف الطارئة والمستجدة.

* التركيز لفترات طويلة في مجال اهتمامه.

* الرغبة المتزايدة في استكشاف بدائل للحل.

* الدافعية للإنجاز وقدرة التركيز على الهدف.

* المثابرة على البحث والاستقصاء والتجريب.

ومن خلال مراجعة كتاب مسيرتي مع الحياة، يتكشف بأن الدكتور الرشيد يمتلك الكفايات والخصائص التي تؤهله للقيادة، الأمر الذي أهله لتحقيق الإنجازات والمشروعات والبرامج التي خطط لها وإنجازها بمنتهى الكفاية والاقتدار.

2 - التخطيط الاستراتيجي:

ولأن الدكتور الرشيد صاحب رؤية ورسالة، فإنه يؤمن بمبدأ التخطيط الإستراتيجي في العمل حيث كان يحرص في المواقع القيادية التي احتلها (جامعة الملك سعود، مكتب التربية العربي لدول الخليج، وزارة التربية والتعليم) على اعتماد التخطيط الاستراتيجي طويل المدى كمنهجية في العمل. فقد اعتمد الدكتور الرشيد منهجية التخطيط الاستراتيجي عندما كان يشغل منصب مدير عام مكتب التربية العربي لدول الخليج، وكان يتم إعداد هذه الخطط الاستراتيجية اعتماداً على دراسات تقدير الاحتياجات التربوية للدول الأعضاء في المكتب. واعتماداً على هذه الخطط الاستراتيجية كان يتم وضع خطط تنفيذية لكل عامين وتتضمن هذه الخطط التنفيذية البرامج والمشروعات التي يتم تنفيذها في إطار الخطة الاستراتيجية للمكتب طويل المدى.

كما اعتمد الدكتور الرشيد منهجية التخطيط الاستراتيجي في وزارة التربية والتعليم، حيث وضع خطة استراتيجية للتطوير التربوي في وزارة التربية والتعليم (1416-1425هـ - 1995-2005م) ولقد تضمنت هذه الخطة الاستراتيجية جميع مكونات النظام التربوي من حيث مدخلاته وعملياته ومخرجاته.

3 - الإدارة بواسطة فريق (الإدارة التشاركية):

فالدكتور الرشيد لا يؤمن بإدارة الرجل الواحد أو إدارة السوبرمان.. هذا النمط الإداري الذي يسود في معظم المؤسسات في الوطن العربي. والدكتور الرشيد لا يتخذ أي قرار إداري بمفرده، وإنما يؤمن بأن الحكمة موزعة بين الناس بعدالة، ولذلك فهو يحرص - وقبل اتخاذ أي قرار إداري - على إشراك جميع العاملين معه بمستوياهم الإدارية المختلفة، في دراسة أي قرار والحصول على المعلومات المتعلقة بهذا القرار من جميع العاملين، ومن هنا فإنه يحرص على تشكيل اللجان الفنية المتخصصة لدراسة أي مشروع، ويعقد الاجتماعات الدورية الأسبوعية لتدارس أي خطة للتطوير، ويتيح المجال لطرح جميع الآراء، وان اختلفت مع آرائه - فالاختلاف في الرأي وفقاً لقناعات الدكتور الرشيد لا يفسد للود قضية-.

4 - قواعد السلطة والقرار الإداري:

يجمع علماء الإدارة على أن صانع القرار الإداري لابد أن يرتكز قراره على قاعدة من قواعد السلطة التي تعطي لذلك القرار المشروعية والمصداقية والكفاءة والفاعلية. وتشير أدبيات الإدارة إلى وجود أنواع متعددة وأنماط مختلفة من السلطة يمكن لصانع القرار الإداري أن يعتمدها وأن يستمد منها القدرة التي تؤهله للتأثير في المرؤوسين الذين يرأسهم. ومن هذه الأنماط على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

* سلطة القانون:

وهي السلطة المستمدة من المركز الوظيفي الذي يحتله الرئيس أو المدير التي تعتمد في وجودها على أسس دستورية وتشريعية وقانونية، والمرؤوسون عليهم أن يطيعوا وأن يمتثلوا لتعليمات رؤسائهم. وبموجب هذا المصدر تتدرج السلطة من أعلى إلى أسفل على أساس هرمي.

* سلطة الإكراه أو القسر:

وتقوم هذه السلطة على إدراك المرؤوسين بأن الرئيس أو المدير يمتلك - بحكم دوره الرسمي في المؤسسة- القدرة على فرض عقوبات على المرؤوسين، وبالتالي إجبارهم على الامتثال لأوامره بالإكراه أو القسر.

* السلطة القائمة على المكافأة:

وتتبدى هذه السلطة من خلال قدرة الرئيس أو المدير على تقديم مكافآت مرغوب فيها للمرؤوسين على شكل زيادة في الراتب أو الترفيع إلى درجة أعلى أو الارتقاء الوظيفي أو شهادات التقدير أو الشكر أو الجدارة أو التميز.

* السلطة القائمة على سحر الشخصية:

ويستند هذا النوع من السلطة إلى المقومات الشخصية للرئيس أو المدير التي تجعل منه مبعث إعجاب وتقدير المرؤوسين مما يحملهم على الانصياع لسلطته نتيجة لإعجابهم به كشخص، ونظراً لما يمتلكه من قدرات قيادية في علاقاته الإنسانية.

* سلطة المرجع:

وترتكز هذه السلطة على إيحاء الرئيس أو المدير بأنه يقوم بممارسة صلاحياته بدعم وتأييد من مصادر عليا للسلطة وتربطه بهم علاقات شخصية أو عائلية أو حزبية أو عشائرية. وأن يقرر قدرة مثل هذا الرئيس أو المدير في التأثير في مرؤوسيه هو ما يتمتع به المرجع الذي يدعمه من سلطة وقوة ونفوذ.

* سلطة العلم والمعرفة أو السلطة المهنية:

ويقوم هذا النوع من السلطة على امتلاك الرئيس أو المدير للمهارات الفنية والمهنية التي تتطلبها طبيعة العمل الذي تقوم به المؤسسة التي يرأسها أو يديرها، فضلاً عن امتلاك هذا الرئيس أو المدير للمؤهلات العلمية أو الأكاديمية التخصصية التي تتوافق مع الأهداف التي يتطلع التنظيم الإداري لتحقيقها أو بلوغها.

ولقد كشفت الدراسات التي أُجريت حول قواعد السلطة التي يستمد منها القادة الإداريون سلطتهم كفاءة وفاعلية وتفوق سلطة العلم والمعرفة أو السلطة المهنية بالمقارنة مع استخدام الأنماط الأخرى من مصادر السلطة. وهنالك مقولة خاطئة تتردد في الأوساط السياسية والاجتماعية والأكاديمية في الوطن العربي مفادها أن العمل الإداري هو عمل سياسي، وبالتالي، فإن اختيار القيادات الإدارية يتم وفقاً لاعتبارات سياسية بدلاً من الاعتبارات المهنية.

ولأن الدكتور الرشيد متخصص في إدارة مؤسسات التعليم العالي فإنه لا يؤمن بتلك المقولة، ولذلك فقد كان يستخدم - في جميع المواقع القيادية التي احتلها - سلطة العلم والمعرفة أو السلطة المهنية عند اتخاذ أي قرار إداري. ومن هنا فقد اكتسب الدكتور الرشيد تقدير وثقة جميع الذين كانوا يعملون معه، لأنه يتعامل معهم كزملاء متكافئين في المهنية وليس كرئيس ومرؤوسين.

5 - تفويض الصلاحيات:

الدكتور الرشيد لا يستأثر بالسلطة بمفرده بل يقوم بتفويض العديد من المسؤوليات والصلاحيات لمرؤوسيه، وفقاً لمعرفته بقدرات وإمكانات وتخصص كل مرؤوس ولسوف أذكر بعض الوقائع للتدليل على تفويضه للصلاحيات.

* لقد تعاقدت للعمل في مكتب التربية العربي لدول الخليج في شهر حزيران عام 1985م، على أن أباشر العمل في مطلع شهر أيلول 1985م، وبعد عودتي من الرياض إلى الأردن بأسبوعين اتصل بي الدكتور الرشيد وطلب مني المشاركة في مؤتمر دولي حول (التعليم عن بعد) ينظمه المجلس الأعلى لاعداد المعلمين في مدينة ملبورن بأستراليا. باعتبار أن الدكتور الرشيد عضو في المكتب التنفيذي لهذا المجلس. وبسبب انشغاله في اجتماعات مهمة في مكتب التربية العربي لدول الخليج، ولإيمانه بأهمية هذا المؤتمر فقد انتدبني للمشاركة فيه نيابة عنه، حيث إن المؤتمر يوفر فرصة للتعلم والاطلاع على الخبرات الدولية المتعلقة بموضوع المؤتمر. وقد شاركت في هذا المؤتمر وأعددت تقريراً خاصاً عن الموضوعات التي عالجها المؤتمر والتوصيات التي خرج بها.

* لقد كان أحد المشروعات التي نفذها مكتب التربية العربي لدول الخليج (دراسة جدوى إنشاء جامعة مفتوحة لدول الخليج العربي) وقد أوكل لي تنسيق هذه الدراسة. وفي إطار هذا المشروع تم تنظيم مؤتمر دولي في عام 1986م في دولة البحرين (مملكة البحرين حالياً).

وقد تم توجيه الدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي إلى عددٍ كبيرٍ من رؤساء الجامعات المفتوحة في العالم (رئيس الجامعة البريطانية المفتوحة ومؤسسها، رئيس الجامعة اليابانية المفتوحة، رئيس جامعة تايلاند المفتوحة، رئيس جامعة محمد إقبال الباكستانية المفتوحة، رئيس جامعة القدس المفتوحة) بالإضافة إلى عددٍ كبيرٍ من رؤساء الجامعات التقليدية في الوطن العربي. وقبل موعد عقد المؤتمر بعدة أسابيع، دعاني الدكتور الرشيد إلى مكتبه وطلب مني ترشيح اثنين من رؤساء الجامعات الأردنية لحضور هذا المؤتمر، وقمت بترشيح رئيسين تمت دعوتهما لحضور المؤتمر. وكان حضورهما المؤتمر مصدر تقدير واعتزاز بالثقة التي أولاني إياها الدكتور الرشيد في ترشيح رئيسين لجامعتين أردنيتين.

* على الرغم من اعتماد مكتب التربية العربي لدول الخليج على الخطط الاستراتيجية والخطط التنفيذية التي تشتمل على البرامج والمشروعات التربوية التي تستجيب لاحتياجات الدول الأعضاء، فإن الدكتور الرشيد - ونظراً لما يتمتع به من مرونة - كان لا يتردد في الاستجابة لأي احتياجات طارئة لأي دولة من دول الخليج العربي وغير مدرجة في برامج ومشروعات الخطط التنفيذية.

فقد تقدمت وزارة التربية والتعليم في سلطنة عمان بطلبٍ إلى المكتب عام 1986م للمساعدة في تحويل نظام العام الدراسي الذي كان معتمداً في الوزارة إلى نظام الفصلين الدراسيين، ولقد كانت استجابة الدكتور الرشيد لهذا الطلب بشكلٍ فوري. حيث قام بتكليف بتنظيم ندوة علمية متخصصة حول موضوع نظام الفصلين الدراسيين. وقد تم تكليف عددٍ من الخبراء التربويين المتخصصين في نظام الساعات المعتمدة لإعداد أوراق العمل لهذه الندوة. وقد عقدت الندوة في مدينة مسقط بحضور حشدٍ كبيرٍ من القيادات التربوية في وزارة التربية والتعليم والميدان، وعلى رأسهم معالي الوزير وعطوفة الوكيل. وبعد ثلاثة أيام من الحوار والمناقشات التي دارت حول أوراق العمل المقدمة للندوة، تم تقدير توصية لوزارة التربية والتعليم باعتماد نظام الفصلين الدراسيين بدلاً من نظام العام الدراسي الذي كان معتمداً لدى الوزارة لما يتصف به هذا النظام من كفاءة وفاعلية. وقد اعتمدت وزارة التربية والتعليم هذه التوصية، وتم تبني نظام الفصلين الدراسيين عام 1986م، وما زال هذا النظام معتمداً لدى الوزارة حتى يومنا هذا.

6 - التوازن بين احتياجات التنظيم وحاجات الأفراد:

من المعروف بلغة الإدارة أن أي تنظيم أو مؤسسة لها بعدان. البعد الأول ويتعلق باحتياجات التنظيم والأهداف الاجتماعية التي أوجد من أجلها هذا التنظيم. والبعد الثاني ويتعلق باحتياجات الأفراد العاملين في هذا التنظيم والأهداف التي يتطلعون لتحقيقها. وأن التنظيم السليم أو المعافى هو الذي تحرص فيه القيادة الإدارية على إيجاد نوع من التوازن بين احتياجات التنظيم وحاجات الأفراد، بحيث لا يسمح بطغيان احتياجات التنظيم على حاجات الأفراد ولا بطغيان حاجات الأفراد على احتياجات التنظيم.

واعتماداً على هذا المبدأ، فإن النمط القيادي المعتمد لدى الدكتور الرشيد هو النمط الذي يحرص على إيجاد هذا التوازن. حيث يعتبر الدكتور الرشيد أن تحقيق احتياجات التنظيم هي مسؤولية اجتماعية ومهنية، ولذلك فإنه لا يتهاون في دعوة الأفراد العاملين في التنظيم إلى بذل جهودهم لتحقيق أهداف التنظيم، وفي نفس الوقت، فإنه يحرص على توفير الحوافز والمكافآت للأفراد العاملين وتلبية احتياجاتهم الفردية، من منطلق أن العاملين القادرين على تحقيق أهداف التنظيم، هم العاملون المحفزون للعمل الذين يشعرون بالاستقرار والرضا الوظيفي والانتماء المهني.

7 - البحث التربوي:

لعل البحث العلمي في المجال التربوي هو المدخل الموضوعي لإصلاح أو تطوير أو تحديث أو تجديد النظم التربوية على المستوى الدولي والعربي والمحلي. وفي هذا المجال يقول العالم السلوكي (باتريك سادز): إن التغيرات الكبرى في التربية لم تقم على دليل قوي من المعلومات العلمية المستمدة من البحث العلمي. وتمثل هذه العبارة التجاهل الذي يلقاه البحث التربوي في النظم التربوية المعاصرة.. الأمر الذي يستتبع افتقار هذه النظم إلى ركن أساس من أركان تطويرها وتجديدها وتحديثها.

ولأن الدكتور الرشيد باحث علمي متميز، ولقناعته بأن عملية التطوير التربوي في المملكة العربية السعودية يجب أن ترتكز على قاعدة بحثية علمية موضوعية راسخة فقد حرص الدكتور الرشيد وقبل المباشرة في وضع خطة التطوير التربوي في وزارة التربية والتعليم، على إجراء دراسة علمية ميدانية، كان الهدف منها تحديد احتياجات وأولويات العمل في الوزارة، واعتماداً على نتائج هذه الدراسة تم تطوير خطة العمل في الوزارة وتحديد محاور ومجالات هذه الخطة التي تولت الوزارة تنفيذها.

8 - التعليم أمانة ورسالة:

ولأن الدكتور الرشيد يعتز بالمعلم باعتباره معلّماً، فقد خصه باهتمام خاص. ولذلك فقد حرص - خلال توليه وزارة التربية والتعليم - على توجيه الرسائل إلى المعلمين كل عام والالتقاء بهم في المناسبات، يستنهض هممهم، ويبرز أهميتهم ويرفع من مستواهم ويوفر البرامج التدريبية ويقدم الحوافز لهم. فالمعلمون - وفقاً لقناعة الدكتور الرشيد - يحملون أمانة ثقيلة ومهمة عظيمة شرّفهم الله بحملها، ألا وهي مهنة التعليم. فالتعليم أمانة ورسالة قبل أن يكون وظيفة ومهنة. وأن المهمة السامية للمعلم تتلخص في إعداد الإنسان الصالح لنفسه وغيره، الذي يعبد الله على بصيرة، والذي يحسن الاستفادة من القدرات الكامنة التي أودعها الله فيه، ومما سخره الله له في بره وبحره وأرضه وسمائه، في سبيل سعادته الفردية، وسعادة أسرته ومجتمعه، وأمته المسلمة والإنسانية جمعاء. وأن الغاية التي يتطلع المعلم لتحقيقها هي إعداد المواطن الصالح، والإنسان الصالح، وأن نعلّمه التفكير الصحيح وحب الحوار، واحترام رأي الآخرين، وأن نغرس فيه العادات الصحيحة، ونحبب إليه العلم ونضع بين يديه مفاتيح المعرفة ليواصل رحلته في طلب العلم بعد ذلك ما امتدت به الحياة، وليطبق ما تعلم وينتفع به. ويذكّر المعلمين بأن الشرط الأساس لنجاح العملية التعليمية أن يوجد المعلم في نفس المتعلم شوقاً عارماً إلى العلم وظمأً للمعرفة، وعزماً على الدرس والتحصيل وهذا هو التحدي الكبير أمام المعلمين... أن يغرسوا هذا الشوق ويرووا هذا الظمأ، ويقدموا ذلك العزم، بالقول المقنع والقدوة الحسنة والأسلوب الحكيم. كما يحث المعلمين على أن يكونوا قدوة لطلابهم وعوناً لهم على تنمية ما أودع الله فيهم من بذور القدرة على الابتكار والاختراع والإبداع.

ولتأكيد اهتمام الدكتور الرشيد بالمعلم فقد حرص على استصدار ميثاق مهنة التعليم والمصادقة عليه من قِبل المقام السامي. فالدكتور الرشيد يؤمن بأن مهنة التعليم يجب أن تمثل المكانة التي تستحقها كمهنة الطب والهندسة والحقوق، بل يعتقد بأنها تعلو على هذه المهن وتسبقها سمواً وشرفاً... فالمعلم هو الذي يُعد الطبيب والصيدلي والمهندس والمحامي والقاضي.

واختتم بفقرة وردت في الرسالة الموجهة من معالي الشيخ الجليل عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري إلى الدكتور الرشيد - بعد أن علم بالتوجه لتسمية الدكتور الرشيد وزيراً للتربية والتعليم - جاء فيها:

أرجو أن تقطع طريقك الطويل بجهدك وبصيرتك، وألا يلحق بك في هذا الطريق سبب من الأسباب فيقول لك قف! فمن يوم وضعت قدمي على طريق مسؤولية صغيرة في المجمعة والآخرون يضعون العثرات من أمامي وخلفي وعن يميني وعن يساري، وكلما شعرت بذلك ازدادت صلابتي واشتد عودي وحسبت لكل خطوة حسابها خوفاً من السقوط وأنا في أول الطريق فأموت موتاً أبدياً... الطبيعة البشرية واحدة سواء كانت في القرية مع عمل صغير أو في المدينة مع عمل كبير.. تضاعف الحسد عليّ والكيد والدس والافتراء والظلم... عملك الجديد سيصيّر لك حسداً، اقلل من الكلام، كن محافظاً تسمع ولا تحكي.

وإذا كان الدكتور الرشيد خلال مسيرته مع الحياة قد واجه بعض المواقف التي تعرض فيها للضيم أو التجني والحسد والكيد والدس والافتراء والظلم - نتيجة لقصور في الفهم أو سوء في الظن أو انحراف في البصيرة - فإنه بالمقابل، يمتلك رصيداً كبيراً من الحب والتقدير من قِبل أصدقائه وزملائه وطلابه نظراً لوفائه ودماثته وصفاء سريرته ورقي خلقه ورفعة سلوكه. وان مثل هذا الضيم أو التجني أو الحسد ليس إلاّ الضريبة التي يدفعها العلماء الناجحون والمربون والمتميزون.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد