في يوم الخميس 4 صفر 1428هـ فجعت أسرة السويداء في كل من مدينة الروضة وحائل والرياض وجدة والدمام وحفر الباطن برجل من خيرة رجالها فضلاً وكرماً ومروءة وخلقاً ومكانةً اجتماعيةً مرموقةً، ذلك هو الشيخ زيد بن موسى بن زيد بن سعود السويداء الذي لاقى وجه ربه - عز وجل - في اليوم المشار إليه وقد ولد الفقيد بمدينة الروضة نحو عام 1334هـ، ووافاه الأجل وقد بلغ من العمر نحو 96 عاماً، وقد عاش كل حياته في الروضة بمنطقة حائل عيشة عزيزة كريمة عندما كانت المعيشة يومذاك عيشة كفاف وعندما وسع الله على الناس في رزقهم في وقتنا الزاهر، عاش في الحالين مرفوع الرأس عالي الهمة، وتتمثل فيه المواطنة الصحيحة الصادقة والحمية القوية على مدينة الروضة، وكل ما يتعلق بالروضة بعد العم عيسى بن سالم السويداء رحمه الله، وقد عرفته عن كثب منذ الصغر، وعندما انتقلت إلى الرياض كنت أزوره بين الحين والآخر، وكلما زرته واجتمعت به وجدته كل ما يشغل ذهنه ومحور حديثه عن الروضة فكأنه قلبها النابض ولسانها الناطق يطالب المسؤولين بما ينفعها من المشاريع والخدمات حتى قبل أن يصاب قبل سنتين بجلطة في الدماغ شفي على أثرها - ولله الحمد - ثم عاودته في هذه المرة التي لاقى وجه ربه فيها، وإلى جانب ذلك فهو كريم الكف حاضر المروءة لا يكاد زائره أن يتخلص منه حتى يقوم بواجبه خير قيام فضلاً عن من حل ضيفاً عليه، فهو محل الحفاوة والإكرام طيلة بقائه عنده، وكان - رحمه الله - بالإضافة إلى كرم الكف كريم الأخلاق حاضر المروءة لين الجانب خفيف النفس يقوم منتصباً كالرمح للكبير والصغير، حتى لو دخل طفل صغير وقف تقديراً له، وقد لازمته هذه الميزة حتى أخريات حياته، رجل قد تجاوز التسعين من العمر يدخل عليه شاب أو حتى طفل فضلاً عن الإنسان الكبير يقف ويسلم عليه ببشاشة وحيوية وحبابة، ضاحك الوجه والجبين بابتسامة على ثغره يتدفق لسانه بأجمل عبارات الترحيب وكلمات الود والمحبة، رجل في هذه السن تتوفر له اللطافة والمحبة عندما يرى الأطفال الصغار فإنه يتلطف بهم ويسلم عليهم واحداً واحداً ويقبلهم بتدفق لسانه بكلمات العطف والحنان، وخفة نفسه ولطافته جعلتاه محبوباً عند الكبير والصغير، عندما أزوره لا يترك صغيراً ولا كبيراً من بني أخيه أسرة السويداء في الرياض إلا وسأل عنه وتقصى أخباره يسأل عن رب العائلة ماذا رزقه الله من الأولاد؟ وماذا وصل أولاده؟ وغير ذلك مما يتعلق بالأسرة. هذا دأبه طيلة حياته منذ أن عرفته قبل خمسين سنة وإلى جانب ذلك ففيه نية الخير بمعالجة من لديهم حالات نفسية بالقرآن الكريم وكثير ما يشفى من يقرأ عليهم.. كل هذا من باب المروءة والمعروف وفعل الخير لا يأخذ على ذلك أجراً، يؤتى إليه بالمريض حتى بعد أن ينام الناس فلا يتأخر عن القراءة عليه وقد يؤتى إليه بالمريض وهو متعب جداً أو متوتر الأعصاب ويخرج من عنده وهو سليم معافى بتوفيق من الله، وفوق ذلك قد يأتي إليه ولي المريض يستدعيه للقراءة على مريضه في بيته إن كان المريض يتعذر إحضاره فلا يتأخر أبو موسى - رحمه الله - أن يصحبه ولو كان ذلك في منتصف الليل وغير ذلك من حسناته، إنه شخصية متعددة الجوانب بها القوة والصلابة واللطافة واللين وحب فعل الخير وبرحيله من هذه الدنيا فقدت مدينة الروضة أحد وجهائها كما فقدت أسرة السويداء واحداً من أبرز رجالها المرموقين فقد ترك فراغاً شديد الفجوة لا يسده إلا أبناؤه الكرام ففيهم البركة إن شاء الله، ولا يسعني بهذه المناسبة إلا أن أرفع أحر التعازي وأجمل المواساة الصادقة لأبنائه الأستاذ موسى بن زيد السويداء والأستاذ عبداللطيف بن زيد السويداء والأستاذ محمد بن زيد السويداء والأستاذ عبدالله بن زيد السويداء والأستاذ عبدالرحمن بن زيد السويداء والأستاذ سالم بن زيد السويداء والأستاذ صالح بن زيد السويداء والأستاذ أحمد بن زيد السويداء والأستاذ سلمان بن زيد السويداء والأستاذ عبدالعزيز بن زيد السويداء وإخوتهم جميعاً وأحفاد الفقيد وحفيداته وأسباطه ولأبناء عمومتنا وكافة أسرة السويداء في المناطق المذكورة آنفاً. وأسأل الله أن يسكن الفقيد فسيح جناته مع المصطفين الأخيار، و{ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.