Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/04/2007 G Issue 12614
الثقافية
الخميس 24 ربيع الأول 1428   العدد  12614
المسيرة الثقافية للمرأة عبر العصور ..الفن التشكيلي كثقافة بصرية (1-2)

تناولت في الورقة التي قدمتها بمنتدى السيدة خديجة بنت خويلد (واقعية وجود المرأة في التنمية الوطنية) ملخص لدور المرأة في المجال الثقافي على مر العصور في المملكة العربية السعودية، ممثلاً في مجال الفنون التشكيلية كجانب ثقافي بصري أسهمت المرأة السعودية بفاعلية في تنميته:

واستعرضت خلال هذه الورقة سريعاً ما يلي:

1- المرأة في فنون ما قبل الإسلام وفي الفنون التقليدية.

2- المرأة والحركة التشكيلية المعاصرة كممارسة من خلالها.

3- الجهات الحكومية التي تدعم التشكيلية السعودية ودور المرأة من خلالها.

4- دور المرأة في دعم الحركة التشكيلية المحلية.

5- المشاركات الخارجية.

6- النتائج والتوصيات.

يغطي الجزء الأول الفقرات من 1 إلى 3، بينما يتم استعراض الفقرات من 4 إلى 6 في الأسبوع القادم بإذن الله:

تعد الرسوم الصخرية أقدم ممارسة فنية باقية للإنسان في الجزيرة العربية ويعود تاريخ بعضها إلى تسعة آلاف سنة مضت، وتأتي أهمية هذه الرسوم الحيوانية والآدمية على وجه الخصوص، كونها علامات رمزية ذات دلالات متعلقة بالفكر السائد، وفيها نجد أن المرأة رسمت بحجم كبير كناية عن مكانتها أو ربما كونها إحدى المعبودات في فكرهم العقدي، كما يشير الباحثون إلى أن لبعض الرسومات دلائل على دورها في الحروب إضافة إلى وجود العنصر النسائي في مواضيع أخرى كالتزاوج والولادة.

وفي العصور التاريخية في فترة الممالك العربية في الجزيرة قبيل الإسلام كان الفن مرآة عاكسة دون تزوير مؤرخ لدور المرأة في تلك المجتمعات العربية فقد مثلت المرأة في مكانة اجتماعية عالية في اللوحات الجدارية في قرية الفاو التي تؤرخ لفترة القرون الميلادية الأولى.

وربما كان النمو الثقافي للمرأة في العصور الإسلامية المبكرة ممثلاً بشكل أوضح في مجال الأدب أو الشعر، ألا أن دورها في المجال التشكيلي يعود وبقوة في العصور أو القرون القليلة السابقة من خلال الحرف والصناعات التقليدية مثل صنع السجاد وزخرفته ونقوش الحناء ونسج الخيام، ولعل تزيين جدران البيت بالألوان الذي اشتهرت به منطقة عسير في جنوب المملكة العربية السعودية خير مثال على دور المرأة قديماً في الفنون ممثلاً الروح التشكيلية التي تمتلكها في تلك الممارسات المبدعة، حيث كانت تقوم بتزيين الجدران وتلوينها بل وتحضير الألوان التي تحصل عليها من البيئة المحيطة.

المرأة والحركة التشكيلية المعاصرة

في العصر الحديث ومع دخول مفهوم التربية الفنية أو الفن التشكيلي للمجتمع السعودي في الخمسينات من القرن الماضي، كانت المرأة عنصراً أساسياً في الحركة القائمة، بوصفها أولاً ملهمة لكثير من الأعمال الفنية وموضوعاً مكرراً ما زال العديد من التشكيليين والتشكيليات يتناولونه باستمرار.

مشاركة التشكيلية السعودية في الجيل الأول

أما الأهم فهو في مشاركتها بفاعلية منذ البداية كفنانة تشكيلية من خلال المعرض التشكيلي الثنائي لكل من صفية بن زقر ومنيرة موصلي 1968م اللاتي تلقين تعليمهن في هذا المجال في الخارج اعتماداً على أنفسهن مادياً، وكن ضمن رواد الحركة التشكيلية المحلية، وفي الوقت الذي افتتح فيه معهد التربية الفنية في الرياض للبنين، وأيضاً في الوقت الذي ابتعث فيه الفنانون الذكور الرواد للدراسة في الخارج من قبل جهات حكومية، في هذا الوقت لم يكن هناك جهة نسائية تقوم بتدريس الفن التشكيلي محلياً، مما أدى لاحقاً إلى تراجع دورها ربما بسبب الفكر الاجتماعي آنذاك واستمرار الجهات الحكومية في دعم الرجل وعلى الأخص في مجال التعليم المتخصص في الداخل والخارج، بينما حرمت المرأة من هذه الفرص المكافئة.

مشاركة التشكيلية السعودية في الجيل الثاني

شكل الجيل الثاني من الفنانين عدداً كبيراً من خريجي معهد التربية الفنية ولم تظهر أسماء نسائية في المعارض التشكيلية آنذاك سوى عدد محدود لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة تلقوا تعليمهم من خلال دورات في عدد من الجهات أو على يد معلمات أجنبيات متخصصات، وبعد افتتاح أقسام للتربية الفنية في جامعات وكليات المملكة للبنين والبنات، الذي كان متزامناً مع استيفاق الجهات المنظمة للمعارض إلى قلة الحضور النسائي المشارك الذي ربما أدى إلى نتيجة سلبية آنذاك في إشراك الأسماء النسائية بغض النظر عن المستوى الأدائي لها، وولد ذلك ردة فعل سلبية عن مستوى الفنانة التشكيلية السعودية محلياً ودولياً (في المشاركات الخارجية).

مشاركة التشكيلية السعودية في الجيل الثالث

لكن مع تدارك الدولة والمجتمع لتوفير الفرص المكافئة للمرأة في كافة المجالات، وإتاحة فرص التعليم والمتخصص ومجالات العرض في الداخل والخارج للمرأة إضافة إلى تنامي فرص الرؤية والاحتكاك غير المباشرة من خلال وسائل الإعلام والإنترنت، بدأت طلائع جديدة من الفنانات اللاتي اعتمدن على التأهيل العملي العالي والرؤى البصرية المتعددة المستمدة من تاريخ وحضارة البلد بأساليب معاصرة، بل أصبح تدفق المشاركة الأنثوية في المحافل التشكيلية يكاد يوازي الحضور الذكوري، كما أن أعداد الخريجات أصبح أضعاف أعداد الخريجين في أقسام التربية الفنية.

وإذا كانت مشاركات المرأة السعودية في مجال الفن التشكيلي قد تأخرت عن الرجل، ألا إنها مع ذلك خطت خطوات واسعة في المجال التشكيلي في وقت قصير وطرقت جميع الأساليب والاتجاهات، وأيضا طرحت فكراً جيداً وإتقاناً في الأداء، كما تبذل التشكيلية السعودية جهدها رغم الخصوصية الاجتماعية التي تعيشها، وقد أثبتت بعض الفنانات في الفترة الأخيرة وجودهن، فالموهبة الإبداعية لا تفرق بين الرجل والمرأة وإنما ميزت بينهما العادات والتقاليد والنظم الاجتماعية، فالملكات العقلية والإبداعية عند المرأة مماثلة لملكات الرجل.

وإذا كان اندفاع المرأة السعودية لممارسة الفن التشكيلي وراءه عدد من العوامل، والتي منها مناسبة هذا المجال لطبيعتها وطبيعة المجتمع الذي تعيش فيه، فقد ساهم في دفع هذه الحركة وجود مقومات أو جهات تسعى لدعم الحركة التشكيلية السعودية بصفة عامة والنسائية منها على وجه الخصوص. ومن هذه المؤسسات:

المؤسسات الحكومية

* الرئاسة العامة لرعاية الشباب؛ والتي دعمت التشكيلية السعودية كما دعمت شقيقها التشكيلي، من خلال إتاحة الفرص لمشاركتها في المحافل المحلية والخارجية وخصوصاً في الفترة السابقة لإنشاء وزارة الثقافة والإعلام، بينما يغيب أي دور فاعل للمرأة في سياق تلك المؤسسة بسبب خلو الرئاسة من أقسام نسائية.

* دعم التشكيلية السعودية من قبل وزارة الثقافة والإعلام حديثاً ودور المرأة من خلال الوزارة في هذا المجال؛ ( مشاركات المرأة من خلال وزارة الثقافة - مشاركة نسائية بالحضور لأول مرة من خلال جمعية الثقافة والفنون في الشارقة 2006، وتكليف عدد من التشكيليات بإدارة الأنشطة التشكيلية، وإقامة معارض خاصة بالفنانات وأخيراً إنشاء لجان نسائية في جمعية الثقافة والفنون- ولكن أيضاً بدون قسم نسائي حتى تاريخه.

* وفي ارتباط غير مباشر بالفن بشكل عام إلا أن المتحف الوطني خير مثال لمشاركة المرأة في المؤسسات الحكومية وذلك من منفذين؛ الأول في وجود قسم نسائي متكامل، والآخر والأهم هو الهيئة الاستشارية في المتحف الوطني والتي تتألف بشكل كامل من النساء برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، ومن منجزاته فيما عدا المعارض المتنوعة، وبشكل يرتبط بالتشكيل إلى حد ما تم تقديمه خلال برنامج التربية المحتفية بالتعاون مع جامعة الملك سعود في سبيل تثقيف الطفل السعودي وربطه بشكل بصري وتفاعلي مع المؤسسات الثقافية والفنون القديمة والتقليدية والمعاصرة في الوطن.

* وأتاح المهرجان الوطني للثقافة والفنون الجنادرية الذي يقيمه الحرس الوطني الفرصة لإثبات دوره المرأة في تنظيم المناشط التشكيلية فلأول مرة يتم تشكيل لجنة نسائية للإشراف الكامل على هذا النشاط ضمن المهرجان في دورته الرابعة عشرة عام 1419هـ والموافق للاحتفال بالمئوية، وبشهادة النقاد كانت أنجح دوراته تنظيماً وإعداداً ونشاطاً.

* كما قامت عدد من السفارات السعودية في الخارج باستقطاب التشكيليات بمرافقة أعمالهن لعرضها في منافذ عدة، منها ما قام به القسم النسائي في سفارة المملكة في بريطانيا، ضمن معرض خاص بالتشكيليات السعوديات عام 1426هـ.

* وقامت مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين بتنظيم برنامج إثرائي خصت به الناشئات الموهوبات في مجال الفن التشكيلي كعمل هو الأول من نوعه في المملكة العربية السعودية وذلك في الأعوام: 1424- 1425- 1426هـ في كل من الرياض وجدة.

نستكمل الورقة في الأسبوع القادم بإذن الله

مها بنت عبد الله السنان

منتدى السيدة خديجة بنت خويلد (واقعية وجود المرأة في التنمية الوطنية) جدة - 1 ربيع الأول 1428هـ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد