Al Jazirah NewsPaper Friday  13/04/2007 G Issue 12615
الاقتصادية
الجمعة 25 ربيع الأول 1428   العدد  12615
سابك والبنوك تتباريان في تحديد مسار المؤشر
غياب التقارير المالية المتخصصة وعشوائية التحليل تؤثران في حركة التداول بالسوق
* د. حسن الشقطي *

أنهى سوق الأسهم أسبوعه الحالي على ارتفاع بنحو 123 نقطة بنسبة 1.61%، وهو إغلاق إيجابي في ظاهره، ولكنه سلبي في مكنونه، حيث أحرز المؤشر هبوطاً في كافة أيام التداول باستثناء اليوم الأول (السبت) الذي حقق صعوداً بمعدل كبير بنسبة 5.16%. ولعل هذا الصعود حدث بفعل محفزات متوقعة بأحقية الأرباح في سابك التي أُعلن عنها بالفعل يوم الأحد الماضي. فقد ارتفع سهم سابك يوم السبت بنسبة 5.41% استباقاً لأحقية أرباحه بشكل حمل المؤشر للتحرك في مسار صاعد قوي. إلا أن هذا المسار أصبح مساراً هابطاً منذ يوم الأحد بفعل المثبطات التي نجمت عن الإعلان عن نتائج أعمال معظم البنوك. كما أن توقع طرح كيان للاكتتاب الذي أعلن عنه بعد إغلاق الأربعاء أدى دوراً مهماً في وجود نوع من الحذر في تداولات هذا الأسبوع. فإذا كان هذا هو حال نتائج البنوك وهي من أهم أسهم السوق الاستثمارية، فكيف سيكون حال السوق عند الإعلان عن نتائج أعمال شركاته الخاسرة؟

إغلاق أسبوعي إيجابي للمؤشر.. ولكن!

استهل المؤشر هذا الأسبوع تداولاته على صعود قوي عبر به مستوى مقاومة الـ 8000 نقطة، حيث أغلق عند 8062 نقطة رابحاً 395.4 نقطة بنسبة 5.16%، ثم تراجع يوم الأحد ليخسر 120.4 نقطة عندما أغلق عند 7942 نقطة، واستمر في هبوطه يوم الاثنين ليخسر من جديد 63.3 نقطة ويغلق عند 7878.3 نقطة، ثم يوم الثلاثاء يخسر 49.98 نقطة، وأخيراً الأربعاء خسر المؤشر 35.84 نقطة ليغلق في نهاية الأسبوع على 7789.76 نقطة. وعلى الرغم من تكرار وتوالي أربعة أيام هبوط على المؤشر، إلا أنه تمكن من الإغلاق على ربح بنحو 123.14 نقطة وبنسبة 1.61%، وذلك نتيجة للصعود القوي الذي أحرزه يوم السبت الماضي. ولكن كيف يمكن تفسر ذلك ؟

سابك والبنوك يتباريان في تحديد مسار المؤشر

تبارى هذا الأسبوع تأثيران في تحديد مسار حركة المؤشر، هما الحافز الإيجابي لأحقية أرباح سابك والإعلان عن النتائج المخيبة للآمال لمعظم أسهم القطاع البنكي. بالنسبة لأحقية أرباح سابك فقد تم تحديد يوم السبت المقبل كيوم أحقية تودع في أرباح النصف الثاني من عام 2006 لها، وبالتالي فلم يكن بالسوق متداول على استعداد للتخلي عن سابك مهما كانت الظروف هذا الأسبوع. لذلك تماسك سهم سابك وقفز في أيام الأسبوع بنسبة 5.41% ليغلق عند 121.75 ريالاً، ثم استقر تقريباً وأصبح يدور في فلك 119.5 حتى 123.75 ريالاً بشكلٍ حافظ على تحركات المؤشر بعيداً عن الهبوط القوي الذي كان ينجذب إليه المؤشر من جراء تداعيات الإعلانات السلبية لنتائج أعمال البنوك للربع الأول من هذا العام عند مقارنتها بنتائج أعمالها للربع الأول من عام 2006. وعلى الرغم من حالة التشاؤم التي سيطرت على المتداولين من جراء نتائج البنوك، إلا أن التماسك القوي لسابك حافظ على المؤشر من انخفاضات كانت مؤكدة. ولكن لماذا هذه النتائج غير المقبولة للقطاع البنكي؟

تراجع أداء القطاع البنكي

أعلنت خمسة بنوك عن نتائج أعمالها للربع الأول من هذا العام، وجاءت هذه النتائج غير مبشرة عموماً، بل تسببت في انتشار حالة من الجمود على نفسيات المتداولين. فالقطاع البنكي ليس قطاعاً عادياً، بل هو واحدٌ من قطاعات الاستثمار التي تحظى بمكانتها في تحريك السوق والحفاظ على استقراره. وعلى الرغم مما لأسهم البنوك من تأثير في حركة التداول بالسوق، فعلى ما يبدو أن سوق الأسهم نفسه يمتلك تأثيراً قوياً أيضاً في أعمال ونتائج البنوك. فالبنوك السعودية لم تطرأ عليها مستجدات يعتد بها خلال هذا العام سوى حالة الانفصال عن سوق الأسهم، فبداية سحبت منها المهمة التي كانت تحتكرها لعمليات الوساطة في السوق والتي كانت تدر عليها عمولات ضخمة... كما سحبت منها صناديق الاستثمار، بل إن تشديد الرقابة على عمليات اقتراض المتداولين أو تسييل محافظهم أو أياً من العمليات التي تم تنظيمها مؤخراً، جميعها أثرت سلباً في حجم أرباح البنوك لدرجة أنها انحدرت في الجزيرة بنسبة 56%، وفي ساب بنسبة 37.5%، والفرنسي بنسبة 21.8% وأخيراً الراجحي بنسبة 10%، فقط العربي استطاع أن يحافظ على أرباحه التي نمت بنسبة 3.5%. وهنا يثار تساؤل هو، كيف سيكون حال البنوك عندما تكتمل حزمة إصلاحات سوق الأسهم؟ فحتى الآن لم يكتمل الوسطاء في السوق، ولم يحتلوا مكانتهم الطبيعية، ولم تنطلق صناديق الشركات المتخصصة بشكلٍ كامل، وإذا كانت تلك هي البداية، فكيف ستكون نتائج أعمال البنوك إن استمرت على هذا المنوال؟

الصعود في خط موازٍ لسابك

لقد امتلكت سابك محفز أحقية الأرباح وصعدت في مسار رأسي قوي من 115 ريالاً إلى 121.75 ريالاً يوم السبت، وبالتوازي صعد كامل السوق... نعم المؤشر سيصعد بصعود سابك لدرجة أنهما ربحا نفس النسبة تقريبا (5.2%)، إلا أنه ليس من المنطقي أن تصعد كافة الأسهم في السوق بلا مبرر... الرابح منها والخاسر، المقبول وغير المقبول ... إن هذه الظاهرة من أغرب ظواهر السوق، فهل هي طبيعية وتلقائية أم أن هناك من يحركها؟ الاحتمال الأكبر أن صنّاع الأسهم يستغلون أي صعود للقياديات مثل سابك.

الدوران حول الأرقام الرباعية المتشابهة 7777 نقطة

لقد أصبح المؤشر يخضع لخصائص وصفات على الرغم من أنها عشوائية إلا أنها أصبحت تتخذ مسارات روتينية متكررة ولا يعلم أحد كيف يحدث ذلك. فمن آن لآخر يحوم المؤشر حول قيم معينة، وما ان يستقر عندها حتى تتحدد له أهداف جديدة - حسب طبيعة الموجات التي يمر بها- كل هدف يبتعد عن الهدف السابق له بقيمة تعادل الألف نقطة تقريباً سواء كان صعوداً أو هبوطاً. فعندما بدأت الموجة الصاعدة من قاع 6767 نقطة استمرت حتى اخترقت 7777 في 14 فبراير، ثم استمر في الصعود حتى اقتربت من 8888 في 19 مارس. وحسب إغلاق هذا الأسبوع ومنذ أسبوعين تقريباً، والمؤشر منذ انكسار موجته الصاعدة وهو يحوم حول مستوى الـ 7777 نقطة. ويُثار ذعر شديد في السوق خوفاً أن يكون هذا الدوران هو مقدمة لهبوط جديد حتى عن القاع الأخير عند 6767 نقطة.

القضاء على التوقعات العشوائية؟

إن أسوأ ما في السوق على مدى العام الأخير، هو عشوائية التحليل وندرة الجهات التي تقدم تقارير تحليلية متخصصة عن سوق الأسهم، لدرجة أن السوق أصبح يعاني من التباين الشديد بين رؤى المحللين، فمنهم من يؤيد صانع السوق ومنهم من يراهم بلا فائدة، ومنهم من يتوقع طفرة جديدة ومنهم من يرى هبوطاً أكيداً. إننا لا نؤيد ولا نعترض على أحد، ولكن نعترض على عشوائية التحليل الذي لا يقوم على هوية أو معلومات. فخلال عام تقريباً، لم يعلن عن تقرير عميق متخصص لسوق الأسهم، حتى من الجهات التي تستفيد من السوق وعملائه، وهي البنوك باستثناء تقارير موجزة لا تسمن ولا تغني من جوع. لقد خططت هيئة السوق وبفعالية لتقديم وسطاء السوق، ولكنها حتى الآن لم تقدم للسوق أو على الأقل تضمن أن تقوم هذه الجهات بإصدار تقارير ومعلومات معالجة حيادية. نعم أعلنت الهيئة أنها تدرس إنشاء هيئة للمحللين، كما أعلنت أيضاً عن مشغلي بيانات مرخص لهم، ولكن حتى الآن لم تظهر جهة تقدم تحليلاً عميقاً وحيادياً. إن السوق في حاجة ماسة اليوم إلى تسهيل إنشاء وقيام جمعيات وهيئات مستقلة (تضم تجمعات من المتداولين أنفسهم) تشرف عليها وتنظمها هيئة السوق المالية.

متى يصبح السوق استثمارياً؟

بعيداً عن النظرية الاقتصادية، يمكن تعريف السوق الهادئ بأنه هو السوق الذي لا يعطي نسب أرباح مبالغ فيها ولا يأخذ في نفس الوقت نسب خسائر مبالغ فيها، فهو السوق الأكثر استقراراً في أرباحه وخسائره... في استجابته للمحفزات والمعلومات الجديدة ... وفي جني أرباحه... وفي استجابته للمثبطات والمعلومات السلبية. هذه الملامح للأسف تكاد تكون مفتقدة في السوق المحلي الذي منذ عام تقريباً أصبح من طبيعته إما العطاء الكبير أو الخسارة الكبيرة. إن حجم السيولة النقدية المتاحة والممكن ضخها في السوق إن استقر لا يمكن وصفها، وفي اعتقادي لا يعلم أحد مقدار هذا الحجم، إن حالة الاضطراب التي يمر بها السوق أسبوعياً تتسبب في فقدانه لهذه السيولة الذي يمكن أن تدخل السوق في عمليات شراء طويلة. إن أولئك المضاربين صناعاً وهوامير وقناصين وغيرهم، جميعهم لا يعملون بشكل استراتيجي، فهم يخططون في سياق قصير المدى، يتحركون ويفتعلون وينصبون شباك الخداع في تدويرات ماكرة وتداولات واهمة أملاً في تحقيق أرباح خفية بعيدة عن أعين بقية المتداولين. إلا أنهم إن فكروا بنظرة بعيدة المدى، وابتعدوا عن هذه التحركات والممارسات الخاطئة لاستقر السوق ولسكن المؤشر، ولرأوا قدراً هائلاً من السيولة الجديدة ستدخل السوق في عمليات شراء واستحواذ طويلة، هذه السيولة سترفع المؤشر من جديد لمستويات مقبولة مالياً، وسيحدث هذا رغماً عن أي رؤى تخطيطية، كل ذلك بشرط أن يستكين المؤشر، ويثبت أنه آمن. هنا الجميع سيربحون، وستظهر استثمارية السوق، وستنكشف الشركات الخاسرة، وسيعود الحق إلى من يستحقون.

وجهة نظر حول مكرر ربحية السوق:

كثر الحديث حول عدم صعود المؤشر على الرغم من المؤشرات الممتازة للسوق، كثيرون يتحدثون عن ذلك الامتياز للسوق من غير تقديم مبررات علمية. نعم السوق انخفض من 20635 إلى قاع 7790 نقطة، ولكن فقدانه لنحو 62% من قيمته لا يمثل دليلاً أو مبرراً يحتم وضعيته الممتازة. ضرورة الامتياز تحدث عندما يفقد المؤشر شيئاً كان يمتلكه، ولكن الجميع يعلم أن صعوده إلى هذا المستوى لم يكن مبرراً. لذلك، نحن نحتاج إلى من يقيم وضعية السوق حسب مؤشراته المالية أكثر من انقياده وراء التعاطف مع ضخامة حجم انخفاضه. إن مكرر ربحية السوق بلغ أمس 15.7 مرة. نعم انه يمثل قيمة جذابة، ولكنه محسوب من قِبل هيئة السوق باستبعاد تقريباً كثير من الشركات الخاسرة. فحساب متوسط هذا المكرر بناء على متوسطات كافة القطاعات السوقية يعطي قيمة تزيد على 24 مكرراً. الأمر الذي يدلل على أن وضع بعض الشركات الخاسرة في السوق يبدو قصير المدى. بل يشير إلى وجود احتمال لتكرر ما حدث مع بيشة وإنعام. فكافة الشركات ذات مكررات الربحية السالبة وأيضاً الشركات التي تزيد مكرراتها على 100 مكرر تقريباً لم تدخل في حساب مكرر ربحية السوق.

مسار الأسبوع المقبل

في ضوء الإعلان عن اكتتاب كيان يتوقع أن يتم تجميد جزء من السيولة النقدية استعداداً للاكتتاب، الأمر الذي يشكل ضغطا على قوة الطلب، وبالتالي انحسار المسار الصاعد، ولكن قوة أخرى ستعمل في اتجاه مضاد، وهي توقع نتائج إيجابية لسابك، التي حتى تاريخ الإعلان عنها، يتوقع أن تحفظ قوة وتماسك المؤشر ضد أي عامل سلبي. إلا أن هذا التماسك يتوقع أن يزول بمجرد الإعلان الفعلي عن نتائجها. وهنا لا يعلم أحد أي القوتين هي التي ستقود المؤشر؟

(*) محلل اقتصادي ومالي

Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد