Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/05/2007 G Issue 12642
عزيزتـي الجزيرة
الخميس 23 ربيع الثاني 1428   العدد  12642
بين العقل والعاطفة

تعقيباً على مقال الدكتور عبدالرحمن الحبيب المنشور في يوم الاثنين الموافق 6-4-1428هـ بعنوان (حين تصبح العقلانية تهمة) أقول:

نعم العقلانية تهمة، وفي بعض الأحيان جنون؛ فالعقل نوع من أنواع الجنون أحياناً، هذا ما تضح لي من مقالة الكاتب الرائعة، حيث استخدم العقل في سياق حديثه كقوة قضائية لا تشريعية ولا تنفيذية؛ لذا أيضاً اتهم الكاتب بأنه أجهز على عواطفه في هذه المقالة ليكون ميتاً عاطفياً ليترتب على ذلك إجهازه على عقله، فالعقل كما قيل موات بغير العاطفة، كما أن العاطفة بدون العقل غير مبصرة.

لقد استبعد الكاتب العاطفة من مقاله، ونسي أن يشير إلى أن العواطف حرارة ولكنها ليست ضوءاً، ويمكننا فهم العاطفة والعقل بتشبيه فولتير بأنها رياح تدفع السفينة ولكنها قد تغرقها أيضاً، والعواطف طاقة عظيمة تدفع المحركات بقوة، غير أن الطاقة والمحركات لا بد لهما من قيادة!

وليس المواطن العربي فقط هو الذي يخضع في أعماله واعتقاده لهذه القوة، بل جميع الشعوب، فهل تعتقد أن شعوب الدول المتقدمة أو الآخر بغير عواطف؟ بل هي باعتقادي أشد من العربي عاطفة. إذاً هذه العواطف قد تكون إبداعاً وهدماً؛ لذا من غير المنطقي محاولة تعجيز هذه القوة الإنسانية؛ فالمولدات العاطفية في الشعوب المتحضرة لا تقل عن مولداتها الفكرية؛ فالحضارة في كل صورها تصنعها القوتان.

أما ما ذكره الكاتب أن (من أهم مظاهر سيكولوجية الإنسان المقهور هي الانكفاء على الأنا (الذاتي)؛ لأنه غير قادر على فهم الخارج الواقعي (الموضوعي)، وغير متقبل له عقلانياً، وهنا تتراكم انفعالاته وتتضخم، لتنفجر في أول خلاف في حوار جدلي أو واقعي.. محيلاً المخالف من حالة وجود إنسانية حيوية إلى كيان عدائي ورمز شيطاني يبرر له انفعاله وهجومه عليه واتهامه بشتى التهم) فإني أتفهمه ولكن أحب أن أوضح أن طبيعة العاطفة ليس فيها تحديد ولا تخصيص؛ فالحب والبغض والخوف وإرادة الحياة وأمثالها عواطف مطلقة ليس في تفسير شيء منها حب ذات أو أمر بعينه أو بغضه أو الخوف منه، وإنما هذه توزيعات تتحدد بالتجربة أو تحت ظرف معين يصنع صدفة معينة، ولولا تلك الظروف لبقيت حياتك لا تعرف ذلك الفكر ولا ذلك الإنسان ولا ذلك الفعل.

ويبقى السؤال: ما الذي يحمي العاطفة من الضلال والتصادم؟ فإذا كنا تعلمنا كيف نخمد عقولنا فأتمنى ألا نتعلم كيف نميت عواطفنا!

فيصل بن منصور الدخيل


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد