عرفت تبوك عبر عصور التاريخ والحضارات القديمة وقد تم استيطانها قبل الإسلام من أمم قديمة مثل ثمود واللحيانيين والآراميين والأنباط وأصحاب الأيكة، وآخر من كان من القبائل القديمة في هذه المنطقة هي قبيلة جذام وبطونها ما بين جبال حسما وجبل شرورا وامتداده أبعد من ذلك.. وهذان الاسمان معروفان عند العرب في الجاهلية والإسلام، ومن ثم سكنها قبيلة بني عطية وعشائرها إحدى بطون جذام (العطويين)، وما زالت بها حتى هذا التاريخ. واستشهدت واشتهرت تبوك في فجر الإسلام بعد غزوة المصطفى صلى الله عليه وسلم لها لطرد الروم الذين كانوا يغزون تبوك ولترسيخ الإسلام فيها وما حولها، وقد قضى بها بضعة عشر يوماً وبنى مسجد الرسول، وقال صلى الله عليه وسلم (يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ جناناً)، وما ينطق عن الهوى، فرغم التحديات التي واجهت أهلها من جفاف الصحراء وقلة موارد المياه وصعوبة ووعورة تضاريسها فقد تكيفوا معها وروضوا الصحراء حتى عرفت بهم وعرفوا بها لتكن مساكن لهم وملتقى لعشائرهم وللقبائل الأخرى لتبادل التجارة والحرف الصناعية والاشتغال بالزراعة بالطرق التقليدية والاعتماد على الأمطار الموسمية، كما دافعوا عنها وحموها لتصبح مكاناً آمناً لهم ولكل من يمر بها من حجاج وقوافل تجارية وغيرها، ومراتع خصبة لمواشيهم التي يقومون بتربيتها.
وما هي إلا عقود من الزمن حتى أصبحت بداية مدينة سكنها أهلها بعد عناء الترحال وحياة البادية المتنقلة داخل مواطنهم بحثاً عن الكلأ وموارد المياه، فكانت تبوك اليوم الجزء الشمالي الغربي من المملكة العربية السعودية، الموقع الاستراتيجي بين الشام والحجاز الموازي للبحر الأحمر، أرض الجبل والسهل والبحر التي هي اليوم من أمهات المدن، وبوابة الشمال بعد أن امتدت لها يد الدولة السعودية من مشاريع عملاقة في جميع المجالات العمرانية والزراعية والاقتصادية والطرق والمطارات والموانئ.. إلخ، حيث أصبحت تضاهي أكبر المدن تطوراً ونمواً ويقصدها الكثير من أبناء المملكة وغيرهم لطلب المعيشة لما يتوافر بها من فرص كبيرة في جميع المجالات، وهي اليوم تبوك الأصل والتاريخ والتقدم، ويتطلع كافة أبنائها إلى زيارة خادم الحرمين الشريفين، وهم تغمرهم الفرحة والسرور بالزيارة الميمونة لهذه المنطقة ويستبشرون خيراً بزيادة نموها وازدهارها لمواكبة التطور السريع.
فأهلاً ومرحباً وحياكم الله يا خادم الإسلام والمسلمين والحرمين والدين، وهنيئاً لنا بكم حاكماً وملكاً صادقاً أميناً وزائراً لمنطقتكم التي تحظى باهتمامكم وولي عهدكم وصحبكم الكريم. فلقد عمت الفرحة وابتهجت القلوب بعد إعلان أميرنا أمير العطاء ودافع مسيرة النماء صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان - حفظه الله - عزمكم زيارة هذا الجزء الغالي من الوطن.. فنهضت تبوك بجميع أبنائها استعداداً لهذا الحدث الكبير، فأقيمت الاحتفالات وعلقت اللافتات وزهت وتجملت تبوك بكل ما لديها.. فالله أسأل أيام خير وسعادة تنعمون فيها بين أهليكم في تبوك الأصل والكرم والمحبة. أدام الله عزكم آل سعود.