كثيراً ما يتساءل المرضى هل تلك البقع البيضاء التي تعتلي جلودهم بهاق أم برص؟ وكثيراً ما يسألني الناس بشكل عام ما هو أوجه الاختلاف وأوجه التشابه بين البرص والبهاق؟ وما هي علاقة الجذام بكل هذا؟.
|
أسئلة عديدة تدور في أذهان الناس. والحقيقة أن هذا الاختلاف في التسمية ليس حكراً عند عامة الناس فقط بل هو عند أطباء الجلد أنفسهم. وأغلب الظن أن التشابه بين البرص والبهاق أتى لما هناك علاقة بين مرض الجذام وظهور بقع بيضاء عند الشخص المصاب به وبين مرض البهاق نفسه.
|
ولقد حفلت الكتب والمراجع الطبية الأجنبية والعربية معاً بالعديد العديد من التفاسير والاقتراحات والاستنتاجات. فلقد كانت العرب تعتبر البرص وصمة عار في كثير من مجتمعاتها، حيث كان أغلب الظن أن البرص يترافق مع الجذام، ولقد جاء في القرآن الكريم في سورة آل عمران {وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ} (49) سورة آل عمران. إذ إن الله عز وجل كان قد أعطى سيدنا عيسى عليه السلام معجزة شفاء الأبرص. وجاء في تفسير القرآن الكريم للقرطبي بأن البرص (معروف)، وهو بياض يعتري الجلد.
|
وفي كتاب فيض القدير شرح الجامع الصغير أوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعاذ من البرص والجنون والجذام ومن سيئ الأسقام.
|
كما فرّق ابن سينا في كتابه طب الجلد من قانون ابن سينا في الجزء الثالث بين البهق والوضح والبرص.
|
ولقد استخدم العرب كلمة البرش والوضح تعبيراً عن البرص فقال قصير بن سعد اللخمي لجذيمة بن مالك بن نصير: جذيمة الأبرش وجذيمة الوضاح والعرب تقول للذي به برص: به وضح تفادياً من ذكر البرص وجاء في كتاب البرصان والعميان: الوضح وضح الصبح يقال: أبين من وضح الصبح.
|
وجاء في كتاب المغرب في ترتيب المعرب: البهق عيب هو بياض في الجسد لا من برص كما تمت ترجمة البرص في قاموس المورد الميّسر للدكتور روحي البعلبكي على أنها تعني الجذام وفي قاموس الدكتور يوسف حتى الطبي: البهق يساوي الوضح أو البرص. والجذام يساوي البرص.
|
أما في كتاب القاموس المحيط ومفاتيح العلوم وكتاب روضة الطالبين فكلهم قد فرّقوا بين البرص والبهاق. وذُكر في كتاب (لسان العرب) أن البهاق دون البرص حيث ذكر بأن البهق بياض يعتري الجسد بخلاف لونه ليس من البرص. قال رؤبة:
|
فيه خطوط من سوادٍ وبلق |
كأنها في الجسم توليع البهق |
وأعتقد أن اختلاف التسمية بين البرص والبهاق يعزى إلى الاعتقادات الاجتماعية والدينية، والتوزيع الجغرافي والبيئة الثقافية. وأغلب الظن أيضاً أن البهاق يطلق على البقع البيضاء التي تتظاهر على سطح الجلد دون أن يكون لها أصل في العدوى.
|
أما البرص فإما أن يترافق مع مرض الجذام والمعروف أن هذا المرض قد أصبح من الأمراض النادرة والقليلة المشاهدة. والأكثر قبولاً الآن أن البرص يطلق على الأشخاص الذين يولدون (برصان) أي الذين يولدون فاقدي اللون ومن المعروف في المجتمعات بأن يقولوا إن فلاناً لديه ولد أبرص ويدعى بالإنكليزية (ALBINISM) وتم تعريبه إلى اللغة العربية (المهق). ويبقى هذا الاستنتاج هو رأي شخصي. قد يتفق معي فيه الكثير وقد يخالفني فيه آخرون أيضاً.
|
ولكن من خبرتي أن المرضى يشعرون بالراحة النفسية البالغة عندما نبين لهم أن البهق ليس ببرص والسبب في رأيي أن البهاق - كما ذكرنا - من الأمراض غير المعدية في حين أن البرص له أصل في العدوى، والله أعلم.
|
|