Al Jazirah NewsPaper Monday  02/06/2007 G Issue 12665
مقـالات
السبت 16 جمادى الأول 1428   العدد  12665
من المسؤول عن تقصير الموظفين؟
عبدالله بن راشد السنيدي

للوظيفة العامة واجبات ومسؤوليات هدفها الأساسي خدمة المواطنين وبالمقابل له حقوق مما يعني أن الموظف مطالب أن يعطي من أمانته وجهده وإخلاصه وتفانيه في عمله بقدر ما يتوقع أن تلتزم جهة عمله بالوفاء بكل ما له من حقوق، فالتقصير من بعض الموظفين في أعمالهم،

إما بعدم الانضباط في الدوام أو بتأخير العمل أو عدم التعاون أو بارتكاب المخالفات الإدارية والمالية، أمر قد يحصل من بعض الموظفين غير أن أنظمة الخدمة المدنية لم تغفل هذا الأمر إذ نظمت التعامل مع المقصرين، بجانب ما صدر من التوجيهات السامية الكريمة ومنها الأمر السامي الكريم رقم 10252 في 2-5-1403هـ والأمر السامي الكريم رقم (7-م-3051) في 15-2-1401هـ والأمر السامي رقم (13207-م) في 23-6-1426هـ التي تتضمن حث المسؤولين والرؤساء على حسن ودقة المتابعة وإعطاء القدوة الحسنة في التقيد بمواعيد العمل مع الاهتمام والانتظام في الدوام باعتباره عنصراً هاماً من عناصر تقييم أداء الموظف في نموذج تقييم أداء الموظف وبجانب ذلك ينبغي أن يتم بصفة دائمة التأكيد على تفعيل دور إدارات المتابعة في الأجهزة الحكومية وعدم التساهل في تطبيق النظام بحق من لا يلتزم بأوقات الدوام الرسمي علماً أن المزايا الوظيفية بما فيها الترقيات يختص بها الموظفون المجدون، والمخالفات بما في ذلك التقصير التي يمكن أن يقع فيها الموظف متعددة ومنها:

* عدم الانضباط في الدوام كأن يحضر للدوام متأخراً أو يخرج خلاله أو في نهايته بدون إذن.

* عدم مبالاته بعمله وقيامه بتمرير العمل بأي صورة كانت من دون دقة وأمانة وإخلاص.

* تأخيره العمل من دون أسباب موضوعية ومماطلته المراجعين حيال معاملاتهم الموجودة لديه.

* عدم لباقته وبشاشته أمام المراجعين.

* عدم تنفيذه لتعليمات رؤسائه وتعاونه مع زملائه.

وللتمثيل على حرص نظام الخدمة المدنية على الجدية فقد قضى بضرورة إخضاع الموظف الجديد لفترة تجربة مدتها سنة للتأكد من صلاحيته للعمل الحكومي من خلال العمل بصورة فعلية، علاوة على تقيده بأخلاقيات الوظيفة العامة، ولا يظهر التقصير إلا في الجهات الحكومية التي لا تعطي مسؤولية متابعة أداء الموظف وسلوكه خلال سنة التجربة القدر الكافي تفعيلاً لأهداف سنة التجربة بحيث لا يتم تثبيته بعد سنة التجربة إلا بعد التأكد من صلاحيته. وهذا الأمر يدخل في عموم ما نصت عليه، المادة الخامسة من نظام تأديب الموظفين التي قصرت مهمة مراقبة أداء الموظفين وانضباطهم على الجهة التي يتبعونها وعلى هيئة الرقابة والتحقيق. وللتمييز في معاملة الموظفين وظيفياً حسب أدائهم وسلوكهم فقد حدد نظام تأديب الموظفين العقوبات التي توقع على الموظفين عند ارتكابهم المخالفات الإدارية أو المالية وهي (الإنذار واللوم، والحسم من الراتب، والحرمان من العلاوة السنوية، والفصل من الخدمة) وذلك بعد التحقيق معهم وإتاحة الفرصة لهم للدفاع عن أنفسهم، كما أن لائحة انتهاء الخدمة في مادتها الرابعة عشرة أجازت فصل الموظف من الخدمة بأمر ملكي أو بأمر سامٍ أو بقرار من مجلس الوزراء إذا تطلبت المصلحة العامة ذلك.

ومما تقدم يتبين أن للموظف دوراً في هذا المجال كما أن متابعة المقصرين من الموظفين والتحقيق معهم ومعاقبتهم أمر تختص به في الأصل الجهة الإدارية التي يتبعها الموظف والجهة المسؤولة عن مراقبة ذلك هي هيئة الرقابة والتحقيق، أما الفصل فيما ينشأ عن ذلك من قضايا فهو من اختصاص ديوان المظالم، أما وزارة الخدمة المدنية فلها دور غير مباشر، فدور هذه الأطراف يتمثل في الآتي:

أ - دور الموظف:

وهو دور نابع من ذات الموظف وضميره وإحساسه بالمسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه تجاه وطنه ومواطنيه من خلال القيام بواجبات وظيفية بالدقة والأمانة والنزاهة والإخلاص وأن يكون في تعامله مع المراجعين من المواطنين وغيرهم متحلياً بالأخلاق الفاضلة والعادات الحميدة وأن يكون صبوراً عند تكاثر العمل لديه أو نقد المراجعين له.

ب - جهة عمل الموظف:

ومن أبرز مسؤوليات الجهة الإدارية تفعيل الإدارة المعنية بمتابعة انضباط الموظفين في الدوام ومتابعة سير العمل كما أن على الجهة تنظيم عملية خروج موظفيها أثناء وقت الدوام الرسمي وفق الضوابط النظامية، وعلى الجهة تفعيل مسؤولياتها تجاه موظفيها وعدم المجاملة في ذلك على حساب مصلحة العمل وذلك عن طريق مساءلة من يرتكب المخالفات من الموظفين والتحقيق معهم ومجازاتهم بالعقوبات التي تتناسب مع مخالفاتهم التي تعتبر من صلاحياتها، إذ أن سائر العقوبات التأديبية ما عدا الفصل (وهي الإنذار، واللوم، والحسم من الراتب، والحرمان من العلاوة الدورية) من صلاحية الجهة الإدارية وقد يتطلب الأمر أبعاد الموظف عن ممارسة مهام وظيفته بصفة مؤقتة وهو ما يعرف (بكف اليد) مع صرف نصف صافي راتبه خلال فترة كف اليد إذا رأت جهة عمله أن بقائه على رأس العمل سوف يؤثر على سير التحقيق أو على عمله فكف اليد في هذه الحالة سواء من قبل جهة عمل الموظف أو بتوصية من هيئة الرقابة والتحقيق يصبح أمراً واجباً لكون ذلك يخدم مصلحة التحقيق ومصلحة العمل بخلاف بعض المخالفات التي ترتكب من بعض الموظفين التي يغلب عليها الطابع الشخصي التي ليس لها علاقة بالعمل إذ يعتبر كف اليد خلال فترة التحقيق فيها أمراً جوازياً حسب تقدير جهة العمل، إلا أنه يلاحظ أن تطيبق العقوبات التأديبية محدود جداً لدى بعض الأجهزة ويندر أن يرد لوزارة الخدمة المدنية من الجهات قرارات عقوبات تأديبية فتوقيع العقوبات المناسبة على مرتكبي المخالفات من الموظفين، بعد التحقيق معهم وإدانتهم، يؤدي إلى زجر المخالفين وردع غيرهم من الوقوع في نفس المخالفات أو غيرها، فالتقصير ينعكس سلباً على العمل ويؤدي إلى زيادة التسيب وارتكاب المخالفات وعدم الانضباط في الدوام.

ج - دور هيئة الرقابة والتحقيق:

أما هيئة الرقابة والتحقيق والمرتبطة مباشرة بخادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء حفظه الله فقد وجدت من أجل الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية وكشف المخالفات التي تحصل من الموظفين ومعالجتها حتى ولو عن طريق تفتيش أماكن العمل، كما أن هذه الهيئة تعتبر بمثابة جهة ادعاء أمام ديوان المظالم فيما يتعلق بقضايا الموظفين لكونها تقوم برفع الدعاوى للديوان ومتابعتها لديه، وهذه الهيئة تقوم بجهود مشكورة في هذا المجال عن طريق جولات موظفيها الميدانية في الداخل والخارج على الأجهزة الحكومية للتأكد من عملية الانضباط في الدوام وكشف المخالفات أو عن طريق متابعة ما يردها من إخباريات تتعلق ببعض المخالفات الإدارية والمالية وتقوم بإبلاغها للمسؤول الأعلى بالجهة الحكومية وهو أمر يتطلب الاستمرارية والجدية وتفعيل ما تسفر عنه جولات الهيئة بالتعاون مع الجهات المعنية، فدور هذه الهيئة يتكامل مع دور الجهة الإدارية من أجل رفع مستوى الأداء وزيادة كفاءة الموظفين وانضباطهم في الدوام.

د - دور ديوان المظالم:

أما ديوان المظالم فهو جهة القضاء الإداري الذي يحق له النظر في دعاوى الموظفين وقضاياهم بما في ذلك عقوبة فصل الموظف من الخدمة لأسباب تأديبية وهي العقوبة الوحيدة من ضمن العقوبات التأديبية التي لم يعط النظر فيها للوزير المختص بسبب خطورتها وتأثيرها على مستقبل الموظف وأوكلت لديوان المظالم للنظر فيها وفقاً لأصول وقواعد وإجراءات المحاكمات القضائية مما يدلل على ثقة الدولة في هذا الجهاز القضائي ومسؤوليته الكبيرة في المحافظة على نزاهة وكرامة الوظيفة العامة، فالديوان وهو ينظر في قضية فصل الموظف سيتراءى أمامه مصلحتان مصلحة الموظف والمصلحة العامة أو مصلحة العمل، ولاشك أن الديوان سوف يفضل المصلحة العامة لكونها الأولى بالرعاية حسب المفاهيم والمبادئ العامة خاصة إذا كانت مقومات المصلحة العامة تفوق مقومات مصلحة الموظف الذاتية.

هـ - دور وزارة الخدمة المدنية:

أما بالنسبة لوزارة الخدمة المدنية فإن نظامها لم يحدد لها دوراً مباشراً فيما يتعلق بمتابعة المخالفات التي تحصل من الموظفين أو التحقيق معهم أو معاقبتهم، فدور هذه الوزارة يقتصر على مراقبة تنفيذ الأنظمة واللوائح الوظيفية وابداء الرأي في القضايا الوظيفية واقتراح الأنظمة واللوائح المتعلقة بالموظفين ورفعها لمجلس الخدمة المدنية وتصنيف الوظائف واقتراح الرواتب والأجور والمكافآت ووضع ضوابط وإجراءات التوظيف وحفظ سجلات عن موظفي الدولة المدنيين المشمولين بالتقاعد المدني، ففي مجال التوظيف تقوم هذه الوزارة بتوجيه المرشحين لشغل الوظائف العامة للأجهزة الحكومية وينبغي على هذه الأجهزة تزويد الوزارة بصورة من تقارير الأداء الوظيفي التي تعد عنهم خلال سنة التجربة كما ينبغي تزويد الوزارة بصور من القرارات التأديبية التي تصدر بحق الموظفين المقصرين أو مرتكبي المخالفات وفقاً للمادة (39) من نظام تأديب الموظفين.. هذا والله ولي التوفيق.

الوكيل المساعد للمراجعة بوزارة الخدمة المدنية

abdlah-asunidi@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد