جرت سُنة الله في خلقه أن يكون لكل أجل كتاب وأننا يوماً ما سنودع من نحب ويودعنا من أحببنا.. فهو الموت لا مفر منه، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. ولكن ماذا أعددنا له؟! وما الأثر الذي سنتركه فيمن حولنا بعد رحيلنا؟! ومن الذي أحبنا بصدق فدمعت عيناه على فراقنا؟!
في يوم الخميس 30-4-1428هـ، فجعت وغيري بنبأ وفاة أم خالد المعيوف - رحمها الله - فاهتزت مشاعري وانهمرت دموعي، مع العلم أني لم أرها منذ فترة طويلة وليس بيننا علاقة رحم قريبة، ولكنه الأثر الذي خلَّفته في نفسي عنها عندما كنا في سفر معها. لقد كانت - رحمها الله - ذات وجه بشوش، لم أرَ منها أي تبرم أو ضيق، دائماً راضية حنون جداً، تحب أن تخدم غيرها حتى لو كان أصغر منها؛ فها هي تقطع لي من فاكهة الرّمان وتعطيني وتزيدني مع أن الأولى أن أخدمها لكبر سنها (لا حرمها الله فاكهة الجنة).
الكل يوم عزائها يدعو لها ويعدد محاسنها ومآثرها.. حتى الأطفال رفعوا أيديهم بالدعاء لها لأنها لم تكن تنساهم من قطع الحلوى التي تدخل السرور على قلوبهم الصغيرة، ولم يثنها مرض قلبها وكبر سنها عن حفظ كتاب الله، كانت ذات عزيمة صادقة وهمَّة عالية.. رحلت يا أم خالد لكن رحيلك ليس كرحيل غيرك، تركت في نفسي وغيري أثراً يذكرنا بك فندعو لك بالرحمة والمغفرة، وقدمت درساً عظيماً بأن الدين ليس مجرد صلاة وعبادة، إنما هو أيضاً خلق حسن ووجه طلق بشوش وحفظ للسان من الغيبة والنميمة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم).
أسأل الله تعالى لأحبائك الصبر والسلوان، وأن يرحمك رحمة واسعة ويجمعنا بك في مقعد صدق عند مليك مقتدر.