Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/06/2007 G Issue 12681
الرأي
الأثنين 3 جمادىالآخرة 1428   العدد  12681

أثر الصحبة السيئة في الوقوع في المخدرات
محمد بن راكد العنزي

للتربية السليمة وطرق اختيار الأصدقاء دور كبير في تحسين سلوكيات الفرد ولها أيضا دور مؤثر رجعي قد يتسبب في توجيه السلوك الفردي للشخص نحو قيم معينة، حيث إن غالبية الأبناء قد لا يحسن اختيار الأصدقاء نتيجة غياب الدور الأسري الواضح في تعريف الابن بمنهجية اختيار الأصدقاء أو لضعف الرقابة عليهم مستقبلا، وهذا يؤدي في بعض الأحيان إلى توجه الشاب أو الفتاة نحو جماعة معينة قد تكون سيئة التربية وضعيفة الأخلاق مما يؤدي بها إلى التأثير التام والمباشر فيمن يلازمهم وكذلك في توجيهه نحو سلوكيات مرفوضة كالإدمان على المخدرات والسرقة أو التهاون في العبادات وعقوق الوالدين وغير ذلك نتيجة توفر عدة عوامل يمكن أن يتعرف عليها الشاب ضمن تأثير هذه الرفقة، وذلك نتيجة ضعف الإيمان فضعف الإيمان في نفوس بعض هؤلاء الرفاق وعدم استشعارهم مراقبة الله لهم في السر والعلن، وفي تصرفاتهم يجعلهم يقدمون على الوقوع في المحظورات والتصرف بشكل خاطئ قد ينم عن سوء التربية، فالقاعدة العامة هي طاعة الله ورسوله واتباع أوامره واجتناب نواهيه.

والفراغ وهو ذلك الوقت الذي يضيعه الإنسان من عمره، وهي عمة مهدرة إذا لم تستغل فيما يرضي الله ورسوله، قال- صلى الله عليه وسلم-: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) فبعض الشباب أو الفتاة حينما يمن الله عليهما بهذه النعمة تجدهما يصرفانها فيما يغضب الله، وهي نعم يسأل الله عنها الإنسان يوم القيامة قال- صلى الله عليه وسلم-: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه).

وأخيرا فقد الرادع والعقاب، وهذا السبب قد يساهم في انتشار السلوكيات السيئة فمن أمن العقاب أساء الأدب، والشاب أو الفتاة إذا أمن العقاب تمادى في طغيانه وإسرافه في حياته ومع أصدقاء السوء في اللهو والتسكع ومضايقة الناس وإدمان المسكرات والمخدرات وغيرها، واختيار الصحبة شيء مهم وضروري حيث إن للصديق تأثيرا على صديقه وهو يقارن به وبأفعاله حيث قال الشاعر:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

فإن القرين بالمقارن يقتدي

كما أن الصديق السيئ قد يؤثر في مجموعة الأصدقاء الذين يسير معهم، وذلك مثل التفاحة الفاسدة التي قد تتسبب في تلف كافة التفاح في الصندوق لو بقيت فيه، ولكن كيف يمكن أن نختار الأصدقاء بعناية، إن الصديق هو ذلك الشخص الذي يصدق معك في النصيحة ويشاطرك في همومك وآلامك، ويقف معك في الشدائد والمصائب وهو الذي قال عنه الحكماء الصديق هو من صدقك بفتح (الصاد والدال والقاف) لا من صدقك (بتشديد الدال)، وهو الذي يحضك على فعل الخيرات والبعد عن المنكر والشبهات، وهو الذي يريك الباطل باطلا ويحذرك باجتنابه، وهو الذي يخوفك من الله تعالى ويحضك على طريق الجنة ويحذرك من النار وبصحبته تسمو معه إلى مكارم الأخلاق، أما صاحب السوء فيزين لك الباطل ويأخذك إلى طريق الهلاك والضياع وينحدر برفاقه إلى قاع العار والانحطاط ويغوص بهم في بحر المعاصي والمحرمات.

وللصحبة تأثير كبير في الأصدقاء حيث قال عنها النبي- صلى الله عليه وسلم- (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة وحامل الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة) وهو حديث واضح وصريح، فالصديق الجيد يؤثر إيجابا في صديقه، وكذلك الصديق السوء يؤثر سلبيا في صديقه وهنا قد يتعلم منه في البداية شرب الدخان ثم الحشيش لينتهي به المطاف في مخدرات أكثر فتكا وألما ليسقط به في وحل الإدمان الذي قد يضطره للسرقة من أسرته وأقاربه، ومن المنازل والمحلات وذلك لتسهيل شرائه لهذا السم الزعاف، وقد يتجاوز به الأمر في القتل وإيذاء المقربين منه وعقوق الوالدين، وقد يتحول به إلى هاوية الجنون وفقد العقل أو أن يموت بسبب جرعة زائدة، ولذا يجب الحذر كل الحذر من قبل الأسرة في مراقبة الأبناء والتعرف على أصدقائهم عن كثب ومنعهم من السير مع أصدقاء السوء المعروفين بفسادهم وفشلهم في حياتهم، وذلك قبل أن يحولوا هذا الصديق المسكين معهم من دائرة التفوق والنجاح إلى دائرة السوء والضياع.

alanazo3@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد