Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/06/2007 G Issue 12687
الاقتصادية
الأحد 09 جمادىالآخرة 1428   العدد  12687
صناعيون بعد أن فقدوا الأمل في هيئة المدن:
مقترحات بتأسيس شركة متخصصة بإنشاء وتطوير المدن الصناعية

الدمام - ظافر الدوسري

تشكل ندرة المدن الصناعية ونقص الخدمات في المدن القائمة أحد أهم المعوقات التي تعاني منها الصناعة السعودية، وينتقد كثير من الصناعيين عجز هيئة المدن الصناعية وهي الجهة الحكومية المناط بها إنشاء وتطوير المدن الصناعية، ويرى الصناعيون أن التحرك نحو تأسيس شركة كبرى تختص بتطوير وإنشاء المدن الصناعية قد يكون هو الحل الأمثل .. حول هذا الموضوع أجرينا الاستطلاع التالي:

انتقادات متكررة

يعد المهندس سعد المعجل من أكثر رجال الأعمال الذين يشعرون بمرارة وضع المدن الصناعية ومعاناة الصناعيين من ندرة المدن الصناعية على الرغم من الاتساع الكبير لمساحة المملكة الجغرافية ويرى أنه منذ صدور قرار مجلس الوزراء رقم 235 في 27-8-1422هـ بالموافقة على إنشاء هيئة تطوير المدن الصناعية فإنها لم تستطع على الرغم من مرور ست سنوات تقديم ما كان منتظراً منها لأسباب معينة أبرزها قلة الموارد المالية المتاحة لها.

ودعا المعجل إلى ضرورة مراجعة تنظيم الهيئة والتعرف على مكامن الخلل في التنظيم والتعرف أيضاً على الأسباب التي من شأنها معالجته وفتح مسارات عديدة يمكن للهيئة السير فيها باتجاه الأهداف التنموية المحددة لها.

وشدد سعد المعجل على أن تعزيز التنمية الصناعية وضمان استمرارها لا يمكن أن يتحقق دون أن يكون هناك إسناد مباشر لها من قِبل الدولة. وأضاف: طالما تبين عجز الهيئة، فلا بد من الوقوف بجدية على السبب الرئيس وإيجاد الحل العملي الذي من خلاله يمكن لهيئة المدن ممارسة الدور التنموي المرسوم لها.

وعرض المعجل مقارنة قال إنه يستطيع أن يلاحظ الفوارق الكبيرة بين ما أنجزته هيئات مشابهة في الفترة نفسها كالهيئة العامة للاستثمار والهيئة العليا للسياحة والهيئة الملكية للجبيل وينبع وبين ما قامت به هيئة المدن، (وهو في الواقع شيء لا يذكر) حسب وصفه.

المهندس خالد بن صالح الدوسري رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأجهزة الهندسية يرى أنه من الضروري إيجاد جهة تهتم بتطوير المدن الصناعية الحالية بعد توزيع عادل لمكتسبات التنمية الاقتصادية الوطنية وزيادة كفاءة القطاع الصناعي وتعزيز قدرته التنافسية إلى جانب دورها الأساس في زيادة حجم الصادرات في ظل التوجه الحالي لإنشاء مدن صناعية جديدة، ويرى الدوسري أن الهيئة الملكية للجبيل وينبع يمكن أن تكون نموذجاً يُحتذى به عند دراسة أي فكرة حول تطوير المدن الاقتصادية ويقول: أعتقدُ أنه من الأولى أن يكون التطوير بطريقة يمكن أن تقتبس فيها من نجاح الهيئة الملكية بالجبيل وينبع التي قامت بدور كبير من خلال ما لديها من سلطات وتجهيزات وصلاحية ونظرة وميزانية وعناصر مهمة جداً في موضوع الصناعة بشكل عام، انعكس إيجاباً على مستوى الشركات هناك فتجد الشركات هناك تعمل بنظرة اقتصادية آمنة متوفر لها كل شيء وبيئة راقية تساعد على الاستثمار الأمثل في هذه المدن الصناعية ويرى أن موضوع الصناعة وتخطيطه وعنايته لا يُعطى لجهة تسعى للربح في نظري، بمعنى يجب أن تكون جهة حكومية تقوم بالأعمال المطلوبة منها لها نظرة بعيدة المدى لا يكون لها نظرة محدودة أو تسعى للربح السريع لأن المعطيات لن تكون حسب المطلوب.

وطرح المهندس خالد الدوسري فكرة أخرى بأن تكون هذه الشركة مثل شركة مرافق التي انفصلت وهي كانت جزءاً من الهيئة الملكية ودخل فيها القطاع الخاص وسوف تعرض أسهمها عن قريب. فلماذا لا تكون هناك هذه الجهة مثل شركة مرافق وتكون الهيئة شريكاً فيها يمثل الحكومة للمحافظة على مستوى خدماتها.

وأضاف يقول: أنا ثقتي كبيرة بالصناعيين ورجال الأعمال في هذا الوطن وبإخلاصهم وبخبراتهم لكن إذا أردت أن تضع خطة صناعية للصناعات التي بداخل المدن أو خارجها وهي لا تقل أهمية عن الصناعات الموجودة بالهيئة الملكية بالجبيل وينبع وهي تكمل بعضها البعض وهناك صناعات أخرى كبيرة يمكن أن ندخل فيها ونتوسع فلا بد أن تكون نظرتنا بعيدة المدى مثل ما عُمل في الجبيل وينبع لا يمكن أن تكون نظرتنا محدودة ناهيك عن أن الوزارة لديها الكثير من العمل ولا تعتبر هذه من أولوياتها أو تعطي القطاع الخاص فربما يكون الضغط والوضع والمطالب الاقتصادية يمكن أن يدفع لإنشاء شركة خاصة وانه يجب أن يخدم القطاع الخاص نفسه بنفسه.

وضع متدنٍ

أما الأستاذ صلاح عطية العتيبي نائب شركة أنابيب المستقبل فيرى أن وضع المدن الصناعية مزرٍ وسيئ وبحاجة إلى حل جذري لكنه يعتقد أن سبب هذا التخلف هو أن هيئة المدن الصناعية مقيدة بأنظمة وقوانين حكومية من مشتريات ومناقصات وغيرها، مما عرقل أشياء كثيرة جداً لا يمكن أن يحس بها إلا الصناعيون بأنفسهم في قضية التطوير الصناعي، والحد من طموحات الصناعيين للتوسعة في زيادة الإنتاج والاستثمار في صناعات لأول مرة تنتج في الشرق الأوسط سوف تُسهم في خدمة القطاع النفطي ليس في السعودية بل في الخليج.

ويضيف العتيبي أن لدينا شركة في أمريكا اشتريناها تنتج الأنابيب الفيبر جلاس non metalic خصوصاً إذا علمنا أن أنابيب الحديد لدينا تتعرض للتآكل سريعاً وهذا يسبب إشكالية لشركات البترول وصيانته وبالتالي يحافظ على الوقت ويزيد من مرونة صيانته وعمر المعدة وبالتالي المحافظة على الإنتاج.

ويطرح الأستاذ صلاح بعضاً من المعاناة التي يشتكي منها الصناعيون في هذه المدن الصناعية إذ يقول: المشكلة التي نعاني منها في عملية تسريع الاستثمار هي عدم وجود البنية التحتية التي يمكن أن تساعدنا وهناك أمثلة عديدة وواقعية فعندما تزور مصنعنا سترى الوضع المرير وتتعجب رمال في كل موقع (طعوس) وكيف أن بعض الشوارع لا تستطيع أن تصلها، كذلك أعرف عدداً من الشركات أخذت العديد من الأراضي بتراخيص ولم تستطع أن تعمل بحجة أنها لا تستطيع أن تزيل هذه الرمال التي يكلف نقلها من 2 إلى 3 ملايين ريال وتضيع عليه مصنعاً في ظل عدم وجود خدمات وهذه مشكلة كبيرة تواجه الجميع . وفي إمكان أي شخص أن يضع هذا المصنع في البحرين أو الإمارات دون أن يخسر هذه الملايين من الريالات.

أين الخدمات؟

ويتساءل العتيبي: الآن الصناعيون يدفعون مبالغ لهيئة المدن الصناعية كإيجار أو مقابل خدمات لكن للأسف لا توجد خدمات في الواقع، فتخيل الآن نعمل في المدن الصناعية منذ 3 سنوات وليس لدينا كهرباء ونعمل بمولدات وتوليد كهرباء ذاتي، وعلى الرغم من وعود شركة الكهرباء إلا أن الأمور على ما هي عليه، ونحن نقدر وضع شركة الكهرباء لكن هذا يؤثر في التطوير الصناعي.

أيضاً هناك أمر آخر وهو قضية المياه والصرف الصحي بمعنى أصح البنية التحتية هي الأساس في تطوير أي صناعة وإضافة إليها المخططات التوسعية، لذا فإن وجود شركة متخصصة صناعية أو حتى تتبناها الدولة في نظام الربحية بنظام القطاع الخاص ولها إدارة ونظام واضح ومحدد بفترة زمنية أمر ملح فقضية التطوير ليست مسألة صعبة.

ويطرح الأستاذ صلاح هنا المقترحات لإنشاء هذه الشركة فيقول: أعتقدُ أننا لو استطعنا أن نوجد شركة تستطيع أن تقدم لنا خدمات متوفرة في كل وقت وتلبي كل احتياجاتنا التوسعية مقابل رسوم مادية هي لن تكون عائقاً أمامنا نحو تطويرها أو مساعدتها ولكن الإشكالية تحدث في خلط المسؤوليات ما بين هيئة المدن الصناعية ووزارة الصناعة.

فبالتالي تأسيس شركة تعنى بتطوير المدن الصناعية سيحل المشكلة وينقذ الموقف الحالي ولا يمنع أن شركة ربحية لابد أن يقبله الصناعيون بشرط تحقيق ما يريده الملاك خصوصاً إذا كانت الشركة من القطاع الخاص، وتكون خاضعة للمحاسبة فيما لو لم تلتزم بتنفيذ ما هو مطلوب.

أسباب الفشل

ويعود صلاح العتيبي مجدداً للحديث عن الهيئة فيقول: هيئة المدن الصناعية في رأيي الشخصي فشلت في مهمتها ولا أعرف سبب فشلها ولكن أسباب الفشل ومعرفتها هي التي ننطلق منها لإيجاد الحلول . هل هي الروتين الحكومي هل هي لعدم ما يريده الصناعيون؟

الحقيقة أنا استغرب من الهيئة تركيزها على إنشاء مدن صناعية جديدة وطرح مناقصات وإهمالها للمدن الصناعية القائمة التي تحتاج إلى تطوير. الموجود والقائم حالياً أولى بكثير من إنشاء مدن صناعية جديدة، فمن المفترض أن يكون هناك هدف أساس لتطوير المدن القائمة لنفترض على مدى خمس سنوات بعد ذلك تتجه الهيئة إلى إنشاء مناطق صناعية جديدة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد