Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/06/2007 G Issue 12687
الرأي
الأحد 09 جمادىالآخرة 1428   العدد  12687
وداعاً جدي
فاطمة محمد سعود آل طالب

ليس لي سواك أيها القلم، أبثك همي وأخط بك سطوراً تعبر عن حزني الكبير على الراحل الكبير جدي: سعود بن محمد آل طالب.. أيها القلم سأبقى أناجيك فأنت الوسيلة الوحيدة التي تعبر عن الآهات والأحزان التي تمتلئ بها روحي.. أكتب يا قلمي عن ذلك الفؤاد الكبير.. عن ذلك النور الذي أضاء بيتنا سنوات مضت.. عن صاحب الحكم والنصائح والتوجيهات.. عن ذلك الراحل الذي جرحت بغيابه قلوبنا وأصبحت سيرته ذكرى تلوح وأطيافا تمر تنساب معها العبرات ساخنة تغسل الأحزان.

دفنت أيها الحبيب ودفنت معك السماحة واللطف والدعوات التي لا تنقطع عن لسانك، دفنت فدفنت معك الاجتماعات العائلية والنزهات الأسرية، دفنت فدفنت معك تلك الابتسامة الحنونة والنظرات المعبرة والقلب الرحيم.. لقد رحلت أيها الجد العزيز فتحولت حياتي بعدك إلى شبح يطاردني؛ أحاول الهرب منه عندما أرى المكان الذي اعتاد الجلوس فيه.. فأعود إلى أوراقي البيضاء أسكب مشاعري فوقها حتى يخف الحزن ويختفي الشبح المخيف.. أكتب عنك أيها الرحل سطوراً أعرف أنك لن تقرأها وأعبر بكلمات أعرف أنك لن تسمعها.

كم اشتاقت يداي لمصافحتك وكم اشتاقت عيناي لرؤية وجهك البشوش.. كم اشتقت إليك كثيراً ياجداه.. لبسمتك.. لصوتك.. لجلستك.. لقدوعك وقهوتك التي نجتمع معك حولها.. آه كم أصبحت القهوة مرة المذاق بعد رحيلك.. كم تغير مذاق التمر في فمي بعد وداعك.. عندما أرى مكانك الخالي في صالة بيتنا أو سجادتك التي فارقتها أو كرسيك الذي تصلي فوقه تدمع عيناي.. أنظر إلى سجادتك التي صاحبتك طويلاً وأتساءل أتراها تناديك أتراها تجهش بالبكاء مثلي وقد فارقها من كان يروي عطشها في الليل بالقيام والتهجد.. كل ركن من أركان منزلنا يشتاق إليك إلى تسبيحك وتهليلك وحوقلتك.

لا يمكن أن أنسى ذلك اليوم الذي زرتك فيه وأنت على السرير الأبيض في مستشفى القوات المسلحة حينما نظرت إليّ نظرة طويلة وقد أعياك المرض وحالت جلطة الدماغ بينك وبين الحديث كنت تقبض كفي وتسحبها إليك.. تلك اليد الحانية التي حملتني وأنا صغيرة.. فلم أستطع التعبير وصعب علي الحديث وتلعثم لساني فرحت أبكي وأنا أضع رأسي على صدرك.

أيها الراحل الغالي كم أكره كلمة الوداع ولا أحب سماعها لكن الأيام أجبرتني على تجرع سمها منذ ودعت قبلك جدتي رحمها الله وها أنا أودعك وداعاً يجرح قلبي ويدمي فؤادي لأنه وداع ليس بعده لقاء إلا في الجنة. أسأل الله أن يجمعني بك في رياضها بعد هذه الدنيا التي هي

(ألم يخفيه أمل.. وأمل يخفيه عمل.. وعمل ينهيه أجل..).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد