انتهت مساء الثلاثاء 1-3-1428هـ في أبو ظبي مسابقة شاعر المليون - في موسمها الأول- التي طرح فكرتها ودعمها بقوة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي ونقلتها قناتا أبو ظبي والواحة.
وهذا البرنامج شد عدداً كبيراً من المشاهدين سواء الشعراء أو متذوقي الشعر أو حتى عامة الناس وكان ال (48) شاعراً الذين إجازتهم اللجنة في التصفيات الأولية جميعهم شعراء ونجوم ولكن فكرة المسابقة تحتم على اللجنة اختيار ثلاثة شعراء فقط ليحتلوا المراكز الثلاثة الأولى .. حيث تمت التصفية ل 24 ثم إلى 6 ثم إلى 5 شعراء وهم الذين وصلوا إلى الحلقة الأخيرة من المسابقة وبالتالي خرج شعراء كان المشاهد يتمنى وصولهم على الأقل للحلقة الأخيرة سأذكر واحداً منهم على سبيل المثال لا الحصر وهو الشاعر الأنيق في مظهره وأخلاقه وإلقائه وقبل هذا وذاك في شعره وهو الشاعر عبد الله بن عبيان اليامي من السعودية.
الشعراء الذين وصلوا للحلقة الخامسة عشرة والأخيرة هم كل من:
1- محمد بن حمد بن فطيس المدي - قطر.
2- تركي بن عطا الله المطيري - السعودية.
3- عبد الرحمن بن عادل الشمري - السعودية.
4- محمد بن مريبد العازمي - السعودية.
5- يوسف بن رزاق العتيبي - العراق.
وفي حقيقة الأمر كنت أتوقع وأتمنى في نفس الوقت وبدون تحيز أن يفوز، إما محمد بن فطيس أو محمد العازمي لأنهما شعاران حقيقيان وعلاوة على الشعر يغلب عليهما التواضع والرجولة والإنسانية وعدم تمجيد الذات وهذا من وجهة نظري أهم من الشعر مع احترامي وتقديري لكافة المشاركين, وفعلاً حصل ابن فطيس على أعلى درجة من اللجنة وأعلى نسبة من التصويت وفاز بلقب وجائزة شاعر المليون وهو لقب استحقه بجدارة وقد تبرع بكامل المبلغ البالغ مليون درهم إماراتي بواقع 500.000 درهم لأصحاب الاحتياجات الخاصة بدولة قطر، و 500.000 درهم لأطفال فلسطين، وهذا تأكيد لكلامي عن إنسانية ورجولة محمد بن فطيس المري.
في المركز الثاني جاء الشاعر تركي المطيري والذي لعبت جماهيريته كشاعر قلطة أو رد معروف على مستوى منطقة الخليج العربي دوراً في حصوله على هذا المركز.
في المركز الثالث جاء الشاعر المثقف صاحب الرسالة الشاب الأنيق عبد الرحمن بن عادل الشمري وهو مركز استحقه بجدارة وربما أفضل منه. ولم يحالف الحظ الشاعرين محمد العازمي ويوسف العتيبي وهذا لا يقلل من شاعريتهما وتفاعل الناس معهما طوال فترة المسابقة.
اللجنة كانت مهنية ومحايدة بدرجة كبيرة طوال مراحل التصفيات ما عدا الحلقة الثالثة عشرة عندما تحاملت بعض الشيء على الشاعر العراقي يوسف العتيبي ومنحته 22 درجة من 50 درجة، في حين كان أقل شاعر من الشعراء الستة في تلك الحلقة حصل على 42 درجة إلا أن النخوة التي أطلقها الشاعر في تلك الحلقة لحث الجمهور للتصويت له استطاع الجمهور من خلال التصويت أن يعيده في الحلقة الرابعة عشرة على حساب الشاعر الإماراتي محمد الأحبابي.
استطاع عضوا اللجنة الشاعر حمد السعيد والشاعر والناقد علي المسعودي أن يكسبا ود واحترام الشعراء المشاركين والمشاهدين لما يتمتعان به من حضور ومهنية عالية، بالإضافة إلى التواضع والابتسامة الدائمة وتشجيع المتسابقين وتخفيف الضغط النفسي الذي يعانون منه سواء من مواجهة الجمهور الكبير داخل المسرح في شاطئ الراحة أو ما يكتب في الصحافة وفي بعض مواقع الإنترنت. الدكتور غسان الحسن والشاعر سلطان العميمي كانا على درجة جيدة من النقد البنّاء والحيادية.
الشاعر تركي المريخي شاعر وصحفي يهتم بالنواحي الجمالية بالنص الشعري يؤخذ عليه قلة الابتسامة والجدية المفرطة، كما أنه بالغ في استخدام منبر البرنامج وفي أكثر من حلقة لتقديم نفسه ولإيضاح درجة العلاقات الشخصية التي يتمتع بها، وهي من الأمور الشخصية التي لا تهم أحداً سواء أعضاء اللجنة أو الشعراء المتسابقين أو الحضور والمشاهدين.
كان لحضور سمو الشيخ محمد بن زايد وبعض الشيوخ والمسؤولين وسفراء بعض الدول العربية بدولة الإمارات، دور في دعم المسابقة معنوياً مما ساهم في زيادة الحضور داخل المسرح وكذلك زيادة عدد المشاهدين.
كانت فكرة جيدة لدعم الشعر والشعراء وكسر الشللية - إن صح هذا التعبير - التي يقوم بها معظم محرري المجلات والصفحات الشعبية وكذلك بعض معدِّي ومقدمي البرامج الشعبية الإذاعية والتلفزيونية لتقديم أسماء معيّنة وتكرارها (وكأنه لا يوجد في هذا البلد إلا هذا الولد) ونحن نتساءل أين تلك الوسائل الإعلامية عن مثل هؤلاء الشعراء النجوم؟! الذين يمثلون نسبة بسيطة من الشعراء المبدعين، والذين يعانون من التهميش والتعتيم الإعلامي بقصد أو بدون قصد.
الآن بدأت المجلات والصفحات الشعبية تتسابق للاتصال بهؤلاء الشعراء لنشر قصائدهم لديها، بعد أن أصبحوا نجوماً من خلال تلك المسابقة والتي نتمنى أن تستمر في السنوات القادمة لا سيما أن الجهات المنظمة لها لا تتحمل أية تكاليف مالية، بل إنها قد تحقق مكاسب من خلال دخل الاتصالات الهاتفية خلال التصويت على مدى مدة المسابقة.
لا يوجد عمل متكامل تماماً لأنّ الكمال لله سبحانه وتعالى. يوجد إيجابيات وسلبيات المهم ألا تطغى السلبيات على الإيجابيات والأمور عادة تقاس نسبياً. إذا كان هناك من سلبية في تلك المسابقة فهي إثارة النعرات القبلية ونحن لسنا ضد الانتماء للقبيلة والاعتزاز بها لأننا في منطقة الخليج العربي حاضرةً وبادية مجتمع قبلي، ولكننا ضد الانتماء المطلق لها على حساب انتماءات أهم يأتي في مقدمتها الانتماء للدين ثم الوطن والعروبة والقيم والمبادئ التي رسّخها ديننا الإسلامي الحنيف.