حفرالباطن - قاسم دغيم الظفيري
من أهم الحرف اليدوية التي اشتهر بها أهل البادية (حرفة السدو) ويؤكد العلامة بن خلدون على استفادة أهل البادية من الصوف في الحياكة منذ القدم ويصفهم من حيث إنهم يتخذون البيوت من الشعر والوبر. وتعتبر حياكة الصوف من أقدم الحرف التقليدية في شبه الجزيرة العربية. ارتبطت هذه الحرفة منذ البداية ببيئتها الصحراوية ونمط المعيشة فيها. وتعتمد هذه الحرفة على مواد وادوات منها وبر الابل وصوف الماعز والأغنام إضافة الى المغزل والمخيط والأوتاد الخشبية وعلى الرغم ان هذه الحرفة كان يمارسها الرجال والنساء على حد سواء الا ان النساء أشد اتقانا وبراعة في هذه الحرفة من الرجال ويعتبر السدو من حرف البادية الأساسية التي تعبر المرأة من خلاله عن موهبة يدوية فائقة.
تبدأ الفتاة في مزاولة الحرفة منذ نعومة أظافرها وتعمل في مساعدة أمها في الغزل والصباغة وحياكة أجزاء من بيت الشعر مثل الفلجان (سقف بيت الشعر). وعند بلوغها سن السادسة عشرة غالبا ما تكون قد ألمت بحياكة أغلب النقوش باستثناء النقوش الصعبة مثل نقشة الشجرة لما تحتاجه من جهد وممارسة.
ويستطيع الحرفي صناعة بيوت الشعر وما تحتاجه من فلجان وذراء وسياج وكذلك صناعة المزاود والخروج والمفارش والمساند ويدخل في هذه الحرفة حياكة الملابس ورفي البشوت التي هي اكثر ملابس الرجال شهرة واهمية فهو لباس عربي أصيل ويمثل أرقى انواع الأزياء كونه يصنع من خيوط فاخرة وبطرق متقنة جدا ويتميز زي الرجال من أهل البادية بالبساطة والوقار وكان الرجال يحرصون على ارتداء ازيائهم الشعبية في المناسبات الاجتماعية كالأعياد والأفراح وغيرها.
وتمثل الخيمة أو بيت الشعر الملجاء الوافي الذي يرتاح فيه البدوي وعائلته من عناء حياتهم الشاقة ويمتعوا نظرهم بالمنسوجات الزاهية بألوانها ونقوشها الجميلة والتي تختلف بالمقارنة مع بساطة حاجياته.
ويحظى اصحاب هذه الحرفة سنويا بالاهتمام وذلك من خلال المشاركة في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي يقام في الجنادرية والذي له أكبر الفضل في احياء التراث الشعبي في المملكة العربية السعودية والمحافظة على موروثاتها الشعبية لتبقى شاهدة على العلاقة الوثيقة بين الانسان السعودي وبيئته.
ومع أن أصل الحياكة يعود إلى آلاف السنين مع استئناس الحيوان, إلا أنه من الصعب أن توجد قطع من المنسوجات البدوية يعود عمرها إلى أكثر من بداية القرن التاسع عشر بسبب أن البدو الرحل لا يحفظون منسوجاتهم وإنما يتخلصون منها بعد تلفها من كثرة الاستعمال كاحتياجات أساسية. ثم تتجدد تلك المنسوجات باستمرار حسب الحاجة لها. وتعتبر حرفة الحياكة (السدو) من أقدم الحرف التقليدية عند أهل البادية في المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية وتطلق كلمة (السدو) على عملية الحياكة وآلة الحياكة نفسها وصناعة المنسوجات الصوفية المختلفة تعكس الوحدات الزخرفية والنقوش في المنسوجات البدوية طبيعة البيئة الصحراوية وتحكم بأسس الثقافة الإسلامية. بسبب الترحال والتنقل كان على البدوي اختصار حاجاته المادية على ما هو أساسي. لهذا فالأسلوب الفني لديهم سهل وبسيط وجمال القطع المنسوجة يعود إلى التنوع في اختيار الألوان والنقوش أوالتصاميم أكثر من التطور في تقنية الحياكة. وأهم النقوش المستعملة ترتكن في الأساس على أشكال هندسية مبسطة تعتمد في جوهرها على مبدأ التناسب والانتظام والاتزان في توزيع النقوش والألوان.