إليك إبراهيم بن سليمان الأحمد، إليك أنت يا من قطعت تذكرة ذهاب من الدنيا بلا عودة، إليك أنت يا من شاركتني أحلى أيام طفولتي، إليك أنت يا من عشنا سويا في مكان واحد وضمنا جدران وسقف واحد، وأكلنا من قدر واحد، وشربنا من كأس واحدة في يوم من الأيام....
إلى من شاركني ذلك الزمن الجميل بحلوه ومره إلى من شاركني براءتي في أجمل مرحلة من مراحل العمر الفانية...
كلما أتذكر تلك الأيام الجميلة التي كنا فيها سويا لا نتفارق فيها أبدا نلعب تحت زخات المطر الحانية كل قطرة من قطراته تغسل عرقنا الذي يسقط جراء ذلك العبء المجهد الذي يفوق قدرة أجسادنا الصغيرة التي لا تتعب، ولا يعرف الملل الطريق إليها لأنهما وبكل بساطة أجساد طفولية لا تحمل الهم، ولا تعرف متاعب الحياة اليومية!! همها فقط ماذا تأكل وإلى أي مكان تذهب إليه، وعندما يخيم الليل الأسود تذبل عيونها من تعب يوم جميل لتدخل في نوم عميق هادئ لا يسبقه أي تفكير إلا في ماذا وكيف ستقضي يوم طفولتي آخر..
إليك أنت يا من لا أعرفه إلا في طفولتي، وبعدها فرقتنا الأيام ومشى كل منا في طريقه ليواجه متاعب الحياة وحيدا دون الآخر وليبدأ مرحلة ما بعد الطفولة، كل منا في طريق بداية من مقاعد المدرسة ومرورا بمرحلة الاستقرار والزواج والأولاد، وأنا أكتب هذه السطور على ثقة بأن جميع تفاصيل حياتي منذ تلك الأيام التي افترقنا فيهما كنت على علم بها مثلي تماما. كل منا سمع بزواج الآخر وقدوم مولود له وقبلهما إلى أي جهاز تعليمي، وإلى أي جهاز وظيفي انتسب، وكل منا يرسم صورة الآخر طبعاً الصورة الطفولية في ملامحها وبكائها وضحكاتها البريئة في كل خبر يسمعه عنه، تلك الصورة الطفولية التي رأيتهما قبل سبعة عشر عاما، وما زلت أعيش على ذكراها!!! ظللت أن وأن تبعد هذه السنون الطويلة نسمع أخبار بعضنا بحلوها ومرها إلا أن جاء ذلك اليوم التي شاءت قدرة الله عز وجل أن أكون الوحيد الذي يسمع!؟ يسمع وأنت لا تعلم بعدها ما كنت أسمع وأنت تعلم، ولكن هذه هي الحياة وهذه حكمة الله سبحانه وتعالى في عباده. شاءت الأقدار أن أكمل هذه الحياة، وأن أعيش هذه الأيام بدونك لن أنسى ذلك اليوم الذي قال فيه أحد أصدقائك بعد وفاتك عند الجميع إنني أعرفه منذ سبعة عشر عاما لم يتحدث بأمر بسوء ولم يخطئ على أحد وبار بوالديه، هو تحدث عن صداقته بك منذ سبعة عشر عاما، وهي نفسهما التي لم ير منا الآخر، وهذا إن دل فهو يدل بأنك لا تزال تحتفظ بتلك الأخلاق الحميدة العالية طوال هذه السنين التي تركتك فيهما.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم الذي جمعنا في دنيا فانية أن يجمعنا أنا وأنت والمسلمين أجمعين في جنة دائمة قطوفها دانية إنه سميع مجيب الدعاء وأخيرا وليس آخرا، إبراهيم الأحمد عرفتك صغيرا بأخلاق عالية، وظللت محتفظاً بهذه الأخلاق وكبرت وكبرت معك تلك الأخلاق حتى آخر يوم في حياتك، وأتمنى أن تبلغ درجة الصائم القائم بأخلاقك كما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- (أن الرجل ليبلغ درجة الصائم القائم بحسن الخلق) وإلى لقاء قريب عند حوض الرسول- صلى الله عليه وسلم- بإذنه تعالى.