السؤال الذي يتكرر دائما: لماذا اخترتم هذه العملية بدلاً من عملية الليزك؟ وما هو الفرق بين أنواع العلاج السطحي مثل إبي ليزك أو ليسك أو بي أركي أو غيرها من المسميات؟
هذا البديل المفيد لنوعية من المرضى هو ما سنحاول أن نتناوله خلال هذه الحلقة:
ابتداءً نحن نعرف أن أشعة الاكزيمر ليزر المستخدمة في جميع هذه العمليات هي أشعة باردة غير مرئية تبلغ سرعة موجتها (193 نانومتر) عندما تسقط الأشعة على أنسجة القرنية تقوم هذه الأشعة (طبعا بقياسات وتحكم محدد) بحفر أو بعبارة أصح نحت عدسة داخل القرنية تساوي قوة عدسة النظارة التي يلبسها المريض الفرق طبعا كبير في السماكة فالنظارة أمام عين المريض تقاس سماكتها بالمليمترات أما العدسة المحفورة (المنحوتة) داخل قرنية المريض فهي رقيقة جدا جدا تقاس سماكتها بالمايكرونات (المايكرون واحد على الألف من الملليمتر).
إذا استوعبنا طريقة عمل الإكزيمر ليزر نستطيع أن ننتقل إلى الإجابة عن السؤال المطروح هناك طريقتين لإطلاق الليزر على القرنية، اطلاقه على سطح القرنية وهو الذي يسمى بالعلاج السطحي أو اطلاقه داخل أنسجة القرنية وهو الذي يسمى الليزك.
البداية كانت بالعلاج السطحي
عندما بدأنا في استخدام الإكزيمر ليزر في الجزء الثاني من عقد الثمانينات الميلادي كنا نسلط الأشعة على سطح القرنية حيث يتم تجهيز سطح القرنية بنزع الطبقة الطلائية يدويا ثم نسلط الليزر وكانت هذه العملية تسمى prk بي آر كي وكانت هذه العملية الجراحية الوحيدة في ذلك الوقت لتصحيح قصر النظر باستخدام أشعة الاكزيمر ليزر وبالفعل استطاعت هذه العملية أن تمكن الملايين من التخلص من النظارات والعدسات ولكن واجهتنا مشكلتان رئيسيتان:
أولا: شدة الألم فالطبقة الطلائية التي يتم نزعها يدويا غنية بالأعصاب والمريض يشكو من ألم يشبه ألم الجرح إلى أن يلتئم نمو هذه الطبقة المنزوعة مرة أخرى.
ثانيا: تفاعل أشعة الاكزيمر ليزر مع سطح القرنية تاركة خلفها سحابة HAZE قد تؤثر على مستوى الرؤية لدى نسبة معينة من المرضى.
الليزك يسحب البساط
هذان السببان دفعا مجموعة من أطباء العيون الى التفكير في اتجاه آخر هو لماذا لانجري قطع في الجزء الأمامي من القرنية؟ ثم نقوم بتسليط أشعة الإكزيمر ليزر داخل انسجة القرنية وبالتالي نتخلص من كلا المشكلتين الألم والسحابة. وبالفعل تم تطوير أجهزة قطع القرنية Micro Keratome وصار لدينا أجهزة قطع اتوماتيكية مأمونة بدرجة كبيرة جدا وأعطيت هذه العمليات مسمى الليزك وبدأت تدريجيا عمليات الليزك تحل محل عمليات البي آر كي وأصبحت كلمة الليزك هي الكلمة السحرية في عقد التسعينيات الميلادي (1990-2000م) وبدأت تسمع في أدبيات الليزك عبارة الواو (wow effect) التي يمكن أن نترجمها بعبارة يا للروعة أو يا سلام أو غيرها من ألفاظ التعجب التي يبديها مرضى الليزك من سرعة تخلصهم من النظارة ففي خلال ساعات لا تزيد على الأربع والعشرين يتحرك معظم مرضى الليزك بحرية تامة وبدون نظارات سوى تغبيش أو زغللة خفيفة لا تلبث أن تزول خلال أسابيع ولكن وكما يقول المثل يا فرحة ما تمت واجهتنا مشكلتان حدتا من استخدام الليزك لجميع المرضى:
أولا: ما هو العمل مع القرنية الرقيقة؟ فالقرنية الرقيقة لا تتحمل أن تتعرض للقطع ثم لأشعة الليزر لأنها تصبح بعد ذلك رقيقة جدا أكثر من اللازم ولا تقوى على التماسك في شكلها الطبيعي وبالتالي تحدث المضاعفات.
وثانيا: أن الليزك هو العدو اللدود للقرنية المخروطية فهو قد يزيد تفاقم هذا المرض، ولقد اكتشفنا بعد تطوير أجهزة التصوير الطوبوغرافي (وهو تصوير يبين تضاريس القرنية) أن هناك قرنية طبيعية شبه كروية وضعها بين وهناك قرنية مخروطية تشبه المخروط أيضا وضعها بين، وبين هذين البينين قرنية مشتبه بها (حوالي 5%) لا هي بالسليمة ولا هي بالمخروطية ولكن الأحوط هو عدم تعريضها للقطع وبالتالي الحذر من إجراء الليزك.
العودة إلى العلاج السطحي
هاتان المشكلتان حرمتا نسبة من الراغبين في التخلص من النظارات والعدسات من الاستفادة من عملية الليزك. ولكن طموح الإنسان ودأبه وسعيه نحو الأفضل جعلنا نطور عملية (البي آر كيه PRK مرة أخرى وفعلا حدثت طفرة في العلاجات السطحية وحلول عملية للتخلص من مشكلة الألم والسحابات وبالتالي فقد شهدت السنوات الأخيرة تنوعا وتطورا في مجال العلاجات السطحية يمكن أن نخلصها في ثلاثة مسميات يشكل على الكثير من المرضى الفرق بينها وهي:
1- عمليات الليزر(PRK)
2-عمليات الليسك (LASEK)
3-عمليات الإبي ليزك
(EPILASIK)
وكما أسلفنا فإن الهدف من جميع هذه العمليات السابقة هو نزع القشرة الطلائية للقرنية Corneal Epithelium ثم تسليط أشعة الإكزيمر ليزر فإذا تم هذا النزع بصورة يدوية سميت هذه العملية عملية الليزر PRK أما إذا تم هذا النزع باستخدام مادة كيميائية فإنها تسمى الليسك ( (LASEKأما إذا تم النزع باستخدام أجهزة مخصصة لنزع هذه الطبقة الطلائية فإن العملية تسمى الإبي ليزك EPILAS IK والفروق في نتائج هذه العمليات طفيفة.
المايتومايسين
المايثومايسين مادة كيميائية فعالة تستخدم في طب العيون منذ سنوات طويلة وأشهر استخدام لها هو في عمليات الماء الأزرق (الجلوكوما) حيث تمنع هذه المادة نمو الخلايا التي تسبب تكون ندب تؤدي الى انسداد عملية تصريف سوائل العين والخاصة بالماء الأزرق (الجلوكوما)
مؤخراً بدأ أطباء العيون استخدام هذه المادة في منع بل وحتى علاج السحابات Haze التي قد تنشأ من جراء علاج القرنية علاجا سطحياً بواسطة أشعة الأكزيمرليزر. حالياً لا تستخدم هذه المادة بصورة روتينية على جميع المرضى ولكنها تستخدم للمرضى الذين تكون احتمالية حدوث السحابات Haze لديهم عالية مثل اعادة العملية أو اجرائها بعد مضاعفات القطع أو عمليات تحتاج لتبخير كبير. طبعاً هذا بالاضافة الى استخدام مادة المايثومايسين في علاج السحابات كما اسلفنا.
الخلاصة
إذا ما هي الخلاصة وما هو المتاح لنا ونحن نتجاوز منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة بحمد الله أصبح لدينا نوعان من العلاج، العلاج السطحي والليزك.
الليزك يستخدم للمرضى أصحاب قرنية ذات سماكة كافية وتصوير طوبوغرافي طبيعي أما العلاج السطحي فإنه يستخدم للمرضى أصحاب قرنية ذات سماكة غير كافية أو تصوير طوبوغرافي مشتبه فيه، والمطمئن أن نتائج كلا النوعين في العمليات متقاربة وتقود تقريبا الى نفس النتيجة بل المطمئن أكثر أن النوعين المشهورين من العلاج السطحي وهما الليسك والإبي ليزك نتائجها متقاربة لذا لا داعي للتردد في قبول إجراء عمليات العلاج السطحي بناء على معلومات مغلوطة وأهمس في أذن كل مقدم على التخلص من النظارة أترك لطبيبك المعالج مساحة من الحرية في اختيار العملية المناسبة لعينيك.
د.وليد بن صالح الطويرقي
استشاري أول طب وجراحات العيون والليزك - مركز النخبة الطبي الجراحي