Al Jazirah NewsPaper Wednesday  10/07/2007 G Issue 12703
الرأي
الثلاثاء 25 جمادىالآخرة 1428   العدد  12703

متى ستكون معي وأنت معي؟
البندري عبدالعزيز

تغيب عني أياماً، تحسبها بلغة الأرقام، ولكنها بلغة حبي أعوام. لحظات الانتظار.. لحظات احتضار.. أحبك ليس هناك من جديد إلا في حبي، أحتاجك فهل أحتاج لعذر أبرر به حضوري؟ عذري قلبي فلا أستطيع الصمود أمام طوفان شوقي لك، أو فرحي بك، أو حزني عليك، يا روح الروح، أحتاجك أكثر من حاجة الجسد للروح، أفكر فيك كل لحظة، وأحلم بك كل لحظة، وأنتظرك كل لحظة، وأتمناك ولو لحظة، وأنت معي أتمناك وأنت بعيد أتمناك، فمتى ستكون معي وأنت معي؟ أصبح عالمي حلماً، وعالمك هو واقعي، ولكن وأنت معي لا أصدق أنك معي. أحس أنك حلم يبدأ وحلم ينتهي، لا تغب لحظة لحظة عن خيالي فكيف أعتاد غيابك؟ ولا أصدق أنك معي حتى أُفجع بغيابك، فكيف أعتاد حضورك..؟ حضورك في حياتي لقاء لا أصدق به، وفراق أخشى أن لا يعقبه لقاء، حين نلتقي لا أصدق بلقائك أبداً، وحين نفترق أحس بأننا لم نلتق قط، الفرق بين حضورك وغيابك فرق بين الحياة والموت، أنا بين لقاء وانتظار، بين روح تحتضر، وروح تنتظر، لا تقل لن ألقاك اليوم، دع اليوم يشرق بأمل شروقك دع قلبي ينتظر عيده، من دونك أعيش في ليل دامس، فصباحي يعلن ميلاده لحظة شروقك، لا أحتمل غيابك يوماً فكيف ستغيب شهراً؟ بكيت الشهر في يوم، فكيف أحتمل عذاب الشهر؟ شهر في يوم قبل الشهر فكيف سيمضي الشهر؟ أبقي في عمري شهر؟ آه ستنزع روحي في لمحة بصر؟ أتمنحني إجازة عنك؟ ليس في حبي لك إجازة؟ في كل الأحوال أنت معي لا يبعدني عنك شيء لأنك كل شيء، حضوري أنت، غيابي أنت لا إجازة في حبك، ولكن حبك منحني إجازة عن الناس والدنيا. سرقت قلبي مني ولن أسترده أبداً، أهديه لك الآن وكل آن هبة خاصة وخالصة ولكني أتمنى الآن لو أني قد زينته لك ووضعت حوله شريطاً ذهبياً وزففته لك على طبق من ذهب.. أتدري لماذا؟ لأنك رجل من ذهب، أنت مني كيف تبعد عني؟ تغيب وتبقى نار بعدك، فكيف سأعيش بعدك؟ كيف تغيب عن عيني وأنت لا تغيب؟ كل ذرة مني تنتمي إليك، كل ذرة مني تحن إليك.

ذكراك تلازمني كنبضاتي في عروقي، وأنفاسي، وروحي في جسدي حضورك في غيابك ألم، وحضورك في قربك فرح، أغمض عيني وأتخيل الليل يأتي وأفتح عيني وأتخيل النهار يأتي، بودي الأيام تمضي كرفة جفني متى أفتح عيني وأجدك معي بعد ليل ليس له آخر وصبر بلغ مداه؟ متى ألقاك يا حلماً يعز أن ألقاه حلماً؟ أنتظرك وكل لحظة قلبي يشوي على نار بعدك، ما أصعب بداية طريق يفصلني عنك ونهاية طريق يجمعني بك الأيام في بعدك أولها لا يحسب وآخرها لا ينتهي، بعدك على قلبي صخرة من نار، سكين الأيام على قلبي كالمنشار تتقدم لتتراجع، الموت ليس في أن أموت ولكن أن أرى نفسي وهي تموت، فأموت وأحيا لأموت، ما أطول هذا الشهر الذي أشهر في وجهي جميع أسلحة الدمار الشامل، وبعد، أبعد هذا الشهر شهر وشهر؟ قلبي يحتج بنبضاته، وبصمته، وبألمه، وبعذابه، قلبي يطير إليك ويدور حولك كالمجنون، فأحاول تكبيله بحبال الصبر، مهمتي تكبيله ومهمته تعذيبي (قلبي اشتاق لك وبينده لك) يجن قلبي وأجن معه، كل شوق العالم ومعه شوقي الخاص بقلبي لك، قلبي تلتهمه نار الشوق، بعدك أحرق قلبي وأخفي ملامحي، أصرخ ويصرخ الصبر معي، الموت في بعدك تغيب روحي، تعود روحي إلي، عندما مهدت لصاعقة غيابك عني كنت أظن أن عزيزاً علينا قد مات، فإذا بك تفجعني بموتي، من أجلك قبلت بالمستحيل الذي تستحيل معه حياتي، تغيب فتغتال فرحتي بسكين بعدك أحس أني يتيمة وكل من حولي يكسوه اليتم، الأيام تكشر عن أنيابها وتنهش من جسدي، أصبحت وجبة للأيام، تعال، بعدك يفتت قلبي، أعترف أني شظايا ألم، بقايا جسد بلا روح، آه كلما أحسست بقربك مني. كلما ازددت بعداً عني. كلما هممت أن أصرخ بأعلى صوتي فرحاً وأباهي بك وبقربك الدنيا صرخت مفجوعة من ألم بعدك عني عندها.. أفيق من حلم لقائك.. إلى عذاب بعدك.. إلى حلم انتظارك للأبد.. يبقى قلبي ويبقى حبي لك قمراً في سماء كل العاشقين.

ومضة

سأحفظ للمحبوب عهداً من الوفا

تلازمني ذكراه في البعد والقرب

فإن أنت يا قلبي تناسيت عهده

هجرتك يا قلبي وعشت بلا قلب


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد