Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/07/2007 G Issue 12704
ملحق البيعة
الاربعاء 26 جمادىالآخرة 1428   العدد  12704
تأسيس الحرس الوطني خدمة للدين والوطن
بناء الإنسان المسلم المتكامل في منهج الملك عبد الله هو نقطة البداية في كل طريق

كان الحرس الوطني على موعد مع قَدَرِه التاريخي وعصره الزاهر عندما أصدر الملك سعود بن عبد العزيز - رحمه الله - الأمر الملكي رقم 45 بتاريخ 10 - 9 - 1383هـ الموافق لسنة 1963م بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز رئيساً للحرس الوطني، وأحيل توقيعه إلى سمو الأمير فيصل بن عبد العزيز ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء آنذاك، ومنذ ذلك الحين بدأ عبد الله بن عبد العزيز يحقق طموحاته البعيدة في إنشاء قوة عسكرية وعقدية تسند القوات المسلحة السعودية في خدمة الوطن والدفاع عن مقدسات الأمة.

أراد عبد الله بن عبد العزيز أن يستثمر مزايا رجال الحرس الوطني، ميزة الأصالة العربية، والعقيدة الراسخة، والإيمان القوي، وحب الصحراء والفروسية، والمراس على القتال الصعب.. فرجال الحرس الوطني هم ورثة خصال أهل الجهاد والمجاهدين. الذين وضعوا قلوبهم على أكفهم وخرجوا يجاهدون مع الملك عبد العزيز لاستعادة وطنهم وإنشاء دولتهم، وهم الذين صنعوا ملحمة التأسيس العظيمة وحققوا الوحدة بعقيدة التوحيد، وهم الذين خاضوا القتال في حرب فلسطين ومن بعدها عادوا يحمون ثغور هذا الوطن وترابه المقدس، ويخدمون المسلمين الذين تهوي أفئدتهم من كل فج عميق لأرض هذا الوطن.

استراتيجية بناء الإنسان كانت استراتيجية عبد الله بن عبد العزيز لبناء الحرس الوطني واضحة الملامح، محددة الهدف، أساسها صناعة الإنسان أولاً قبل امتلاك السلاح، فالإنسان هدف التنمية وأداتها في الوقت نفسه. لهذا كانت خطة عبد الله بن عبد العزيز منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها قيادة الحرس الوطني أن يحقق أهدافه العسكرية ضمن إطار مهمة حضارية تقوم على العقيدة الإسلامية، والقيم العربية الأصيلة، والتراث الإنساني للحضارة الإسلامية، وكل هذا ما كان ليتحقق إلا ببناء الإنسان المسلم بناءً متكاملاً على كل المستويات الروحية والعقدية والثقافية والعلمية والمادية، الأمر الذي يؤدي بالحرس الوطني إلى تأدية دوره في ترسيخ الأمن وتحقيق الاستقرار وحماية النهضة الحضارية التي يشهدها الوطن بالمشاركة الفعالة فيها، وتعزيز الدفاع عن مصالح الأمة. وقد لخص الملك عبد الله بن عبد العزيز فلسفته في بناء الحرس الوطني بكلمات موجزة تقول: إن بناء الإنسان المسلم المتكامل هو نقطة البداية في كل طريق، ومن هنا كان الحرس الوطني حريصاً على التوازن الروحي لأبنائه، يسلحهم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة السمحة؛ لأنها هي التي تحدد الجوانب الثابتة الدائمة في الحياة الإنسانية، وهي التي تحدد أيضاً الجوانب المتغيرة المتحركة وتدفع بها إلى مسارات التقدم والرقي والتنمية. إن الالتزام بالإسلام الفعال والقبول به بوصفه الأصل العقائدي الموجه للقوة المادية للحرس الوطني ليس مجرد ميراث خالد، بل هو تجسيد للرغبات العميقة والقرارات الواعية لقيادة المملكة العربية ولشعبها المخلص لدينه وحضارته وقيادته التي هب خلفها يبني الكيان التاريخي العظيم الذي تمثل في إقامة الدولة العربية السعودية الحديثة، ورفع الدعوة الإسلامية، لأن الدعوة وهذه العقيدة الإسلامية هي السلاح الأول ضد الغزو الذي يفتك بالقلوب والعقول قبل أن يمزق الأجساد أشلاء.. فإذا انهارت الحصون من الداخل في الأعماق لن تنفع حصون أقيمت في الحدود والأطراف.. هكذا كانت الفلسفة التي ينطلق منها عبد الله بن عبد العزيز، ترى أن التقدم المادي وبناء القوة العسكرية لا ينبغي أن يصرف الحرس الوطني عن سياسة التوازن الروحي في شخصيات رجال الحرس الوطني.

رأى عبد الله بن عبد العزيز أن المملكة تشهد تغيراً حضارياً، وأن واقعاً جديداً يتشكل من خلال معطيات التنمية الواعية والنهضة الحاضرة، وأنه إذا لم تكن هناك عقيدة راسخة تسند هذا التحول والتغيير، فلن تؤدي الإمكانات المادية والقوة الصرفة إلا إلى التناقض المدمر، وإلى الضياع الروحي، وإلى خلق هوة بين النمو المادي والنمو الروحي، تقود إلى الصراع في أعماق الإنسان وإلى التوترات في بنية المجتمع وكيانه الروحي، وهذا ما يسعى الحرس الوطني إلى اجتنابه وتلافيه، ويقف له بالمرصاد في إطار هذه الفلسفة الرصينة والأهداف المتينة.

اهتم الملك عبد الله بن عبد العزيز بشخصية الإنسان وبنائه الروحي والمادي على السواء؛ لكي يحقق له التوازن بين احتياجاته المادية والروحية، وفق خطط شاملة ومدروسة بعيدة المدى مع التذكير بأن التقدم المادي، وبناء القوة العسكرية، لا يمكن أن يتما بأي حال من الأحوال دون البناء الروحي والثقافي والإيماني لرجل الحرس الوطني، ولكل رجال القوات المسلحة السعودية. لأن رجال الحرس الوطني جزء لا يتجزأ من أبناء هذا الوطن، وجزء أساسي في قواته المسلحة الباسلة، تعلموا في مدرسة عبد الله بن عبد العزيز أن الدفاع عن الوطن ليس بالسلاح وحده، ولا بالقوة المادية وحدها، وإنما قبل ذلك بقوة العقيدة ورسوخ الإيمان، وسعة الثقافة والتعليم. لهذا يكرر الملك عبد الله بن عبد العزيز في العديد من خطبه، وفي لقاءاته برجال الحرس الوطني، أن الإنسان هو أغلى وأثمن ما يملك هذا الوطن، وأن قيمة هذا الإنسان تحددها عقيدته، وثقافته، وحبه لوطنه، قبل أن تحددها قدرته المادية على امتلاك كل ما يمكن أن يشترى بالمال إلا الإنسان نفسه. وقد لخص الملك عبد الله بن عبد العزيز رسالة الحرس الوطني وتطوره في كلمات بليغة موجزة بقوله. كان الحرس الوطني أول جهاز عسكري أنشأه الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - من أبناء هذا الوطن السعودي الكبير عند توحيده لأجزاء الجزيرة العربية ليشارك في مسيرة كفاحه - رحمه الله - في توحيد المملكة، وتوطيد أركانها، وإشاعة الطمأنينة والاستقرار في ربوعها على مبادئ التوحيد والشعور العميق بالوطنية والولاء والإخلاص للأمة. وقد تطور الحرس الوطني منذ ذلك الحين متسلحاً بالمعرفة، والعلم والثقافة، والخبرات الفنية والإدارية والعسكرية، وتطورت رسالته لتشمل مهامه الوقوف إلى جانب أشقائه في قطاعات القوات المسلحة السعودية في الذود عن الوطن، وحماية أبنائه ومقدراته، وخدمة القطاعات التنموية للدولة، والعمل في مجالات الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وتدريب وتأهيل الكفاءات الوطنية في المجالات الفنية إلى جانب العسكرية، والإسهام في مجالات التوعية الثقافية باعتبارها رمزاً لتاريخ أمة بكل ما فيها من أمجاد وعزة وتصميم. وقد أوضح الملك عبد الله بن عبد العزيز هذه الفكرة في خطاب آخر آنذاك حين قال. الحرس الوطني سيسير في كل اتجاه عسكري واجتماعي وتعليمي وفني، كلما وجدنا الظروف مواتية والفرصة سانحة، فالعالم يتحرك ويسير في اتجاه التغييرات الكبرى، نحن في هذا العالم نتابع ما يجري، ونتفهم مشكلاته، ونأخذ منه ما نرى أنه مفيد، ونرفض ونتحفظ على كل شيء مضر بنا وبمعتقداتنا وأصالتنا. لذلك ستكون اتجاهاتنا في الحرس الوطني سائرة وفق ما أشرنا إليه.. نعم سنطور مفهوم الإنسان وفكره مثلما تطور سلاحه ومفهومه العسكري.. وقد جعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من بناء الحرس الوطني نموذجاً مثالياً لبناء الإنسان المسلم الصالح والوطني المخلص في هذا الوطن، ورعاه لبنة لبنة حتى تحول الحلم إلى حقيقة، وأصبح الحرس الوطني واحداً من أضخم المؤسسات العسكرية والثقافية والصحية الحضارية وطنياً وعربياً وعالمياً. عمليات الخطوط المتوازية قاد الملك عبد الله بن عبد العزيز باني الحرس الوطني ورائد نهضته الشاملة عمليات البناء وتحقيق الأهداف في خطوط متوازية وفي آن واحد، فتسليح رجال الحرس الوطني بأحدث الأسلحة سار مواكباً لمهمات بناء الشخصية الإنسانية الوطنية بالعقيدة الصحيحة والصحة الوافرة والتعليم الصحيح والثقافة الرصينة، فأنشأ المعاهد والمدارس والكليات العسكرية والمستشفيات الكبرى والمؤسسات الثقافية الحضارية وإصدار المجلات والمطبوعات التثقيفية وإقامة المهرجانات والمؤتمرات والندوات. واعتبر هذا الهدف - بناء الإنسان المسلم - أساس الجهاد الأكبر في الحرس الوطني؛ لأن ما عداه من مهمات عسكرية ليست إلا نتيجة له، فتكون الجهاد الأصغر الذي يتمثل في الدفاع عن المقدسات الإسلامية وتحرير القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. واستعادة المقدسات الإسلامية في فلسطين بعد تحريرها، ذلك الجهاد الأصغر لا يبلغ غايته، ويحقق أهدافه إلا بالجهاد الأكبر، وهو بناء وإعداد الجندي المسلم الشجاع.. والقائد المسلم الشجاع، عسكرياً وعقائدياً وفكرياً وروحياً وثقافياً وحضارياً، كما أن الجهاد الأكبر لا يؤدي غايته، ويحقق أهدافه، وتصان رسالته، إلا بالجهاد الأصغر، فلا حق بغير قوة، ولا قوة بغير مجاهدين صادقين، يجاهدون أنفسهم أولاً بالعقيدة الراسخة، والإعداد الدقيق، والبناء السليم، والتدريب المنظم، لينتصروا على أعداء العروبة والإسلام، بالنفوس الطاهرة، والعقيدة الراسخة، والأخلاق المجاهدة. وقد جعل الملك عبد الله بن عبد العزيز من نفسه طوال عقود بناء الحرس الوطني مثالاً يحتذى وقدوة صالحة لرجاله، ومثلاً أعلى للجنود والضباط والقادة في الالتزام والانضباط وحسن الخلق، وكان لهم رمزاً حياً للشجاعة والبطولة والإقدام، فكان تأثيره على الجنود والضباط تأثيراً عظيماً جعل منهم رجالاً يفخر بهم هذا الوطن. وفي سبيل ذلك فقد وفر لهم كل الإمكانات وجند كل الخبرات والطاقات من إعداد وتدريب، وتنظيم وتسليح، وجعل كل الأسلحة الحديثة موجودة ومتوافرة لكل أفراد وتشكيلات وكتائب ووحدات الحرس الوطني، إضافة إلى كونه يعتبر مثالاً رائعاً حقاً في الالتزام بالعمل الدؤوب، والجهد المتواصل، والبذل الدائم، والتضحية المستمرة، والإيمان العميق، والخدمة المثمرة، والكفاية العالية، والماضي المشرق، ولذلك فإنه يضع كل خطط التدريب والتنظيم، والترتيب والإعداد لكل أفراد الحرس الوطني، جنوداً وضباطاً وقادة، وفق أحدث مناهج العلم والتكنولوجيا العسكرية. ولضخامة المسؤولية واتساع شعابها، كانت هناك ضرورة لرجل على مستوى كبير من المسؤولية، ليحمل أمانة مشاركة القائد في المسيرة، فصدر أمر ملكي سام بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد العزيز نائباً لرئيس الحرس الوطني، وذلك في عام 1387ه 1967م ليصبح السند القوي لرئيس الحرس الوطني في تحمل أعباء التطوير والتحديث والدفع بالحرس الوطني في مسيرة العطاء. وكان توسع مهام الحرس الوطني واتساع تشكيلاته قد دعا الملك عبد الله بن عبد العزيز رئيس الحرس الوطني إلى تعيين نائب مساعد لرئيس الحرس الوطني، فصدر الأمر الملكي الكريم في عام 1395ه بتعيين معالي الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري في ذلك المنصب بمرتبة وزير. وفي ضوء خطط التطوير الحديثة التي واكبت نمو قطاعات الحرس الوطني، صدرت الموافقة السامية على إحداث منصب نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشؤون العسكرية، وذلك في عام 1421ه، وتعيين صاحب السمو الملكي الفريق أول ركن متعب بن عبد الله بن عبد العزيز لهذه المهمة، وقد شغل سموه قبل ذلك عدة مناصب في الحرس الوطني، آخرها نائب رئيس الجهاز العسكري وقائد كلية الملك خالد العسكرية. وسار التطور والرقي في الجوانب الحضارية متوازياً مع القوة العسكرية، وأعيد تشكيل الجهاز العسكري، ليصبح أكثر قوة وقدرة على مواجهة المهام الموكلة إليه، في مرحلة البناء، وكان عام 1394ه إيذانا ببدء مرحلة أكثر طموحاً، عندما وقع الملك عبد الله بن عبد العزيز اتفاقية لتطوير وحدات الحرس الوطني، وفق أحدث النظريات العسكرية تنظيماً وتسليحاً وتدريباً، ليشمل قوات المشاة الميكانيكية الحديثة، والمدرعات، والمدفعية، والصواريخ الميدانية، والرادارات وشبكات الاتصالات العسكرية، ووحدات الهندسة العسكرية، الإمداد والتموين، وكل متطلبات القوات الحديثة من مراكز قيادة وغيرها. كما شهد التطوير سلاح الإشارة للحرس الوطني، وذلك عندما وقع الحرس الوطني عام 1398ه اتفاقية مع الحكومة البريطانية لتقديم أحدث أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وتدريب الفنيين بالحرس الوطني على التشغيل والصيانة، وتهيئة الاتصالات الداخلية، والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، لتلبية مطالب الحرس الوطني. كما تخدم هندسة الميدان جميع قوات الحرس الوطني العسكرية، وتلبي متطلباتها في الحرب والسلم، في جميع ما يخص أعمال الهندسة العسكرية. ومنذ توقيع اتفاقية التطوير والحرس الوطني يقيم تمريناً تعبوياً، وذلك من أجل اختبار القادة والضباط، والقيادات والوحدات والتشكيلات، ومعرفة ما وصلت إليه من كفاءة في تحقيق مهامها القتالية، وأهدافها التدريبية وكفاءة السيطرة على القوات، والمقدرة على نقل الإصابات والإخلاء الطبي وكفاءة الشؤون الإدارية والإمداد والتموين. وتجري هذه التمارين بالذخيرة الحية وذات جانبين في ظروف ميدانية واقعية تتنوع من حيث المهام التدريبية وأماكن تنفيذ التمارين وأوقاتها وظروفها المناخية. وهذا التقدم والتطور المذهل، لم يكن غائباً عن ذهن المسؤولين في إدارة الحرس الوطني. فالقيادة الحكيمة للملك عبد الله بن عبد العزيز - ولي العهد آنذاك - ورئيس الحرس الوطني، نقلت الحرس الوطني من وحدات تقليدية إلى وحدات عسكرية متطورة، وأصبح الحرس الوطني مؤسسة حضارية عملاقة، وقوة عسكرية متجددة، تقف شاهداً حياً على قوة وشموخ كيان المملكة العربية السعودية، التي حققت في زمن وجيز تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله العديد من الإنجازات والقفزات التنموية. وذلك من واقع المهمتين الرئيسيتين للحرس الوطني اللتين حددهما رئيس الحرس الوطني الملك عبد الله بن عبد العزيز وهما المهمة العسكرية، والمهمة الحضارية، انطلق الحرس الوطني في بناء قوته العسكرية على أحدث النظم العسكرية في العالم، والمسلحة بأحدث ما وصلت إليه تقنيات العصر، إلى جانب الإيمان القوي، والعقيدة الراسخة، كما حقق بالفعل منجزات ومشروعات حضارية عملاقة في كل المجالات. وبعد أن كان الحرس الوطني يقتصر على وحدات المشاة البسيطة في تنظيمها وتسليحها، أصبح يشتمل على ألوية المشاة الميكانيكية الحديثة، والمدرعات، والمدفعية، والصواريخ، والرادارات، وشبكات الاتصالات العسكرية، ووحدات من الهندسة العسكرية والإمداد والتموين وكل متطلبات الجيوش الحديثة. الكفاءة العلمية والجاهزية القتالية وما كان الحرس الوطني ليصل إلى هذه المكانة العسكرية العالية دون اهتمام رئيسه ورائده الملك عبد الله بن عبد العزيز بالتعليم عموماً والتعليم العسكري خصوصاً، وهو الوسيلة التي جعلت من الحرس الوطني قوة نظامية تواكب مستجدات العصر، فكان تشكيل فرق الفدائيين وهي كتائب مشاة خفيفة منظمة ومسلحة بأحدث الأسلحة ثم بدأ توصيل العلوم العسكرية إلى قاعدة أوسع وأعرض فأنشأ الملك عبد الله المؤسسات العسكرية الفنية التي استقبلت الجنود وضباط الصف والضباط لتدريبهم، ورفع مستوى الكفاءة العلمية والقتالية لديهم، وذلك لتخريج جيل من العسكريين المؤمنين بالعمل والتقنية الحديثة وأساليب التنظيم، وقد زودت هذه المدارس العسكرية بكل مستلزماتها من ميادين الرماية، وساحات للتدريب أو ميادين للاقتحام لتأهيل كل الرتب العسكرية، وأخذت هذه المدارس بعداً عميقاً في تطوير وتحديث أقسامها بطريقة دورية لمواكبة كل المستجدات في المجال العسكري والفني لنمو وحدات الحرس الوطني وتخريجها لآلاف من الضباط وضباط الصف والجنود المؤهلين في التخصصات كل. وقد شهدت مراكز التدريب في الحرس الوطني تطوراً مستمراً في مجالات تجنيد المستجدين وتدريبهم ودورات ضباط الصف الذين يرشحون من مختلف قطاعات الحرس الوطني إضافة إلى دورات تأهيل الأفواج. كما أرسل الحرس الوطني الضباط إلى الخارج للتعلم، ودعا بعض الخبراء والمستشارين والمدربين من الخارج، وقد أدى هذا الاحتكاك مع العالم الخارجي إلى تعريف الضباط بمنجزات العلوم العسكرية العالمية، وتنظيمات القوات المسلحة الأخرى، والحصول على الأسلحة الحديثة المؤثرة، والوقوف عن كثب على قواعد التدريب المتقدم، ومستويات التأهيل الممتازة. وأصبح الجهاز العسكري للحرس الوطني أقوى تسليحاً وتدريباً، وأحدث تخطيطاً وتنظيماً، وأقرب ما يكون إلى أساليب العصر.. وأرسخ من قواعد الانضباط. وقد حرص الملك عبد الله بن عبد العزيز على تحديث المعلومات العسكرية لدى العسكريين حرصه على تحديث الأسلحة إدراكاً منه أن المعرفة تتجدد مع إشراقة كل شمس، وأن الإنسان مهما بلغ علمه لا يتوقف عن طلب العلم وتجديده، وأن شراء الأسلحة الحديثة دون أن تكون وراءها عقليات مواكبة لتطور العلوم العسكرية لن يكون مجدياً، من أجل ذلك دخل الحرس الوطني في وثبة كبيرة ومرحلة نوعية جديدة اعتبارا من يوم 12 - 3 - 1394ه عندما وقع الملك عبد الله بن عبد العزيز اتفاقية مع إحدى الدول المتقدمة تقضي بتشكيل جيل ثالث من الوحدات العسكرية هي فرق الأسلحة المشتركة المزودة بالمدرعات، وبالأسلحة المتنقلة للدفاع الجوي، ونظم الدفاع ضد الدبابات وبطاريات المدفعية وغير ذلك من أسلحة متطورة. وقد أدلى الملك عبد الله بن عبد العزيز - الأمير آنذاك - يومها بتصريح لوكالة الأنباء السعودية ولمندوبي الصحافة العالمية قال فيه. - بعون الله - ، ثم بتوجيهات من صاحب الجلالة الملك فيصل المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة، تنفذ الخطوات اللازمة للنهوض بالحرس الوطني إلى أرفع مستوى تدريباً وتسليحاً للإسهام في حماية أمن هذه الأمة ومثلها وعقيدتها. وبموجب هذا البرنامج تخرجت فرق الأسلحة المشتركة، وفرق الإمداد والتموين وفرق المدفعية، وشهدت المراحل المتقدمة من هذا البرنامج بتشكيل اللواء الآلي الأول ثم اللواء الآلي الثاني. وتعد مناورات الربيع التي يجربها الحرس الوطني هي المحك العملي لقدرات وحداته كلها، وقد أثبتت هذه المناورات كفاءة جندي الحرس الوطني، وقدراته القتالية وأبرزت بما لا يقبل الشك أن هذا الجندي قد استوعب ما تعلمه واستخدمه أفضل استخدام، وحوله إلى عمل فعّال ومهارات ميدانية مهمة للمعركة. وقد أثبتت القوات المشاركة في هذه المناورات أنها تستطيع أن تتعامل بكفاءة مع الظروف التعبوية المختلفة فهي تملك الصواريخ المضادة للدبابات، والأسلحة المضادة للطيران، والأسلحة المساندة للمشاة من مختلف الأعيرة. وقد حرص الملك عبد الله بن عبد العزيز رئيس الحرس الوطني أن يلامس التحديث كل الأسلحة. وعلى الرغم من السرعة التي تم فيها النمو في هذه القوات ومعداتها وأسلحتها فإن مستواها لم يتأثر، وبقي الجندي قادراً على الاستيعاب والإتقان ولو اعتبرنا فاتح خير. في عام 1399ه هو البداية وعام الأساس فيما يتصل بحجم التطور والمشاركة وعناصر المعركة والقوات لرأينا أن عام 1405ه شهد في مناورات العرين. مضاعفة لتلك العناصر وصلت إلى 400. ومع ذلك فقد صرح الملك عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد - آنذاك - ورئيس الحرس الوطني بعد متابعته لإحدى المناورات بقوله إن ما شاهدناه اليوم في هذه المناورات يجعلني فخورا ومعتداً ومتفائلاً بأن جندي الحرس الوطني قادر على أن يتجاوز بكفاءة تامة كل تعقيدات الأسلحة الحديثة، فقد تجاوزها واحدة واحدة، فكلّما وضعنا في يده سلاحاً حديثاً وقدرنا لفهمه فترة زمنية.. تجاوزها بسرعة.. وما هذه الدقة في الرماية وفي الإصابة، وما الانضباط وما الحيوية التي يراها الجميع إلا نتيجة لجهد شاق ومران صعب قابله في هذه الصحراء أعواما وشهوراً طويلة. قطاعات الحرس الوطني ووكالاته وللحرس الوطني قطاعات متعددة عسكرية وخدمية وتنظيمية وإدارية وثقافية يؤدي كل منها دور في تكامل وتجسيد رائعين لوحدة الهدف وتحقيق الاستراتيجية التي رسمها لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وفيما يلي بعضها. الحرس الوطني للقطاع الغربي يضطلع الحرس الوطني بالقطاع الغربي كغيره من قطاعات الحرس الوطني الأخرى بمهام عديدة ومنها تحقيق استراتيجية الحرس الوطني في حفظ الأمن والمساندة في الإشراف على التمارين التعبوية والتكتيكية لقطاعات الحرس الوطني في القطاع الغربي والإعداد والإشراف على خطط الحرس الوطني في خدمة ضيوف الرحمن في بيت الله الحرام جنباً إلى جنب مع القطاعات الحكومية، كانت البداية حين صدر الأمر بافتتاح فرع للحرس الوطني. بمكة المكرمة عام 1374ه. للإشراف على تشكيلات الحرس الوطني وأفواجه هناك، ثم انتقل الفرع من مدينة مكة المكرمة إلى مدينة جدة في عام 1377ه. بعد ذلك تم تطوير فرع الحرس الوطني في جدة عام 1383ه إلى وكالة الحرس الوطني للمنطقة الغربية، وعين وكيل للحرس الوطني للمنطقة الغربية، ثم عدل اسمها إلى وكالة الحرس الوطني بالقطاع الغربي تنفيذاً للأمر الملكي الكريم رقم أ - 20. وتاريخ 30 - 3 - 1414ه. وفي عام 1420ه صدرت موافقة الملك عبد الله بن عبد العزيز على تعديل اسم وكالة الحرس الوطني للقطاع الغربي إلى الحرس الوطني للقطاع الغربي. الحرس الوطني للقطاع الشرقي كانت البداية في المنطقة الشرقية بالأفواج المرابطة في المنطقة وذلك عند بداية تشكيل الحرس الوطني، حيث بدأت ثلاثة أفواج مرابطتها في المنطقة في عام 1375ه. ومع بداية التطوير لقطاعات الحرس الوطني تم في عام 1382ه. إنشاء مكتب للحرس الوطني. في المنطقة الشرقية ليتولى المهمات الإشرافية على تلك الأفواج في المنطقة، وفي عام 1385ه. صدر الأمر بتطوير فرع الدمام وتحويله إلى وكالة. تحت اسم وكالة الحرس الوطني بالمنطقة الشرقية، حيث يشمل هيكلها التنظيمي معظم التقسيمات التي يشملها الهيكل التنظيمي للحرس الوطني، كما صدرت في عام 1420ه موافقة الملك عبد الله بن عبد العزيز على تعديل اسم وكالة الحرس الوطني بالمنطقة الشرقية إلى الحرس الوطني للقطاع الشرقي. المدن العسكرية وميادين الرماية انطلق الحرس الوطني بكل جدارة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - ولي العهد آنذاك - ورئيس الحرس الوطني في مشروعات الإسكان، وتوفير المناخ المناسب لمنسوبيه، استكمالاً للوضع الذي يعمل الحرس الوطني على إيجاده، نتيجة إيمان القيادة بأن الإنسان هو أغلى وأثمن ثروة لبلادنا، الذي من أجل كرامته وسعادته، تقوم كل المشروعات العملاقة. فأنشأ الملك عبد الله المدن الإسكانية العملاقة في مدن المملكة المختلفة، وفي هذا الإطار نفذ الحرس الوطني ست مدن سكنية، يبلغ عدد فللها بالكامل 12.539. فيلا، في كل من الرياض وجدة والأحساء والدمام والطائف، أنفقت عليها الدولة أكثر من 15 مليار ريال سعودي. وقد جاءت دراسات مشروعات الإسكان متكاملة، فتمت دراسة المتطلبات والمعلومات اللازمة وشملت الدراسة الميدانية جميع جوانب الاحتياج بدءاً من نفسية الفرد وعاداته وتقاليده، وانتهاء بمتطلبات المشروع من المرافق والخدمات، وتمت الاستفادة من دراسات لفريق الفنيين في وكالة وزارة الشؤون البلدية والقروية لتخطيط المدن لتكملة الاعتبارات التي يجب مراعاتها في تخطيط المناطق السكنية، وتمت استشارة الوحدات العسكرية لأخذ رأيها الفني في الميادين والمنشآت العسكرية وفي التصاميم التي جرى إعدادها. وتم تزويد المدن الإسكانية بعشرات المباني المكملة من مساجد، ومدارس، ومستوصفات، وملاعب وميادين للخدمات، وأسواق مركزية، ورياض للأطفال، ومكتبات عامة، وأندية ترفيهية واجتماعية، ومحطات إطفاء، ودورات مياه عامة، ومبان للضيافة، ومحطات خدمة للسيارات. وشرع الحرس الوطني في إطار نهضته العمرانية في توسعة المدينة الطبية لمستشفى الملك فهد، لتشمل 229. فيلا و 117. شقة، وروضة أطفال ومدارس، وسوقاً محلياً ومسجداً، ومحطة إطفاء ومحطة لمعالجة مياه المجاري، ومبنى صيانة، وشملت المشروعات الإسكانية إسكان منسوبي كلية الملك خالد العسكرية من المدربين والخبراء وتزويد المجمع السكني بكل الخدمات الضرورية اللازمة. وقد نفذت المشروعات الإسكانية حسب المواصفات المطلوبة وبخدماتها اللازمة في ديراب بالرياض، وفي الأحساء والدمام وجدة والطائف. إن المشروعات الإسكانية العملاقة التي نفذها الحرس الوطني ومدنه الإسكانية، تعد نقطة تحول كبيرة من أجل توفير كل سبل الراحة، والعيش الكريم والرفاهية لمنسوبي الحرس الوطني، حتى يقوم أفراده بتنفيذ أدوارهم على الوجه الأكمل، وهي لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن النهضة العمرانية التي شهدتها المملكة في كل أرجائها، وجانب من ملامح العطاء والبناء والازدهار الذي تشهده المملكة الآن، في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، ويعكس اهتمام القيادة بالمواطن، ويترجم العلاقة بين المواطن والدولة على شكل التزام متبادل، يعود خيره في النهاية على الوطن والمواطنين، هذا المبدأ يؤكد أن المواطن السعودي هدف التنمية وأدائها في الوقت نفسه، هدف التنمية لأن كل المشروعات، وكل العطاءات، إنما ترمي إلى سعادة المواطن، وتيسر سبل الحياة له بأفضل مستوى ممكن، على صعيد الفرد والمجتمع، وأداة التنمية لأن المواطن السعودي هو المسؤول أولاً وأخيراً عن تنمية وطنه، وتنفيذ الخطط التنموية، والمشاركة في بناء الوطن أياً كان موقعه وإمكاناته. وما الحرس الوطني إلا جزء من الشعب ومن حصن حصين لوطن أشم، وأفراده مخلصون لدينهم وآبائهم وتاريخهم، مشاركون في بناء مجتمعهم وحضارته حارسون لأصالته ومسيرته. ولم يغفل الملك عبد الله بن عبد العزيز عن التوجيه بإعداد ميادين الرماية، فهي مسارح تعليم العمل العسكري وساحاته، منها يكتسب الفرد المهارات والقدرات، والمقدرة على التصويب وإصابة الهدف وإجراء المناورات العسكرية، والسيطرة على الأسلحة المختلفة، واستعمال الذخيرة الحية، واكتساب فنون القتال من على المدرعات والأسلحة الثقيلة، وإكمال اللياقة البدنية، وتعليم أفراد الحرس الوطني الصبر، وقوة التحمل. وقد زودت هذه الميادين بكل ما يلزم لتحقيق الأهداف المرجوة، في كل مواقع الحرس الوطني في المملكة، كما ينفذ الحرس الوطني تمارين سنوية للتعبئة تحت رعاية الملك عبد الله وذلك لإبراز مدى كفاءة أفراده في مجالات التدريب المختلفة، وكفاءة التحرك والسيطرة على القوات، والمقدرة على نقل الإصابات والإمداد والتموين، وإتقان الاتصالات اللاسلكية، ومن التمارين التي نفذت. فاتح خير، شروق شمس، صقر الجزيرة، الدرعية، اليمامة، نجد، العرين، التوحيد، أسد الجزيرة، المجد، العدل والسلام وكالة شؤون الأفواج وتعد الألوية النواة الأولى التي تشكل منها الحرس الوطني، فعلى الرغم من تكوين القوة الضاربة الفعالة في الحرس الوطني التي تمثلها وحدات الأسلحة المشتركة الحديثة والوحدات المساندة لها، ظل الحرس الوطني مبقياً على ألوية المجاهدين بزيها وتسليحها ومهامها الخاصة بها وفاء للأجداد والآباء، والإبقاء على رمز جيل المجاهدين الذي وحد المملكة. وتم إحداث الشؤون العسكرية بالحرس الوطني للإشراف على هذه الألوية من الجوانب الوطنية والتموينية والإنشائية والتعليمية والصحية والإرشادية، ومع التطوير الذي شمل كل قطاعات الحرس الوطني نتيجة لتوسع المهام وتطور ونمو الهيكل التنظيمي ونتيجة لزيادة أعداد ألوية الحرس الوطني - التي سميت فيما بعد بالأفواج - تم إحداث وكالة الشؤون العسكرية التي تغير اسمها فيما بعد إلى وكالة شؤون الأفواج لتتمكن من تأدية الخدمات المناسبة والملائمة لمهام الأفواج إضافة إلى مهمات أخرى للوكالة. وفي مجال الاتصالات يعمل الحرس الوطني على تطوير سلاح الإشارة، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم مع إحدى الشركات البريطانية المتخصصة لتنفيذ مشروع تحديث وتطوير الشبكة الشاملة لاتصالات الحرس الوطني. وقد أبقى الحرس الوطني على تشكيل سلاح الفرسان ليتولى الحفاظ على التراث العربي الأصيل المتمثل في بث روح الفروسية والاستعداد، وصون الخيول العربية والإبقاء عليها، ويشارك هذا السلاح في إحياء المهرجانات والمناسبات والاحتفالات الرسمية والوقوف إلى جانب وحدات الحرس الوطني الأخرى إذا ما تطلب الأمر ذلك. وفي عام 1405ه تم إنشاء نادي ضباط الحرس الوطني بالرياض ليشمل في عضويته الراغبين في ممارسة الأنشطة الرياضية من عسكريين ومدنيين.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد