Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/07/2007 G Issue 12704
ملحق البيعة
الاربعاء 26 جمادىالآخرة 1428   العدد  12704
عبد الله بن عبد العزيز رائد الفروسية والشجاعة والشهامة
الملك عبد العزيز وجد في ابنه عبد الله حباً أكثر للصحراء وحياتها وميلاً نحو الفروسية ورجالها فشجعه على ذلك

في مدرسة فارس الفرسان الملك عبدالعزيز للبطولة والرجولة والشهامة ومكارم الأخلاق تخرج الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقد جمع مجد الفروسية والشجاعة من أطرافه، فقد حمل عن أبيه عراقة المحتد والأصالة وعلو الهمة والإقدام في الشجاعة والبطولة في الفروسية، وتضاعفت في شخصه الصفات نفسها بما ورثه عن جده لأمه العاصي بن كليب الذي كان من أشهر فرسان الصحراء، ومن أبرز شيوخ قبائل شمر وبالمثل كان خاله الفارس مطني بن العاصي بن شريم ورغم أن جميع أبناء الملك عبدالعزيز تخرجوا في المدرسة نفسها إلا أن الملك عبدالعزيز كان بحكمته يوجه كل واحد من أبنائه لما يراه فيه من ميول ومواهب وقد وجد الملك الوالد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في ابنه عبدالله حباً أكثر للصحراء وحياتها وميلا نحو الفروسية ورجالها، وتتبع لتاريخهم وبطولاتهم فشجعه على ذلك وهيأ له السبل لممارستها ومعرفة رجالها الفروسية مجد وأبطال استوعب عبدالله بن عبدالعزيز في مرحلة باكرة من حياته تاريخ الفروسية في الجزيرة العربية، وكان والده أشجع فرسان العرب على الإطلاق في عصره فجعله قدوته، وعرف من سارت بأخبارهم الركبان وأعجب ببطولاتهم حتى ولو كانوا من أعداء والده، فقد تعلم من والده العظيم أن الإنصاف والاعتراف بالحق في الناس من أهم مزايا الفارس المسلم وفي مقدمة خصال مروءته وقد كسب الملك عبدالعزيز الكثير من أبطال أعدائه بهذا المنهج في تقييم الرجال ومعرفة معادن الأصلاء منهم فاستطاع أن يحولهم من أعداء إلى أصدقاء وهكذا عرف عبدالله بن عبدالعزيز أعلام الفروسية جميعاً، ممن قاتلهم عبدالعزيز أو تصدوا لقتاله أو سالموه أو كانوا من أنصاره أضف إليهم فرساناً آخرين لم يكونوا من هؤلاء ولا أولئك، من سكان أطراف الشمال أو بادية الشام أو بادية العراق وكثيرين غيرهم وسمع عبدالله بن عبدالعزيز من والده تاريخ فروسيته عندما كان في عنفوان شبابه، وهي تعد بحوالي عشرين عاما من حياة الملك عبدالعزيز قضى أكثرها في حروب أو استعداد لها فإنه تفرد بين أقرانه بمزايا في أساليب المفاجآت تصبيحا أو هجادا أو من حيث لا ينتظر عدوه هجوماً امتاز الملك الفارس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بتضليل العدو قبيل الالتحام به، إذا كان هذا في كثرة من العدو، فإذا أراد الزحف على جهة مشى إلى غيرها ثم عاد إليها وقد تكون هذه مضادة للأولى، فيوهم من معه ليعلم البعيد عنه أنه زاحف لغزو قبيلة في الجنوب ويمضي جنوباً، فإذا أوغل في الصحراء غير مساره بأن يتجه إلى الشرق أو الغرب أو الشمال ويعتمد كثيرا على الاستخبارات قبل الملاقاة، فقلما أغار على أرض يجهلها أو ليس له عين فيها يبعث إليه بأخبارها ويتفنن في وسائل استقاء الأخبار وكتمان ما يتصل به منها حتى عن خاصته أحياناً فقد يقول لرسوله المفاوض في الصلح مثلاً إذا رأيت القوم على استعداد وحذر فأرسل إليّ راكباً على فرس، وإن كان العكس فأركبه جوادا، فيأتيه النبأ وحامله يجهله ويكثر من الاحتياط إذا هم بالزحف، ويفترض في خصمه من القوة أضعاف ما هو فيه بل إنه ليقدر أحيانا أن قبائل أو حواضر مجاورة لعدوه، أو هي على تصاف معه، ستتألب مع الخصم عليه، فيستعد لقتاله وقتالها جميعا وهذا هو السر في أنه كثيرا ما محا أثر الجموع المقاتلة له وقد يفاجئ خصمه بقليل من رجاله، ثم يعيد الكرة مناوشاً ومستدرجاً ودافعا إلى أن يضعفه أو يختبر مكامن الضعف فيه، فيكر عليه الكرة الساحقة قال يوما في أحد مجالسه الخاصة لست أشجع الناس، ولكن إذا كانت المعركة ذات بال، وسيعقبها أمر فاصل، وعزيزة المسلمين في خطر، فإني آتي من الأعمال بما لا يأتيه غيري في المعركة ويتحدث الملك عبدالعزيز في المناسبات عن وقائعه ولكنه قلما يذكر منها إلا مواقف الخطر والروع، ولا يأنف من أن يقول انهزمنا أو هربنا أو خفنا، فالحرب سجال كما يعرفها، وخدعة كما يصفها، والأمور بخواتيمها ويروى عنه لو كانت الحروب العربية كالحروب التي نسمع عنها في البلاد الأجنبية ملوكها وقادتها يرتبون خطة الحرب، وهم جلوس في منازلهم، والناس ينفذون أوامرهم، لهانت الحرب، ولكني في حروبي على خلاف ذلك لقد كنت في أكثر المعارك، في طليعة القوة المهاجمة وبهذا كنت أرى استبسال من معي في القتال غير بسالتهم لو كنت وراءهم أدرك عبدالله بن عبدالعزيز، ما سمعه من أبيه أو علمه عنه واختزنه وأفاد منه في حياته، وأصبحت الفروسية عند عبدالله بن عبدالعزيز ليست في ركوب الخيل بل في ما نتعلمه من ركوب الخيل ومواجهة الصعاب ومبادرة الأمور بنفسه، وهو ما شب عليه إلى اليوم ومن خلال معايشة هذا الواقع الفروسي حقيقة أو تاريخاً كان عبدالله بن عبدالعزيز من أكثر أبناء الملك عبدالعزيز تردداً على إسطبلات خيول والده، وعلى مرابطها التي كانت كثيرة فقد كان يوجد بها سنة 1355هـ 1936م نحو ألف فرس منها مائتا فرس اختصها الملك دون سواها لأن معظمها من خيول أجداده وكان من أجود خيوله في حروبه الأولى، فرس يفضلها لركوبه، اسمها مُنيفة قتلت في إحدى المعارك، واستعاض عنها بفرس أُخرى تسمى الصويتية ذكرهما فؤاد حمزة في كتاب قلب جزيرة العرب وفي حديث للملك عبدالعزيز سنة 1355هـ 1936م عن الخيول ودورها في الحياة في الجزيرة العربية قال كانت الخيول العربية، ضرورية جداً للبدو، قبل عشرين عاماً، حيث كان الغزو قائماً بينهم على قدم وساق، فكان البدوي لابد له أن يقتني فرساً أو أكثر مهما يكلفه ذلك من غذاء وماء لها، حتى حليب إبله، فإنه يؤثر به أفراسه على أولاده ونفسه، وذلك ليستطيع الكرّ بها على أعدائه والفر عليها بما تصل إليه يده من غنيمة، والنجاة بامتطاء ظهرها أما الآن 1355هـ 1936م وقد أصبح الغزو أثراً بعد عين، والبلاد آمنة، لا يخاف الإنسان فيها على نفسه أو ولده أو ماله، قل أو كثر، فليس هناك حاجة إلى رباط الخيل، لما يتطلبه ذلك من التكاليف الباهظة؛ إذ لا يوجد ما يبررها وكانت الخيل فيما مضى، عدة من عدد الحرب لصاحبها، إذ كانت وسائل المقاتلة بالسيوف، والحراب، والبنادق القصيرة المدى أما اليوم وقد صارت الحروب بالبنادق البعيدة المرمى، فقد أصبحت حياة الخيول وركابها عرضة للخطر المحقق، حيث يلحقها رصاص هذه البندقية السريعة الطلقات، البعيدة المرمى وسرعتها تفوق سرعة الخيل بمراحل أنا أحب الخيول لكن للأسف تطورات الحياة الحديثة جعلت الخيل في إدبار والحديد في إقبال ومن أحب خيول الملك عبدالعزيز كما ذكرنا إلى قلبه فرس اسمها منيفة وفرس اسمها الصويتية وكانت هذه الخيل موضع إعجاب وعناية الأمير الشاب عبدالله بن عبدالعزيز فارس الفرسان لقد ظن المؤرخون أن ظهور الملك عبدالعزيز قضى على آخر ما عرفته الجزيرة العربية من هذا النوع الفحل من الفروسية وذلك لسببين الأول أن مواهب خصومه الحربية وعبقرياتهم، كانت تتضاءل وتتوارى شيئا فشيئا أمام غاراته وكرّاته، وهو لا ريب أثبتهم جنانا وأحكمهم تدبيرا، فكانوا يتساقطون بين يديه، واحدا فواحدا، فمن سلم انضوى إلى لوائه، ومن قتل انطوى خبره والسبب الثاني ما تم على يديه من تنظيم شبه الجزيرة، وإقامة دعائم الأمن فيها ونشر روح الدين بين أبنائها وتآخي من كانوا بالأمس تفرقهم العداوات وتحفزهم إلى الشر غرائز الجاهلية الأولى فلما انتظم شمل الملك وحرم الغزو القبلي، دخل السيف والبندق في خدمة الدولة، وعادت الفروسية جندية وربما لهذين السببين لم يدر بخلد المؤرخين أن يظهر بين أولاد الملك عبدالعزيز من يرفع راية الفروسية ويعيد لها مجدها ويوظفها توظيفا جديدا في خدمة الدين والثقافة والحضارة هذا ما فعله عبدالله بن عبدالعزيز من بعد أبيه حتى أصبح بحق فارس الفرسان في العصر الحديث وقد توافق عشق عبدالله بن عبدالعزيز للفروسية منذ صباه مع خصاله وسجاياه التي رافقته طوال عمره، ولحظها فيه أبوه فباركها وعضّده فيها، وكان أهمها حبه للصحراء الذي أصبح عشقا، وميله للابتعاد عن زحام الحياة لبعض الوقت للتأمل والتفكير والصحراء كما هو معروف بأرضها المنبسطة وسمائها المفتوحة على الكون مدعاة للتأمل والتفكير لاحظ الملك عبدالعزيز في ابنه عبدالله هذه الصفة، وسعد بها، فعبدالله لا يتكلم كثيراً، وإذا تكلم عبر عن نفسه في كلمات قليلة، وكانت قلة كلامه تضعه دائما أمام الصواب، وقد استوعب منذ تلك السن الباكرة مقولة من كثر كلامه كثر خطؤه والعكس وإذا لم يتكلم وصمت فهم والده الملك عبدالعزيز أنه في حيرة فينتظر ثم يبوح الملك عبدالله بالسؤال، وهنا يتلقى جواب الحكمة من المعلم الكبير الملك عبدالعزيز والحقيقة أن التمرس بحياة البادية الصارمة وممارسة الفروسية المقدامة وحب الصحراء النقية لم تنعكس على سلوكه الشخصي ومعاملاته بل انعكست أيضاً على ملامحه، فوجهه بإجماع أفضل الرسامين في العالم يعد نموذجاً للرجولة الحقة والشجاعة والصدق والنقاء، وأصبح بإجماع رجال الفروسية أشجع فرسان العرب في التاريخ الحديث، وهذا ليس بعجيب ولا غريب، فقد شجعه والده الملك عبدالعزيز على ذلك كما رآه يميل فطرياً لهذه الحياة الصلبة الرائعة، فكان يمضي أكثر أوقاته في أحضان طبيعة الصحراء، وبين رجال البادية، ومع الفرسان في رحلات القنص، واشتهر الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأنه من أكبر المهتمين والمتابعين والمشجعين لسباق الهجن وسباق الخيل منذ تلك المرحلة الباكرة من حياته وإلى أن أصبح ملكاً وهكذا توطدت علاقته بالخيل منذ كان شاباً يافعاً حيث ظل في متابعة فروسية والده وإخوته الأكبر منه سناً وأبطال الفروسية في الجزيرة العربية، وركب الخيل في صباه وأظهر في ركوبها جرأة وشجاعة وإقداما نال بها إعجاب الملك عبدالعزيز، وكثيرا ما كان الملك عبدالله يخرج في رحلات القنص ويمارس هواية صيد طيور الحباري في شمال المملكة أو جنوبها ويغيب هناك لفترات تصل أحيانا إلى أربعين يوما حيث الصيد والقنص والسمر مع الأصحاب والتأمل في ملكوت الله والتفكر في أحوال الوطن والأمة الذي لا يفارقه أينما كان، وكان من أهم ما يحرص عليه في أمثال هذه الرحلات اصطحاب الصقور التي يحبها، ولا عجب أن يحب صقر العرب وفارسهم الأصيل الصقور الأصيلة ومع ذلك، وحتى في الصحراء مكان الخلوة، يحرص عبدالله بن عبدالعزيز على عدم الابتعاد عن الناس، وتلمس احتياجات المواطنين، فكان يلتقي في هذه الأثناء برؤساء العشائر ويستقبل وفودهم، وكان بعض هؤلاء الرؤساء يتنافسون في تقديم أجود خيولهم إليه أو معرفة رأيه في أنواعها وصفاتها وقيمتها، ورغم حرصه على سباق الهجن والإبل على مستوى العالم العربي لا المملكة وحدها، وحبه للقنص وللصقور، إلا أن حبه الأكبر والغالب كان ولا يزال للخيل الأصيلة؛ حتى أصبح مرجعا عالميا في الخيول وأجناسها، فلم تكن معرفته بالخيول معرفة نظرية بل معرفة الفارس الخبير بها، فهو من أفضل من ركب الخيل، وما أكثر الجوائز التي حازها في ركوب الخيل في عنفوان شبابه، وقد انعكس هذا على تشجيعه ودعمه ورعايته لسباقات الخيل والإشراف على تدريبها حتى أصبحت المملكة تخوض سباقات الخيل العالمية وتحوز جوائز السبق فيها، وملكها الآن يعد مرجعا عربيا وعالميا في علم مرابط الخيل العربية مثل الكحيلة والحمدانية والعبية والصقلانية وغيرها ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ? كما يقول الأستاذ سعود الشيباني المشرف على تدريب خيوله حصانان هما الأحب إلى قلبه، الحصان الأول أطلق عليه اسم بغداد والثاني أطلق عليه اسم علم، فكانا في طليعة الخيل التي يركبها لأصالتها، فالحصان بغداد طويل أبيض، ويعد من أفضل الخيول العربية من نوع صقلاني أما الحصان علم فهو من نوع حمداني أحمر جميل مثال الرجولة والفروسية في الفن كانت فروسية وبطولة الملك عبدالله بن عبدالعزيز مصدر إلهام لفن الفنانين ورسم الرسامين على المستويين الوطني والعربي، ولعل من بين أفضل من جسد فروسية الملك عبدالله من الفنانين السعوديين الفنان التشكيلي ضياء عزيز ضياء الذي رسم له لوحة رائعة وهو يركب صهوة جواده بغداد مستوحاة لقطتها من آخر عرضة شارك فيها الملك الفارس عبدالله بن عبدالعزيز بحصانه عندما كان في عنفوان شبابه، لتخليد ذكرى تلك المرحلة من حياته في تاريخ الفروسية، وقد نقلها الفنان عن صورة فوتوغرافية قديمة له وهو في العشرينيات من عمره، واستغرق رسمها نحو خمسة أشهر وكان الفنان ضياء قد رسم لوحتين أخريين للملك الفارس؛ الأولى رسمية استغرق رسمها شهراً والثانية على حصان واستغرق رسمها ثلاثة أشهر وكانت ملامح الصرامة والهيبة وحركات الفارس في قيادة الخيل والتعامل معها التي تظهر على وجهه وسلوكه الفروسي قد ساعدت الفنانين على إتقان نقل لمحة التكامل والانسجام بين حركة الخيل والتعبير الإنساني الفطري الذي يرتسم على ملامح الملك الفارس عبدالله بن عبدالعزيز يقول الفنان ضياء عزيز ضياء عن سر اهتمامه برسم لوحات الملك عبدالله الفروسية وجهه حفظه الله منسجم مع حركته كفارس أحب ومارس الفروسية منذ كان صغيراً عندما يكون راكباً على الحصان وأنا حين أرسمه أجد أنه يعطي انطباعاً قوياً بفروسيته بأسلوب يتناسب مع شخصية القائد الحكيم، وكلما مر الزمن أجد أن هذه الملامح ترسخت في تصرفاته وتقاطيع وجهه وملامحه تجدها عربية أصيلة منبعثة من الصحراء وحياة البادية، فهي موحية بالصدق وتنم عن شخصية قوية وعن الهيبة والحلم والحكمة والفراسة والكرم، فهذه الصفات هي ما توحي به ملامح وجهه الذي يعد من الوجوه الموحية والقادرة على التعبير عن الملامح الإنسانية التي يتحمس لها الفنان كي يرسمها بطبيعة الحال فإن الفنانين التشكيليين يتحمس بعضهم لرسوم شخصية ما، وقد لا يتحمسون لرسم شخصية أخرى، والملك عبدالله من الشخصيات التي تحمست كثيراً لرسمها لما تحظى به ملامحه من حركة تنسجم مع ما توحي به الملامح الإنسانية المعبرة «6» والحقيقة أن حياة البادية التي أحبها وعشق الصحراء الذي رافقه طوال حياته أكسبته مزيداً من خصال المروءة والشهامة والأريحية، مثلما أكسبته الفروسية مزيداً من الشجاعة والإقدام والقوة الجسدية، فطالما سمع عبدالله بن عبدالعزيز في مجالس والده حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف رواه مسلم وسمع أساتذته الذين استقطبهم الملك عبدالعزيز لتعليمه وإخوانه يرددون على والده ما جاء في الأثر عن عمر بن الخطاب علموا أولادكم السباحة والرمي والفروسية وقوله أيضاً علموا أولادكم الغوص والرماية ومروهم فليثبوا على الخيل وثباً وأكسبته حياة البادية والتردد على الصحراء رباطة الجأش والمقدرة على السيطرة، والحذر من المباغتة، والتصرف على الفطرة، والبعد عن المناورة والخداع والازدواجية في القول أو العمل وقد أفادته هذه الصفات في حياته السياسية، فعرف عنه منذ باكر شبابه أنه ذو وجه واحد، إذا قال نعم فهي نعم ولا يمكن أن تكون لا وإذا قال لا فهي لا ولا يمكن أن تكون نعم إلا إذا رأى فيها وجهاً من وجوه المصلحة للدين أو الوطن وعبدالله بن عبدالعزيز من أكثر الناس الذين يؤمنون بأن العودة للحق فضيلة، ولا يكابر إن أخطأ في اجتهاده، ولا يكابر أن يستشير أهل الرأي والعلم والحكمة والنزاهة، فشعاره دائماً ما خاب من استشار، وقدوته في ذلك والده العظيم الملك عبدالعزيز الذي جمع في مجلسه رجال الحكمة والرأي والفكر والصدق والأمانة من كل البلاد العربية والإسلامية يستشيرهم ويعرض عليهم أموره ويأمنهم بحق الله والدين والوطن على ما يسمعون منه رعايته لأنشطة الفروسية السعودية الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو الرئيس الأول ولا يزال لنادي الفروسية بالمملكة وكان نادي الفروسية السعودي قد تأسس في عهد الملك فيصل رحمه الله في محرم سنة 1385هـ 1965م وأصدر المقام السامي حينها قراراً ملكياً بتعيين سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز رئيساً لمجلس إدارته تقديراً لمواهبه وفروسيته وإخلاصه لهذا الفن العربي الأصيل واعتنى الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ ذلك الحين باجتذاب الشباب السعودي للفروسية والإشراف على التدريبات بنفسه، وإدخال جميع الخدمات الثقافية والتوعوية للنادي والارتقاء بمستواه إلى البطولة العالمية التي حازها باعتراف دولي، وهذا ليس بمستغرب على الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي حاز الجوائز المتعددة في بطولة الفروسية وركوب الخيل، وكان السبَّاق إليها منذ عهد والده المغفور له الملك عبدالعزيز ورغم توقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن ركوب الخيل منذ سنوات إلا أن ذلك لم يقلل من عشقه لها واهتمامه بها ورعايته لمسابقاتها وجوائزها، وتمثل هذا أكثر ما تمثل في دعمه لنادي الفروسية وفروعه، فقد تطورت الفروسية من منصة صغيرة وحيدة في حي الملز بالرياض إلى مؤسسة رياضية متكاملة بمرافقها وأنديتها وميادين سباقها المجهزة على أعلى المستويات الحديثة وانتشرت تحت رعايته وبتوجيهاته أنشطة الفروسية في كل أنحاء المملكة بدأت بإنشاء مقر لنادي الفروسية بالرياض سنة 1398هـ 1978م مع ميدان سباق الخيل جنباً إلى جنب مع سلاح الفرسان الذي أنشئ في الحرس الوطني سنة 1383هـ للمشاركة في مهرجانات الثقافة والتراث ثم توج الملك عبدالله بن عبدالعزيز رعايته للفروسية بإنشاء ميدان الملك عبدالعزيز لسباق الخيل بالجنادرية على أحدث المواصفات العالمية سنة 1424هـ واستمر هذا الاهتمام بالفروسية بإنشاء أضخم مقر له تتوفر فيه كل المتطلبات وبدأ أعضاء النادي في ممارسة نشاطاتهم له منذ أكثر من عامين، وقد تم تنفيذه بمواصفات هندسية عالمية تشجع على ارتياده والاستفادة من الخدمات التي يقدمها كما اهتم بدراسات وأبحاث فن الفروسية فوجه سنة 1411هـ 1990م بإنشاء مركز دراسات الفروسية، والاتحاد السعودي للفروسية في السنة نفسها وهكذا أصبحت المملكة في مقدمة دول العالم اهتماماً بالفروسية وسباق الخيل، فهي عضو فاعل في نادي الخيالة العالمي المنظم لسباقات الخيل وعضو في الاتحاد الآسيوي لسباق الخيل، وقد أصبحت سباقات الخيل موثقة في السجل الدولي بصدور كتاب أنساب الجواد السعودي الذي يعد من أهم أعمال فارس الفرسان الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خدمة ثقافة الفروسية الوطنية والعربية والعالمية، وبإنشاء ميدان الملك عبدالعزيز لسباق الخيل أصبحت المملكة مؤهلة لاحتضان السباقات الدولية وفي إطار منهج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الاهتمام بالشباب وتربيته روحياً وجسدياً التربية اللائقة به للمشاركة في قيادة أمته، اهتم بجذب الشباب السعودي لصهوات الجياد التي استقر عليها آباؤهم وأجدادهم، فأمر بإقامة سباق سنوي للخيالة السعوديين تكفل شخصياً بجوائزه النقدية والعينية، وتوج هذا الاهتمام بأن جعل ذلك السباق ضمن فعاليات السباق السنوي الذي يحمل كأساً باسمه وكان الهدف من هذا إنشاء جيل سعودي فروسي قوي من جهة وكسر حاجز احتكار امتلاك الخيول لنخبة من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة من جهة أخرى، فبتشجيع منه زاد عدد ملاك الخيول من متوسطي الدخل، وأصبحت الخيول متداولة بأسعار في متناول الجميع بحيث تراوح أسعارها من 10 آلاف ريال إلى نصف مليون لقد أراد فارس الفرسان الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يجعل من صناعة الخيل السعودية ركيزة لسباقات الخيل في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، وأن تنتج هذه الرياضة ثقافة جماهيرية كما كانت في السابق، لهذا أفسح المجال للقطاع الخاص بالمشاركة والدعم المادي والرعاية للسباقات في مختلف مجالاتها، خصوصاً وأن توجيهات الملك عبدالله بن عبدالعزيز راعي الفروسية ورائدها في المملكة بشأن إتاحة المجال لبيع الخيل السعودية في الخارج قد أدخل فن الفروسية في مجال الاستثمار، وجعل من هذا الفن صناعة وطنية يعمل أصحابها على تحسينها وجودتها باستمرار للوصول بها إلى أرقى المواصفات وكان لتوجيه الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتخصيص مساحات كبيرة من الأراضي وتوزيعها على ملاك الخيل بإيجار رمزي أثره على تشجيع الاستثمار الوطني في الخيول المحلية، يضاف إلى ذلك اهتمامه بإعداد كتاب أنساب الجواد السعودي?، الذي أعدته إحدى الشركات المتخصصة والمهتمة بسلالات الخيل وبتسجيلها وإصدار الجوازات الخاصة بها، وهكذا أفاد الملك الفارس هذا الجيل بما يحتاجه من تاريخ وثقافة في مجال الفروسية وصفات ومزايا تم توارثها جيلاً بعد جيل ويعد مركز الملك عبدالعزيز للخيل العربية الأصيلة الجهة المختصة بالتسجيل للخيل العربية في المملكة العربية السعودية وهو يمثل المملكة في المنظمات الدولية ويقدم المركز العديد من الخدمات لمربي وملاك الخيل العربية وقد حقق المركز منذ تأسيسه منجزات كبيرة على صعيد تأصيل وتوثيق سلالات الخيول العربية، ففي عام 1986م انضمت المملكة إلى عضوية المنظمة العالمية للحصان العربي الواهو بصفة عضو مشارك، وهذه المنظمة العالمية التي تعتمد السجلات وتضع أنظمة التطوير والتسجيل التي أنشئت عام 1967م وفي عام 1990م تم إجراء المسح الشامل لتسجيل الخيل العربية بالمملكة، وبعد ذلك بعام واحد اعتمد السجل الأول لأنساب الخيل العربية بالمملكة بالإجماع وذلك بعد مناقشات استغرقت ما يقارب سنتين وعدد الخيل المسجلة فيه 913 رأساً وفي عام 1992م انضمت المملكة إلى منظمة الايكاهو المؤتمر الأوروبي لمنظمة الخيل العربية الأصيلة التي تعنى بمعارض الجمال والسباقات والتسجيل، وتم تصميم النظام الأول لبيانات سجلات الخيل العربية بالحاسب الآلي للمملكة العربية السعودية وتمت إقامة سباق التحمل الأول للجياد العربية بالتعاون مع الاتحاد السعودي لألعاب الفروسية وفي العام التالي تم استعمال نظام الترقيم بالتبريد وفصائل دم الخيل العربية في مختبر أنمال هيلث تراست في بريطانيا وتم ترميم الأسطبلات وتطوير المنشآت والطرق وشبكات المياه والإنارة وتحسين مستوى الخدمات الإدارية والبيطرية ووضع برنامج الزيارات الميدانية لمناطق المملكة في عام 1994م، وبدأ استعمال نظام الترقيم الإلكتروني لأول مرة في الشرق الأوسط لجميع الخيل العربية المسجلة، كما تم إصدار سجل الأنساب الجزء الثاني باللغة العربية والإنجليزية والخيل المسجلة فيه 280 رأساً، وتم إنشاء قسم للتدريب وشهد عام 1995م بناء متحف ومكتبة الخيل العربية بالمركز وتم تدعيمه باللوحات الفنية والكتب وتم تطوير ميدان العرض والمرافق المجاورة له، وإنشاء قسم بيطري متكامل وتم تدعيمه بالإمكانات اللازمة للرعاية البيطرية والزيارات الميدانية كما أقيم عام 1996م المعرض الوطني الأول للخيل العربية الأصيلة برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس نادي الفروسية وبمشاركة الحكام والعارضين الدوليين، وتم تسجيل نتائج مشرفة للمملكة في هذا المجال .


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد