عبدالعزيز بن عبدالله السناني
|
|
هلا شفت المسافة صمت تاقف دوني ودونك
|
........ سرقت من الوجيه الهرج وصوتي ما وصل بابك
|
تظلل بالهدب عنهم حبيبي لا يشوفونك
|
......... فرح فيك الخفوق اللي فرح لو قال وش جابك
|
معي يا سيدي لو فتشوا ماظن يلقونك
|
.......... أكيد أن الضلوع اللي تضمك نالت إعجابك
|
أحب أسكن معك هاجس وأحب أرحل مع شجونك
|
......... وأحب أسهر إلى صبح سرق من طلعته لونك
|
الإنسانية تتجلى في شاعر استطاع تطويع مفرداته، ليحولها إلى سحر منثور فوق قراطيس تضج بانفعالات تغيم حولها الرؤى، وتبقى منها واحدة (تخصه هو) عنوانها إبداع متأصل في فكر سامق لدى شاعرنا الذي يعد من أهم الشعراء المعاصرين، ولعل الحديث عن شاعرنا لابد أن يأخذنا إلى مناحٍ أخرى، تتكرر الحكايات، وتنعتق الروايات، وتسمو مشاعر فياضة تحتل منا مسافات عجيبة من التغريد الشجي، يتمادى هذا الشاهق في رسم تفاصيلها بصورة لم تكن معهودة من قبل، ولعلي أبدأ من هنا، حتى وإن كانت البداية في مكان آخر، لايمكن للكهبرياء ان تقبل يد الذل، ولا يمكن لمن تعلو هامة قلبه لتلامس القمر أن يهوي، ولا يمكن لبريق رسمته عزة نفس أن يخبو، ولا يمكن لمن مر من هنا إلا أن يرفع قبعة أحاسيسه فاغراً فاه، مشدوهاً تكبله الحكاية، وتتسارع أنفاسه، ويركض نبضه، ويقف طويلاً أمام أسوار (ما تشفقتك)!!
|
ما تشفقتك ولا تسوى حناني |
........... حبك أصغر يا مخادع من طموحي |
واسفى باللي عطيتك من زماني |
.......... الوفا والحب والقلب النصوحي |
والخضوع اللي حصل باول وثاني |
.......... لين ذليت بسبب هالحب روحي |
ويش أبرجي منك جاني اللي كفاني |
.......... اكتفيت بحبك بنصف الجروحي |
لك صحي قلبي وبالتالي نهاني |
........... وانعكس وضع الغلا كرهٍ يفوحي |
وأحمد الله يوم عن حبك عطاني |
.......... وانتصر بالرفض ها لقلب السموحي |
ما بقى للود في قلبي مكاني |
.......... أبرك الساعات يوم انك تروحي |
لك أن تتخيل أمراً واحداً فقط، وهو أن السناني باحتفالياته المتجلية، وبانفعالاته الصاخبة، وبتماديه في كسر حاجز الروتين الشعري، يجعل من الشعر سيمفونية تتراقص معها كل المشاعر، ولو أراد أحد دراسة هذا البوح الصادق، فلا بد له قبل ذلك أن يمتلك أدوات كافية، على الأقل حتى يخضل الفهم بالضياء!، وحين ذلك، فالتفاصيل الأخرى تأتي تباعاً لتغرد معها قلوب، وتحلق معها نفوس، وتتجلى معها ذكريات يساهم السناني في سكب مزيج من الشجن فوق مساحاتها الغافية، فتصحو، ويتحول ومض سناها إلى بريق يملأ المدى، ويحتل كل المواقع!
|
لا تشتكي من جور الأيام للناس
|
.......... ادفن همومك في ثرى الصمت كله
|
أسرار عمرك خلها تحت الأنفاس
|
.......... لا صار هراج القفا فاطنٍ له
|
السناني يمكن له وصف أدق التفاصيل بصورة رائعة، لا يمكن مجاراتها، أو حتى محاولة الاقتباس منها، وفي هذه السهلة الممتنعة تأكيد على ما ذكرت!، فالصياغة هنا احتفالات مثيرة للجدل، بل مثيرة لطرقات راكدة ما يلبث الغيم أن يملأها، ويحتفي بانكساراتها المترامية الأطراف.. البعد، واللوعة، والانصهار، والتمادي في تصوير الأحاسيس التي يغمرها الدفء، تتوالى حضوراً من البعيد، فتقترب شيئاً فشيئاً، وتضفي على الأجواء بريقاً تتكحل منه العيون الناعسة، التي كادت ترقد فوق قارعة الزمن!
|
رحلت بالتفكير بين الليالي |
.......... انفض غبار الوقت بالفكر عنها |
استرجع اللي فات واللي مضى لي |
........... لحظات مرت ما يقدر ثمنها |
وقت على بساير العمر غالي |
........... أيام ليته ما تعدى زمنها |
اللي تلاشت تحت موج الرمالي |
........... حفر لها كف المان ودفنها |
ما باقي الا هاجسي والخيالي |
.......... ارحل بعيد شوي واجذب رسنها |
دروس كثيرة، داخل، وخارج النص، يقدمها هذا الراقي عبدالعزيز بن عبدالله السناني لأولئك الراغبين بالتمتع بعذوبة الشعر والمشاعر، خاصة حينما يكونون من هواة الرحيل، والسناني كالجياد الصافنات يحل ويرتحل مع الحرف مترفاً، لن أقول بأن قامته تمتلئ بهواء بحر منعش، أو حقول يغمرها الندى، بل بأفضل من ذلك وأجمل، هو هواء (نفود) عنيزة المتدثر بأنفاس الغضى، التي تفتأ تمنح العابرين في مداها روعة ينسجون منها خيوط إبداعاتهم، ولعل هذا هو أصل الحكاية!!دمتم بنقاء
|
محرر بمكتب الجزيرة بعنيزة |
|