Al Jazirah NewsPaper Saturday  14/07/2007 G Issue 12707
عزيزتـي الجزيرة
السبت 29 جمادىالآخرة 1428   العدد  12707
البتراء.. إحدى عجائب الدنيا السبع الحديثة

قرأت في عدد سابق من الجزيرة خبراً حول اختيار مدينة (البتراء) من عجائب الدنيا السبع، فأحببت أن أكتب بعض المعلومات عن تلك المدينة العجيبة، ولعل دولة الأردن من أكثر دول العالم امتلاكاً للمعالم الأثرية والأماكن التاريخية، حيث سكنتها أمم عظيمة وبنت تلك الأمم الحضارات العظيمة.

يقول الشيخ حمزة العربي في كتاب (جولة بين الآثار): أما البتراء في عرف أهل هذه البلاد اليوم فهي كناية عن آثار ورسوم وأطلال مدينة قديمة تبعد عن مدينة معان مسافة 50كم تقريباً إلى جهة الجنوب الغربي على قمة جبل شامخ.

وتعتبر مدينة البتراء عاصمة لدولة الأنباط العرب وهي من أشهر المعالم التاريخية والأثرية في المملكة الأردنية الهاشمية، وقد وصفها الشاعر الإنجليزي (بيرجن): بأنها المدينة الشرقية المذهلة، والمدينة الوردية التي لا مثيل لها.

يقول الدكتور محمد بيومي مهران: تُعدُّ البتراء من أشهر مدن العالم القديم، وكانت عاصمة لأدوم، ثُمّ صارت لمؤاب، ومن بعدهم أصبحت عاصمة للأنباط، وتقع إلى المشرق من وادي عربة في منتصف المسافة تقريباً بين رأس خليج العقبة والبحر الميت، وكان وجودها واضحاً في منطقة (النقب)، ومن الشمال وصلت أقصاها بضم (دمشق)، وهذا الاتساع في معظمه سياسي وتجاري، وأمّا الامتداد إلى الجنوب فلم يتجاوز الحوراء على الساحل وتيماء والحجر في الداخل.

ويقول الدكتور مهران: وقد بلغت دولة الأنباط أقصى اتساعها الجغرافي في أيام ملكها (حارثة الرابع) في أواخر القرن الأول قبل الميلاد والنصف الأول من القرن الأول الميلادي إذ ضمت منطقة واسعة جنوب البتراء بلغت حتى حدود العُلا (تقع حالياً محافظة العلا شمال المملكة العربية السعودية) ويُتابعُ الدكتور مهران حديثه قائلاً: والبتراء: كلمة يونانية تعني الصخر، ولعلها ترجمة للكلمة العبرانية (سلع) التي كانت تطلق على البتراء من قبل.

ويذكرُ أهل التاريخ: أنّ سلعَ هي نفس بتراء (بطرا) مستندين إلى تماثل معنى سلع وبتراء، ومعنى الأولى الحجر أو الصخر ومعنى الثانية في اليونانية الحجر أو الصخر أيضاً، واليونان هم الذين أسموها بطرا، كما تعني كذلك (الشق في الحجر) وربما كانت التسمية أكثر دقة، لأنّ مدخل البتراء يتسم بوجود أخدود عميق بين جبلين يُعرف اليوم باسم (السيق)، ولعله لفظ نبطي متوارث.

وأما الاسم العربي للبتراء فهو (الرقيم)، وربما هو اسم ثاني للبتراء كان الإغريق يعرفونها به وهو (arke) فحرّفه العرب إلى الرقيم، وربما أرادوا بالرقيم (خزانة فرعون) بالذات، وأما اسمها الحديث فوادي موسى.

يقول الأستاذ محمد عزه: ولقد سمّى كُتّاب اليونان عاصمة دولة الأنباط باسم بطرا العربية (Arabia petra) وهذه التسمية ترجع إلى قبل الميلاد المسيحي بأمدٍ بعيد، ولقد سمّى الرومان بلاد هذه الدولة بعد أن قوضوها في أوائل القرن الثاني بعد الميلاد باسم المقاطعة العربية. وقد وصف (سترابوا) البتراء: بأنها عاصمة الأنباط، ولا تبعد عن أريحا إلا بأربعة أيام، وعن غابة النخيل بخمسة أيام، وهي موضعٌ غنيٌ بالمياه.

ومُنذ قديم الزمان أخذ أعراب الأنباط القادمون من شبه الجزيرة العربية يحطون رحالهم في مدينة البتراء، وماتزال مدينة البتراء تُحافظ على العادات والتقاليد البدوية.

والبتراء لها موقعٌ منيع مما سَهّلَ الدفاع عنها لذا اتخذها الأنباط قلعة حصينة وجعلوها عاصمة لهم.وكانت المركز الرئيسي للقوافل التجارية ما بين (غزة وبُصرى) وما (بين دمشق وإيبلا).

ومدينة البتراء اشتهرت أطلالها في العصر الأموي وكان ينزلها الخليفة الأموي يزيد بن عبدالملك، ولهذه المدينة حضارة عريقة منها ما عُثر عليه من كتابات نبطية مؤرخة في جرش، وقد اكتشف آثارها الرحالة الألماني (سينزن) سنة 1806م، وأهم ما يُبرز تلك الحضارة الثقافية الخط النبطي والخط الكوفي القديم.

وتمتازُ أبنية البتراء بأنها أبنية منحوتة في الصخر، طابقها العلوي يمتاز بوجود شكل مثلث يتوسطه جوسق مستدير ويعلوه جرةٌ كبيرةٌ فيها كسورٌ كثيرة نتيجة لتعرضها لرصاص البنادق أثناء الحروب، وكان الناس يعتقدون أن بداخلها كنزاً من الذهب ولذلك سُميت وعُرفتْ بالخزانة. سكان البتراء في الزمن القديم: البتراء مدينة صخرية جبلية قطنها الحوريون وسكنوا الكهوف ا لصخرية واتخذوها بيوتاً لهم، ثُمَّ الأدوميون التي كانت تُسيطر على معان وضمت البتراء معها، وبعد ذلك الأنباط، ثم احتل الرومان البتراء ومكثوا فيها فترة من الزمن إلى أن فُتحت أيام الدولة الإسلامية وساعد الأنباط المسلمين في القضاء على الدولة الرومانية ودخلت مجموعة من الرومان الإسلام.

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما خرج في السنة السادسة للهجرة لغزو بني لحيان سار على جبل غراب بناحية المدينة على طريق الشام ثمّ على مخيض ثمّ على البتراء كما ذكر ذلك في تاريخ الطبري، وذكر الدكتور محمد بيومي مهران: أن من بين مساجد الرسول صلى الله عليه وسلم مسجد بطرف البتراء.

الاكتشافات الأثرية في البتراء وأهم المعالم الأثرية

يقول الدكتور أحمد أمين سليم (أستاذ التاريخ والحضارة في كلية الآداب - جامعة الإسكندرية): بدأت الجهود الأثرية الجادة تأخذ طريقها في المواقع النبطية من عام 1929م حينما قامت بعثة برئاسة (جورج هورسفيلد) وزوجته (أنييس كونوي) بالعمل في موقع البتراء، وتتابعت بعد ذلك البعثات.

وفي عام 1955 قامت المدرسة الأمريكية بالقدس ومعها (فيليب هاموند) بتحريات وأبحاث في أرض البتراء. وكذلك قامت المدرسة البريطانية بمجموعة من التنقيبات والأبحاث، فتمكن البرايت من الكشف عن مايلي: (معلاة كونواي) 1963م.

وعن (خزنة فرعون) وهي: كناية عن قصر عظيم فخم، منقور في الصخر، وردي اللون، على وجهه نقوش وكتابات بالقلم النبطي، بل هو أفخم ما في وادي موسى من الآثار.

ومن المكتشفات

قبر الجرة وقبر الجندي الروماني عام 1936م، ومن أهم المكتشفات الأثرية ما كشف عنه من نقوش استدل منها على نوع كتابتهم ولغتهم وأسماء الأعلام الشائعة بينهم، وأسماء الآلهة التي عبدوها، وأسماء عدد من ملوكهم وملكاتهم، وبعض شعائرهم الدينية.

ومن آثار الأنباط في البتراء: بناءٌ يُعرفُ بالدير وهو بناءٌ ضخمٌ يبلغُ عرضُهُ حوالي 50م ويصلُ ارتفاعه إلى 45م وواجهته مُزينة بالطراز الهللنستي وبداخله قاعة فسيحة.

سعد بن محمد الموينع/ الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد