قرأت في الجزيرة المقال الذي كتبه د. محمد البشر بعنوان (من شعر الإمام علي) فاختار لنا شيئاً من حِكم ونصائح أبي الحسن رضي الله عنه التي حواها شعره الجميل. ولقد اخترت لكم معاشر القراء الكرام شيئاً من نثره البليغ الذي يهدي إلى كل خُلق فاضل ويرشد إلى كل سلوك نبيل، فلقد ورد عنه كثير من الأقوال الجميلة والحِكم اللطيفة:
1 - (أحسن إلى المسيء تسده): وهذه قاعدة للتعامل مع المسيء، وذلك بعدم مقابلة السيئة بالسيئة، ولكن مقابلة السيئة بالحسنة؛ ما يترتب عليه سيادة هذا المسيء واحتواء الإساءة؛ فعلى الإنسان أن يقابل الهياج بالهدوء، والتبجح بالحياء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية.
ومقابلة السيئة بالحسنة مما وجَّه الله سبحانه وتعالى به عباده في كتابه الكريم، كما في قوله سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}، قال ابن كثير: (أي من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه).
2 - (من عذب لسانه كثر إخوانه): وهذا يدل على ما للكلام من أثر في اكتساب الإخوان والأصدقاء؛ فإن الإنسان يصطاد قلوب الناس بكلامه الطيّب معهم الذي يحببهم إليه ويرغبهم فيه.
3 - (لسانك يقتضيك ما عودته): إن الإنسان إذا عوّد لسانه من القول أجمله ومن الخير أكمله اعتاد هذا الخير وأمن من فلتات اللسان بقول الباطل والكلام السيئ.
4 - (صاحب الأخيار تأمن الأشرار): فمن صحب الأخيار سعد وغنم، ومن صحب الأشرار شقي وندم، وإن شر الأشرار لا يسلم منه إلا بصحبة الأخيار.
5 - (من طلب ما لا يعنيه فاته ما يعنيه): وذلك أن الإنسان إذا اشتغل بأمور لا تعنيه كإشغال نفسه بالحديث عن أحوال الناس وصفاتهم مما لا حاجة له فيه فإن ذلك يكون على حساب مصلحته ووقته، فإنه يفوّت عليه الحديث بأمر يهمه وينفعه، ويترك الإنسان ما لا يعنيه.. جاء التوجيه النبوي حيث قال صلى الله عليه وسلم (من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
6 - (خير الناس من ينفع الناس): إنما يدل على خيرية الناس على مقدار نفعهم لبني جنسهم، وهذا النفع المقصود إنما هو المستمر وليس عارضاً فقط. نفع لهم بالصدقة والهدية والكلمة الطيبة، نفع لهم بالدلالة على الخير والتحذير من الشر، نفع لهم بقضاء الحاجات وتفريج الكربات وبكل وجه من وجوه الخير يمكن فعله.. قال صلى الله عليه وسلم (خير الناس أنفعهم للناس).
زيد بن فالح الربع