هذه القصة قديمة لها أكثر من قرن من الزمن. تدور حول التمسك بالأخوة وتقدير الأخ والاعتزاز بصداقته، فقد رواها الشاعر حجي خلف الحربي ووثقها الأستاذ إبراهيم اليوسف في كتابه (قصة وأبيات) ومضمونها أن فراج صلاح الحربي بعد تأديته فريضة الحج وعند رجوعه إلى أهله وفي طريقه وافقه شخص يدعى مقبول سمير المطيري كان عائداً من الحج أيضاً وصار طريقهما واحداً وأصبحا يأكلان ويشربان معاً حتى وصلا قرب مضارب قبائلهما وتوادعا وكل واحد منهما سلك طريقه إلى أهله. وبعد حوالي سنة غزا مقبول المطيري وجماعته بحثاً عن الكسب كعادة البادية في ذلك الوقت وفي منتصف الليل وجدوا مجموعة من الإبل وأخذوها ورجعوا إلى أهلهم وعندما تبيّن النور وطلعت الشمس تبيّن لمقبول أن وسم هذه الإبل مثل وسم مطية صاحبه الحربي الذي تآخى هو وإياه أثناء مجيئهما من الحج العام الماضي، فقال مقبول لجماعته المرافقين له (هذه الإبل عليها وسم خويي فراج الحربي الذي بيني وبينه أخوة وصداقة وممالحة في العيش أثناء رجوعي من سفر الحج ومن حقي عليكم وتقدير ذلك إرجاع الإبل لصاحبها وسوف أعوّضكم بدلاً عنها من إبلي الخاصة)، فقالوا: (إن الذي بوجهك بوجيهنا وخويك يعتبر خوينا جميعاً)، فقاموا بإعادة الإبل وفي أثناء رجوعهم مع الطريق عارضهم قوم فراج الحربي مطالبين بإعادة الإبل، فعارضهم مقبول بن سمير، وقال: حنا عرفنا وسم خوي فراج ورجعنا بالإبل، فنزل الجميع وتسالموا وضيفوهم في بيوتهم وأكرموهم غاية الكرم ثم أحضروا لهم جميع ما يلزمهم من قهوة وماء ليواصلوا بها مسيرهم وعند عودتهم إلى ديارهم قال الشاعر مقبول بن سمير المطيري أبياتاً طويلة يذكر فيها حق الصاحب أذكر منها قوله:
|
كل عرف حق الخوي مع خويه |
ما يجحده غير الرديين واللاش |
والخوة اللي ما تكون امحمية |
تصير عن خوة هل السمت بالفاش |
رديتها ماراح منها مطية |
حشمة خويي غزوتي راحت بلاش |
وأنا امنول كنت أقود الغزية |
منكف بكسبي عن نحا القوم منحاش |
وفي رجعتي من حرب شفت السرية |
ربع يبون ارقابنا ثم الادباش |
ورديتهم وأنا مكفكف ايديه |
ما هو بخوف وجهي أبيض من الشاش |
وعلمتهم بالبينة والخفية |
واستقبلونا مكرمة كل طراش |
ثم اكرمونا بالعلوم الطرية |
وذبائح تذبح وتكريم وفراش |
أهل ابيوتٍ ما تحوش الرديه |
رجَّالهم يدفع على الضيف ما حاش |
وإلى اللقاء مع سالفة أخرى.. ولكم تحياتي.
|
زهران عون الله المطيري |
بريدة |
|