«الجزيرة» - الرياض:
ضمن الحلقة الرابعة ما قبل الأخيرة من تصفيات المرحلة الأولى لمسابقة أمير الشعراء، استضاف مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي مساء الجمعة 27 يوليو 2007، كلاً من الشعراء الشيخ أبو شجة ولد محمد (موريتانيا)، هدى علي حمد السعدي (الإمارات)، أحمد صلاح كامل بصلة (مصر)، خالد أبو حمدية (الأردن)، مريّع علي عبدالله السويدي (السعودية)، حازم التميمي (العراق)، الهادي الهادي القمري (تونس)، في حلقة خامسة مباشرة بثها تلفزيون أبوظبي وقناة أمير الشعراء وإذاعة إمارات أف أم، وحفلت بروح التنافس ومواقف التشويق والنقد الجريء، والشعر الجميل والإبداع.
وقد شهدت الحلقة إعلان أسماء الشعراء المشاركين في الحلقة القادمة من البرنامج، وهم تميم البرغوثي (فلسطين)، سليمان عوضة حسين دهموش (اليمن)، طلال سالم الصابري (الإمارات)، مصطفى أحمد إبراهيم الجزار (مصر)، محمد بن مسلم (عمان)، حنين عمر (الجزائر)، وأحمد مجيب السوسي (سوريا)، كما شهدت إعلان الشاعر عبدالله السمطي انسحابه من المسابقة.
واختارت لجنة التحكيم الشاعر حازم التميمي في نهاية الحلقة مرشحاً للانتقال إلى المرحلة الثانية من البرنامج، بينما اختار جمهور المسرح الشاعر الشيخ أبو شجة ولد محمد، واستقر تصويت الجمهور مضافاً إليه تصويت لجنة التحكيم وجمهور مسرح شاطئ الراحة، على ترشيح الشاعر محمد عبدالمولى، والشاعرة هاجر البريكي، وهما من شعراء الحلقة السابقة من برنامج (أمير الشعراء). وحلّ العازف العراقي المبدع نصير شمة ضيفاً على الأمسية فزيّنها بطرب أصيل وعزف لمقطوعات موسيقية جمعت بين الموسيقى الكلاسيكية والحديثة في مواءمة جميلة بين الشعر الكلمة والموسيقى اللحن، في ليلةٍ من ألف ليلةٍ شعرٍ جميل وطرب أصيل.
وقرأ الشاعر الشيخ أبو شجة قصيدة حمّلها أحزان الشاعر ونجواه للحبيبة (سليمى)، وآلام الأمة في العراق والقدس، كأسين نجرع كلّ يومٍ منهما سماً كما صورهما في قصيدته (دم الياقوت)، التي اعتبرها د.علي بن تميم قصيدة كلاسيكية تتناص مع الصوفية في كثيرٍ من موضوعاتها لجهة التأشير إلى المطلق، والتوحّد بالحبيبة كما في تجربة ابن الفارض، وصور (عطش المرايا والنخيل)، ورأى د.عبدالملك مرتاض أن الشاعر استخدم في قصيدته سماتٍ جمعت ما بين الضوئية (المرايا، إنارة، وهج)، والصوتية (صوتي، طبول، هديل)، والسائلة (كأس، بحر، ماء)، شكّلت كلها لحمة النص ومتانته البنائية والمضمونية، وأشار إلى توظيف الشاعر للتراث، عبر استحضار تجربة امرئ القيس وطرفة بن العبد، إلا أنه أخذ على النص غياب الموضوع القضية. بينما أشاد الشاعر نايف الرشدان بنص يأتي من بلد المليون شاعر، وكأنه قفز من ديوان شعري قديم، عبر رمزية اسم (سليمى) بدلالاته المتنوعة، ورأى أن القصيدة زئبقية تراوحت بين البراعة والعادية. وقال د.صلاح فضل إن الشاعر مغرق في عشق التراث، ولغته ماسية تعج بإضاءات، لكن المشكلة أنه لم يتأثر بموجات التجديد الشعري المعاصر، كأنه استغرق في نشوة الشعر القديم، ونصحه بإكساب شاعريته القوة عبر جعله أكثر قرباً إلى المعاصرة والحداثة.
ثم قرأ الهادي القمري قصيدة أهداها إلى روح أخته صباح، التي ماتت احتراقاً في ركن بيت، وكانت حافلة بمعاني الألم والمعاناة الإنسانية في الفقد والموت.
ورأى د.عبدالملك مرتاض أن القصيدة بكائية محزنة، فيها لغة ضجيجية ونحيب وصراخ، إلا أن فيها توظيفاً شعرياً جميلاً لألوان الشعور بالحزن والصور الجميلة المعبرة عن صدق عاطفة ووجدان، وإن كان ينقص النص التكثيف وفيه نثرية تأخذ عليه. وأشاد الفنان غسان مسعود بكسر الشاعر للهالة الذكورية التي تقول إن الرجال لا يبكون، وبقدرة الشاعر على إنشاء علاقة بين نصه الشعري والمسرح والدراما في تجربة تحكي ذاكرة حقيقية ومعاناة عاشها الشاعر في فقد أخته، كما رأى الشاعر نايف الرشدان أن القصيدة رائعة، وان غابت الرثائية الحقيقية فيها، وبرزت قيم إيقاعية وتصويرية عالية، فالحزن ارتقى بالشاعر إلى مرحلة أعلى من الوجد والحزن بدلاً من أن يسقط فيه. أما د.صلاح فضل فقد أشاد بشعرية الشاعر الجميلة التي استطاع من خلالها تشكيل صورة لوقوف الإنسان على لهيب اللحظة الشعورية، فأحال الشخصي إلى سؤال وجودي وفكر فلسفي يشهدان له بالشعرية. واعتبر د.علي بن تميم أن الشاعر العربي ظل عبر التاريخ يتحرج من البكاء على الأنثى، فجاء الشاعر استثناءً وكسراً للحالة التقليدية، وإن جاءت لغته محددة التركيب البنائي لولا بعض الصور الجميلة في المضاف والمضاف إليه، وإحالة الأخت إلى صورة أسطورية تتمثل في رمزية قصة (عشتار).
تلاه الشاعر أحمد صلاح كامل الذي قرأ قصيدة اعتبرها الفنان غسان مسعود تعبيراً عن غضب شاعر مسكون بالانهزامات والانكسارات العربية التي صوّرها في قصيدته، ولو لجأ إلى التلميح لكان أجدى لشعريته بعيداً عن الموقف الخاص والجارح، ورأى الشاعر نايف الرشدان أن استلهام وتوظيف العبارة القرآنية أضاف قيمة فكرية وجمالية للقصيدة، وأعطى الشاعر قدرةً شعرية فذة ظهرت في بعض الصور الشعرية الجميلة في القصيدة. وقال د. صلاح فضل إن الشاعر يأتي في مطلع القرن العشرين لينتزع لقب شاعر الحزن من الشاعر صلاح عبدالصبور، فحزنه نبيل وإرثه ثقيل وشعريته مكثفة، وقصيدته معجونة بالحس الديني والعبارات القرآنية والهم القومي تجدر بالفرح. لكنّ د.علي بن تميم أخذ على النص أنه يقدّم وجهة نظر أحادية جداً، ويستدعي مجموعة من الاستدعاءات التاريخية والدينية، ليستخدمها في سياقات لا مبرر لاستدعائها فيها، إلى جانب كسور إيقاعية وردت في النص، ورأى د.عبدالملك مرتاض أن القصيدة تقع بين الفهم واللا فهم، ولغتها المعجمية في غاية النقاوة وإن جاءت الصور تبشيعية تخدم الموضوع الناقم.
وقرأ الشاعر حازم رشك التميمي قصيدته التي غنّت أحزان العراق ودعت إلى وأد الفتنة في ربوعه وعودة الحياة إليه، فاعتبرها الشاعر نايف الرشدان لحناً للفرات يحلق بالمستمعين إلى فضاءات الخيال، فكان الشاعر شاعراً بحق امتلك قدرة تصويرية فائقة. ورأى د. صلاح فضل أن الشاعر يعيد إلى الشعر قوته بأصالة وإبداع عظيمين، في مقاطع بالغة القوة من الشعرية وكثافة الصورة تضع الشاعر في مقام شعري رفيع. واعتبر د. علي بن تميم أن القصيدة تستعيد قصيدة الجواهري، تجعل من الضعف صورة شعرية قوية بدلالات دينية ذات بعد شعري وإنساني، استطاع فيها الشاعر أن يقلب المنظور الشعري عند المتنبي الذي انشغل الآخر به، فانشغل هو بالآخر. ورأى د.عبدالملك مرتاض أن القصيدة تحكي مأساة العراق في تشكيل شعري جميل ولغة شعرية جديدة، فيها تناص مع المتنبي والحطيئة، واستلهام من صور القرآن الكريم بلغة فنية تنهض بتوظيف سيميائية الألوان بشكل ذكي جداً، وتصوير بديع.
كما قرأ الشاعر خالد أبو حمدية قصيدة بعنوان (جمر الأربعين) طرحت إشكالية عبور الإنسان إلى ما بعد سن الأربعين فجاءت برأي أعضاء لجنة التحكيم، حكمية حفلت بالثنائيات الضدية والمتشاكلات التي برهنت عن قدرة وحيوية الشعر في التعبير عن لحظة إنسانية وجدانية.
وقرأ الشاعر مريّع علي سوادي قصيدة (وطني) التي رأى د.علي بن تميم أنها لم تستطع رسم صورة حاكمة لبنية الوطن الذي يخاطبه الشاعر في القصيدة، إذ بدا منفصلاً عن صورة الوطن التي يحاول رسمها. أما د.عبدالملك مرتاض فرأى أن لغة الشاعر فيها سمات عابقة من الورد والرحيق، وسائلة من الغيث، وفيها من سمات الزينة (سوار، تخضب) كأنها أضواء تتلألأ وعطور تعبق، في نقاوة لغة وبراعة تصوير وجمال إيقاع، وأشاد الفنان غسان مسعود بتجربة الشاعر العميقة واستحضاره الوطن بما يسهم في بناء قيم معرفية تنضح بالجمال والوفاء، ورأى د. صلاح فضل أن القصيدة تتمتع بالحلم بالمطلق ولا تتمثل بالواقع لتحلم بالمستقبل، فالشاعر يعشق وطناً نموذجياً لا وجود له في الأرض يرسمه بلغة شعرية مكثفة جميلة، وإن وجب برأي د. صلاح فضل أن يتحلى النص بشيء من الشجاعة لقول ما يجب قوله في أوطاننا العربية، بدلاً من إنشاد قصيدة تهدهد للأوطان ولا تشير إلى جراحها.
واختتمت الأمسية بقراءة الشاعرة هدى السعدي لمقاطع شعرية اسمتها (جدلية بين القلب والعقل)، اعتبر د.عبدالملك مرتاض أنها استعملت فيها لغة شعرية جميلة أفسدتها بشيءٍ من التأليفية حيث استخدمت لغة العلماء لا الشعراء، وطرحت جدلية حافلة بالتباين والثنائيات الضدية والصور البديعة في استحضار لبعض الموشحات الأندلسية، وإن كان الموضوع عتيقاً ومطروقاً قبلاً، فإن التنويع خدم النص وجمّل إيقاعها، وشهد للشاعرة بالقدرة على التحكم بلغتها الشعرية. بينما رأى الفنان غسان مسعود أن الشاعرة جمعت في نصها بين المسرح والشعر واتجهت إلى المسرح الشعري عبر استحضارها الحوار بين الأصوات المتعددة، وهي طريقة غير مستحبة في الشعر المسرحي برأيه، أما الشاعر نايف الرشدان فقد أشاد بالفكرة الفلسفية في النص، إلى جانب الصور الجميلة وما قدمته من لغة باذخة وصور فارهة دلّت على شعرية حقيقية تمارس التعب اللذيذ الذي ينتج قامات شعرية. وأشار د. صلاح فضل إلى أن الشاعرة بحاجة إلى أن تستكمل أنوثتها في القصيدة بدلاً من أن تقف موقفاً متوازناً بين القلب والعقل، واعتبر د. علي بن تميم أن ثنائية القلب والعقل أوقعت الشاعرة في إشكاليات عدة، وقادتها إلى مشكلات جنسوية حيث نسبت القوة والذكورة للعقل، والأنوثة والضعف للقلب.
وقد شهدت الحلقة حضوراً كبيراً للجاليات من مختلف الدول العربية لتشجيع الشعراء ومنها السعودية، مصر، موريتانيا، سلطنة عمان، سوريا، العراق، تونس، الإمارات، والمغرب.
الجدير بالذكر أن برنامج (أمير الشعراء) تدعمه وتنتجه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث وتنفذه شركة بيراميديا، ويتم بثه عبر قناة أبوظبي يوم الجمعة من كل أسبوع الساعة العاشرة مساء، ويُعاد بثه السبت الساعة 9.30 صباحاً، والأحد الساعة 9.45 مساءً، والثلاثاء الساعة 3.30 عصراً بتوقيت أبوظبي، إضافة إلى بثه عبر قناة (أمير الشعراء) التي تبث فعاليات المهرجان والمسابقة على مدار 24 ساعة على تردد 11804 ميجا هيرتز على القمر الصناعي عرب سات استقطاب أفقي الترميز 27500 التصحيح 4-3
ومسرح (شاطئ الراحة) يستقبل الجمهور العام يوم بث الحلقة حتى الساعة 8.30 مساءً.
****
لمزيد من المعلومات
المركز الإعلامي لمهرجان أمير الشعراء
هاتف: 6215181 2 971+
فاكس: 6211463 2 971+
محمول: 971504133406+
بريد إلكتروني:
apply@princeofpoets.com