تبدو سمة الكبر والتكبر في صور كثيرة عجيبة، تجمع بينها تخيلات مرضية، منها توهم المتكبر أنه أعلى درجة، وأرفع شأناً ومقاماً من بقية خلق الله، ومنها العجب والإعجاب بالنفس............
|
والتعالي والخيلاء واحتقار الآخرين وازدراؤهم. ومن صور الكبر، الانعزال عن الناس وتحاشي مخالطتهم والحديث معهم، والتجهم أمامهم باعتبارهم أقل مكانة من المتكبر، ومنها عدم معانقة الآخرين والبشاشة في وجوههم عند التصافح، بل إن بعضهم بالكاد يمد أطراف أصابعه، وإذا تجرأ المصافح على المعانقة، يتنحى المتكبر إلى الوراء، ويقدم كتفه الأيسر للمصافح لتقبيله. ومنها ما يقال من أن أحد المتكبرين أمر بإخراج شخص من المجلس الذي يجلس فيه؛ لأن هذا الشخص ليس في مقام المتكبر، ومنها ما يروى عن رافع بن جبير بن مطعم أنه جلس في حلقة العلاء الخرقي، وهو يقرئ الناس، فلما فرغ قال: (أتدرون لِمَ جلست إليكم؟ قالوا: لتسمع، قال: لا، ولكن أردت التواضع لله بالجلوس إليكم).
|
فيا أيها المتكبرون: عَلامَ التكبر عَلامَ؟ وإيلامَ الكبرياء إيلامَ؟ أما تقرؤون قول الله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} الإسراء 37، 38.
|
أما بلغكم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، و(يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم). وأما سمعتم قول علي رضي الله عنه: (من تكبر على الناس ذل)، و(عجبت لابن آدم يتكبر، وأوله نطفة وآخره جيفة).
|
والمأمون إذ يقول: (ما تكبر أحد إلا لنقصٍ وجده في نفسه، ولا تطاول إلا لوهنٍ أحسه من نفسه). وقول ميخائيل نعيمة: (إعجاب الإنسان بنفسه دليل على صغر عقله). وقول فولتير: (الكبر يورث البغض). وقول ليشتنبرغ: (السنابل الفارغة ترفع رأسها عالياً).
|
الكبر تبغضه الكرام وكل من |
يبدي تواضعه يحب ويحمد |
خير الدقيق من المناخل نازل |
وأخسه وهي النخالة تصعد |
إن الأقوال المستنكرة المحذرة من هذه السمة البغيضة، والخصلة السيئة كثيرة، وقائمتها طويلة، ويجمع بينها قاسم مشترك، يشخص حالة المتصف بهذه السمة أنه إنسان ضعيف العقل، جاهل وضيع؛ لأنه وضع نفسه في دائرة ضيقة، والنفوس الحرة الأبية تأبى القيود، وتتحرك دائماً في فضاء واسع من الحب، وإدراك واعٍ بأن (التواضع إحدى مصائد الشرف)، وأن (مروءة الشريف لا تكتمل حتى لا يبالي في أي ثوبيه ظهر).
|
وكفى من ينازعه عظم قدر نفسه، أن يتذكر أنه يأكل الطعام، واللبيب بالإشارة يفهم.
|
|
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم أرسلها إلى الكود 82244
|
|
|
|