Al Jazirah NewsPaper Saturday  25/08/2007 G Issue 12749
عزيزتـي الجزيرة
السبت 12 شعبان 1428   العدد  12749
إلى الأخ عبدالمحسن البدر.. التوثيق العلمي يبرئني من الاتهام!

سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس تحرير جريدة «الجزيرة» وفقه الله..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..

فقد نشرت جريدتكم الغراء بعددها رقم (12723) مقالاً بعنوان:

(تبيان الالتباس فيما نسب إلى الشيخ إبراهيم البدر) لكاتبه عبد المحسن بن إبراهيم بن محمد البدر في صفحة عزيزتي «الجزيرة» بتاريخ 16-7-1428هـ، وحيث إن الكاتب رماني بالتجني والتقول على الشيخ إبراهيم بن محمد البدر حول ما روي عنه من انتسابه للشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي التميمي، فإن لي على مقاله بعض التعليقات:

أولاً: ذكر الأخ عبدالمحسن ما نصه: (ما ذكره الكاتب خالد بن عبدالرحمن بن عبدالكريم أبانمي في مقاله نورده نصاً، (ومع هذا فقد رأيت عدداً من الشواهد تؤيد ما ذكره الشيخ إبراهيم بن بدر من أن عشيرة البدور من ذرية هذا العالم الوهيبي)، وهذا تقوّلٌ وتجن على الوالد - رحمه الله - لم نعرفه أو نسمع منه سواء في كتابته أو في مجالسه وأحاديثه للعامة والخاصة).

وهنا أحب أن أبين للقارئ الكريم أنني لست أنا من نسب هذا القول للشيخ إبراهيم البدر، وإنما اعتمادي في نسبة هذا القول للشيخ إبراهيم على ما ورد في كتاب (التويم بين الماضي والحاضر) للمؤلفين سعود بن عبد الله الحزيمي ومحمد بن عبدالله المفيز اللذين نقلا ذلك عن الشيخ إبراهيم مشافهةً في مقابلةٍ خاصةٍ معه، إذ قالا: (روى لنا الشيخ إبراهيم بن محمد بن بدر إمام وخطيب جامع التويم الأسبق، أنه قد اطلع على تعليق تملك لأحد أجداده، وهو بدر بن محمد بن بدر على كتاب (شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك) يؤكد وجودهم في بلد أشيقر عام 993هـ) (ص34) ثم وضعا بعد هذه الرواية هامشاً أشارا فيه إلى أنهما سمعاها من الشيخ إبراهيم في مقابلة شخصية معه، وأرّخاها بتاريخ 6-11-1426هـ، كما أكدا تلك المقابلة مع الشيخ إبراهيم البدر شخصياً عند الحديث عن مصادر معلومات الكتاب، إذ قالا:

أ- المصادر الشفوية والوثائقية: لقد اعتمد في تحرير بعض المعلومات على التاريخ الشفوي الذي يعني مقابلة بعض كبار السن، للحصول على بعض الوثائق، أو المعلومات المكتوبة والشفوية عن الأسر والأماكن والأحداث التاريخية، ويجري بعد ذلك تمحيص تلك المعلومات وفحصها، ومقارنة بعضها ببعض، ومقارنتها أيضاً بالمعلومات المكتوبة إن وجدت، ومن ثم اعتماد ما يصح منها ويناسب النشر.. وممن تمت مقابلتهم، أو مهاتفتهم خلال إعداد هذا الكتاب، حسب الترتيب الألفبائي:

1- إبراهيم بن محمد بن بدر إمام وخطيب جامع التويم الأسبق (ص243).

كما رأيت مؤيّداً آخر لرواية الشيخ إبراهيم البدر التي تؤكد انتسابه للشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي، وهو ما رواه عبدالله بن حمد بن محمد العسكر نقلاً عن أحد أبناء الشيخ، إذ قال العسكر في مقاله المنشور في وراق الجزيرة تحت عنوان:

(كتاب - التويم بين الماضي والحاضر - ترحيب واستدراك) بتاريخ 28-2- 1428هـ ما نصه: (وتأكيداً للصواب والتحقق منه سألت أحد أبناء الشيخ إبراهيم بن محمد البدر - رحمه الله - إن كان لديهم شيء مما ذكر والده بأنه اطلع عليه، فأجاب بالنفي وأنها رواية عنه واطلاع قديم له لا يعلم مصدره.

وأقول: إذا كان ابن الشيخ إبراهيم لم يطلع على ما اطلع والده عليه من مصادر، فإن هذا لا يعني عدم صحة ما نقل عن والده. وكون هذا النقل مما لا يُرْضِي أحد أبناء الشيخ، فهذا لا يعني أن له الحق في نفيه، فالتراث العلمي ملك للجميع، وأحقية ابن الشيخ في إبداء آرائه في علم والده مساوية لأحقية كل مشتغل بالعلم، فالعلم ليس ما يرثه الأقربون وحدهم ويتصرفون فيه تصرف المالك، بل هو ملك مشاع لا تُرَدُّ عنه يد طالب، ومجرد إقرار أحدهم بأنها (رواية عن أبيه واطلاع قديمٌ له) يؤكد هذه الرواية، ونفي أحدهم لها أو تخطئته إياها يجب أن تكون علمية، وتبتعد عن اتهامي أنا أو غيري بالتجني على الشيخ رحمه الله.

وبعد كل هذا أقول: إن هذه الرواية عن الشيخ إبراهيم ثبتت من طريقين:

أولهما: كتاب (التويم...)

ثانيهما: إقرار أحد أبناء الشيخ بأنها روايةٌ عنه واطلاع قديم له.

وبناءً على هذا، فلست أنا من نسب هذا القول للشيخ إبراهيم البدر، فإن كان هنالك تجنٍ وتقول على الشيخ (حسبما يظن كاتب المقال)، فهو ممن نقل لنا قوله بالانتساب للشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي، وإن كنت لا أخال الأخوين سعود الحزيمي ومحمد المفيز إلا صادقين فيما روياه عن الشيخ إبراهيم في مقابلتهما معه التي سبق إيراد نصها وتاريخها.

ثانياً : ليس لإيراد الشيخ إبراهيم البدر لاسم الشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي ناسخ كتاب (شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك) وتاريخ وجوده في أشيقر عام 993هـ أي فائدة لو لم يكن أحد أجداده - وهذا الذي رُوي عنه - وخصوصاً أنه قد نصَّ على أنه يدل على وجودهم في أشيقر في ذلك الزمان، فالشيخ إبراهيم استدل بهذا على الوقت التقريبي لخروج آل بدر من أشيقر إلى التويم، ولم يذكر (حسبما ذكر الكاتب) أن إيراده لهذا الاستدلال من باب تشابه الأسماء، بل كدليل على عدم قدومهم إلى التويم قبل ذلك العام، وهذا يثبت أن رواية مؤلفي الكتاب عن الشيخ إبراهيم صحيحة وأن رجوعهما عن هذه الرواية - إن حصل - يشكك في مصداقيتيهما في كثير مما روياه في هذا الكتاب الذي أحسبهما تقيدا فيه بالمنهج العلمي الذي يقتضي الأمانة في النقل وإيراد الحقائق.

ثالثاً: ذكر الكاتب - وفقني الله وإياه - في معرض كلامه ما نصه: (وهنا نؤكد أن التاريخ والمؤرخين والوالد - رحمه الله - يجمعون على أن نسب عائلة آل بدر يعود إلى عنزة).

وأقول: لو قرأ مقالي السابق جيداً لوجدني في النقطة الثالثة من مقالي ذكرت أقدم مؤرخ نسب آل بدر إلى عنزة، وهو المؤرخ حمد بن محمد بن لعبون (ت1257هـ تقريباً)، وأنني أُثبت هذا القول، ولكن لا تعارض بين أن يُعَدوا من عنزة وبين أن يكونوا من ذرية الشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي، وقد أشرت إلى أن ابن لعبون قد أشار تلميحاً إلى تحالف بعض الوهبة مع بني وائل عند خروجهم من أشيقر إلى التويم، وللجمع بين النسبتين، فيكونون من الوهبة نسباً وفي عنزة حلفاً.

كما أوردت كلام عبدالله بن عبّار في كتابه (أصدق الدلائل في أنساب بني وائل) (502) حينما عدّ آل بدر من المحَلَف من الجلاس من عنزة، وأوضح ابن عبار أن محلف هذا اسم حلف وليس اسم جد، ولا شك أن الشيخ إبراهيم البدر - رحمه الله - عندما انتسب إلى هذا العالم الوهيبي لم يخفَ عليه أنهم معدودون في عنزة، والحلف والتحالف بين القبائل موجود منذ القدم وإلى الآن وهذا ما لم ينكره أحدٌ من النسابين، حتى إن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أجاز الحلف وعدّ حليف القوم منهم، إذ روي عنه صلى الله عليه وسلم (أنه جمع قريشاً فقال: هل فيكم من غيركم؟ قالوا: لا، إلا ابن أختنا وحليفنا ومولانا. فقال: ابن أختكم منكم، وحليفكم منكم، ومولاكم منكم) أخرجه الإمام أحمد في المسند، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وقال الحافظ العراقي: هذا حديث صحيح رجاله ثقات. وبناءً على ما سبق قد يحمل قول من نَسَبَ آل بدر إلى تميم على الأصل وقول من ينسبهم إلى عنزة على الحلف والله أعلم بالصواب.

أما ما ذكره الكاتب من إجماع المؤرخين على انتساب آل بدر إلى عنزة، فهذا إجماع غير واقعي، فبالإضافة إلى ما روي عن الشيخ إبراهيم البدر من انتسابه لهذا العالم التميمي، فقد ذكر ذلك أيضاً كلٌّ من المؤرخين عبدالرزاق بن عبدالمحسن الصانع وعبدالعزيز بن عمر العلي في كتابهما الذي ألفاه بعنوان: (إمارة الزبير بين هجرتين)، إذ قالا عند التعريف بإحدى أسر الزبير ما نصه: (المديهيم عساكره من تميم وهم من المجمعة) (ج1ص252ط1- 1406هـ).

ومن المعلوم أن أسرة المديهيم ذرية سليمان ومحمد العسكر المعروفين بالمديهيم، وهو لقب لأبيهم حسبما جاء في كتاب (أوراق ورسائل من حياة الشيخ حمد بن ناصر العسكر ص21 ط1، 1422هـ).. لمؤلفه عبدالله بن حمد بن محمد العسكر، و(العسكر) هو لقب يطلق على جزءٍ من آل بدر الذين بالمجمعة (المرجع السابق ص13- 15)، فبذلك يتبين أن الشيخ إبراهيم البدر لم ينفرد بهذا القول، وقد سبق في المقال السابق أن أوردت ما جاء في النبذة المنسوبة لجبر بن سيار (ت 1085هـ) حول نَسْبِهِ إحدى أسر البدور إلى تميم.

فأين الإجماع الذي ذكره الكاتب؟!

رابعاً: ذكر الكاتب في معرض كلامه ما نصه: (من جهة أخرى، فإننا نستغرب أن يكون للكاتب من الاهتمام بالتشكيك بأنساب يعرفها القاصي والداني، وذكرها جميع المؤرخين عن عائلة البدر، وتشابه الأسماء بين الأولين والآخرين لا يبرر بأي حال نسب العوائل إلى غير أصلها والأمثلة على ذلك كثيرة). فأقول: لقد اتهمني عبدالمحسن البدر - هداني الله وإياه - باتهامٍ باطل، فمعتمدي في انتسابهم للوهبة هو كلام الشيخ إبراهيم البدر- رحمه الله - ولست أعتمد على تشابه الأسماء، ولم أستدل به في مقالي السابق!! ولكنني سقت بعض الشواهد التي تؤيد قول الشيخ، وذلك في معرض ردي على عبدالله بن حمد بن محمد العسكر عندما جزم بوهم الشيخ إبراهيم، وليس بقصد التشكيك في نسب أسرة البدر (حسبما يتوهم الكاتب)، ولا سيما أن هذه الأسرة الكريمة تربطني بها صلة قرابة، وقبل هذا وذاك فإني أربأ بنفسي أن أنتهج هذا المنهج الذي اتهمني به الكاتب هداه الله، كيف وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب والنياحة على الميت) (صحيح مسلم).

ومع ذلك فما ذكره الشيخ إبراهيم من أن الشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي جد له لا يتعارض مع سلسلة نسبه، حيث إن سلسلة نسب آل بدر تنتهي إلى جد اسمه (بدر بن محمد بن بدر) وهذا ما وجدته في نسب الشيخ حمد بن ناصر العسكر - رحمه الله - في كتاب (أوراق ورسائل من حياة الشيخ حمد بن ناصر العسكر)، عندما ساق مؤلفه نسب الشيخ حمد كالتالي: (حمد بن ناصر بن حمد بن سليمان بن إبراهيم بن بدر بن محمد بن بدر) (ص20) كما أن زمن جدهم بدر هو زمن الشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي نفسه، ويتبين ذلك من خلال وثيقة عقد بيع عقار باعه وكتبه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي، على عبدالله بن سليمان بن إبراهيم بن بدر بن محمد بن بدر (نص العقد في مقال بعنوان (العلاوة) في جريدة الجزيرة، عدد 10272 بتاريخ 16-8-1421هـ)..

فعليٌّ الجدّ الثاني للشيخ محمد بن عبدالوهاب يوازي من ناحية الطبقات بدر بن محمد بن بدر الذي في سلسلة نسب عبدالله بن سليمان، كما أن عليّاً الجد الثاني لشيخ الإسلام معاصر للشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي الذي روي عن الشيخ إبراهيم البدر انتسابه له، وهو نزيل بلد أشيقر التي هي مخرج أسرة آل بدر موضع الحديث التي لم يثبت وجود عشيرة تحمل هذا الاسم فيها إلا عشيرة الشيخ بدر بن محمد بن بدر بن حسن بن بدر بن علي بن أحمد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب الحنظلي التميمي، فهل في انتساب الشيخ إبراهيم للشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي ما يتعارض مع سلسلة نسبه من ناحية الأسماء أو الزمن؟!

خامساً: قال عبدالمحسن البدر في مقاله حول صحة ما روي عن والده وحول مقصده فيما روي عنه، ما نصه: (لم يذكر الوالد - رحمه الله - أن بدر بن حمد بن بدر من أجداده البتة كما جاء في الكتاب، بل إنه ذكر أن الاسم يشابه أسماء أجدادنا...).

فأقول: أما قول الكاتب بأن الشيخ إبراهيم جاء بذكر الشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي من أجل أن يبين للمؤلفين تشابه اسمه مع أجداده، فهذا ما لم يشر له مؤلفا الكتاب اللذان أخذا معلوماتهما من الشيخ مباشرةً في مقابلتهما معه - رحمه الله - ولم يكن الحديث عن تشابه الأسماء، وإنما الحديث عن عمارة التويم، وتاريخ تأسيسها، والأسر التي شاركت في إعادة إعمار التويم التي انتقلت من أشيقر إليها.

وحتى لو افترضنا جدلاً أن الشيخ إبراهيم لم يقل أن الشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي أنه أحد أجداده فسياق كلامه يدل على ذلك، فهو - حسبما روي عنه - قد استدل بتاريخ الكتاب على وجودهم في أشيقر عام 993هـ قبل أن ينتقلوا منها إلى التويم، فلولا أنه يرى أن الشيخ بدر بن محمد بن بدر الوهيبي أحد أجداده - كما روي عنه - لما استشهد بزمن وجوده في أشيقر على وجود آل بدر فيها في ذلك الوقت قبل انتقالهم إلى التويم. وكلام الشيخ لا يحتاج إلى كبير تأمل، فهو ما يعرف بالبدهية الأولى.

وفي الختام أحب أن أبين للقارئ الكريم وللباحث المتخصص أن الهدف من مقالي السابق هو الدفاع عن الشيخ إبراهيم بن محمد البدر، عندما اتهم بالتوهم والالتباس لمجرد مخالفته لما يتبناه بعضهم من مقررات مسبقة، وأعوذ بالله أن يكون الهدف من ذلك التشكيكُ بنسب أسرة كريمة هم من أصهارنا وأخوالنا وأقاربنا.

وسواءً كانوا من بني تميم أو من عنزة، فكلاهما نسبٌ كريمٌ يُغْبَطُ من ينتسب إليه.

خالد بن عبدالرحمن ابن عبدالكريم أبانمي

خالد بن عبدالرحمن ابن عبدالكريم أبانمي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد