الجزيرة - المحرر
لؤلؤة الجنوب ووردة السراة، واسطة العقد، وشذا الريحان، مدينة الضباب، هكذا يسمونها وتستحق ذلك - فالباحة - الفيحاء - بما حباها الله من طبيعة متباينة ومناخ عليل، وجبال ساحرة وأودية غناء وغابات آسرة وماء نمير، تستحق بجدارة أن تتربع على قائمة مناطق الاصطياف في المملكة - فصيف الباحة مترع بالحسن والجمال مخضب بأريج الأزهار والريحان.. مؤنس بضوء القمر، وأجاد الشاعر الملهم (محمد هاشم رشيد) في وصف الباحة بأن طرز قصيدته الشعرية ليصف بها سحر وروعة الباحة فقال:
أنت أنموذج الجمال لأحلى
ما عرفناه في قدود الحسان
والروابي المعطاء دنيا من الفتنة
والسحر والشذا النشوان
والذرا الشم رحلة في الأساطير
وراء المدى وخلف الزمان
فيما أصاب الشاعر الفذ (عبدالله بن خميس - كبد الحقيقة حينما شاهد الباحة وكأنها عروس حسناء طوقت جبينها بباقات الأزهار. ووضعت على وجهها حجابا من سنا الشمس. وتخضبت بنفح الريحان - ومنطقت حصرها ورقصت في الهواء الطلع مع أنغام الطيور الصداحة والجداول الرقراقة وأنشد ابن خميس يقول:
يا أخت لبنان تدبيجا وتكوينا
يا فضة السحر مجلوَّا ومكنونا
يا آية من حلى الإبداع ناطقة
يا صفحة صُوِّرت فنا افانينا
أرادك الله إبداعا على قدر
مع الجمال فكوني ما تكونينا
يحوطها من عميم النبت أروقة
مثل المطارف تزيينا وتفنينا
روض أريض الشذا جم خمائله
لا تنسين رباها والبساتينا
أما الشاعر الدكتور بهاء عزي فيقول:
شذا الورد والنُّوَّار للباحة الهيمى
واحنى علينا طلها مغرماً دوما
يُسمى عليها الطل عند احتضانها
فيخضل فيها الروض من قدر ما سمَّى
تحسُّ إذا ما جئتها أن روضها
أفانين رسَّام يهيم بها رسما
هي العشق العذريُّ مزهوُّة الصبا
حنانٌ هواها يجتلي الهم والغمَّا
الموقع الجغرافي لمنطقة الباحة:
تقع منطقة الباحة في جنوب غرب المملكة العربية السعودية بين درجتي عرض 19-20 شمال خط الاستواء، وبين خطي طول 41-42 شرق خط جرينتش وتحدها إمارة مكة المكرمة من الشمال والغرب وجزء من الجنوب. وتنقسم جغرافيا إلى:
أ- قطاع السراة وتتميز بالتضاريس المكونة من الصخور الجبلية نارية وبركانية ومتحولة ورسوبية ويصل ارتفاع الجبال إلى ما يزيد عن 2500م فوق سطح البحر وينحدر السطح تدريجيا نحو الشرق.. ليصل إلى منطقة هضبية في محافظة العقيق فيما يكون الانحدار شديداً نحو الغرب بسبب الحافة الانسكارية الجدار الشرقي لاخدود البحر الأحمر. والمناخ في فصل الشتاء بارد، والأمطار غزيرة. وكثيراً ما تتشكل السحب المنخفضة والضباب بسبب الارتفاع الشاهق وهبوب الرياح الرطبة القادمة من البحر الأحمر. أما فصل الصيف فمعتدل المناخ ويصاحب ذلك هواء منعش تتخلله زخات من الأمطار الموسمية لذلك تستقطب في هذا الفصل الكثير من المصطافين الباحثين عن نسمة هواء عليلة.. ونتيجة للأمطار الغزيرة التي تسقط على مرتفعات السروات تكونت العديد من الأودية بعضها تنحدر نحو البحر الأحمر وأخرى تنحدر شرقا لتغوص مياهها في رمال الربع الخالي.
ب- قطاع تهامة:
يمتد هذا القطاع بين سفوح جبال السروات الغربية إلى مركز ناوان الواقعة في سهول تهامة. وهذا القطاع يتراوح ارتفاعه ما بين 250 - 400م عن سطح البحر. وقد عملت عوامل النحت والتعرية الجوية دورا في تشكيل تلالها الجبلية وأوديتها الكبيرة والتي كثيرا ما تتعرض للسيول الجارفة مما نجم عنها التقعرات والاخاديد الرأسية.. ويوجد بهذا القطاع بعض النتوءات الصخرية والمرتفعات الجبلية كجبل شدا كجبلي ربا ونيس. أما تهامة السفلى وهي سهول ساحلية متموجة تشكلت من الطمي والترسبات الغرينية. ويحتل وادي ناوان جزءاً من هذه الترسبات والمناخ شديد الحرارة صيفاً دافئ شتاءً والأمطار قليلة ويوجد بهذا القطاع الكثير من الأودية الخصبة كوادي الأحسبة، مليل، بطاط، ناوان، الملح، ممنا، وادي نيرا.
السكان:
بلغ تعداد سكان منطقة الباحة نصف مليون نسمة وتعد المنطقة الثانية من بين مناطق المملكة من حيث الكثافة السكانية.
الناحية التاريخية:
غامد:
هو أبو قبيلة نسب إليها الغامديون، وغامد هو عمرو بن عبدالله بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد. ولقب الغامد لإصلاحه أمراً كان بين قومه. وقيل سمي غامداً لأن رجلا من بني الحارث بن يشكر قال: من أغمد سيفه فهو آمن فأغمد عمرو سيفه فسمي غامداً.
زهران:
زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد ومن زهران تفرعت أفخاذ وبطون كثيرة انتشرت في جهات متعددة داخل الجزيرة العربية وخارجها منذ العهد الجاهلي إلى عهود الفتوحات الإسلامية ولد زهران بن كعب: عبدالله، والنصر، والنمر، ومالك، وعبره، وصقل.
ومن مشاهير زهران في التاريخ: أبوهريرة الصحابي الذي روى ما يزيد عن خمسة آلاف وثلاثمائة حديث. ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه (الجرين)، الخليل بن أحمد الفراهيدي سيد أهل الأدب، مبتكر التأليف العجمي من أشهر تلاميذه (سيبويه).
ومن القبائل في المنطقة أيضاً: بنو عمر العلي وبنو عمر الأشاعيب وتقع منازل هذه القبائل في الجزء التهامي من منطقة الباحة.
الجوانب الإدارية والمحافظات:
تتولى إمارة منطقة الباحة (ومقرها مدينة الباحة) شؤون المنطقة وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز أمير المنطقة. يعاونه نائبه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن محمد بن سعود نائب أمير المنطقة وتنقسم المنطقة إلى ست محافظات هي: محافظة بلجرشي، محافظة المندق، محافظة المخواة، محافظة قلوة، محافظة العقيق، محافظة القرى، بالإضافة إلى ثلاثين مركزاً.
المواقع والغابات السياحية:
غابة رغدان: على بعد 5كم غرب مدينة الباحة وهي من أشهر الغابات وتتوفر بها الخدمات السياحية من مياه وإنارة وطرق معبدة وملاعب للأطفال.
غابة شهبة: تقع على بعد 3كم من مدينة الباحة شرقا وهي من المواقع السياحية الجميلة، وتعتزم (شركة الباحة للاستثمار والتنمية) إنشاء قرية سياحية متكاملة الخدمات بها.
غابة الجبل: تقع جنوب مدينة الباحة شرقا على بعد 9كم وبها الخدمات السياحية وهي من الغابات الشهيرة في المنطقة.
غابة حزنة: على بعد حوالي 5كم عن مدينة بلجرشي، وتطل على تهامة وبها جبل حزنة الشهير.
غابة القمع: على بعد 20كم جنوب مدينة بلجرشي، وقد أدخلت البلدية فيها الكثير من الخدمات والتحسينات.
غابة وادي برحرح: تقع على الطريق السياحي على بعد 40كم من المندق شمالا وهي من أجمل الغابات في بلاد زهران.
غابة عمضان: على بعد 15كم شمالا مدينة المندق.
غابة الزرائب: على بعد 20كم شمالا الباحة، وهي من الغابات الكبيرة وبها شلالات تتدفق المياه من المرتفعات لتصل إلى بئر - القلت.
غابة السكران: على بعد 10كم جنوب بلجرشي ويخترق الطريق هذه الغابة والمتجه إلى أبها.