أتابع صفحة الوفيات في (الجزيرة) وما فيها من عبر وأقول الحمد لله الذي قدر الموت على خلقه وكتبه على عباده وانفرد جلَّ شأنه بالبقاء والدوام، فما من مخلوق مهما طال عمره وامتد أجله إلا وهو نازل به، مستسلم له: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، ولو جعل الله الخلود لأحدٍ من خلقه لكان الأنبياء والمرسلون أولى بذلك، فالموت حقيقة لابد منها ونهاية ينتهي كل حيِّ إليها.
في ضحى يوم الجمعة الموافق 4-8-1428هـ، خرج أخونا الغالي وصاحبنا الوفي خليل بن هزاع العنزي الطالب في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بسيارته قاصداً بيتاً من بيوت الله لأداء صلاة الجمعة، وبينما هو في الطريق إذ بخلل في سيارته يتسبب في انقلابها بعد تقدير الله عز وجل، وينقل أخونا إلى المستشفى في محافظة العلا بمنطقة المدينة المنورة، ويتجه والده إلى المستشفى بعدما علم بما حصل لفلذة كبده وقرة عينه ليجد ابنه في سكرات الموت، فيبادر في تلقينه الشهادة فينطق بها ويكون آخر كلامه في هذه الدنيا كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) فيختم له بها ويموت بعدها ليلقى ربه صائماً وهو متجه لأداء فريضة من فرائض الله عز وجل.
حقاً كان موت هذا الشاب فاجعة عظيمة على أهله وذويه ومحبيه وكل من عرفه وصحبه وجلس معه وتحدث إليه لتحزن بذلك قلوبهم وتدمع عيونهم ويتلقون التعازي فيه.
نعم كان خليل - ولا نزكي على الله أحداً - عبداً صالحاً، ذا أخلاق عالية، سليم الصدر لأخوانه المسلمين، دائم الابتسامة بشوشاً جاداً في طلب العلم، باراً بوالديه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، داعية إلى الله جل وعلا بلسانه وحاله، رؤيته تذكر بالله ورجل يطمئن إليه القلب ويسعد بمجالسته، والحديث معه نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً من خلقه.
لقد أحبه كل من عرفه وسعد به كل من صحبه فنعم الرجل خليل، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا خليل لمحزونون، وعزاؤنا أن ما عند الله خير وأبقى ولا نقول إلا ما يرضي الرب.
إنني من خلال هذه الأسطر أدعو نفسي وكل من عرف ذلك الرجل وأحبه في الله أن يدعو له بالرحمة والمغفرة.
أسأل الله العلي القدير الغفور الرحيم أن يغفر له وأن يرحمه وأن يفسح له في قبره ويرفع درجته ويجمعنا به في الفردوس الأعلى، إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أحمد العسكر - الدلم
أحمد العسكر - الدلم