Al Jazirah NewsPaper Sunday  16/09/2007 G Issue 12771
الرأي
الأحد 04 رمضان 1428   العدد  12771
تجاربهم الناجحة مع زواج المسيار
عبد الملك بن عبد الوهاب البريدي - مدير مركز علاقات الإنسان بالقصيم

ينظر البعض الى زواج المسيار بعين التحفظ والريبة وذلك لما يكتنفه من السرية والغموض، ولعلنا نطلع على بعض زواياه وخباياه وربما أعماقه بتجارب بعض من خاضوا هذه التجربة.

يقول ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - في المغني (رجل تزوج امرأة واشترط عليها أن يبيت عندها في كل جمعة ليلة، وآخر اشترط عليها أن تنفق عليه كل شهر خمسة أو عشرة دراهم، وآخر يتزوجها على أن يجعل لها في الشهر أياماً معلومة) وهذا يؤكد لنا أن نمط زواج المسيار موجود منذ القدم وأنه لا فرق بين ما أورده ابن قدامة وما يعرف حالياً بزواج المسيار إلا استحداث التسمية والعبرة في العقود المقاصد والمعاني وليس للألفاظ والمباني، ولقد أجاز المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي هذا الزواج، وإنه خلاف الأولى وهو ناتج عن إخضاع هذه العقود لقواعد الشريعة وضوابطها من توافر الأركان والشروط وانتفاء الموانع حتى لو اختلفت أسماؤها وأوصافها وصورها.

ولزواج المسيار أسباب، منها ما يتعلق بالرجال، ومنها ما يتعلق بالنساء، ومنها ما يتعلق بالمجتمع؛ فالرجال يقبلون عليه بسبب رغبتهم في المتعة مع عدم رغبتهم في تحمل المزيد من أعباء وتكاليف الزواج أو لكثرة سفر وتنقل بعضهم، والنساء يوافقن عليه هروباً من شبح العنوسة أو حاجة بعضهن للمكث في منزل أهلها لرعاية والديها، أما ما يتعلق بالمجتمع فبسبب غلاء المهور ونظرة المجتمع القاسية لمن يرغب التعدد.

ومن مزايا زواج المسيار أنه يعالج العنوسة وصواحب الظروف الخاصة، وفيه إعفاف للطرفين ويساعد الشباب الذين لا يستطيعون الزواج بسبب تكاليفه الباهظة، وكذلك أنه ربما يرقى هذا الزواج إلى الزواج العادي عند حدوث الوئام والاتفاق.

يقول المستشار الأسري نواف الرعوجي إن زواج المسيار زواج شرعي وأتمنى أن يكون مألوفاً في واقعنا الاجتماعي؛ لأنه يساعد على حل مشكلة العنوسة وأصحاب الظروف الخاصة، لكن يجب أن يقنن وتوضع له ضوابط مدروسة النتائج؛ ذلك حماية للأعراض وصيانة للعقود.

من التجارب الناجحة في هذا الباب تجربة (ف.م) في العقد الرابع من العمر مثقف وموظف في دائرة حكومية في القصيم ويملك بعض المحال التجارية، متزوج وله ثلاثة أبناء ويعيش مع زوجته حياة مستقرة وبسبب عدم ثقافة زوجته اضطر للزواج من أرملة تعول خمسة أبناء وتعمل موظفة استقبال في مستوصف أهلي على قدر كبير من الثقافة فتقدم لها واشترط عليها سرية الأمر والتنازل عن المبيت وتكفل بالنفقة الكاملة ويعيش معها الآن حياة سعيدة، ويقول لا أعتقد أن هذا زواج مسيار بل زواج ميسر ولا أكتمكم سراً إنني أقوم بتفقد أحوالها بشكل يومي وقمت بكفالة ابنها الصغير كفالة كاملة رغبة في الأجر العظيم المترتب على كفالة اليتيم وأقوم سنوياً بالسفر بها مع أولادها إلى مكة، ويقول لا أحلم بأكثر من ذلك وأشكر ربي على هذه النعمة.

تجربة أخرى للمعلمة (ن س) أربعينية من الرياض تقول بعد تخرجي من الجامعة انتظرت العريس حتى تقدم عمري وكل من يتقدم إليَّ إما متزوج وإما مطلق ويريدني أن أربي له أبناءه حتى تقدم رجل ذو منصب وجاه واشترط أن يكون زواجنا مسياراً وتكفل بالنفقة والمصاريف، وأعتقد أني استطعت تحقيق النجاح في التجربة ووصلت إلى الاستقرار النفسي.

يقول أبو سعد: ساقني القدر وتزوجت مسياراً من امرأة مطلقة ترعى أولادها وتسكن بالقرب من متجري الصغير في وسط مدينة بريدة فكنت في البداية أشفق عليها وأقدم لها بعض المساعدات وفي الأخير توجت ذلك بالزواج منها سراً وتكفلت بالنفقة عليها وإسكانها في شقة وتنازلت عن المبيت ووجدت في هذه المرأة ما كان ينقصني وأفكر حالياً في إعلان النكاح.

تقول ريما عبد الله: لقد عايشت تجربة المسيار لفترة وأقول إنها تجربة تحمل 90% من النجاح بشرط اتفاق الطرفين والانسجام بينهما والقيام بالحقوق والواجبات وأن يحاول الزوج الوقوف مع زوجته المسيارية ويقضي حاجتها ويسافر بها أوقات الإجازات وينفق عليها ولا يحرمها من الذرية.

وأخيراً وليس آخراً لا ننكر أن هناك أضراراً قد تحصل بسبب هذا الزواج، ومن ذلك:

- قد يتحول الزواج بهذه الصورة إلى سوق للمتعة وينتقل فيه الرجل من امرأة إلى أخرى وكذلك المرأة.

- الإخلال بمفهوم الأسرة من حيث السكن الكامل والرحمة والمودة بين الزوجين.

- قد تشعر المرأة فيه بعدم قوامة الرجل عليها مما يؤدي إلى سلوكها سلوكيات سيئة.

- عدم إحكام تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة سوية متكاملة مما يؤثر سلباً في تكوين شخصياتهم.

ولهذه الأضرار المحتملة فهذه الصورة من صور النكاح خلاف الأولى وليست هي الصورة المثلى المطلوبة ولكنها تبقى مقبولة في بعض الحالات من أصحاب الظروف الخاصة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد