Al Jazirah NewsPaper Friday  21/09/2007 G Issue 12776
مدارات شعبية
الجمعة 9 رمضان 1428   العدد  12776
شاعر الأسبوع
قراءة في حياة وشعر الشاعر محمد الدرم
الجزء الأول

حياته

سبب تسميته بهذا اللقب:

عندما كان صغيراً كانت والدته تداعبه مرددةً كلمة الدرم لقصر قامته وهو صغير، فلقب بالدرم وهو كبير مع أنه طويل القامة وقد استحسن هذا الاسم لنفسه وأصبح فيما بعد يعرف بالدرم.

مولده ونشأته وبدايته في الشعر:

ولد الشاعر عام 1345 هـ في قرية القصورية غرب رويضة العرض وكان ذا ذكاء وفطنة اشتهر بهما.

وقيل إنه قال أول قصيدة وعمره 10 سنوات تقريباً عندما كان يعمل على السواني مع شخص يدعى (عيد)، وحيث ذكر له بأن سواني بئره تغني، فقال (عيد) مخاطباً (الدرم) وهو صغير:

يالدرم محال البديعة يغني

مهوب محالٍ على الدلهمية

وغروبهن صفاح ما ركبني

تقبل وتقفي في جال الركية

فرد عليه الدرم في قصيدة مطلعها:

محالنا يا عيد ما يمرحني

ولا أوضعن عصير والشمس حية

ولقد كان والده - رحمه الله - شاعراً ولكنه مقل، كما أن جده لأمه - رحمه الله - الشاعر محمد السلمان وهو شاعر معروف.

بدأ بمزاولة أسباب المعيشة منذ صغره في جميع ميادين الحياة مبتدئاً منها بالزراعية، ذكر ذلك في كثير من قصائده ومنها قوله في القصيدة التالية حيث كان يعمل عند أحد المزارعين بأجرة، وبعد أن قارب الزرع على الحصاد هجم عليهم صغار الجراد (الدبا) وهذه الحشرة معروفة بأنها إذا هجمت على زرع لا تبقي منه شيئاً ولا تذر فتعتبر - حشرة الدبا - العدو اللدود للمزارعين فلم يسلم منها زرع شاعرنا وقد أتت على جميع الزرع وأتلفته، فخرج الشاعر الدرم خالي اليدين غير خسران فقال هذه القصيدة والتي منها:

أنا أحمد الله راس مالي عباتي

والبس زرابيلي وادبر مع الريع

ومن سالني وش الخبر والسواتي

قلت الدبا في زرع ربعي مشاريع

ومن عقب ما هو زاهيٍ في النباتي

جاه الدبا الكتفان(1) عجل سواريع

بعد ذلك انتقل إلى حرفة التجارة بادئاً كغيره آنذاك في نقل الحطب، فكثيراً ما يقول الشعر أثناء نقله للحطب وقد كان هناك العديد من المساجلات الشعرية مع سيارته بنوع من الشعر الفكاهي التمثيلي:

كما في قوله مخاطباً سيارته وهي من الفورد القديم:

يا موتري لو أنت كفو استمارة

قصيت لك باصات وألواح ومرور

لكن والله إنك مواري خسارة

تبي تبهذلني وأنا منك مخطور

واردى لعينك تسعين شارة

كحيان ومبوش ولا فيك ماطور

فأجابته السيارة قائلة:

أنته تحرث للردى والجحارة

وأنته تبهذلني وأنا أصبر على الجور

حتى النفود أرقيتني مع زباره

جبت الحطب لك من ورا دمخ وغرور(2)

ومنها انتقل إلى مدينة رأس تنورة يعمل سائقاً في شركة أرامكو في المعدات الثقيلة وقد أشار إلى ذلك في عدد من قصائده كما في الأبيات التالية:

ألا واعذابي جاني العيد يم الراس

مع ريس يامر عليه وينهاني

إلى جيت أبا اجلس في العمل ما حصل مجلاس

تحملت فيه من التعب كل ما جاني

بعدها اشترى سيارة نقل من نوع فولفو وبدأ يعمل عليها:

قبلك وأنا ما في يديني دنانير

وإن خذت راتب أرامكو نفدنه

فتغيرت حاله وبدأ يعيش حراً طليقاً على سيارته طالباً ا لرزق فيقول:

واليوم أنا يالله لك الحمد في خير

ما عاد أبي لمملس الهرج منه

وقد قال الكثير في سيارته (الفولفو) وحصل بينه وبين أصحاب المرسيدس معارضات:

يا موتري والله تشيل القناطير

ماشالت المورات(3) شل مثلهنّه

إلى أن قال:

وان ما خذيت الجايزة في المحادير

لا قام راع المور الافنس يحنه

وعقب الغلا عود حصيله فواتير

ومطوفٍ اقصاد واخذوه منه

وكما في قوله مادحاً سيارته الفولفو وذاماً سيارة المرسيدس:

اليا وطت رجلي الديزل وجودت الدركسون

أوصلت وارد رشيد(4) مع الخطوط العوج حده

إلى أن قال:

ياجعل يمنى السويدي ما تشل وتسلم الكون

اللي تحدى لوارد بون غصب وجاب ضده

وكما في قوله:

يا راكب اللي فيه عشرة تعاشيق

ومكتوب في خشمه ثمان وثمانين

إلى أن قال:

وقل له فعلنا السرف في أهل الصناديق

دوك ابن فايز موتره راح نصفين

المور صار يذرق الزيت تذريق

يزيده السواق خمسة جوالين

وإلى عطينا مع طوال الطواريق

يبون سبقتنا وحنا معيين

بعدها بفترة باع سيارته الفولفو بعد أن حصل معه موقف سيئ واشترى سيارة مرسيدس:

موتري ما هيب عادة يسعفونه

والجمالة في المواتر عادة له

عقب ممشى الجور خرب وشان لونه

ما ينومس خاطري ما فيه شلة

النشامى من تهامه يسحبونه

حازمينه في ذنب مور يتله

فالشاعر الدرم قد تدرج في طلب الرزق منذ الصغر وجرب أصناف المعيشة وعانى كثيراً.

من شايب قد جرب الزين والشين

والمر والحالي يعرفه وذاقه

خذا من الدنيا تجارب وتمرين

يا كثر من صكات بقعا فلاقه

الدرم محامي بارع من خلال شعره:لقد جالس الكثير من أخصامه أمام القضاة، في مطالبات لأراضٍ ومزارع تعود له ولأهله، فهو شاعر ومحامي وقد أشار إلى ذلك في عدد من قصائده:

افرج لمن عوج الطلايب تنكد

وما فيه يوم سج وانساح باله

متبهذلٍ من كثرة الخذ والرد

وما ضاع من معروض يرفع بداله

وقوله في عرض قصيدة له شاكياً على أصحاب السمو الملكي الأمراء سلمان بن عبدالعزيز، والأمير سطام بن عبدالعزيز:

أنا أترجى نصركم طول الأيام

علي ظلم وجور وأمر سماوي

في ملكنا اللي راح من بين الأقلام

وحالت عليه الواسطة والدعاوي

ومعنا الصكوك السابقة ما لها أقيام

وش رايكم يامزينين الجلاوي

وكما في عرض قصيدة له يوضح فيها قضيته لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض حفظه الله:

عوج الطلايب مشاكلها تخلي كل صاحي عليل

مغير يقبل ويقفي بين طرد أرقام ومعاملات

ضرتني البقعة(5) اللي جعلها طول الدهر ما تسيل

جابت لي الضغط والسكر مع الأمراض متنوعات

بعد ذلك التحق موظفاً في وزارة الداخلية، فله عدد من القصائد الوطنية الرائعة، دفاعاً عن الوطن وفي الذود عنه وعن حكامه، وقد شارك بعدد منها في مهرجانات الجنادرية، ومنها التي ألقاها أمام الملك فيصل رحمه الله:

فيصل هو العادل بحل القضايا

كم واحدٍ شاف الفرج من سبايبه

فيصل وابوه وجده أهل العدالة

واخوانه وربعه وجملة قرايبه

فهود الملوك موسسين الجزيرة

بنوها على الاسلام ما هيب عايبه

وكذلك:

يا الله عليك اتكلنا واعتمدنا وانت رب العباد

يا حامي البيت عن قوم أبرهه اللي تدفع أفيالها

طول حياة الفهد ذخر العرب قائد جيوش الجهاد

سور الجزيرة وبانيها وحاميها ورجالها

كف يمده لراعي الصلح والآخر لراعي العناد

نقاض ما تفتل العدوان والصعبات فتالها

خادم حرمين ربه بالوفا والجد والاجتهاد

حط الأمانه على متنه وعن كل العرب شالها

ماشٍ على الشرع واخوانه مروين السيوف الحداد

أشبال عبدالعزيز اللي يعرب جدها خالها

الثابتين الزحول اللي عليهم يسند الاعتماد

على المواطن ربيع وتقهر العدوان بافعالها

أهل البواتير وأهل الشلف وأهل الهجن واهل الجياد

من جنس عنتر إلى منه ظهر للخيل خيالها

من فضلهم عزنا ربي بكثر المال والاقتصاد

والمملكة شامل ا لخير راحلها ونزالها

وقوله:

يا لله يا لله يا منشي المزون اللي مطرها حقوق

يا منزل الغيث من عندك تغيث الناس بأوطانها

في ليلة ينعش المسنين زلزال الرعد والبروق

والصبح سيله على التنهات مال كل ريضانها

من باب جده إلى ساحل عمان أرقاب مزنه تسوق

متراكم السحاب وضارب القاع ربانها

من حد الأردن إلى حد اليمن ما في خياله افتوق

ينثر قراح الغدير اللي يعل العشب ودانها

جعله على الدولة اللي عند أهلها ما تضيع الحقوق

من عدل حكامها حدب السيوف احماً لميزانها

حكامها نسل أخو نورة ذراء الخايف مخلا الطروق

ما جابت البيض مثله فوق الأرض وكثر سكانها

اللي مشى بالسرايا مر حدر وبعض الأمرار فوق

والليل مثل النهار مخلين ريمات بأرسانها

خلا القبايل هبايبها تصافق لين راحت رفوق

ومدورين الطمع صاروا عشار العرجا وسرحانها

ولا عود إلا عقب ما كتف الخايف وجاب السروق

والعالم اللي لها تسعين ملة وحد أديانها

واليوم في عهد أبو فيصل فاعل فعلٍ يسر ويشوق

ما يحصي الكمبيوتر ما بذل من شان عمرانها

الجسر جابه من البحرين مر به الحسا والفروق

والجسر الأول نصا الباحة وسهل روس ضلعانها

والجود لخوانه اللي للضعوف مفتحين البنوق

وافين الأشبار ما تقصر عن الماجوب ذرعانها

خلو وساع الصحاري للنخيل مشكلات العذوق

ما عاد ينشد عن الأسعار جايعها وضميانها

والعلم من راس عبدالله إليا يبست وساع الحلوق

لا عمست أبصار ساطين الرجال وزاغت أذهانها

ورد لها نوع ترنيدو وهوك وكل مسبق سبوق

مع القذايف ابعيدات المدى لو غليت أثمانها

وارفع سلامي لبدر اللي بنى لتراث الأجداد سوق

والخيل والهجن والشعار ريسها بميدانها

وقد عرف بالكرم السخي، فهو يمسي غنياً ويصبح فقيراً فمن السهل أن تنال منه ما تريد مهما كان ثمنه، وذو قناعة عالية، وله الكثير من القصص التي تحمل نوعاً من الفكاهة والسخرية مع الكثير من أصدقائه.

ومع شهرته ومكانته وكثرة أصدقائه من أمراء وشعراء إلا أنه توفي - رحمه الله - وهو لا يملك من الدنيا سيارة أو حتى منزلاً يؤويه وأبناءه من بعده، وإنما يسكن منزلاً مستأجراً.

إلى كسبت الشرف والعافية فالرزق مضمون

الموت لاجا إبن آدم ماحدٍ يقدر يرده

يا ما خذا الموت من طيب ومن صاحي ومجنون

والأنبياء والملوك ومن تهرب عنه شده

المال لو هو يفك من المنايا فك قارون

اللي حلاله يبهذل كل حسابٍ يعده

(1) الكتفان: من صغار حشرة الجراد

(2) جبلين عظيمين بمنطقة العرض بالقربمن هجرة حلبان

(3) سيارة المرسيدس

(4) سيارة الفولفو

(5) قرية الشاعر




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد