Al Jazirah NewsPaper Tuesday  23/10/2007 G Issue 12808
الرأي
الثلاثاء 12 شوال 1428   العدد  12808
حريملاء.. في قلب الملك عبدالله
د. عبد الرحمن بن عبد العزيز الجنوبي - عميد كلية المجتمع بحريملاء

تصادف هذه الأيام مناسبة غالية على جميع المسلمين في بقاع العالم الإسلامي وهي مناسبة العيد السعيد.. جعل الله جميع أيامنا سعادة وهناء، ونخص بالذكر بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية وفي عيدها السابع والسبعين.. أجد نفسي منجذباً إلى التعامل مع هذه المناسبة الغالية بشكل مختلف عن بقية المناسبات الهامة في مجتمعنا الغالي، فهو عيد فرضه الله علينا لكي نحتفل به ونفرح ونعبر عما في أنفسنا من بهجة وسرور وشكر له سبحانه وتعالى.

إن العيد بالنسبة لي هو مناسبة لكي تشمل حب الوطن وعيد الوطن، وزراعة هذا الحب جاءت من تعلُّقنا نحن الجيل الثاني وكذلك الآباء والأجداد بمدينة صغيرة تُسمى حريملاء، هي مسقط رأس آبائي وأجدادي. ولعل في هذه المدينة الصغيرة لا يُوجد الكثير الذي يُمكن أن يُقال عنها للقارئ الكريم، لكن بالنسبة لي فيها الكثير والكثير جداً من المعاني السامية وعبق التاريخ المتأصل في مسقط الرأس من الآباء والأجداد، وهي كذلك تمثل لنا جميعاً جرعات منتظمة من حب الوطن والتعلق به.

ولكن دعوني أقول لكافة القراء والقارئات الأعزاء وأنا أكتب هذه الخواطر في ضلع من ضلوع الشعيب بمحافظة حريملاء، ومن لا يعرف الشعيب المسمى قديماً بوادي قران، هو ذلك الوادي الجميل الذي نشتم منه عبق التاريخ لهذا البلد المعطاء الذي يمثّل لنا في حريملاء نموذجاً فريداً لالتقاء الثقافات المحلية بين أطياف المجتمع حيث نرتع ونلعب ونلهو بمناسبة العيد ونجول من بيت لبيت نطلب حلاوة العيد المتمثلة في التمر إلا ما رحم الله، ونلهو ببراءة الأطفال، ذلك اللهو الذي يساعد على توسيع مدارك الطفل منا في إطلاق العنان لخياله بين السهول والجبال وربى الأوطان، وهي ثلاثية فريدة تجول في النفس وتهذبها، وتوطد علاقتنا بكل حجر وزاوية وبكافة العوائل من هنا وهناك وبكل أريحية وتواضع.

ولعل ذلك التاريخ في قرى المحافظة مثل القرينة وسدوس وثادق والبير وصلبوخ وغيانة وغيرها من أشجار وأودية وموارد الماء للرعاة التي يؤمها الناس للرعي والزراعة ساهمت بشكل مباشر في توسع مدارك هذه القرى الجميلة في حب الوطن وحب الناس وحب التعامل مع العيد فهو عيد للجميع وبخاصة أولئك الصبية من أقراني الذين برزوا فيما بعد في خدمة هذا الوطن المعطاء في جميع التخصصات العلمية الزراعية والهندسية والطبية والشرعية وغيرها.

أقول بأن عيد حريملاء.. غير، فهو بالنسبة لي يمثل شموخ الوطن فحريملاء هي جزء من هذا الوطن، ذلك أن كل من خرج منها يشع بحب هذا الوطن وساهم ويساهم بشكل مباشر في خدمته، ومن نافلة القول إن كافة العوائل التي استوطنت هذه المدينة الصغيرة وما جاورها من قرى وغيرها هي كانت ملهمتنا الحقيقية في التوسع الفكري والحضاري داخل وخارج حدودها.

إن ربطي لحبي لهذا الوطن جاء متزامناً لغرس تلك الشجرة الصغيرة التي تنمو بشكل جميل والتي تُسمى الحرمل في روضات المحافظة التي كلما أجهدت من قلة الماء كلما زادت تمسكاً بجذور متشعبة في تراب هذا الوطن، حيث ساهمت في تنمية هذا الحب للوطن الغالي وتقديم الغالي والنفيس من أجله، أليس هذا هو العيد الحقيقي لنا جميعاً؟

إن عبق تاريخ حريملاء مليء بالأعياد والمناسبات الوطنية التي لا يتسع المجال لذكرها سوى بعض الإرهاصات التي انتابت هذه المنطقة من مد وجزر سياسي وزراعي واقتصادي بين القبائل التي سكنت هناك مروراً برائد الدعوة السلفية المباركة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب.

إن التنمية التي نشاهدها يومياً في أرجاء الوطن وفي حريملاء بالذات لهي شاهد حقيقي للأجيال التي قبلنا وبعدنا في التطوير الأفقي والتنمية بشكل عمودي لهي دليل آخر لكي أقول باسمي وأهالي المحافظة لولي الأمر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين: هنيئاً لكما هذه الأرض وهنيئاً لنا بكما وعيداً سعيداً ومباركاً.

إن مناسبة العيد السعيد بالنسبة لي تمثل ذلك الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي أرساه المغفور له الملك عبدالعزيز في شوال 1319هـ بدخوله للرياض وبدء حقبة جديدة من توحيد الجزيرة العربية، إنه أيضاً يعني لي بان كل عيد سعيد يمر علينا فهو يتزامن بتنمية سريعة وتطور نوعي في كافة المجالات كل عام، وله خصوصية في هذا العام حيث إنه يصادف مناسبة مرور عامين على تولي الملك عبدالله مقاليد الحكم الذي دعم مفهوم مملكة الإنسانية.

إن أحد أهم أركان توحيد وتنمية وطني الغالي هو التعليم، وقد أقتصر في حديثي عن التعليم العالي وفي ما قامت به الدولة - حماها الله - في السماح لجامعة الملك سعود مشكورة بتدشين أول كلية للمجتمع بالمحافظة عام 1424هـ بقرار ملكي كريم أكمل عقد الجمان في وادي الشعيب وجعله وادياً للعلم يُفتخر به، والآمال الكبيرة معقودة في المستقبل لكي تكون مصدر إشعاع للعلم، كما بناها العلماء الأفاضل من قبل ولكن هذه المرة بشكل مختلف يتوافق مع التقنية الحديثة والعلوم التطبيقية التأهيلية التي سوف تمكّن من مواكبة خطط التنمية للدولة.

وللذي لا يعرف كلية المجتمع بمحافظة حريملاء، فأقول باختصار إنها كلية حديثة تحتضن سبعة تخصصات تأهيلية وانتقالية في معارف وعلوم مميزة مثل إدارة الأعمال والحاسب الآلي والتأمين وإدارة البنوك والتمريض والأجهزة الطبية بالإضافة إلى علم الموارد البشرية، وسوف يتم فتح التخصصات الخاصة بالبنات في الفصل الدراسي الثاني بمشيئة الله كي تكون الكلية إحدى أذرع العلم التي تساهم مع الجامعة الأم، جامعة الملك سعود في تنمية المجتمع ولكي تكوّن المجتمع التعليمي الفرعي منها بحول الله.

أعود فأقول.. إن العيد السعيد بفرحته في حريملاء يدعونا دوماً بأن نشكر الله سبحانه وتعالى ثم ولي الأمر على ما قام ويقوم به في تنمية التعليم في كافة أنحاء المملكة، وليس أدل على ذلك من موافقة خادم الحرمين الشريفين قبل عدة أيام - حفظه الله - على إنشاء سبع عشرة كلية وقسم جديد على مستوى المملكة، وهو خبر أثلج صدورنا جميعاً وصدور كل العاملين في التعليم العالي، كيف لا وهي من الإضافات النوعية التي تميزت في عهده - حفظه الله -.

إنني يا خادم الحرمين الشريفين أتقدم لكم باسم كل طالب وعضو هيئة تدريس في كلية المجتمع بحريملاء بأسمى آيات التهاني بالعيد السعيد وأرجو الله العلي القدير أن يجعله عيداً سعيداً على كافة أبناء هذا الوطن الغالي وأن يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار.

نعم، إنني يا خادم الحرمين الشريفين أشعر بالفخر والاعتزاز أنني من تراب هذا الوطن، ومن المدينة الصغيرة في حجمها والكبيرة في حبها لوطنها، فهي بالنسبة لنا جميعاً هي في قلب أبو متعب وقلب أبو متعب بها دوماً.. كسائر أجزاء هذا الوطن، فحب الوطن من الإيمان، وكل عام وأنتم بخير.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد