نشرت جريدة الجزيرة في عددها رقم (12805) لقاء في صفحة زمان مع الفنانة سميرة توفيق، وكان اللقاء في عام 1393هـ، وكانت الفنانة في ذلك الوقت في أوج شهرتها ومجدها الفني، وكانت حديث الناس وحديث وسائل الإعلام المختلفة، وكان عشاق الطرب يرددون أغنياتها، وكانت لا تجد وقتاً حتى للتوقيع في ألبومات المعجبين.. وقد كان اللقاء لافتاً للنظر وشيقاً على قصره، حيث سألها المحرر عن سبب عدم زواجها، وهل ضيق الوقت هو السبب، فتذرعت بأنها تبحث عن الحب ولا تريد الطلاق بعد حياة زوجية قصيرة، وعندما تجد الحب فإنها ستنجب خمسة أطفال وتعتزل الفن، ولكن لم يتحقق شيء مما قالت، فهي لم تتزوج أبداً، وبالتالي لم تنجب ولم تعتزل الفن بل اعتزلها الفن بعد ظهور جيل جديد من الفنانات، وطواها النسيان، وأصبح من النادر أن يتذكرها الإعلام، وأجزم بأنها لو كانت تدرك في ذلك الزمن أن هذا سيكون مصيرها مع الإعلام ومع جمهورها وأن نهايتها مع الفن ستكون بهذه الطريقة لحرصت على الزواج والإنجاب لتجد من يؤنس وحدتها عندما يدير لها الإعلام ظهره، وأجزم كذلك بأن المحرر لو تأخر سؤاله خمسة وثلاثين سنة وسألها اليوم هذا السؤال لوجد جواباً مختلفاً، حيث سألها في اللقاء هل أنت نادمة على شيء؟ فأجابته وهي متسلحة بثورة الشباب وبالجمال والثقة: ماذا يفيد الندم؟ أنا لا أنظر إلى الوراء بغروبه بل أنظر إلى الأمام بشروقه.. حيث ستجيب اليوم بندمها على عدم تكوين أسرة تكون عوناً لها على نوائب الزمان، بل قد تبدي ندمها على دخول الوسط الفني الذي حرمها التفكير في الزواج، ولتمنت أن يعود الزمن إلى الوراء حتى تستطيع أن تعيد ترتيب حياتها وتجعل الزواج أحد أبرز أولوياتها.. ولكن الماضي بحلوه ومره للأسف لا يعود، وهذا ما لا يدركه البعض فتجده يسرف في أيام شبابه.
أقرأ صفحة سين وجيم للشيخ صالح اللحيدان فأتعجب مما فعل الزمن بالبعض، وأتعجب أكثر من غفلتنا من حقيقة الدنيا التي تبتسم لنا في أيام الشباب والقوة والصحة، ولكنها تكشر لنا عن أنيابها في سنوات الضعف والكهولة والعجز، ونغفل كذلك عن السنين والأيام التي تمر كمر السحاب حتى إذا جاءت ساعة تأنيب الضمير والندم نبكي من الآلام فلا نجد حولنا سوى الحسرات والزفرات.
علي بن زيد القرون-حوطة بني تميم