Al Jazirah NewsPaper Friday  23/11/2007 G Issue 12839
محليــات
الجمعة 13 ذو القعدة 1428   العدد  12839
مسؤول بالزراعة يؤكد في تصريح خاص ل«الجزيرة»
مستمرون في حظر إستيراد المواشي من السودان

جازان - هاتفياً - جيبوتي - إبراهيم بكري

نفي مدير عام الزراعة بمنطقة مكة المكرمة المهندس جابر الشهري في تصريح خاص ب(الجزيرة) ما تردد في إحدى الصحف بعودة استئناف السودان صادرات الماشية إلى السعودية لتغطية موسم الهدي (أضاحي الحجاج) مؤكداً أن الحظر مازال مستمراً على مواشي السودان بسبب ظهور حمى الوادي المتصدع إلى إشعار آخر وأنه حتى الآن لم يتم إعلان وزارة الزراعة السعودية عن رفع الحظر، فالموضوع يحتاج لتأن ودراسة بعيداً عن الاجتهادات الصحفية غير الحقيقية.

ومن جهة أخرى تأكيداً حول ما نشرته (الجزيرة) بحظر استيراد المواشي من السودان بسبب حمى الوادي المتصدع، في اتصال هاتفي بشريك الحكومة الجيبوتية بالمحجر الحيواني بميناء جيبوتي المستثمر محمد قايد، أعلن في تصريح خاص ب(الجزيرة) أنه بسبب فرض الحظر على استيراد المواشي من السودان تلقينا خلال اليومين الماضيين طلبات كثيرة من تجار مواش سعوديين لتغطية عجز موسم الهدي (أضاحي الحجاج) ولأول مرة يرتفع الطلب إلى أكثر من 50 % مقارنة بطلبات الفترة الماضية.

وأضاف شريك الحكومة الجيبوتية ل(الجزيرة) أنه خلال الأيام القليلة القادمة سيصل للسعودية أكثر من مليون رأس ماشية تم تصديرها من ميناء جيبوتي لتغطية العجز الذي تسبب به قرار حظر استيراد المواشي من السودان.

مؤكداً عبر (الجزيرة) أن غداً السبت آخر موعد لاستلام طلبات تجار المواشي السعوديين الراغبين في استيراد مواشي الهدي (أضاحي الحجاج) من ميناء جيبوتي ولن يقبل بعد هذا التاريخ أي طلب بسبب اشتراطات وزارة الزراعة السعودية بحجر المواشي بالمحجر الحيواني بميناء جيبوتي لمدة 30 يوماً وفقاً لاشتراطات منظمة الصحة العالمية، مطالباً عبر (الجزيرة) تدخل معالي وزير الزراعة الدكتور فهد بلغنيم بإصدار استثناء لتقليص مدة فترة الحجر بجيبوتي لأن الموقف معقد ويتطلب ذلك حتى لا تحدث أي أزمة في الهدي وأضاحي الحجاج عامل الوقت مهم جداً في هذه الظروف الحرجة وبخاصة أن وزارة الزراعة السعودية لها سابقة في هذا الشأن حيث قامت العام الماضي باستثناء مشروع الأضاحي والهدي بالبنك الإسلامي للتنمية بتقليص مدة استيراد المواشي من جيبوتي لأسبوعين بدلاً من شهر كامل.

ومن جهة أخرى فشلت محاولة تجار مواش سعوديين باسترداد أموالهم من مصدري الماشية بالسودان لاستغلال عامل الوقت والاتجاه إلى جهة أخرى وهي القرن الإفريقي عبر محجر جيبوتي قبل حلول موسم الهدي أضاحي الحجاج، وبرر المصدرون السودانيون رفضهم طلب المستثمرين السعوديين تجار المواشي على أن أحد بنود العقود التي بينهم ينص على (ضرورة جواز الهدي والتضحية بالمواشي المستوردة من السودان وخلوها من الأمراض التي تحرم الشريعة الإسلامية التضحية بها) على فتوى شرعية لهيئة علماء السودان صدرت خلال الأيام الماضية نصها (أن رجال دين أفتوا بجواز التضحية بماشية يشتبه في إصابتها بالمرض في عيد الأضحى المقبل، وأفتت هيئة علماء السودان بأن المسلمين يحظر عليهم فقط التضحية بماشية مصابة بأمراض منصوص عليها في الأحاديث النبوية).

ومما شجع المصدرين السودانيين بالتمسك بالعقود المبرمة مع تجار المواشي السعوديين هو تأكيد مدير إدارة الصادرات بوزارة التجارة السودانية هاشم فتح الله أن كبير خبراء منظمة الزراعة والأغذية العالمية (الفاو) استيفن لاروس الموفد لسودان لتقصي حقائق حمى الوادي المتصدع أكد في تقرير خلو السودان من حمى الوادي المتصدع ولا يوجد أي إصابة حيوانية.

وقالت وزارة الثروة الحيوانية في السودان إنه ليست هناك مؤشرات بوجود إصابات بين الماشية بمرض حمى الوادي المتصدع رغم تأكد حالات الإصابة بين البشر.

ولكن منظمة الصحة العالمية قالت الأسبوع الماضي إن السودان سجل حالات إصابة بالمرض بين الماشية في ولاية النيل الأبيض ويتم حالياً حراك دولي من السلطات المعنية بالسودان لإقناع منظمة الصحة العالمية بالتراجع عن قرارها السابق الذي أثر سلباً على الاقتصاد السوداني مستندة على تقرير خبير منظمة الزراعة والأغذية العالمية (الفاو) بخلو إصابة الماشية بالسودان من حمى الوادي المتصدع.

وفي نفس إطار التحرك الدولي السوداني تجري حالياً مفاوضات مع وزارة الزراعة السعودية لرفع قرار الحظر بإرسال وفد سعودي متخصص للسودان للتأكد من صحة تقارير المنظمات الدولية بهذا الشأن ومما يزيد نسبة التفاؤل للسودانيين وجود سابقة لوزارة الزراعة السعودية قبل ثمان سنوات برفع حظر استيراد المواشي من السودان الذي تم فرضه أثناء ظهور حمى الوادي المتصدع بالقرن الإفريقي وانتقاله إلى عدد من مناطق السعودية وتم في ذلك الوقت استثناء السودان بعد تأكد وزارة الزراعة السعودية خلوها من حمى الوادي المتصدع. ومن المتوقع ووفقاً لمصادر (الجزيرة) الخاصة أن السودان سوف ترمي بثقلها على مختلف الأصعدة لإلغاء الحظر المفروض حالياً.

وفي سياق آخر أعلن د. عبدالمنعم بيومي الناطق الرسمي باسم وزارة الثروة الحيوانية أن نتائج الفحص التي تم إرسالها إلى جنوب إفريقيا أثبتت خلو البلاد من (حمى الوادي المتصدع) وانتقد قراراً لمعتمد بورتسودان يمنع عبور الماشية، وقال: إنه أثر على الصادر.

وأضاف د. بيومي في تصريحات صحفية أمس الأول أن نتائج الفحص أثبتت خلو السودان من مرض حمى الوادى المتصدع، مبيناً في هذا الصدد أن وزارته سترسل مزيداً من العينات بغرض التأكيد.

وكشف د. بيومي عن تصدير شحنة من اللحوم أمس الأول إلى قطر بينما ستتواصل عمليات التصدير خلال الأيام المقبلة.

وأعلن د. بيومي عن تسلم وزارة الثروة الحيوانية لقرار رسمي صادر من معتمد بورتسودان بمنع دخول ماشية الهد إلى المدينة بحجة تلويثها للبيئة الأمر الذي أثر على عمليات تحجير الماشية بمحجر بورتسودان وانسياب الصادرات إلى السعودية خصوصاً وأن هنالك اتفاقاً مع سلطات ولاية البحر الأحمر بتحجير الماشية بمحجر بورتسودان وتصديرها عبر ميناء سواكن الذي ينتظر أن يكتمل العمل به العام القادم.

وانتقد بيومي صدور القرار في هذا التوقيت الذي يتزامن مع موسم الهدي، وأردف: (الوقت غير مناسب لصدور قرار بمنع دخول الماشية إلى بورتسودان التي تعد المنفذ الوحيد لصادرات الهدي. وتابع: هنالك اتفاق على تحجيرها في بورتسودان، ونأمل أن يراجع المعتمد قراره لضمان انسياب الصادرات).

وأوضح مدير إدارة الصحة الدولية د.عصام عبد الله في الاجتماع التنسيقي لوزراء الصحة بالولايات أمس الأول أنه إذا كانت هنالك (40) إصابة بين البشر تكون في الحيوانات أكثر، وأشار إلى الوضع الوبائي بالولايات المتأثرة بالمرض حيث سجلت ولاية النيل الأبيض (103) إصابات و(45) وفيات فيما بلغت الإصابات في الجزيرة (215) إصابة و(40) حالة وفاة وفي سنار (52) إصابة و(15) وفاة والمجموع الكلي كل إصابات السودان (371) حالة إصابة ووفاة (94).

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن انتشار مرض حمى الوادي المتصدع لا يزال مستمراً في السودان وأنه قتل نحو 92 شخصا منذ أن أشارت تقارير إلى ظهور المرض هناك قبل أسبوع، في الوقت الذي لا تزال فيه الخرطوم تنفي وقوع إصابات بين مواشيها.

وذكرت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أنها بدأت عقد اجتماعات يومية لمراقبة انتشار المرض الذي يمكنه قتل نحو نصف الذين يصيبهم ولا يوجد له لقاح فعال، كما يمكن أن يدمر الثروة الحيوانية.

كما أعلن متحدث باسم المنظمة أن الأرقام الأخيرة لعدد المصابين بالمرض تشير إلى ارتفاع عددهم من 228 - وهو ما أشارت إليه تقارير صدرت قبل ستة أيام - إلى 314 وأضاف أن معدل الوفيات لا يزال في حدود 30%.

حمى الوادي المتصدِّع نبذة عامة

حمى الوادي المتصدِّع مرض فيروسي حيواني المنشأ يصيب الحيوانات في المقام الأول، ويمكنه أيضاً إصابة البشر.

ويمكن للعدوى أن تسبِّب مرضاً وخيماً لكلٍّ من الحيوانات والبشر، وأن تؤدِّي إلى معدلات عالية من المرض والوفيات.

كما يؤدِّي المرض إلى خسائر اقتصادية فادحة بسبب الوفيات وحالات الإجهاض التي تحدث بين الحيوانات التي تصاب بالحمى في المزارع.

ينتمي فيروس حمى الوادي المتصدِّع إلى جنس الفيروسات الفاصدة Phlebovirus، وهي أحد الأجناس الخمسة في فصيلة الفيروسات البونية Bunyaviridae.

وقد تم تحديد الفيروس لأول مرة في عام 1931 أثناء تحرِّي وباء اندلع بين الأغنام في إحدى المزارع في الوادي المتصدِّع، في كينيا. ومنذ ذلك الحين، تم التبليغ عن فاشيات في بلدان جنوب الصحراء وشمال إفريقيا.

وفي عامَيْ 1997 و1998 وقعت فاشية كبرى في كينيا والصومال وتنزانيا.

وفي أيلول - سبتمبر 2000 تم تأكيد حالات من حمى الوادي المتصدِّع في المملكة العربية السعودية واليمن، وكانت هذه الحالات أول وقوع للمرض تم التبليغ عنه خارج القارة الأفريقية، حيث أثارت قلقاً من إمكانية امتداد المرض إلى مناطق أخرى في آسيا وأوروبا.

الانتقال إلى البشر

تنجم الغالبية العظمى من العدوى التي تصيب البشر من التماس المباشر أو غير المباشر مع دم أو أعضاء الحيوانات المصابة.

ويمكن للفيروس أن ينتقل إلى البشر عن طريق لمس أنسجة الحيوانات أثناء الذبح والتقطيع، أو أثناء المساعدة في ولادة الحيوانات، أو أثناء القيام بإجراءات بيطرية، أو نتيجة التخلُّص من جثث الحيوانات أو أجنتها.

ولذلك تعتبر بعض الفئات المهنية، مثل المربين، والمزارعين، والعاملين في المجازر، والأطباء البيطريِّين، شديدة التعرُّض لمخاطر العدوى.

ويصاب البشر بالفيروس عن طريق التلقيح، وذلك من خلال جرح الجلد بسكين ملوَّثة أو بملامسة جلد مصاب، أو باستنشاق الضبوب الناتجة عن ذبح حيوانات مصابة.

وقد أدَّت طريقة الانتقال من خلال الضبوب إلى إصابة العاملين في المختبرات بالعدوى.

وتوجد بعض البيِّنات على إمكانية إصابة البشر أيضاً بالعدوى بهذه الحمى، عن طريق شرب اللبن من الحيوانات المصابة وغير المبستر أو غير المغلي.

وقد نجمت العدوى البشرية أيضاً عن لدغات البعوض المصاب، ولاسيَّما البعوض من جنس الزاعجة aedes.

ومن الممكن أيضاً أن ينتقل فيروس الحمى عن طريق الذباب الماص للدم.

ولم توثَّق حتى الآن أي حالة انتقال لحمى الوادي المتصدِّع من البشر إلى البشر، ولم يبلَّغ عن انتقال هذه الحمى إلى العاملين بالرعاية الصحية عند اتِّخاذ الاحتياطات العادية لمكافحة العدوى.

ولا توجد بيِّنات على وقوع فاشيات لحمى الوادي المتصدِّع في المناطق الحضرية.

السمات السريرية في البشر

الشكل الخفيف لحمى الوادي المتصدِّع في البشر

تتراوح مدة حضانة حمى الوادي المتصدِّع (الفترة من العدوى وحتى بداية ظهور الأعراض) من يومَيْن إلى ستة أيام.

يعاني المصابون بالعدوى إما من أعراض يتعذَّر اكتشافها، وإما من شكل خفيف من المرض تميِّزه متلازمة حُموية، مع ظهور مفاجئ لحمى شبيهة بالإنفلونزا، وآلام في العضلات، وآلام في المفاصل، وصداع.

يعاني بعض المرضى من تيبُّس الرقبة، والحساسية للضوء، وفقدان الشهية، والقيء.

وفي المراحل المبكرة للمرض قد يُظَنّ أن هؤلاء المرضى مصابون بالتهاب السحايا.

وعادةً ما تستمر أعراض حمى الوادي المتصدِّع مدة 4 أيام إلى 7 أيام، تبدأ بعدها الاستجابة المناعية نتيجةً لظهور الأضداد، ويختفي الفيروس تدريجياً من الدم.

الشكل الوخيم لحمى الوادي المتصدِّع في البشر

على الرغم أن معظم الحالات البشرية خفيفة نسبياً، تصاب نسبة مئوية قليلة من المرضى بشكل أشد وخامة من المرض.

ويظهر ذلك في شكل واحدة من ثلاث متلازمات محدَّدة: مرض عيني (0.5 - 2% من المرضى)، أو التهاب السحايا والدماغ (أقل من 1%)، أو حمى نزفية (أقل من 1%).

المرض العيني: في هذا الشكل من المرض يُلاحظ أن الأعراض الشائعة المقترنة بالشكل الخفيف من المرض تصاحبها آفات شبكية.

وتبدأ الآفات العينية في الظهور بعد أسبوع إلى ثلاثة أسابيع من ظهور أول أعراض المرض.

وعادةً ما يعاني المرضى من تغيُّم أو نقص الرؤية.

وقد يختفي المرض من تلقاء نفسه دون ترك تأثيرات دائمة خلال 10 إلى 12 أسبوعاً.

ومع ذلك، عندما تحدث الآفات في الشبكية يصاب 50% من المرضى بفقدان مستديم للرؤية.

ولكن ليس من الشائع حدوث الوفاة بين المرضى المصابين فقط بالشكل العيني للمرض.

التهاب السحايا والدماغ: يبدأ هذا الشكل من المرض عادة بعد أسبوع إلى أربعة أسابيع من ظهور أول أعراض الحمى.

وتشمل السمات السريرية الصداع الشديد، وفقدان الذاكرة، والهلوسة، واختلاط الذهن، والتوهان، والدُوار، والاختلاج، والنوام، والغيبوبة.

وقد تظهر مضاعفات عصبية بعد ذلك (بعد أكثر من 60 يوماً).

وينخفض معدل الوفاة بين المرضى الذين يعانون فقط من هذا الشكل من المرض، ولكن من الشائع أن يتخلف عنه قصور عصبي قد يكون وخيماً.

مرض الحمى النزفية: تظهر أعراض هذا الشكل من المرض بعد يومين إلى أربعة أيام من بداية العلة، وهي تبدأ ببيِّنات على اختلال وخيم في الكبد، مثل اليرقان.

ويعقب ذلك ظهور علامات على النزف، مثل تقيئ الدم، ووجود الدم في البراز، والطفح الفرفري أو الكدمات (الناتجة عن النزف في الجلد)، والنزف من الأنف أو اللثة، وغزارة الطمث والنزف من مواقع سحب الدم من الوريد.

ويصل معدل الإماتة في الحالات بين المرضى المصابين بالشكل النزفي للمرض إلى حوالي 50%.

وتحدث الوفاة عادةً بعد ثلاثة أيام إلى ستة أيام من بداية ظهور الأعراض.

ويمكن اكتشاف الفيروس في الدم لمدة تصل إلى 10 أيام في حالة المرضى المصابين بالشكل اليرقاني النزفي لحمى الوادي المتصدِّع.

وقد تفاوت معدل الإماتة الكلي في الحالات تفاوتاً كبيراً من وباء لآخر، ولكنه كان عموماً أقل من 1% في الحالات الموثَقة.

وتحدث معظم الوفيات بين المرضى المصابين بالشكل اليرقاني النزفي للمرض.

التشخيص: يمكن تشخيص حمى الوادي المتصدِّع الوخيمة بطرق مختلفة.

ويمكن للاختبارات السيرولوجية، مثل المقايسة المناعية المرتبطة بالإنزيم (طريقة ELISA أو طريقة EIA)، أن تؤكِّد وجود أضداد نوعية للغلوبولين المناعي للفيروس.

ويمكن اكتشاف الفيروس نفسه في الدم في المرحلة المبكرة للمرض أو في نسيج التشريح، وذلك باستخدام طرائق متنوعة، مثل توالد الفيروس (في المزارع الخلوية أو في الحيوانات التي تم تطعيمها باللقاح)، أو باختبارات اكتشاف المستضد وبطريقة الإنزيم المنتسخ - التفاعل السلسلي للبوليميراز RT-PCR.

المعالجة واللقاحات

نظراً لأن معظم الحالات البشرية لحمى الوادي المتصدِّع خفيفة نسبياً وقصيرة المدة، لا يحتاج هؤلاء المرضى معالجة معينة. أما في الحالات الأكثر وخامة، فتعتبر المعالجة الشائعة معالجة داعمة عامة.

تم تطوير لقاح معطَّل للاستخدام البشري غير أن هذا اللقاح غير مرخَّص به وغير متاح على النطاق التجاري. وقد استُخدم هذا اللقاح في المختبر لحماية العاملين البيطريِّين والمختبريِّين المعرَّضين بشدة لمخاطر العدوى بالحمى وهناك لقاحات أخرى قيد البحث.

فيروس حُمَّى الوادي المتصدِّع في الحيوانات المضيفة

يمكن لحمى الوادي المتصدِّع أن تصيب العديد من أنواع الحيوانات، فتسبِّب مرضاً وخيماً في حيوانات المزارع، بما فيها الماشية والغنم والإبل والماعز، وتعتبر الأغنام أكثر استعداداً للإصابة من الماشية والإبل.

تبيَّن أن العمر عامل مهم في حساسية الحيوان للإصابة بالشكل الوخيم للمرض: إذ يموت أكثر من 90% من الخراف الصغيرة المصابة بحمى الوادي المتصدِّع، في حين تقل هذه النسبة بين الخراف البالغة إلى 10%، يصل معدل الإجهاض بين النعاج الحوامل المصابة إلى حوالي 100%، وتؤدي فاشية الحمى عادة في الحيوانات إلى إجهاض حيوانات المزارع دون وضوح الأسباب، وقد يكون ذلك علامة على بداية الوباء.

نواقل حمى الوادي المتصدِّع

يمكن لعدة أنواع مختلفة من البعوض أن تنقل فيروس حمى الوادي المتصدِّع.

ويختلف النوع الرئيسي الناقل للفيروس من منطقة إلى أخرى، كما يمكن لأنواع مختلفة أن تؤدِّي أدواراً مختلفة في استمرار عملية انتقال الفيروس.

ينتشر الفيروس بين الحيوانات أساساً عن طريق لدغة البعوض المصابة، ولاسيَّما جنس البعوض الزاعج aedes الذي يصاب بالفيروس عن طريق التغذي على دم الحيوانات المصابة.

كما يمكن لأنثى البعوض أن تنقل الفيروس مباشرة إلى نسلها عن طريق البيض، فتأتي أجيال جديدة من البعوض المصاب.

وهذا يفسِّر التواجد المستمر لفيروس حمى الوادي المتصدِّع في البؤر التي تتوطنها الحيوانات، حيث تتوافر للفيروسات آلية مستديمة للبقاء، إذ يمكن لبيض هذا البعوض أن يعيش عدة سنوات في الظروف الجافة. وفي أوقات الأمطار الغزيرة، عادةً ما تنغمر أماكن وجود اليرقات بالماء، مما يتيح فقس البيض وتزايد البعوض بشكل سريع، فينتشر الفيروس إلى الحيوانات التي يتغذى البعوض على دمائها.

من الممكن أيضاً أن تنتشر الأوبئة الحيوانية والأوبئة البشرية المقترنة بها إلى مناطق لم تسبق إصابتها.

وقد حدث ذلك عندما أدخلتْ الحيواناتُ المصابةُ الفيروسات إلى مناطق توجد بها النواقل وتمثِّل قلقاً خاصاً. فعندما يتغذى بعوض الزاعجة aedes غير المصاب وغيره من أنواع البعوض على دماء الحيوانات المصابة، من الممكن أن تتسع دائرة أي فاشية صغيرة وبسرعة عن طريق انتقال الفيروس إلى حيوانات أخرى يتغذى البعوض على دمائها بعد ذلك.

الوقاية والمكافحة

مكافحة الحمى في الحيوانات يمكن اتِّقاء فاشيات حمى الوادي المتصدِّع بين الحيوانات عن طريق تنفيذ برنامج مستمر لتطعيم الحيوانات.

وقد تم تطوير لقاحات من الفيروس الحيّ الموهَّن والمعدَّل ومن الفيروس المعطَّل، وذلك للأغراض البيطرية.

ويمكن لجرعة واحدة فقط من اللقاح الحي أن تمنح مناعة طويلة الأجل، ولكن من الممكن أن يؤدِّي اللقاح المستخدم حالياً إلى إجهاض تلقائي إذا أُعطي للحيوانات الحوامل.

أما لقاح الفيروس المعطَّل فلا يؤدِّي إلى هذا التأثير الجانبي، ولكن يحتاج الأمر إلى عدة جرعات لتوفير الحماية، وهذا أمر لا يمكن تأكيده في المناطق الموطونة.

وفي أثناء حملات التطعيم الجموعي للحيوانات، قد ينقل العاملون في صحة الحيوان الفيروس، عن غير قصد، إلى الحيوانات بسبب استخدامهم للقنينة المتعدِّدة الجرعات وإعادة استخدام الإبر والمحاقن.

فإن كان بعض الحيوانات في القطيع مصابين بالعدوى ويوجد الفيروس في دمائه (برغم عدم ظهور علامات واضحة على المرضى)، فسوف ينتقل الفيروس بين القطيع، وسوف تتضخم الفاشية.

وقد يكون حظر أو تقييد حركة انتقال حيوانات المزارع فعَّالاً في إبطاء عملية انتشار الفيروس من المناطق المصابة إلى غير المصابة.

نظراً لأن فاشيات حمى الوادي المتصدِّع بين الحيوانات تسبق وقوع الحالات البشرية، فمن الضروري إنشاء نظام فعَّال لترصُّد صحة الحيوانات لاكتشاف الحالات الجديدة، بغرض تقديم الإنذار المبكر للسلطات المعنية بالصحة البيطرية والصحة العمومية للبشر.

التثقيف بالصحة العمومية والحد من المخاطر

في أثناء فاشية لحمى الوادي المتصدِّع، تم كشف أن التماس الوثيق مع الحيوانات، ولاسيَّما مع سوائل جسمها، سواء بشكل مباشر أم من خلال الضبائب aerosols، على أنها أهم عوامل الخطر المرتبطة بالعدوى بفيروس الحمى.

وفي غياب المعالجة النوعية واللقاح البشري الفعَّال، يُعتبر إذْكاء الوعي بعوامل خطر العدوى بالحمى، والتدابير الوقائية التي يمكن للأفراد اتِّخاذها لاتِّقاء لدغات البعوض، هو الطريق الوحيد للحد من الوفيات والعدوى البشرية.

ينبغي أن تركِّز رسائل الصحة العمومية الرامية إلى الحد من المخاطر على ما يلي:

الحد من خطر الانتقال من الحيوان إلى الإنسان، نتيجة للممارسات غير المأمونة في الذبح وتربية الحيوانات. فينبغي ارتداء القفازات وغيرها من الملابس الواقية المناسبة، مع توخي الحذر أثناء لمس الحيوانات المريضة أو أنسجتها، أو أثناء ذبح الحيوانات.

الحد من مخاطر انتقال العدوى من الحيوانات إلى الإنسان بسبب الاستهلاك غير المأمون للدم الطازج، أو اللبن الخام، أو نسج الحيوانات.

وفي المناطق التي تنتشر بها أوبئة حيوانية ينبغي طبخ جميع المنتجات الحيوانية (اللبن واللحم واللبن) طبخاً جيداً قبل استهلاكها.

أهمية حماية الأفراد والمجتمع من لدغات البعوض، باستعمال الناموسيات المشبَّعة بمبيدات الحشرات، واستعمال طاردات البعوض الشخصية إن وُجدت، وارتداء الملابس الفاتحة الألوان (قميص طويل الأكمام وبناطيل)، وتجنُّب الأنشطة التي تؤدَّى خارج المنازل في أوقات ذروة نشاط البعوض الناقل للمرض.

مكافحة العدوى في مرافق الرعاية الصحية

برغم عدم ثبوت انتقال الحمى من البشر إلى البشر، لايزال هناك خطر نظري من انتقال الفيروس من المرضى المصابين إلى العاملين في الرعاية الصحية، عن طريق لمس الأنسجة المصابة أو الدم المصاب.

ويجب على العاملين الصحيِّين الذين يتولون رعاية المرضى المشتبه بإصابتهم بالحمى أو المؤكَّدة إصابتهم بها أن ينفذوا الاحتياطات العادية عند التعامل مع العينات المأخوذة من المرضى.

تحدِّد الاحتياطات العادية ممارسات العمل المطلوبة لضمان المحافظة على مستوى أساسي من مكافحة العدوى.

ويُوصى بمراعاة الاحتياطات العادية في رعاية ومعالجة جميع المرضى، سواءً أكانت حالتهم مؤكَّدة أم مشتبهاً بها.

وتغطي الاحتياطات العادية تداول الدم (بما فيه الدم المجفف)، وجميع سوائل الجسم ومفرزاته ومفرغاته الأخرى (باستثناء العَرَق)، بغض النظر عن احتوائها على دم مرئي أم لا، كما تغطي هذه الاحتياطات التاس مع الجلد والأغشية المخاطية غير السليمة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد