تسببت العمليات الجراحية بالماضي في أرق لكثيرٍ من الأشخاص الذين كانوا يخضعون للعملية سواء قبل أو خلال أو بعد إجرائها نتيجة للمضاعفات التي كان يخشى وقوعها من نزيف أو التهاب الجرح قبل التئامه. ولكن بعدما دخل المنظار في العمليات الجراحية غير نظرة المريض للعملية وتخوفه منها حيث إنها أصبحت تُجرى في دقائق معدودة لا تتعدى الساعة دون مضاعفات تذكر ليمارس المريض بعدها حياته بشكل طبيعي.
فعملية التنظير هي عملية جراحية قصيرة وبسيطة تُجرى للوصول إما لتشخيص أو معالجة سبب الشكوى. وفي كثيرٍ من الأحيان يتم اكتشاف الأسباب وعلاجها في نفس الوقت.
ويتم استخدام أنبوب دقيق ورفيع في عملية التنظير يحتوي على مصدر للضوء يتم وضعه داخل التجويف لإلقاء نظرة على الأعضاء الدّاخلية من خلال وصلة بكاميرا ومن ثم بشاشة تلفزيونية.
وسنتطرق اليوم خلال حديثنا مع الدكتور توفيق جعفر استشاري أمراض العقم وأطفال الأنابيب بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي حول التنظير الرحمي في الجراحة النسائية.
ويمكن استئصال الورم بالتنظير دون اللجوء لفتح البطن
* د. توفيق.. مع تطور المنظار ودخوله في معظم العمليات الجراحية بما فيها الجراحة النسائية، هل لك أن توضح لنا الحالات التي تستوجب إجراء منظار بطني؟
- هناك حالات كثيرة يستخدم فيها التنظير لدى النساء منها أكياس أو أورام في المبيض حيث إن تضخّم المبيضين قد يكون ناتجاً عن تجويف يمتلئ بسائل أو ورم؛ وبالتنظير يستطيع الطبيب معرفة الفرق بين الحالتين ومن الممكن أن يأخذ الطبيب عينة من الورم لمعرفة إذا كان الورم خبيثاً أو حميداً ويمكن استئصالها بالتنظير دون اللجوء لفتح البطن أو استئصال المبيض إذا استدعى الأمر ذلك.
وكذلك في الليف الرحمي الذي هو عبارة عن ورم حميد ينشأ في عضلة جدار الرحم ويتشكل لدى ما نسبته 20% أو أكثر من النساء فوق سن (35) سنة ويصاحبه آلام في البطن والحوض أو ازدياد الدورة الشهرية بشكل ملحوظ. ولدى السيدة الحامل قد يؤدي الليف إلى مضاعفات في الحمل كالولادة المبكرة.
دور المنظار لعلاج العقم
* وماذا عن دور المنظار في علاج العقم؟
- دور المنظار في العقم يدخل في علاج الأسباب التي تتسبب به مثل الالتصاقات في حالات العقم حيث تحدث هذه الالتصاقات عادة بسبب عمليات سابقة في البطن أو التهابات في أعضاء الحوض، وعن طريق عملية التنظير تزال الالتصاقات بواسطة مقصات معينة ويكون احتمال عودتها ضعيفاً جداً أقل بكثير من احتمال عودتها بعد إزالتها عن طريق فتح البطن، وكذلك فحص قناتي فالوب في حالات العقم حيث يقوم الطبيب المعالج بفحصهما وذلك بحقن سائل أزرق اللون عن طريق المهبل وعنق الرحم، فإذا كانت قناتا فالوب سليمتين يظهر السائل في التجويف البطني وإذا كانتا مغلقتين يقوم الطبيب بفتح القناتين في نفس الوقت بواسطة المنظار واستعمال الأدوات المناسبة لذلك.
يمكن إزالة الالتصاقات
* وماذا عن دور المنظار في علاج مرض بطانة الرّحم الهاجرة؟
- قبل أن أجيب عن هذا الدور لا بد أن أوضح أن مرض بطانة الرحم الهاجرة هو عبارة عن ظهور أنسجة بطانة الرحم في مناطق خارج الرّحم وداخل الحوض والبطن مثل المبيض والأمعاء، وغالباً ما يكون المرض متزامناً مع أكياس المبيض التي تحتوي على دم قديم متخثر ويسبب كذلك الالتصاقات.
ويصاحبه أعراض منها: ألم متكرر أسفل البطن خصوصاً أثناء الدورة الشهرية، ألم وسط الدورة قد يكون سببه التصاقات في البطن، ألم أثناء الجماع، وجود أورام، ألم بعد التبرز إذا وجد الغشاء الهاجر على الجدار الخلفي للمهبل. ألم أثناء التبوّل إذا وجد الغشاء الهاجر في جدار المهبل الأمامي وجدار المثانة الدّاخلي. هذا بالإضافة إلى الأعراض التي تشخص من قِبل الطبيب مثل ضعف تكون الحويصلات، ارتفاع هرمون الحليب، ارتفاع مستوى البروستاجلاندن وعدم انفجار الحويصلات. والتشخيص يكون عادة بواسطة عملية التنظير البطني وإذا وجدت الالتصاقات أثناء عملية التنظير فيمكن إزالته.
أشعة الليزر لعلاج تكيس المبايض
* تصاب كثير من النساء بالنزيف الداخلي وتتخوف من زيارة الطبيب بسبب الإجراءات الجراحية التي قد يستلزمها العلاج، فهل يمكن الاستعاضة عن الجراحة بالمنظار؟
- بالتأكيد نعم، فوجود تراكم للدّم في التجويف البطني ولا يعرف مصدره فإجراء عملية التنظير بهذه الحالة تمكّن من الكشف عن مكان النزيف ومصدره ومعالجته، وقد يكون مصدره نتيجة حمل في قناة فالوب مثلاً؛ وفي هذه الحالات تتمّ الجراحة بواسطة المنظار.
وهناك حالة مرضية أخرى أود الحديث عنها وهي تكيس المبايض التي تعاني منها سيدة من كل خمس سيدّات تقريباً وهي عبارة عن خلل في عمل المبيض الهرموني يكون معه عدد الحويصلات في كلا المبيضين أكثر من العدد الطبيعي ويتمّ تشخيصها من قِبل الطبيب عن طريق جهاز الأشعة الصوتية. ويمكن المعالجة بالأدوية وفي حالة فشل المعالجة بالأدوية يتم اللجوء إلى العمل الجراحي بواسطة التنظير بإجراء فتحات صغيرة في المبيض إما عن طريق الكي أو عن طريق أشعة الليزر.
المنظار ودوره في علاج بعض التشوهات الرحمية
وهناك حالات أخرى تطرق الدكتور توفيق إليها وقال إن المنظار يدخل أيضاً في تشخيص التهابات قناتي فالوب، كما يتم إيجاد مركز الالتهاب أو مصدره في الحالات غير المعروف سبب الألم فيها. ومن الممكن أخذ عينة منها وعمل فحص جرثومي لها، ويستخدم المنظار كذلك للحصول على البويضات بحيث يتم إجراء هذه الجراحة أيضاً مع عمليّة إجراء التلقيح خارج الرحم ويتم جمع البويضات مع المبيض، ويدخل المنظار أيضاً في عملية التعقيم حيث يتم إغلاق قناتي فالوب بواسطة التنظير وذلك عن طريق حلقة أو ملقط أو بالقيام بالكي وهذا يمنع وصول الحيوانات المنوية للبويضات وتلقيحها وبذلك يتم منع حصول الحمل.
كما يدخل المنظار في تشخيص وعلاج بعض أنواع التشوهات الرحمية، هبوط المهبل، فقد البول اللاإرادي، بعض أنواع سرطانات الجهاز التناسلي، تقييم واستئصال الغدد اللمفاوية من الحوض، واستئصال الرحم فعندما تكون هناك ضرورة لاستئصاله يمكن أن يتم إجراء هذه العملية إما عن طريق جهاز التنظير، أو عن طريق المهبل بمساعدة جهاز التنظير. ويمكن أيضاً استئصال الرحم عن طريق البطن ويبقى القرار الأخير عن نوعية الجراحة المستخدمة للطبيب المعالج.