Al Jazirah NewsPaper Friday  07/12/2007 G Issue 12853
الرأي
الجمعة 27 ذو القعدة 1428   العدد  12853
وقفة لصحتك عزيزي مريض داء السكر
مها السبيت - الدلم

عُرف داء السكر منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد حيث وصف هس را مرضى متميزين بكثرة التبول ليلاً والعطش وذكرت الكتابات الطبية بأن الأطباء في القرن الثالث قبل الميلاد قد وصفوا بول هؤلاء المصابين بمذاق السكر، وورد وصف الداء عند العرب بالدوارة والدولاب وذلك نقلاً عن الإغريق حيث أطلق عليه (ديانيطيس) وهي ظاهرة التبول والعطش، ويقول ابن سينا (ديانيطيس) هو أن يخرج الماء ويشرب في زمن قصير ونسبة هذا إلى المشروب وإلى أعضائه نسبة زلق المعدة إلى المطعومات ويسمى بالعربية (الدوارة) والدولاب وهو زلق الكلية، وزلق المجاز، والمريض يعطش ولا يروى بل يتبول كما يشرب غير قادر على الحبس ويعتقد ابن سينا أن سبب المرض هو اتساع وانفتاح في فوهات المجاري البولية؛ مما يجعلها تجذب الرطوبة باستمرار من الكبد وبوجه عام يتميز داء السكر بارتفاع مزمن في سكر الدم لأسباب بيئية وراثية متعددة ويشخص بقياس كمية السكر في الدم عند الصباح الباكر قبل تناول الإفطار وبعد ارتفاع التركيز عن 160 مليجرام 100 مليلتر من الدم حوالي 8 مليمول، كاف لتشخيص المرض.

ومع بداية القرن الحالي صار داء السكر مرضاً مرعباً يعد اكتشافه في طفل أو رجل أو امرأة في مقتبل العمر مؤشراً لتغير كامل في مجرى الحياة وتأخر اكتشافه قد يؤدي إلى وفاة مبكرة لا سمح الله وباكتشاف الإنسولين وتنقيته وفصله واستعمال الأقراص الخافضة لسكر الدم أصبح مرضى السكر أكثر تحكماً في المضاعفات المصاحبة للمرض وينتشر داء السكر في جميع أنحاء العالم، حيث يوجد ما يزيد عن خمسين مليون نسمة من المصابين به ويختلف انتشاره بين الأقطار المختلفة فالإصابة به منتشرة بين الأقطار مثل بعض الدول العربية والغربية التي يكثر فيها تناول الأطعمة وخاصة الدهون كما تلعب الظروف المعيشية والاجتماعية والبيئية دوراً كبيراً في تحديد الإصابة بنوع الداء..

الإفراط في تناول الطعام يتسبب في ظهور داء السكر ومن أسبابه عدم قدرة الجسم على تحمل السكريات نتيجة الإفراط في الطعام وخاصة السكريات والدهون مع قلة الحركة كما أن أصحاب الأوزان الثقيلة مصابون بداء السكر وهذا لا يعني أن كل مريض بالسمنة لا بد أن يصاب بمرض السكر والسمنة قد تكتسب وراثياً مما يدل على أن الاختلاف في أنماط البدن قد يؤدي إلى السكر وراثياً وقد تؤدي السمنة إلى إجهاد غدة البنكرياس أو قد يصاحبها ما يسمى بمقاومة نشاط الإنسولين ويعني ذلك أن الجسم يشيد أجساماً مضادة لنشاط الإنسولين نتيجة لزيادة الطلب على إفرازه بسبب زيادة نسبة السكريات والدهون في الدم وثبت حديثاً أن مستقبلات الإنسولين التي توجد على سطوح خلاليا الأنسجة لها دور في الإصابة بهذا النوع فتحت هذه الظروف يقل عددها وكفاءتها وقدرتها على الارتباط بهذا الهرمون ويعتقد أن الاستعداد الوراثي للجسم لإحداث السمنة قد يصاحبه خلل في عملية إنتاج بروتينات هذه المستقبلات ومن المسببات الحمات (الفيروسات) والإجهاد الحاد والمستمر والذي قد يتسبب في إجهاد احتشاء العضلة القلبية (الجلطة القلبية) مما يؤدي إلى نقص تحمل السكريات في الجسم وبالتالي ارتفاع تركيز السكر في الدم كما أن نقص البروتينات في غذاء الأطفال لفترة طويلة قد يؤدي إلى إحداث ضرر في خلايا البنكرياس كما أن بعض الأدوية مثل (الكورتيزون) المستعملة علاج أمراض التهاب الكبد والربو واستعمالها لفترة طويلة تزيد من هدم مخزون السكريات في الجسم وبالتالي خروج وحداتها (الجلوكوز) في الدم مما قد يساعد على ظهور السكر،،

والعلاج يختلف من مريض إلى آخر ولعل أول خطوة في علاج هذا الداء تحديد نوعه ويعد ابن سيناء أول من وصف علاج هذا الداء وذلك بالإكثار من البقول والفواكه ولبن الضأن وماء القرع وعصارة الخيار وماء الرمان والتوت والورد وتؤدي كل هذه المواد إلى التقليل من الشهية كما نصح ابن سيناء المريض بالراحة في الهواء البارد الطرب حتى يبرد الجسم ويقل الإدرار وتشتد عضلات الكلية والجسم بوجه عام، فقد ذكر توماس دليمس أن طعاماً مخفضاً لسعرات الحرارية عبارة عن لبن وماء وشعير مغلي مع قليل من الخبز يساعد في علاج مرض السكر ويختلف مريض السكر في احتياجاته الغذائية عن الشخص العادي فعند تنظيم الطعام يجب تحقيق ما يلي:

1- تصحيح وزن المريض بالنسبة للعمر والطول والجنس.

2- التحقيق من الطعام المناسب للمريض وفق العادات الغذائية.

3- مراجعة الطبيب المختص لتشخيص السكر في البول وتنظيمه في الدم.

ولا يعني هذا أن المريض يجب عليه عدم أخذ المواد السكرية في طعامه بل يقلل منها بما يتناسب مع مجهوده اليومي.

يمكن القول بأن المريض بداء السكر يمكن تشبيهه بقائد الطائرة الحريص كل الحرص على سلامة طائرته بركابها فمريض السكر يلزمه أن يزيد من معرفته لهذا الداء فيقوم باختبار سكر البول صباح كل يوم وقبل الطعام وذلك بإجراء الفحوصات الخاصة التي يمكن الحصول عليها..

وتكمن أهمية اختبار سكر الدم في أنه الوسيلة الوحيدة المؤكدة لتشخيص الداء ولضبطه خلال العلاج وقد تطورت وسائل التقنية الجديدة فلم يعد الاختبار مقتصراً على المختبرات بل المصاب نفسه يمكث تحقيق ذلك وهناك صعوبة في الأسرة أن تلم إلماماً كاملاً بحالة الطفل المصاب ومراقبته وتبدأ الخطوة الأولى بمعرفة نوع الأنسولين اللازم للعلاج وكميته اليومية وأماكن الحقن ومساندة الطفل وتعليمه أولاً بأول كيفية الحقن بما يتناسب مع عمره بالتعاون مع الطبيب المختص ويجب أن لا ننسى دور المعلم والمدرسة في ذلك فهما يساعدان بعون الله تعالى على توسيع مداركه حول مرض السكر وأسبابه وعلاجه وبذلك يرسيان القاعدة الأساس للتعايش مع مرض السكر لدى الطفل.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد