Al Jazirah NewsPaper Tuesday  11/12/2007 G Issue 12857
محليــات
الثلاثاء 02 ذو الحجة 1428   العدد  12857
دفق قلم
الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الشثري
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

تذكَّرت ينما بلغني خبر وفاة الرجل الصالح - كما أحسبه - الشيخ عبدالله الشثري - رحمه الله - كلاماً جميلاً للشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - يصور فيه حقيقة معنى كلمة (المستقبل) بالنسبة لبني آدم، يقول فيه:

المستقبل في الدنيا شيء لا وجود له، إنه يوم لن يأتي إلينا أبداً في هذه الدنيا، لأنه إن جاء صار (حاضراً) وطفق صاحبه يفتش عن مستقبل آخر يركض وراءه - حتى إذا أدركه أصبح حاضراً - ففتش عن غيره، إنَّ المستقبل في الدنيا كما قلت مرة، مثل حزمة العشب المعلقة بخشبة مربوطة بسرج الفرس، تلوح أمام عينيه، فهو يعدو ليصل إليها، وهي تعدو معه فلا يدركها أبداً، إنَّ المستقبل الحق في الآخرة، فأين منا من يعمل له، بل أين من يفكِّر فيه؟

تصوير بليغ لمستقبل الإنسان في الحياة الدنيا، هذا المستقبل الذي لا يأتي وهو تصوير بياني من الشيخ الطنطاوي، يستدعي من ذاكرتي تصويراً بيانياً آخر روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال في مرض موته: إنَّ هذه الدنيا كخُذْرُوف الوليد بينما هو يدور مسرعاً إذا به (الَّلقَى) لا حَراك به.

والخذروف هو تلك الكرة التي لها رأس مدبب ويلفها الصبي بخيط ثم يرمي بها فتظل تدور على رأسها المدبب بسرعة ثم تتوقف فجأة فتصبح (الَّلقَى) أي مُلقاة على الأرض لا تتحرك.

توفي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الشثري بعد صلاة يوم الجمعة 27 من ذي القعدة في الرياض عن عمر يناهز الثمانين عاماً، وقد عرفته - رحمه الله - عن قرب، من خلال بعض اللقاءات، ومنها لقاء في منزله، فرأيت فيه من التواضع الجم، والخلق الحسن ما ملأ قلبي تقديراً لهن وعرفت من علاقته بالمسجد ما جعلني أغبطه وأرجو له الخير العميم من الرَّبِّ الكريم.

لقد كان - رحمه الله - مستشاراً سابقاً في ديوان خادم الحرمين الشريفين بالحرس الوطني، ومديراً عاماً للشؤون الدينية في الحرس الوطني، وهو المنصب الذي يشغله الآن أخونا الكريم د. إبراهيم أبو عباة، لقد رحل الشيخ عبد الله عن هذه الدنيا بعد أن قضى فيها ثمانين عاماً كان لخدمة دينه ووطنه منها الشيء الكثير، وقد علمت منه أنه كان من جلساء الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وأنه كان يقدِّم عدداً من المحاضرات، ويشارك في بعض الندوات والأنشطة الدينية.

لقد كنت أصلي في مسجده المجاور لمنزله فما أراه إلا في الصف الأوَّل دائماً، ويا لها من ميزة كبرى أسأل الله أن يرفعه بها ويكتب له أجرها، ويرزقنا أن نكون من أهلها.

لقد عرفته وعرفت أبناءه الكرام وجرت وشائج صلات عملية بيني وبين أحد أبنائه وهو الأخ الكريم عبد اللطيف (أبو فيصل) فما رأيت منهم إلا الأخلاق الفاضلة، والتعامل الجميل، وحفظ المودة، والاهتمام بالصديق.

أعزِّيهم عزاءً صادقاً، وأدعو أن يأجرهم الله في مصابهم خيراً هم وجميع أقارب الفقيد - رحمه الله تعالى - وهو عزاء موصول لمعالي الشيخ ناصر الشثري الذي كان في مقدمة المستقبلين للمعزين في منزل الفقيد.

إشارة:

قد مات أصدق ما يقال عن الفتى

قد مات تلك نهاية الإنسان

www.awfaz.com


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد