يوسف أبو عواد شاعر فلسطيني مقيم في المملكة العربية السعودية زمنا طويلا، حيث عمل في سلك التربية والتعليم بالمملكة في الفترة من 1975 - 1985م وعضوا لاتحاد العامل للصحفيين العرب منذ عام 1982م. من المشهود لهم في خدمة العمل الخيري وقضية الإعاقة بالمملكة العربية السعودية. عمل مديراً عاماً لجمعية البر الخيرية بالجوف من عام 1985 - 1994م وهو صاحب الفكرة والعضو والمؤسس لمركز الأطفال المعاقين بالجوف الذي يعتبر ثاني مركز من نوعه على مستوى المملكة، ويعمل مستشاراً بالأمانة العامة لجمعية الأطفال المعاقين بالرياض، وشرفه الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعاقين ورئيس مجلس أمناء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بلقب شاعر المعاقين عام 1995م.
|
صدر للشاعر يوسف أبو عواد كتابه الشعري الأول (بيت القصيد) عام 1426هـ وكان ريع هذا الديوان بالكامل وحقوق طبعه حصرياً لجمعية الأطفال المعاقين وهو في 168 صفحة بواقع 83 قصيدة.
|
وصدر الجزء الثاني من نفس الكتاب عام 1427هـ وأيضاً ريعه بالكامل لجمعية الأطفال المعاقين وهو في 165 صفحة بواقع 98 قصيدة. وقد حاول شاعر المعاقين يوسف أبو عواد أن يتلمس آمال واحتياج ومشاعر المعاقين في عدد كبير من قصائده، كما تلمس آلام وجراح العالم العربي الذي هو جزء منه، كما احتوى شعره الوطني - العاطفي والاجتماعي.
|
فكيف لا وهو الإنسان قبل كل شيء.. وهو صاحب قضية وهي فلسطين الحبيبة وهو يكن لهذه البلاد الغالية المملكة العربية السعودية كل الحب والوفاء والإخلاص؛ حيث احتضنته بكل الحب هو وإخوانه الفلسطينيين وكأنهم جزء من أهلها لا يتجزأ أبدا.
|
وقد قدم إهداءه الأول والثاني إلى الأمير سلطان بن سلمان الذي أطلق عليه شاعر المعاقين قائلاً: إلى الرجل الذي أثرى ينابيع شعري بعد ما كادت تجف تحت وطأة ظروف كثيرة محيطة، حيث قال له:
|
وقيدت نفسي في ذراك محبة |
ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا |
وعندما نبحر في بيت القصيد نغوص في لآلئ متميزة وقصائد متنوعة نحتار في أيها نغوص، ومن أين نبدأ.. ففي قصيدته محنة المعاقة (هدى) والتي يقول فيها:
|
أبتاه إني قد سئمت المشهدا |
أبتاه ليت الموت يمدد لي يدا |
أبتاه أي خطيئة مارستها |
حتى أقيد بالحديد وأجلدا |
أبتاه لم أسرق ولم أكذب ولم |
أبتاه كيف الظلم يصبح سيدا |
أبتاه أشعر أن كرهي ظاهر |
أبتاه ماذا بدا لك من هدى |
أبتاه هذا الحبس زاد شراسة |
أبتاه إني لا أكف تنهدا |
|
أبتاه ليس العوق مخجل للفتى |
حتى يخفيه الولي ويجمدا |
أبتاه ليس العوق جرما شائنا |
حتى ينكل بالمعاق ويبعدا |
أبتاه ذا قدري وحظ أنوثتي |
أبتاه زيد الظلم وانتهك المدى |
ويبين شاعر المعاقين في قصيدته تلك قسوة بعض الآباء والأمهات على أبنائهم المعاقين وخجلهم منهم وحبسهم في غرفهم بعيدا عن أعين المجتمع. وهذا ظلم بشع.. وجميعنا ينادي بدمج المعاق في المجتمع.. فيا ترى أي ذنب هم فعلوه، هو قضاؤهم ولا حسب.
|
وفي قصيدة عن مسابقة سلطان بن سلمان للقرآن الكريم للأطفال المعاقين صدح قلب الشاعر قائلاً:
|
|
لآيات من الذكر الحكيم ترتلها نهى نضرة
|
|
أتوا من كل فج يشهدوا فيها سباقا
|
أي سبق ذلك الموعود جنات النعيم
|
مسابقة الأمير لهؤلاء الرافلين إلى العلا
|
|
|
إذا شئتم بلا ساقين أو كفين
|
|
|
مسابقة الأمير لكل أصحاب اليمين
|
|
|
بل تعملق بين جمع الحاضرين
|
وفي إحدى قصائده الرائعة يحث على التحصين ضد الأمراض والذي تطالب به اليونسيف، ووزارات الصحة في جميع أنحاء العالم وهناك من الآباء والأمهات من لا يهتم بتحصين أطفالهم ضد الأمراض فيقول في قصيدة التحصين:
|
طعم صغيرك فالوقاية لحظة |
أما العلاج فقد يدوم طويلا |
كم مقعد من جهلنا ومعذب |
لا يعرفون إلى الخلاص سبيلا |
أحرى بنا قبل الظلام ولعنه |
نأتي ونشعل شمعة وفتيلا |
طعم صغيرك رب سهم طائش |
أدمى بريئا ثم خر فتيلا |
حصن صغيرك لست تدري ربما |
حمل خفيف قد يغير ثقيلا |
ولربما من مأمن يأتي الأذى |
ولربما كان العدو خليلا |
ويدعو شاعر المعاقين للتبرع للمعاقين وشد أزرهم ودعم مأساتهم بالعطاء والسخاء فيقول:
|
جد للمعاق وسابق الأخيارا |
واجلب من القطمان أبكارا |
أجزل عطاءك لا تقدم درهما |
كن في سماء الجود إعصارا |
ليس السخي بمن يدس قليله |
إن السخي يمد قنطارا |
أعطاك ربك كيف تلقاه |
وبأي ستر تتقي النارا |
من كان مال وريثه أبقى له |
لبس الخنا والخزي والعارا |
دنياك لو غنت فباكية غدا |
تهمي دموع العين مدرارا |
لمن سبقوك تلك حصونهم |
قد أصبحت درسا وآثارا |
ويواصل شاعر المعوقين عطاءه ومداد قلبه وقلمه فيقول في قصيدته صرخة:
|
|
دمعة في تفرضاقت الدنيا بعيني
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
حقا كان يصرخ شاعرنا يتمزق قلبه ألما على من يحجرون أولادهم المعاقين في غرف منفردة بعيدا عن الناس ألا من عين قرأت وأذن سمعت.. لعل وعسى ويشخص للمرض هذا الشاعر العظيم في قصيدته تشخيص فيقول:
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
ويتحدث بلسان المعاقين أنفسهم رافضا لفظ (ذوي الحاجات الخاصة):
|
أنا المعوق ولا أخجل من اللقب |
لا تجهدوا النفس بالتفتيش في الكتب |
لسنا ذوي الحاجات أي حاجات |
اسم دخيل على العناد على العرب |
كل له حاجة يا صحب إن كنا |
مستثنيين فذا يدعو إلى العجب |
ما ضرنا لقب أو ضارنا اسم |
الضير في همسات الناس والشطب |
هذا وقد احتوى جزأي بيت القصيد على العديد من القصائد الوطنية والعاطفية والاجتماعية قالها الشاعر في مناسبات عديدة ونقل من خلالها مواقف بطولية وإنسانية ومشاعر عاطفية كثيرة، فرسم الكثير الكثير من المشاهد البطولية والإنسانية المسكونة بعمق الإيمان ولامس شغاف القلوب بأسلوبه المتين واضمامته الجميلة الرائعة.. فهنيئا لنا بهذا الشاعر الإنساني يوسف أبو عواد الذي يستحق لقب شاعر المعاقين.. وهنيئا للمعاقين به.
|
وشكر الله للمؤلف هذا الجهد المبارك وجزاه عن المعوقين كل خير.
|
|