كادوا أن يعرفوك في نظرة عيني ثم في نبرة صوتي وخشيت أن يصطادوك وأنت تهرولين بين شراييني أمام عيني.. وانتابني الرعب من أن يغتالوك عند بوابة قلبي.. كنا نتجادل كثيراً أنا وأنتِ.. هل من الضروري أن يعرفوا أنك من اختارتها النبضات لتتدفق من بين الأوردة والشرايين.. تصرين على هذا.. ولىّ فيه فلسفة طويلة تعرفينها ولستِ مقتنعة بها.. أو لعلك مقتنعة بها ولكن لا تقرّينها فالإعلان في نظرك هو الهيمنة والالتزام وما عرفتِ أن الالتزام في نظري أعمق من ذلك بكثير.
همست في أذنك مراراً.. إن إخواننا المصريين رغم أنهم يأكلون الفول من المهد إلى اللحد إلا أن أمثلتهم في الصميم (داري على شمعتك تئيد) أليس كذلك! لمَ لمْ تداري عليها.. بل وضعتها فوق سطح تهوي إليه الريح من كل حدب فلا هي التي قادت ولا هي التي انطفأت بل أصبحت لهيبا يلسع جوف قلوبنا ويرمّدها!!!
وانشغلنا بعدها في تقويس أيدينا لحماية الشمعة من الذعر الذي يحبط بنا وتخيلي كم من اللسعات نكتوي بها ونحن نخادع الزمن والأحداث...
تبدأ بعدها الاختلافات التي تجعل من حياتنا لهيبا مميتا ويصبح لا يشغلنا إلا كيف نتخلص من بعضنا.. فمن يدخل يا سيدتي من الباب ومن يخرج من الشباك غالباً ما نسمع أن المشاكل حينما تدخل من الباب يخرج الحب من الشباك.. الآن نحن في زمن مختلف تدخل فيها المشاكل من الشباك فيهرب الحب من الباب لأنه سيصبح أكثر تضخماً ومرضاً ولا تسعه النوافذ أو الشبابيك!!!
لطالما فلسفت أفكاري لك علك تستسيغنها دون مقبلات واتفقنا مسبقاً على أبجديات عدة تعكف على مبدأ العلاقة وتدمرها.. لا أدري من غشك في معلومة عقيمة إن الاختلاف هو ملح العلاقة.. أي اختلاف هذا الذي يضيف الملح ليمنحنا مذاقاً جميلاً وإن كانت الاختلافات هي ملح العلاقة فماذا عساه أن يكون الاتفاق والاستقرار والتفاهم هل سيضيف ملحاً آخر لتكون الطبخة ملحاً أجاجاً لا يطفئ ظمئها ينابيع الماء...!!يبقى أن أقول لك لأجل الحق.. معك أنت وجدت ضالتي وأيقنت أن الحياة مرفأ كبير مهم أن نختار في أي بقعة تكون واحتنا وراحتنا.. معك أنت تلاشت الشبابيك وأوصدت الأبواب.. فربما لا أحد يدخل ولا أحد يهرب.. معك أنت سأغلق حتى الثقوب فلا أريد أن تتسلل أنفاسك فيعرفونني بها.. معك أريد أن أهدأ وأريد أن استكين فقد تعبت الحياة من محطاتي المتكررة.. معك أريد أن أرمي حقائبي في بحر لجي فلم يعد السفر يشبع رغباتي وأصبح الوطن أنت.. والرحيل أنت فهل ستكونين محطة ترحالي الأخيرة.. معك لا أريد إلا أنت.. وأذعنت لك إذعاناً.. وهمست لك بمواطن ضعفي فتجاوزيها من أجلي.. وامنحيني قدرة على البقاء!!