الحديث عن عنيزة حديث ذو شجون ولن يستطيع الكاتب أو المتحدث عن هذه الفاتنة والساحرة بجمالها وجمال ناسها ووهادها وسهولها أن يحيط بكل جوانب الحياة في عنيزة في مقالة محدودة ومعدودة الأسطر، وما يهمنا في هذا الجانب هو الحديث عن عنيزة، عنيزة الشعر والشعراء، عنيزة التاريخ والأصالة.. فكان لعنيزة قدم صدق في مجال الشعر الشعبي في مختلف فنونه وأشكاله، ومن ذا الذي ينسى أو يتناسى رعيلها الأول من الشعراء الذين كانت لهم صولات وجولات في الشعر الشعبي والنبطي على اعتبار أن عنيزة هي ملهمة الشعراء، وما أكثر الذين تغنوا بمليحتهم من أبنائها شعراً ونثراً، وارتسمت أشعارهم في ذاكرة الزمن ودواوين الشعر، فوصفوا عنيزة بصفات عالية المعاني نابضة من قلوبهم وذلك لولعهم وحبهم لمدينتهم ومسقط رؤوسهم، فخلدوها شعراً لأجيالهم يتناقلونه فيما بينهم أثناء المناسبات والأعياد والاحتفالات، فكما كانت عنيزة وفية مع أبنائها ها هم أبناؤها يفون مع عنيزتهم الأم الرؤوم التي أنجبت الشعراء والعلماء والجهابذة في مختلف ميادين الحياة. والشعر جانب مهمّ في حياة الناس.. فهذا شاعر يصف عنيزة وتضاريسها وحدودها وأمكنتها، وآخر يصف أهلها وناسها وأسواقها وأبنيتها الطينية العتيقة، وشاعر آخر يعطي أوصافاً دقيقة للقهوة العربية مبيناً طريقة إعدادها ومراحل استوائها بأبيات شعرية أصبحت عالقة في أذهان الناس إلى يومنا هذا، إنه شاعر عنيزة الفذ الذائع الصيت محمد العبدالله القاضي.. فاقترنت القهوة بذكر القاضي - رحمه الله - ولا تكاد تخلو عوائل عنيزة من وجود شاعر نبغ بينهم، فهم كثر.. يصعب حصرهم في عجالة كهذه. ولا أحد يلام في مدح محبوبته وإعطائها أفضل الأوصاف والألقاب، فالمكان الذي يولد فيه الإنسان وعاش في كنفه وترعرع فيه جديرٌ بأن يكتب فيه الأشعار والدواوين، وتكون ذكراه خالدة لدى الأجيال القادمة. ولقد عني أبناء عنيزة بأدبيات الشعر الشعبي وكل ما يتصل بالأدب الشعبي وألوانه، فقد أسسوا مجالس شعرية ومنتديات شعرية من أجل أن يلتقي أبناؤهم مع بعضهم البعض، ويشاركهم في ذلك المبرزون في مجال الشعر من أجل المحافظة على هذا الموروث الشعري. فقد تألقت عنيزة في هذا المجال كما تألق أبناؤها الشعراء في الزمن الماضي بقصائد أصبحت معاشة وتردد في زمننا الحاضر لجودتها وجزالتها واحتوائها على كثير من جماليات الشعر من حكمٍ ومواعظ ونصائح.