Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/01/2008 G Issue 12887
مقـالات
الخميس 02 محرم 1429   العدد  12887
رؤية أكاديمية:
ليس ضرورياً أن من يحمل الدكتوراه اجتماعياً يحملها أكاديمياً!
د. فهد بن عبدالله المطلق

ما دعاني للكتابة عن هذا الموضوع أنني ذات يوم عندما كنت في إحدى المناسبات العائلية، حيث كنت أصافح أحد الأشخاص قائلاً لي: (لقد أصبح من يحمل لقب الدكتوراه أكثر ممن لا يحملها)، حيث أثارتني هذه العبارة من ذلك الرجل والذي لم يدرك معنى الدكتوراه من الناحية الأكاديمية...

ما دعاني للكتابة عن هذا الموضوع أنني ذات يوم عندما كنت في إحدى المناسبات العائلية، حيث كنت أصافح أحد الأشخاص قائلاً لي: (لقد أصبح من يحمل لقب الدكتوراه أكثر ممن لا يحملها)، حيث أثارتني هذه العبارة من ذلك الرجل والذي لم يدرك معنى الدكتوراه من الناحية الأكاديمية، وفي حقيقة الأمر أن هذا اللقب (الدكتوراه) لا يحمله بناءً على المفهوم الأكاديمي أكثر من 30 -40% ممن يحملون صفة الدكتور بناءً على المفهوم الاجتماعي لذا عمدت للكتابة عن هذا المفهوم الأكاديمي للدكتوراه.

عوداً على ذي بدء وقبل أن أستأنف الحديث حول هذا المفهوم لا بد من إيضاح أمر هام فيما يتعلّق باحترامي وتقديري لجميع الأطروحات العلمية الأكاديمية وأصحابها، مع تحفظي الشديد في إلحاق لقب الدكتوراه لبعض الأطروحات الأكاديمية وبعض التخصصات العلمية ويمكن القول إنه ليست كل دراسة عليا هي دراسة أكاديمية وليس كل دراسة عليا أكاديمية هي أطروحة دكتوراه.

ولنبدأ بتحديد مفهوم الدكتوراه بناءً على المفهوم الأكاديمي، حيث توضح المراجع الأكاديمية أنها تعني of Doctor (Ph0D0) Philosophy فلسفة الدكتوراه، حيث تنص المراجع الأكاديمية على أن درجة الدكتوراه تمنح من خلال دراسة أكاديمية بحثية مدتها بين 3 - 5 سنوات للتخصصات الأدبية غالباً، وأما بالنسبة للتخصصات العلمية بين 4 -6 سنوات غالباً، حيث يعمد طالب الدكتوراه بكتابة بحث أكاديمي في خلال هذه المدة بحيث يتوصل إلى نتائج إيجابية لم يسبق لها من قبل وهو شرط أساسي من الشروط في درجة الدكتوراه بعد ذلك يعمل على كتابة الرسالة ثم الدفاع عنها أمام لجنة متخصصة ثم بعد ذلك يمنح درجة الدكتوراه.

وفي حالة حصوله على نتاج سلبية فإنه لا يمنح هذه الدرجة العلمية وأما ما يخص درجة الماجستير وهي درجة علمية ما قبل الدكتوراه فإنه لا يشترط حصول نتائج إيجابية للحصول على هذه الدرجة. ومن خلال هذا الاستعراض السريع لمفهوم درجة الدكتوراه يتضح لنا أن هناك بعض الدراسات العلمية لا ينطبق عليها هذا المصطلح ولنبدأ في طبقة الأطباء وما يتفرع عن ذلك، حيث إن درجة التخصص أو درجة الزمالة تكون من خلال برنامج تدريبي وليس برنامجاً أكاديمياً ومن ثم يتضح لنا أن تسمية الطبيبphysician) ) بالدكتور تسمية غير دقيقة من الناحية الأكاديمية على أقل تقدير ولكنها مستعملة اجتماعياً وبكثرة حتى في الدول المتقدمة، وهذا لا يعني بالضرورة صحة إطلاقه على هذه الشريحة ولعل اللبس حصل من اتفاق بداية كلمةPh0) (Physician)، حيث كل من كلمة فلسفة وطبيب تبدآن بحرفي Ph0)، وقد يسأل شخص ما بماذا نناديهم؟ يمكن أن تناديه طبيب، والتفريق بينهم يمكن من خلال تسميتهم بطبيب عام General Physician) ) وطبيب أخصائي Specialist Physician) وطبيب استشاريConsulting Physician).

لذا أرجو ألا يؤدي حديثي هذا إلى حساسية مفرطة لدى هذه الشريحة، حيث أكن لهم كل احترام وتقدير بالإضافة إلى الاعتراف بفضلهم لما يقدمونه من خدمة إنسانية عظيمة.

ثم دعونا ننتقل إلى شريحة العلوم الشرعية والتي تحمل طروحاتها العلمية العليا لدرجة الدكتوراه.

وعوداً على ذي بدء فإنني أكرر احترامي لهذه الشريحة وأطروحاتها العلمية ولأشخاصها أيضاً لكن الحق في هذا الشأن هو أعلى من المجاملات.

فأصحاب الأطروحات الشرعية لدرجة علمية عليا لا ينطبق عليهم هذا المصطلح لسببين أولهما أن الدراسة الشرعية ليست فلسفة بمعنى ليست فلسفة إنسانية بقدر ما هو منهج رباني. ثانيهما أن أصحاب الأطروحة الشرعية لنيل درجة علمية عالية لا يأتي بشيء جديد لم يعرف من قبل وإنما يعمد إلى تأصيل أمر شرعي قد قيل من قبل ولكن هذا الرأي الذي قيل من قبل لعديد من العلماء السابقين ويكون متناثراً في بطون أمهات الكتب لهؤلاء العلماء ومن ثم يتضح لنا أن هذه الشريحة الأكاديمية تفتقد شرطاً أساسياً من شروط أطروحة الدكتوراه وهي أنها لم تأت بشيء جديد لم يكن معروفاً سابقاً، وهذا لا يعيب ولا ينقص قدر هذا النوع من الدراسات والأطروحات الشرعية، ويدخل تحت هذه الشريحة الأطروحات في اللغة العربية، حيث على حسب علمي المتواضع أن الأطروحات الأكاديمية للغة العربية أنه لا يأتي بشيء جديد لم يقل به السابقون، وأعتقد أن اللغة العربية لن تعجز أن تجد المصطلح المناسب بالإضافة إلى أن إطلاق هذا المصطلح على شريحة الصيادلة ممن يعمل في الصيدليات يعتبر غير صحيح من الناحية الأكاديمية إلا إذا حصل على درجة الدكتوراه الأكاديمية.

ولكن لعل المجتمعات وخاصة الغربية تطلق مصطلح الدكتور على شريحة الأطباء وبعض الشرائح الأخرى والتي ليست من المفهوم الأكاديمي ولكن من المفهوم الاجتماعي كنوع من الدكتوراه الفخرية لما لهم من جهود جبارة في حياة البشرية ولعلي أذكر مثالاً على ذلك أنني أذكر أحد التقنيين في أمريكا الشمالية يعمل في تقنية الزجاج وهو متخصص في معالجة الشعر الذي يصيب زجاج السيارة معالجة كيميائية وهو يعرف عند عامة الناس بالدكتور وقد وضع لوحة على محله تحمل دكتور الزجاجDoctor of glass) )وهو لا يحمل دكتوراه أكاديمية ولكنه يحمل دكتوراه فخرية من خلال تخصصه الدقيق في هذا المجال، لذا ليس من الضروري عندما يحمل شخص هذا اللقب من الناحية الاجتماعية أن يحمله من الناحية الأكاديمية.

ونهاية المطاف أنهي مقالي هذا بالمقولة المشهورة: رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ومن ثم أرحب بكل نقد حضاري.

وللتواصل من خلال البريد الإلكتروني:


famutlaq@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد