Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/01/2008 G Issue 12900
الاربعاء 15 محرم 1429   العدد  12900
خلال تقرير المملكة عن التمييز العنصري ضد المرأة
الدكتور زيد آل حسين: التوجه القرآني يرفض جميع أشكال التفاوت والتمييز بين البشر

«الجزيرة» - جنيف

شرعت اللجنة الدولية لإزالة التمييز العنصري ضد المرأة أمس بدراسة تقرير المملكة العربية السعودية الأول المقدم أمام اللجنة بعد أن افتتحت اللجنة أعمالها لليوم الأول في جنيف بدراسة التقارير المعروضة عليها في دورتها الأربعين الحالية.

ألقى معالي الدكتور زيد بن عبدالمحسن آل حسين نائب رئيس الهيئة لحقوق الإنسان رئيس وفد المملكة المشارك في أعمال الدورة الأربعين أمام اللجنة الدولية لإزالة التمييز العنصري ضد المرأة الذي أقيم في جنيف عرضاً موجزاً للتقرير عن وضع المرأة في المملكة وخاصة بعد الانضمام إلى اتفاقية إزالة التمييز ضد المرأة.

وقال في كلمته: يسرني باسم وفد بلادي المملكة العربية السعودية أن أقدم لكم صادق التحية وعظيم التقدير، وأشكركم على إتاحة هذه الفرصة للاستماع إلينا لنحدثكم عن وضع المرأة في بلادي، خاصة بعد الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأود الإشارة بكل تقدير إلى الجهود الحثيثة التي تقوم بها أجهزة الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والآليات المنبثقة عنها، ولجنتكم الموقرة التي أنشئت من أجل دراسة التقدم المحرز في تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة هي أحد التجمعات الإنسانية المهمة في هذا العصر، حيث يتوفر فيها نبل المقصد، وأفضل أساليب الأداء وهي لهذا موضع أمل للبشرية جمعاء، حيث أصبحت أحد المنابر المهمة التي أضحت بحقيقتها تحمي حقوق بني البشر أينما كانوا، وكيف ما كانوا.

إن نجاح أعمال هذه اللجنة مرهون بما تمارسه من موضوعية وفهم صحيح لثقافات الأمم والشعوب، خاصة وأن حقوق الإنسان تواجه تحديات عديدة، من أبرزها الانتقائية المنافية لدوافع حقوق الإنسان التي قد استغلت - بكل أسف - استغلالاً سياسياً، توظفه بعض القوى لتحقيق أغراضها الذاتية بعيداً عن ما تفرضه طبيعة البشر الذين ينحدرون من أصل واحد (آدم، وحواء) ويسكنون بيتاً واحداً وهو الأرض ويتوجهون نحو مستقبل واحد، هو مصيرهم جميعاً إن أحسنت صياغته أو أسيئت على حد سواء.

السيدة الرئيس..

السادة أعضاء اللجنة..

إن آليات حقوق الإنسان الدولية بما فيها لجنتكم الموقرة هدفها الأسمى هو الحفاظ على كرامة الإنسان وعدم التمييز بين إنسان وآخر بسبب عرق أو جنس أو لون أو معتقد، منادية بوحدة الأسرة البشرية والتعاون بين الشعوب على ما فيه الخير، وهذا المبدأ ينسجم مع نهج المملكة العربية السعودية بشكل جلي لأنها تتبع تشريع يؤكد على هذه القيم السامية يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}(70) سورة الإسراء (we honoured the sons of Adam...) والمملكة تؤكد التزامها بعدم التمييز في هذه الكرامة والحقوق الأساسية عملاً بما جاء في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (13)سورة الحجرات O man Kind! We created you from a single (pair) of a male and female and made you into tribes, that ye may know may know each other verily the most honoured of you in the sight of Allah is the most righteous of you هذا التوجيه القرآني يرفض جميع أشكال التفاوت والتمييز السائدة بين البشر في السابق والحاضر ليقيم مكانها مقياساً واحد هو الكفاءة وتقوى الله في حقوق الناس، كما أنه يؤكد الدعوة بوحدة الأسرة الإنسانية معلناً بأن خير البشر عند الله هو أكثرهم نفعاً لهذه الأسرة تطبيقا لهدي رسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم): (الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله).

السيدة الرئيس..

إن الحقوق في الإسلام ليست مواعظ أخلاقية بل أوامر تشريعية، وواجبات حتمية محمية بالضمانات التشريعية والتنفيذية، إذن فالعمل بحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية على أساس الشرع هو ما يجعلها واجبات لا يمكن التساهل بها لأنها حق طبيعي للإنسان، ولأن الحديث عن حقوق الإنسان يطول ويتشعب وما نحن بصدده في هذا الموقف هو ما يتعلق بالمرأة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق الرجال)، وإن لهن من الحقوق مثل ما للرجال، فلا مساس بالكرامة والحقوق. إن هذا التوجه ينسجم مع السياق الطبيعي للمرأة إذ إن المرأة لم تكن جزءا منفصلاً عن المجتمع وكياناً قائماً بذاته، وعليه فلا يمكن تصوير علاقتها بالرجل على أنها تقوم على الصراع والتضاد بل يجب أن تكون مؤسسة على التكامل والانسجام بشكل يضمن تحقيق العدالة.

السيدة الرئيس..

إنه من الصعب وضع تصورات ورؤى ثقافية معينة على مجتمع دون مراعاة لما بين المجتمعات من اختلاف في القيم والمنطلقات، وحتى لا تتسع الهوة وتضيع فرص استفادة الشعوب من بعضها البعض الذي أكد عليه المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو في دورتها الرابع عشرة عام 1966م والتي تنص على:

أ- لكل ثقافة كرامة وقيمة يجب احترامها والمحافظة عليها.

ب- من حق كل شعب ومن واجبه أن ينمي ثقافته.

ج- تشكل جميع الثقافات بما فيها من تنوع خصب وبما بينها من تباين وتأثير متبادل جزء من التراث الذي يشترك في ملكيته البشر جميعاً، وهذه المبادئ تؤكد احترام هوية الشعوب التي ترفض مبدأ الإملاء القسري وتتمسك بخصوصيتها وتميزها.. وفي المملكة العربية السعودية تلعب المرأة دوراً رئيساً في كيان الأسرة، وهي المدرسة التي يتلقى فيها الأبناء أسس التعامل مع الحياة وذلك من منظور الشرع الإسلامي الذي يعدها إنساناً كامل الأهلية لها كيانها وذاتيتها، إذ تتساوى مع الرجل في الأصل وفي التكليف والمسؤوليات والحقوق، كما أن العلاقة بينهما تقوم على المودة والمحبة لا على العنف والشحناء، وهما معاً يحققان مقصد الخالق في حفظ النسل فمن دونهما لا تستمر الحياة ولا تتعاقب الأجيال، وهذا النظام شجع تطور المجتمع السعودي على أساس التكامل بين المرأة والرجل مما جعل المملكة العربية السعودية تضع جميع الترتيبات وتسن جميع التنظيمات التي تضمن هذا التوازن في حياة المجتمع. والمجتمع السعودي مثل كل المجتمعات قد يعتريه من النقص والقصور ما قد يعتري غيره بسبب سلوك الإنسان وتصرفاته داخل مجتمعه أو لأسباب أخرى قد تتعلق بالإمكانات والظروف المحيطة من عادات وتقاليد.

السيدة الرئيس..

السادة الأعضاء..

إن المتابع لوضع حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية، لابد أن يلاحظ أنها خلال السنوات القليلة الماضية قد خطت خطوات متقدمة من خلال تفعيل منظومة التنمية متعددة الجوانب والأهداف، كما يستطيع المتأمل في تاريخ المملكة أن يرى استمرار هذا التطور، أو الإصلاح كما يدعوه البعض إلى أن وصلت المرحلة التي تناولها تقريرنا موضوع النقاش هذا اليوم، وهي بذلك قد تجاوزت مرحلة أو مراحل يمكن ذكر بعض ملامحها، حيث اتسمت بعدم وجود أي تعليم رسمي للمرأة، وبالتالي فلا وجود لطبيبة أو معلمة أو عالمة.. إلخ.

هذا التحول قد تحقق في مدة وجيزة بدأت مع قيام المملكة العربية السعودية عام 1932م، وهذا التطور في هذه الفترة الوجيزة يعد إنجازاً قياسياً إذا ما قورن بمقاييس تقدم الشعوب، إن المرحلة التي انتقلت منها المرأة في المملكة العربية السعودية هي نفسها المرحلة التي قد مرت بها المرأة في كل المجتمعات.

إن حرص القيادة السعودية على إعطاء هذا الدور للمرأة والوصول بها إلى هذه المكانة التي أبرزها التقرير عملية مستمرة منذ تأسيس كيان المملكة العربية السعودية إلى يومنا هذا ضمن فلسفة واضحة يحكمها عدل الخالق وهديه.

السيدة الرئيس..

السيدات والسادة الأعضاء

إن اهتمام المملكة بتعليم المرأة كما ستظهره الإحصاءات أمامكم، لم يكن وليد صدفة، وإنما نتيجة رؤية واضحة لأهمية التعليم، فبه وعن طريقه، تأخذ المرأة مكانها، وبه تستقيم حياتها، وعليه تعتمد في تأدية مسؤولياتها، وعن طريقه تحصل على حقوقها وتدافع عنها.

إن التقرير المعروض أمامكم يركز على الفترة التي أتت بعد انضمام المملكة العربية السعودية إلى هذه الاتفاقية، وإبراز ما تم إنجازه عبر هذا التاريخ القصير لهذا المجتمع، لقد استطاع مع هذا التغيير المحافظة على شخصيته وهويته العقدية مستعينا ببوصلته الفكرية التي توليها قيادة المملكة أهمية كبيرة وترسم برامجها وخططها في انسجام تام بخطوات مدروسة.

إذ إن الطفرات ليست مراحل طبيعية للتطور وكما قيل (2) we must remember that there are no shortcuts in evolution

إننا نقدم هذا التقرير بكل تجرد من أي عاطفة تحول دون رسم صورة واقعية توضح ما أنجزته المملكة من التزامات، مؤكدة أن هذا المجتمع سيسير بخطى حثيثة قد دفعها حرص ورغبة قيادته إلى أن يصل إلى المستوى الذي نطمح إليه جميعاً.

السيدة الرئيس..

إننا ومن خلال هذا المنبر نشجع على النقاش والحوار الهادف، البناء، الذي يؤدي إلى التعاون والمشاركة وتبادل الثقة، من أجل تحقيق الأهداف النبيلة التي تمخضت عن هذه الاتفاقية.

وفي الختام أود الإعراب عن سرور وفد بلادي المكون من أعضاء يمثلون جميع قطاعات الدولة، وذلك بوجودنا أمامكن من أجل حوار مباشر وبناء يصل بنا إلى نتائج تخدم أهدافنا المشتركة، واسمحوا لي بأن أقدم لكم الأخت الدكتورة نورة اليوسف (وكيلة قسم الاقتصاد بجامعة الملك سعود، وعضو اللجنة الاستشارية في مجلس الشورى)، لاستعراض سريع يحتوي على إشارات هامة ذات ارتباط وثيق بالتقرير..

وشكراً.

يذكر أن المملكة شاركت بوفد تألف من 37 عضواً برئاسة زيد بن عبدالمحسن آل حسين نائب رئيس هيئة حقوق الإنسان في المملكة وعضوية كل من معالي سفير المملكة لدى الأمم المتحدة في جنيف عبدالوهاب العطار ومستشار البعثة الدائمة في جنيف لشؤون حقوق الإنسان عبدالله آل الشيخ ومستشارين ومستشارات وطبيبات وخبراء من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وعدد من القضاة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد