Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/01/2008 G Issue 12900
الاربعاء 15 محرم 1429   العدد  12900
أُنعمت بالجنة شيخي الوقور.. العجروش
محمد التونسي

شيخان في حياتي، الوقار كان الملمح الأساس في لقائي الأول بكل منهما، والصدمة المؤلمة بصدور نبأ رحيل كل منهما، وأبدأ بالراحل الأخير بعد أن كنت قد نعيت الأول قبل سنوات.

في الخامس من شهر مارس، العام 1974 للميلاد، دلفت إلى مقر جريدة الجزيرة الشامخ وقتها في شارع الناصرية في الرياض، فانتهى بي السلم ذو العشرين درجة - وأنا في حالة تهيب - إلى مكتب الشيخ صالح العلي العجروش، وإذا بصاحب الوجه السمح البشوش يرحب بابن السابعة عشرة القادم من المدينة المنورة طالباً العلم والعمل في بلاط صاحبة الجلالة، فكانت البداية مقرونة بالحظ السعيد بعد أن رحب بي الشيخ وأسعدني بعبارات التشجيع، ثم أوكل أمري للأستاذ خالد المالك الذي تحظى به (الجزيرة) إلى اليوم رئيساً لتحريرها، وفي ذلك اليوم انطلقت صحافياً مبتدئاً في واحدة من أرقى بيئات العمل التي شهدتها أو مررت بها في حياتي، تلك البيئة التي قاد فيها العجروش أسرة عمل متحابة متراصة تهيأت لمعظم أفرادها في التالي من السنين مواقع قيادية في امبروطوريات صحافية كبرى، ويشرفني أنني كنت أحد هؤلاء. كان الشيخ صالح العجروش وقتها يمثل خلاصة تجارب عملية إنتاجية خاضها في عدة جهات قبل أن يتوجها بقيادة ناجحة في مؤسسة الجزيرة للصحافة والنشر والتي بلغت في زمنه مع المالك درجة عالية من الازدهار الصحافي والمالي فضلاً عن أنهما - أي العجروش والمالك- شكلا أنموذجاً راقياً في التوافق والوفاق بين الإدارة والتحرير، لم أشهد له مثيلا في جميع المؤسسات الصحافية التي مررت بها عملاً أو تعلماً سواء داخل المملكة أو في دول العالم المتقدم.

بعد أربع سنوات من نشر أول خبر جلبته للصفحة الأولى في جريدة الجزيرة، قابلني الشيخ وهو يهم بمغادرة المبنى في نهاية دوام يوم طويل، فبادرني بالسؤال عن والدي الذي حالت ظروفه الصحية- رحمه الله- دون حضوره في ذلك المساء الاحتفال بتخرجي في جامعة الملك سعود، فكان وقع أثر ذلك على نفسي شديداً، لكن شيخي العجروش فاجأني بأنه كان هناك بجانبي في ساحة الفرح، حيث بدأ الخريجون في كتل نصف دائرية يلتقطون الصور التذكارية مع آبائهم وذويهم.

وكغيري من زملاء (الجزيرة) الذين واصلوا المشوار إلى الغرب للدراسة العليا هناك، وحتى بعد أن فك معظمنا ارتباطه ب(الجزيرة)، حظيت بوافر المتابعة والدعم والتشجيع، بل ولا أخفي أيضاً المساعدة المادية المتواصلة من لدن الشيخ صالح العجروش، حتى عدت وواصلت حياتي العملية في قطاعات إعلامية مختلفة.

ولا أملك ياشيخي الصالح الوقور في ساعة وداعك وأنت ترحل راضيا مرضيا إلى جوار ربك، إلا الدعاء بأن ينعم عليك بجنات النعيم، تماما كما كنت ولا زلت أدعو لشيخي الوقور الشيخ محمد بن صالح التونسي الذي علمني كتاب الله حفظاً وشرحاً.

{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}

مدير عام قناة الإخبارية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد