هناك من الشعراء من يدين بالفضل - بعد الله - لمن كان السبب في بروزه من الأدباء، ويعترف بذلك في المناسبات، ويفتخر به، ويعتبره أستاذاً له، كيف لا وهو مَن تتلمذ على يديه وتعلم فنون الشعر منه، وأخذ بنصائحه وتوجيهاته، وعرف كيف يكون شاعراً. |
وعلى النقيض هناك مَن تنكر لمعلمه صاحب الفضل بعد الله عليه، وبدلاً من شكره وتقديره، والثناء عليه في كل مناسبة ينقص من قدره، ويتنكر له، وكأنه لا يعرفه، بل يتجاوز ذلك إلى الانتقاص من هذا المعلم، وسبّه في المجالس، وكأنه صار وبالاً عليه، حتى أن البعض إذا سئل عنه قال: لا أعرفه. وهذا وأمثاله من منكري معروف الآخرين من أصحاب الفضل ينطبق عليهم قول الشاعر: |
أعلمه الرماية كل يوم |
فلم اشتد ساعده رماني |
|
ومن يصنع المعروف في غير أهله |
يلاقي مثل الذي لاقى مجير أم عامر |
وهذا التصرف الأرعن الذي لا يقره دين ولا عقل، يدل على حقارة ودناءة أصحابه، وقلة وعيهم وإدراكهم لقيمة شكر وتقدير الآخرين من أهل المعروف، ولو ترك هؤلاء معلميهم في حالهم، واختاروا كف اليد واللسان عنهم لكان خيراً لهم وأقوم، فإما إظهار الشكر والتقدير لهم، وإما كف الشر عنهم، وهذا أمر مطلوب، وإن كان من الحق والعدل أن يدينوا لهم بالفضل، ويثنوا عليهم، ويدعوا لهم بكل خير؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه). وإذا قاموا بذلك فقد أحسنوا وأنصفوا أصحاب الفضل والإحسان. |
|
أشهد ان من يبذل الجود باللي ما يجود |
مثل من حجج على غاربه ذباح أبوه |
صالح بن عبدالله الزرير التميمي/الرس |
|