Al Jazirah NewsPaper Monday  04/02/2008 G Issue 12912
الأثنين 27 محرم 1429   العدد  12912
توّبوا الفن
الدكتور علي المالكي

كثيراً ما نسمع نداء المشفقين والمحبين الذين يشفقون على الآخرين، وخصوصاً إخواننا الممثلين والفنانين، والذين يتمنون لهم الهداية والتوبة. وفي القبيل نجد ردود فعل من الطرف الآخر من الممثلين بالرغبة في ذلك، ولكن أحياناً يمنع أحدم حب الشهرة، وربما حب المال، وربما أحياناً أنه وجد نفسه أنه لا يستطيع أن يجد عملاً بديلاً ودخلاً آخر إلا عن طريق الفن، إذ إنه لم يوفق لا في بيع ولا شراء، وأحياناً حتى في مواصلته التعليمية، بقدر ما هي رغبة عند البعض وهذا كلام يحتمل الصواب والخطأ أحياناً.. لكنني هذه المرة سأخالف كثيراً من تلك النداءات التي نسمعها من بعض المشفقين والتي أتفق معهم في الهدف، ولكن أختلف معهم في أسلوب النداء وطريقة التوبة، فنحن الآن نعيش في إطار ضغوط نفسية بسبب بعض الاضطرابات الاجتماعية، إما بسبب الأحوال المعيشية أو الأحداث المجاورة لإخواننا في بعض البلدان العربية أو بسبب ضغوط العلم والحياة بصورة عامة (يعني ضغوط اقتصادية وسياسية واجتماعية).

لهذا نحن بحاجة إلى من يرسم الابتسامة ويدخل السرور في قلوبنا من خلال النكتة البريئة، والمشهد الهادف، الذي يستطيع من خلاله الفنان أن يوصل رسالته التي يريدها.

نعم. أعلم أنه من الصعب أحياناً أن يساوم الفنان على شهرته ودخله المالي، وربّما يجد أنه يعيش في مكانة اجتماعية عندما يصافحه ويعرفه الكبير والصغير.. الغني والفقير.. الرئيس والمرؤوس، ولكن أقول - على صعيد الحق والعدالة -: لماذا لا يكون هناك حل وسط يضمن فيه الفنان مكانته وشهرته، ووضعه المالي، ويفوز كذلك بالأجر، ويحظى بدعوة الصالحين والناس عامة؟!.

أقول - بالله التوفيق - لكل فنان: لا نريدك أن تترك الفن ولكن نقول لك: توّب الفن؟ تقول كيف؟.. أقول لك: ما دمت أنك تحظى بقبول لدى جماهيرك ومحبيك، وأنت قد اتفقت معي على ما ذكرت سابقاً، فلماذا لا تتجه إلى الإعلام البريء الخالي من المرأة والموسيقى، والذي تستطيع أن تساهم فيه أنت بفنك في الدعوة إلى الله، وإصلاح مجتمعك وتبقى على مكانتك الاجتماعية ودخلك المالي؟.

إن لدينا من القضايا الاجتماعية والسياسية بل والاقتصادية ما هي كفيلة بأن تحاكي المشاهدين، بل وأن يجد الفنان منها حواراً وسيناريو بعيداً عن أن يشتكي من قلة الكتّاب الذين يؤلفون قضايا من نسج الخيال وعالم الأحلام.. وكثيراً ما تكون الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل أو نهاية قصة الفلم محبطة للجميع، إذ إن النهاية في غاية الغرابة التي تؤكد أن المؤلف أو الكاتب لم يستطع أن يحقق رسالته لأن ليس لديه قصة حقيقية ولا هدف سامٍ من خلال ما كتبه.. فلهذا نصيحتي لكل فنان (أن يتوّب الفن)، فلعلك تكون أول شخص قد فاز بهذا السبق الدعوي الإعلامي الفني الشهير.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد