Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/02/2008 G Issue 12925
الأحد 10 صفر 1429   العدد  12925
الدفاع المدني وميكانزم الإسقاط
أحمد بن حسين السفياني- الطائف

طالعتنا الصحف خلال هذا الأسبوع بحادثة مؤسفة راح ضحيتها أحد الأطفال الأبرياء في إحدى المدن الترفيهية بمحافظة جدة بعد أن سقط الطفل من مقعده في مجرى إحدى العربات الترفيهية التي دهسته وفرمته حتى فارق الحياة ومما يؤسف له أشد الأسف ما صرح به أحد المسؤولين في إدارة الدفاع المدني بجدة لإحدى الصحف من أن مدينة الألعاب لم تحصل على رخصة التشغيل من قبل الدفاع المدني وأنه سبق إبلاغهم بضرورة تعديلها لذا تم منع استخراج التصريح الخاص بهم - وتابع القول ذلك المسؤول - بأنه تم الكشف على المدينة وجرى تسجيل الملاحظات وأخذ عليهم تعهداً بتفاديها وتعديلها ولم يحدث ذلك ليتم أخذ تعهد جديد عليهم بأن أية إصابة أو وفاة تقع داخل المدينة يكون سببها ناجماً عن قصور في جوانب السلامة تقع مسؤوليتها على عاتق المسؤولين عن تلك المدينة الترفيهية.

وفي اعتقادي أن ذلك التصريح يمثل تملصاً من المسؤولية الجزائية الملقاة على عاتق ذلك المسؤول ليظهر بصورة الضحية الذي لا ناقة له ولا جمل.. كما يمثل إنكاراً للالتزامات الوطنية والقانونية والإنسانية تجاه المجتمع وتجاه الوطن.

إن ذلك التصريح يمثل نوعاً من الإسقاط الذي يمارسه الإنسان عندما يصبح في موقف العاجز عن الاعتراف بالخطأ، فلا يجد مناصاً له من ذلك إلا بتحميل الآخر مسؤولية ذلك الخطأ.

فما هو ذنب تلك الأسرة المكلومة التي أرادت رسم البسمة على شفاه أطفالها وبث السعادة إلى قلوب أفرادها بعد عناء فصل دراسي كامل فاستبدلت تلك البسمة بعبرة خانقة في العيون وجرح غائر في الصدور بسبب تقاعس موظف عن القيام بالأمانة الموكولة إليه من ولاة الأمر؟!.

نحن نعلم أن من مهام الدفاع المدني تحقيق السلامة العامة في كافة النشاطات اللازمة في الحياة ومتابعة تطبيقها في القطاعات والمؤسسات الحكومية والأهلية والقيام بأعمال التفتيش للمنشأة التجارية والسكنية والصناعية والزراعية والترفيهية، والتأكد من توافر إجراءات ووسائل السلامة المطلوبة، ومراقبة الأخطار والتَّدَخُلُ لتلافيها قبل وقوعها.. فما هي الإجراءات الوقائية التي اتخذها الدفاع المدني للحيلولة دون وقوع مثل هذه الكارثة؟، ولماذا تم السماح لهذه المدينة الترفيهية بممارسة نشاطها قبل الحصول على الترخيص النظامي؟، وهل النظام يسمح للمسؤولين بالتسامح مع المسؤولين عن تلك المدينة والاكتفاء بأخذ التعهدات عليهم عدة مرات والسماح لهم بممارسة النشاط دون تصريح نظامي؟، وهل تلك المدينة أُنشئت بين عشية وضحاها بعيداً عن أعين الرقابة؟؛ وهل كان إنشاء هذه المدينة حديثاً أم أنها تمارس نشاطها منذ فترة طويلة دون تصريح نظامي؟!.

إن ما حدث لا شك أنه خطأ.. وإن أولى معالجات هذا الخطأ هو الاعتراف بوجوده ثم محاسبة المتسبب فيه بشكل مباشر أو غير مباشر.

كم كنت أتمنى أن نجد ذلك المسؤول الذي يدرك أن السلطة تُفَوِّضُ وأنَّ المسؤولية لا تُفوَّضُ، ذلك المسؤول الذي يعترف بالخطأ ولا يفتش عن شماعة يعلق عليها أخطاءه.

وإنني على ثقة في أن هذا الحادث المأساوي لن يمر أمام المسؤولين عن أمن المواطن والمقيم مرور الكرام.. وإنهم يدركون أن أحد عناصر معالجة الخطأ هو اجتثاثه من جذوره بلا هوادة ولا تفرقة حتى لا يتكرر ذلك مستقبلاً.. ورحم الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي قال: (واللهِ لو أنَّ بغلةً عثرتْ في أرض الفرات لكنتُ مسؤولاً أمام الله عنها لِمَ لَمْ أُسَوِّ لها الطريق).



al-sofiany@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد