Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/02/2008 G Issue 12925
الأحد 10 صفر 1429   العدد  12925
نجم أفل
د. فهد بن عبدالرحمن بن عبدالله السويدان

فقدتْ الأمة عالِماً جليلاً وعَلماً من أعلامها المخلصين.. إنه معالي الشيخ د.بكر بن عبد الله أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية - رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته -..

لقد نذر نفسه ووقته لخدمة دينه ووطنه وولاة أمره ومجتمعه ونصرة الحق.. وكان عمره حافلاً بالأعمال الخيِّرة والمزايا الطيِّبة والسجايا الكريمة.. ولين الجانب وسمت العالِم الرفيع, وحسن الخلق وحب الخير والرفق بالناس ومعرفة أحوالهم وسعة الحلم ورجاحة العقل.. صاحب فطنة وكياسة, وشجاع في الحق لا يخاف في الله لومة لائم، وصاحب أدب رفيع وصبور شديد التحمُّل, سلس الحديث, ثاقب الرأي حصيف, ويعطي كل من يقابله حقه من المعاملة الحسنة وينزل الناس منازلهم ويعرف لهم قدرهم ويقضي حوائجهم وكانت الابتسامة لا تفارق محيّاه دائماً، ومكتبه مفتوحاً وأذنه صاغية, ورعاً تقياً، فكان قريباً من الناس، له حضور أخاذ لدى المستمع والمشاهد، كما أن رغبته في العلم والدعوة أخذت جلَّ اهتمامه ووقته.. لا يهدأ، ذخيرته إيمانه بالله وحبه لإتقان العمل.. وصدقه في البحث عن كل طرائق العمل الإسلامي.. التي تصله بالناس أينما كانوا.

ومعاملة الصغير والكبير بالرفق واللطف واللين والحنكة والمساواة, وسرعة الإنجاز في الأعمال, وكان يأتي إلى عمله مبكراً ولا يخرج حتى ينهي ما لديه من أعمال ويبذل جهده ووقته لخدمة العلم وطالبه ويدعم الجمعيات الخيرية, ويعطف على الفقراء والمساكين والمحتاجين وييسر لهم أمورهم ويسد لهم حاجاتهم بقدر ما يستطيع.. ويجل العلماء وطلاب العلم ويدنيهم منه ويحترم آراءهم، ويُجادل بالتي هي أحسن ويدفع السيئة بالحسنة.

فمعاليه - رحمه الله - في عام 87 هـ - 88 هـ لما تخرَّج من كلية الشريعة اختير للقضاء في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فصدر أمر ملكي كريم بتعيينه في القضاء في المدينة المنورة, فاستمر في قضائها حتى عام 1400هـ.

وفي عام 1390هـ عيِّن مدرساً في المسجد النبوي الشريف, فاستمر حتى عام 1400هـ.

وفي عام 1391هـ صدر أمر ملكي بتعيينه إماماً وخطيباً في المسجد النبوي الشريف, فاستمر حتى مطلع عام 1396هـ.

وفي عام 1400هـ اختير وكيلاً عاماً لوزارة العدل, فصدر قرار مجلس الوزراء بذلك, واستمر حتى نهاية عام 1412هـ, وفيه صدر أمر ملكي كريم بتعيينه بالمرتبة الممتازة, عضواً في لجنة الفتوى, وهيئة كبار العلماء.

وفي عام 1405هـ صدر أمر ملكي كريم بتعيينه ممثلاً للمملكة في مجمع الفقه الإسلامي الدولي, المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي, واختير رئيساً للمجمع.

وفي عام 1406هـ عيّن عضواً في المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي, وكانت له في أثناء ذلك مشاركة في عدد من اللجان والمؤتمرات داخل المملكة وخارجها, ودرس في المعهد العالي للقضاء, وفي الدراسات العليا في كلية الشريعة بالرياض.

فإن كان معاليه قد رحل عن هذه الدنيا الفانية يوم الثلاثاء الموافق 27-1-1429هـ الموافق 5-2- 2008 وقد صلي عليه بعد صلاة العشاء بمسجد العقيق شمال الرياض بعد عمر أفناه في العلم والبحث الدؤوب لنشره بين الناس والعمل الصالح المتواصل الذي لا ينقطع, فستبقى مؤلفاته وتحقيقاته ومآثره العلمية وخصاله الحميدة وأعماله الجليلة وذكره الحسن الطيِّب، وما خلفه من علم وأخلاق فاضلة وسيرة عطرة تشهد على علو مكانته وقدره ومحبة الناس له، أفنى عمره في طلب العلم والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه، نصر الله به السنة وقمع به فلول البدعة. إن موت العلماء ثلمة وأي ثلمة. وذهابهم مصيبة وأي مصيبة. إنهم ينفون عن الناس غلو الغالين وانتحال المبطلين. هم النجوم الدراري التي تضيء في العتمات للساري }أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)الرعد41) قال أهل العلم: نقصان الأرض موت العلماء. قال إبليس: لعالم واحد أشد عليَّ من ألف عابد، إن العابد يعبد الله وحده، وإن العالم يعلّم الناس حتى يكونوا علماء .رواه ابن نعيم. إن موت عالم واحد أحب إلى إبليس من موت ألف عابد. فهذا لنفسه وذاك للناس.

فخالص عزائي وصادق مواساتي لكافة أسرة الفقيد وذويه وأرحامه وأقاربه وأصدقائه ومحبيه وزملائه وطلابه، سائلاً المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمد الفقيد الغالي بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد