Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/02/2008 G Issue 12925
الأحد 10 صفر 1429   العدد  12925
عذراء جاكرتا
شمس الدين درمش - الرياض

هذا هو عنوان الرواية التي خلّد فيها الروائي الكبير د. نجيب الكيلاني ذكر الرئيس الأندونيسي الراحل أحمد سوهارتو - رحمه الله - أدبياً.

فقد وظف نجيب الكيلاني أحداث الانقلاب المضاد الذي قاده ضد الشيوعيين الذين قاموا بانقلاب عسكري على الرئيس الإندونيسي إذ ذاك أحمد سوكارنو.

وبذلك قدم سوهارتو أعظم خدمة لشعبه الذي يمثل أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان ويكفي أن نشير فقط إلى ما عاناه المسلمون في مختلف دولهم التي سقطت تحت الحكم الشيوعي وفي مقدمتها الجمهوريات الإسلامية ضمن منظومة الاتحاد السوفيتي ومعسكره في أوروبا الشرقية وغيرها من البلدان التي سيطر عليها الشيوعيون الذين كانوا يحملون شعارهم (الدين أفيون الشعوب) أينما حكموا ليقضوا على كل صلة بالدين.

وقد استطاع نجيب الكيلاني ببراعته الروائية المعروفة أن يقدم تلك الأحداث في روايته عذراء جاكرتا التي كسبت من اسمها عنصر جذب وتشويق يثير فضول الرغبة في الاطلاع فكانت من أكثر روايات الكيلاني انتشاراً إلى جانب روايتيه (ليالي تركستان) التي تحكي قصة الاحتلال الشيوعي لتركستان الشرقية - تحت السيطرة الصينية، و(عمالقة الشمال) التي تحكي إحباط المحاولة الانقلابية الانفصالية في نيجيريا أكبر دولة إسلامية في إفريقيا والتي حاولت فصل إقليم (بيافرا) النصرانية، لكن عدداً من الضباط المسلمين ومنهم أحمدو بللو تصدوا لها وحفظوا وحدة نيجيريا.وهذه الروايات الثلاث لنجيب الكيلاني جاءت في سياق تأسيسه لإبداع روائي إسلامي معاصر حتى غدا معروفاً بهذا الاتجاه بما يملكه من قدرة فنية أهلته للريادة في مجاله.ولا أدري إذا كانت رواية عذراء جاكرتا قد ترجمت إلى اللغة الإندونيسية وهي حرية بأن تترجم وأتوقع لها نجاحاً كبيراً إذا قام بذلك مترجم يمتلك ناصية اللغة الأدبية.وبالمناسبة يحكى أن د. نجيب الكيلاني التقى في موسم الحج بشخصية أدبية نيجيرية وتجاذبا أطراف الحديث حول شؤون المسلمين ودور الأدب في تسجيلها ومعالجتها فقال الأديب النيجيري: إن الأدباء العرب لا يهتمون بقضايا إخوانهم المسلمين في العالم سوى ما فعله نجيب الكيلاني بروايته عمالقة الشمال، وكان الرجل لا يعرف أن محدثة هو صاحب الرواية، فعرفه الكيلاني بنفسه وكانت مفاجأة سارة!!ويحضر في سياق هذا الحديث تلك المحاورة ذات الدلالة العميقة لأثر الأدب في الحياة بين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والصحابي الشاعر كعب بن زهير رضي الله عنهما، حين قال لكعب: لقد أعطى هرم ابن سنان لأبيك مالاً كثيراً فقال كعب: لكن ما أعطاه هرم لأبي قد ذهب، وما أعطاه أبي لهرم بقي!! وكان هذا الكلام والعهد قريب فكيف الآن وقد مضى حوالي ألف وخمسئة عام وما زالت مدائح زهير في هرم حية غضة يفوح عطرها كلما قلبت!!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد