Al Jazirah NewsPaper Sunday  02/03/2008 G Issue 12939
الأحد 24 صفر 1429   العدد  12939
خطوة جديدة في عالم الموهبة والإبداع 4-4
مؤسسة موهبة.. والتأهيل المهني والتطبيقي!
عبدالله البريدي

تعرضنا في المقال السابق لبعض الميادين التي يمكن لمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) أن تجري فيها خيولها الأصيلة، وقد تكثف الحديث حول فكرة تأسيس مركز أو مؤسسة تستهدف تأهيل المختصين والمعلمين والمدربين والمهندسين والآباء والمربين وغيرهم مهنياً وتطبيقياً

في مجال الإبداع والموهبة ومنحهم الشهادات (أو الإجازات كما في مسمّاها العربي الأصيل، وبالإنجليزية Certification، وحيث إنني لم أقف على أي تجارب عالمية مماثلة لذلك اللون من التأهيل، فإن ذلك يعني أن مشروعاً كهذا يمكن أن يحقق لنا قدراً من الريادة العلمية والتطبيقية. ويشتمل التأهيل المقترح على نوعين من التأهيل هما:

أولاً: تأهيل مهني:

التأهيل المهني يستهدف إكساب مهارات التدريب والتعليم لمهارات وتقنيات التفكير الإبداعي والكشف عن الموهوبين في المؤسسات التربوية والتعليمية والتدريبية باستخدام الأساليب المنهجية العلمية، أي أنه تأهيل منهجي يلائم المتخصصين. ويستهدف هذا التأهيل شرائح المدربين، والمعلمين والمهنيين المختصين في برامج الكشف عن الموهوبين والمبدعين وتنمية مهاراتهم وقدراتهم.

ثانياً: تأهيل تطبيقي:

يقصد به ذلك اللون من التأهيل الذي يركز على إكساب المعارف والمهارات ذات الصلة بالتفكير الإبداعي والتي من شأنها تدعيم المواهب وتنمية القدرات. ويستهدف هذا التأهيل كافة الفئات التي لا يعنيها التعمق في الجانب النظري بقدر ما يعنيها اكتساب مهارات التفكير الإبداعي وممارسة تقنياته والقدرة على التعامل مع فئة الموهوبين والمبدعين بما يولّد أو يرسّخ الإيمان بأهمية الإبداع في الحياة ويشحذ الدافعية الداخلية لديهم ويزيد من ثقتهم بقدراتهم على ممارسته بشكل عملي سواء كان ذلك في بيئة العمل أو المحاضن التربوية. ولهذا يمكن القول بأن هذا النوع من التأهيل ملائم لفئة الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات في مختلف البيئات الثقافية والاجتماعية في المجتمع العربي.

ويمكن للتأهيل المهني والتطبيقي الذي ندعو إليه أن يحقق لنا الكثير من الفوائد ومنها ما يلي:

1- تدعيم جهود بناء ثقافة وبرامج الإبداع والموهبة في مؤسسات التعليم والتربية والتدريب والاقتصاد في العالم العربي.

2- بلورة إطار علمي ومهني يحكم عملية التأهيل المهني والتطبيقي ومنح الشهادات المهنية في مجالات الإبداع والموهبة في العالم العربي.

3- إعداد برامج علمية لتأهيل مهني وتطبيقي عالي الجودة في مجالات الإبداع والموهبة تناسب مختلف الشرائح المستهدفة.

4- تقديم تأهيل مهني وتطبيقي في مجالات الإبداع والموهبة يلبي المستويات المتعددة.

5- إعداد طاقم كافٍ ومؤهلٍ في مجالات الإبداع والموهبة في العالم العربي.

6- ضمان مستوى من المعيارية والتنميط في التأهيل المهني التطبيقي في مجالات الإبداع والموهبة في العالم العربي.

7- القدرة على تحديث نظام التأهيل المهني والتطبيقي في مجالات الإبداع والموهبة بشكل يتناغم مع الاحتياجات والمستجدات.

هنالك العديد من الخصائص التي أرى ضرورة اتصاف التأهيل التطبيقي والمهني في مجال الإبداع والموهبة بها إن أريد له أن يحقق نوعاً من الريادة والنجاح، ومن أبرز تلك الخصائص ما يلي:

1- الأصالة:

فالمركّب الحضاري لأي أمة من الأمم - والذي ينتظم المفردات العقدية والقيمية والأخلاقية والفكرية والتاريخية - يصبغ الفضاء الثقافي بلون مميز، ينعكس في تشكيل طرائق التفكير وصناعة أنماط الشخصية ونحت السلوك الإنساني، وكل ذلك يقوم على نظرة الإنسان الكلية وهدفه الأسمى في هذه الحياة، وتقرير هذا لا ينفي البتة وجود قدر مشترك فيما بين الحضارات والثقافات المختلفة في بعض تفصيلاتها وبخاصة تلك التي تتصل بالطبيعة الإنسانية الصرفة، وألمح إلى أن ذلك القدر المشترك قليل لتأثير البرمجة الأيدلوجية لا سيما على البعدين العقلي والأخلاقي و بصورة كبيرة.

2- المعيارية:

حيث يجب أن يتصف التأهيل بدرجة عالية من الاتساق والمعيارية من حيث معايير القبول للمتقدمين وبرامج التأهيل والتدريب وطرق التقييم وأساليب الاعتماد للشهادات التأهيلية أو الخبرات السابقة.

3- التنوع:

حيث يغطي التأهيل المجالات التطبيقية والمهنية في الإبداع والموهبة مما يجعل التأهيل متاحاً ومناسباً ومشجعاً لمختلف الشرائح - من الآباء والمعلمين والمدربين والمهندسين وغيرهم - على الانخراط في برامجه والحصول على الشهادات المهنية التي يجب أن تحظى بالاحترام من لدن مختلف المؤسسات والقطاعات.

4- المرونة:

وذلك باتصاف برامج التأهيل ودوراته التدريبية بالمرونة من حيث معايير القبول ومواعيد التسجيل وآليات التنفيذ للبرامج وطرق تسديد الرسوم بما يتناسب مع القدرات المالية لمختلف الشرائح بما في ذلك آلية التقسيط.

5- تدرج التأهيل:

من خلال إتاحة مستويات مختلفة من التأهيل (والمقترح خمسة مستويات) بحيث تناسب مختلف الشرائح حيث يمكّنهم ذلك من التدرج في تأهيل أنفسهم في هذا المجال الهام بحسب مستوياتهم وظروفهم العملية.

6- التحديث:

حيث يجب أن يضمن التأهيل درجة كافية من التحديث والتطوير لبرامجه وأساليبه في ضوء أحدث الأبحاث العلمية وبما يلبي احتياجات السوق في مجالات الإبداع والموهبة مع مراعاة المستجدات التي تطرأ في المشهد الحياتي العربي وما ينطوي عليه من أنساق قيمية جديدة ومشاكل ومتطلبات وفرص ومخاطر.

7- التعلم للحياة:

فالتأهيل المهني يغذي فلسفة (التعلم للحياة) بكافة جوانبها من خلال عقد دورات تدريبية في الإبداع والموهبة للأعضاء الحاصلين على شهادات التأهيل المختلفة وتندرج تلك الدورات تحت برامج التعليم المستمر مع التركيز على شرائح الآباء والمربين لغلبة الاحتمال على ضعفهم أو انقطاعهم عن الاستزادة والقراءة في تلك المجالات.

8- الاعتراف بالتعليم والمهارات والخبرات المكتسبة:

من خلال إيجاد نظام اعتماد مقنن لمستويات الكفاءة والخبرة (نظرياً ومهارياً) التي حصل عليها المتقدم بغض النظر عن كيفية وتوقيت ومكان الحصول على تلك الكفاءة، وهذا يتمشى مع الاتجاهات الحديثة في تقييم الكفاءة والمهارة في مجال التعليم والتدريب.

وتأسيساً على الخصائص التي يجب أن يتسم بها التأهيل المهني والتطبيقي والتي أشرنا إليها آنفاً، يمكن لبرامج ذلك التأهيل أن تستهدف العديد من الشرائح والتي من أهمها:

* المختصون في برامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم.

* المعلمون في التعليم العام.

* أساتذة الجامعات.

* الآباء والأمهات.

* المربون.

* المدربون في مختلف المجالات (الإدارية والنفسية والاجتماعية والهندسية ونحوها).

* المهندسون.

* العاملون في أقسام البحث والتطوير R AND D.

هذه ملامح للفكرة الخاصة بإيجاد تأهيل مهني وتطبيقي في مجال الإبداع والموهبة، وهو مجال سيحقق لنا الكثير، حيث سيخرج لنا المئات من الكفاءات المؤهلة والمدربة، وسيضمن لنا موضعاً ريادياً على المستوى العالمي في ذلك المجال، مع الإشارة إلى أن هذا العمل يمكن أن يكون له جدوى اقتصادية مشجعة، حيث سيكون له عوائد وإيرادات متعددة، والمادة الثالثة تخول ل (موهبة) أن تقوم بنفسها أو مع غيرها بتأسيس مركز أو مؤسسة مهنية متخصصة، فهل تتقدم موهبة على تنفيذ مثل المشروع؟ مع (موهبة) لا أملك غير التفاؤل!



beraidi2@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد